قبل كولمبس
علماء عرب (موقع الفن الإسلامي)
تم هذا للعرب والمسلمين قبل أن تقع عين كولمبس على شواطئ أميركا بعدة قرون، وقبل أن يستطيع فاسكو دي جاما أن يصل إلى الأرض التي حلم بها كولمبس بقرون عديدة. وكان لهذا الأخير مرشد عربي اسمه أحمد بن ماجد، كانت له خبرة بالملاحة البحرية، فاستطاع بمهارته أن يقود الرحالة الأوروبي إلى الدنيا الجديدة. الحسن ابن الهيثم video. وكانت علوم البحار والمحيطات بجوانبها الجغرافية والجيولوجية والحيوية والفلكية والمناخية والملاحية، كلها علوم إسلامية أصيلة، وكان الأسطول التجاري الإسلامي يقوم برحلات دورية عبر المحيط الأطلسي من ساحل إسبانيا شمالاً حتى المحيط الهندي، ويرسو من حين لآخر على أهم الموانئ الممتدة على طول الطريق، ووصلت بضاعة المسلمين في نشاطهم التجاري عبر البحار إلى كوريا واليابان والفيليبين، كما وصلت تجارتهم عن طريق البر إلى أراضي شمال أفريقيا، وإلى قلب شبه الجزيرة الأيبيرية. وفي تلك الأثناء ازدهرت العواصم والمدن الإسلامية، فكانت بغداد مجمع المحاسن والطيبات، وكانت مصر -كما وصفها ابن بطوطة عندما زارها في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي)- "أم البلاد المتناهية في كثرة العمارة، المتناهية في الحسن والنضارة"، أما في الأندلس فقد حرص الحكام على أن يجعلوا من قرطبة صورة جديدة لدمشق مثلما كانت في عصر الأمويين، ومنافساً لبغداد أيام الخلافة العباسية، فأكثروا في تجميلها ونظافتها، وإضافة المرافق العامة بها، حتى قال بعضهم في وصفها "فما على الأرض قط مثل قرطبة".
- الحسن ابن الهيثم video
- الحسن بن الهيثم
الحسن ابن الهيثم Video
الشاهد في هذا الجزء من المخطوطة، هو تقدير العلماء، هذا التقدير الذي دفع خليفة مثل الحاكم بأمر الله، على ما عرف عنه من شدة وإسراف في القتل، إلى الذهاب في موكب إلى خارج سور القاهرة، لاستقبال عالم جليل مثل ابن الهيثم، وهو كما يصفه مطيع «رجل عجيب الخلقة، قصير نحيل ضئيل الحجم»، وبعد أن ينتهيا من تناول طعام الغداء، يقول له:
- أما الآن فسندخل إلى القاهرة لترتاح من مشقة السفر، وستكون إقامتك في قصر يليق بك..
فيرد ابن الهيثم قائلاً:
- يا أمير المؤمنين، لا عهد لي بسكنى القصور، ولا شغف عندي بذلك. يكفيني منزل صغير، أو حجرة تسعني وتتسع لكتبي. لا يعترض «الحاكم» على رغبة العالم، فيقول له:
- لك ما تريد.. هيا إلى القاهرة. الحسن ابن الهيثم جامعة المنصورة. ساروا بعد ذلك جميعاً، والناس يحتفون بالموكب، ويهتف كثير منهم لتحية الحاكم، وعندما عبروا من بوابة القاهرة، ثم وصلوا عند باب الذهب، ودّعهم الحاكم، بعد أن همس لمطيع أنّ الخدم سيذهبون معه إلى المنزل المخصص لسُكنى ابن الهيثم، وطلب منه أن يعود إليه بعد أن يطمئن على راحة الضيف الجليل. كان المنزل، كما يصفه مطيع، لطيف البناء، أنيقاً بلا بذخ، يلاصق القصر الغربي من الجهة الجنوبية، وبمدخله حديقة كثيرة النباتات.
الحسن بن الهيثم
هذا مجرد مثال من تقدير حاكم لعالم جليل. ويبقى السؤال: تُرى، هل يمكن أن يحظى اليوم عالم بمثل ما حظي به ابن الهيثم، أو على الأقل، بما يحظى به لاعب كرة قدم، أو نجم سينمائي، أو أحد مشاهير السوشيل ميديا، من اهتمام، فنجد من يكتب لنا: ولسوف أقص ما جرى معي... ؟.
من أجواء العلم العربي ( موقع الفن الإسلامي)
وابتداء من القرن الخامس عشر الميلادي توافدت إلى الإمبراطورية العثمانية أفواج المهاجرين والدبلوماسيين والعلماء والتجار والتبشيريين والمغامرين من أوروبا الشرقية والجنوبية والغربية، وأحضر بعضهم معه معارف جاليليو وديكارت ونيوتن واستوعب في المقابل المعارف الإسلامية في الرياضيات والفلك. الحسن ابن الهيثم بالخط العربي. نور من الشرق
ولكن، مع حلول القرن السابع عشر الميلادي، وكما يقول المؤرخ الأميركي جون فريلي، نسيت أوروبا ديْنها للإسلام حتى عندما قال نيوتن إنه رأى أبعد من سابقيه؛ "لأنه وقف على أكتاف عمالقة"، نجده قد أغفل تماماً أي ذكر للعلماء العرب القروسطيين الذين تعلمت أوروبا منهم العلم أولاً. لقد بدأ العديد من مؤرخي العلم المعاصرين في تأسيس الدور المهم الذي قام به العلماء والفلاسفة العرب في قيام النهضة الأوروبية الحديثة والثورة العلمية التالية لها. لكن معظم مؤلفاتهم بحسب ما أورده فريلي في كتابه "نور من الشرق" (بترجمة أحمد فؤاد باشا) أعمال تثقيفية لا تشمل إلا جوانب معينة من الموضوع، اقتصرت على الفلك الرياضياتي بصفة خاصة، ولم يتطرق أي منهم إلى مخاطبة القارئ العام بالتأليف في التاريخ الشامل للعلم الإسلامي.