قلت: وروي عنها أيضا: هو أن يحلف على الشيء ثم يجده على خلاف ما ظن، وهو قول مالك وأبي حنيفة، والأول قول إسماعيل القاضي وغيره. قال الداودي: وقول عائشة الثاني تفسير للأول. وليس قوله هذا ببيِّن بل هو اختلاف، وروى ابن المنذر، عن ابن جريج قال: بلغني أن رجلا من الأنصار -وهو ابن رواحة- كان (١) أبو داود (٣٢٥٤)، "صحيح ابن حبان" ١٠/ ١٧٦ (٤٣٣٣).
تفسير لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم الشيخ صالح الفوزان حفظه الله - Youtube
تنبيه: لا يقعُ اليمين بالحلف مع تحريف إسم الله تعالى كقول الشخص (واللا) من غير لفظ حرف الهاء، بل أن قائل هذا اللفظ عليه معصية لتحريف اسم الله تعالى والله أعلم.
تفسير قوله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم). الآية
ومذهب الشافعي هو قول عائشة والشعبي وعكرمة. وقول أبي حنيفة هو قول ابن عباس والحسن ومجاهد والنخعي والزهري وسليمان بن يسار وقتادة والسدي ومكحول. حجة الشافعي رضي الله عنه على قوله وجوه ، الأول: ما روت عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لغو اليمين قول الرجل في كلامه: كلا والله، وبلى والله، ولا والله " وروي أنه صلى الله عليه وسلم مر [ ص: 67] بقوم ينتضلون ومعه رجل من أصحابه ، فرمى رجل من القوم، فقال: أصبت والله. تفسير قوله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم). الآية. ثم أخطأ، ثم قال الذي مع النبي صلى الله عليه وسلم: حنث الرجل يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم: " كل أيمان الرماة لغو ، لا كفارة فيها ولا عقوبة ". وعن عائشة أنها قالت: أيمان اللغو ما كان في الهزل والمراء والخصومة التي لا يعقد عليها القلب. وأثر الصحابي في تفسير كلام الله حجة. الحجة الثانية: أن قوله: ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) يدل على أن لغو اليمين كالمقابل المضاد لما يحصل بسبب كسب القلب، ولكن المراد من قوله: ( بما كسبت قلوبكم) هو الذي يقصده الإنسان على الجد ويربط قلبه به، وإذا كان كذلك وجب أن يكون اللغو الذي هو كالمقابل له أن يكون معناه ما لا يقصده الإنسان بالجد، ولا يربط قلبه به، وذلك هو قول الناس على سبيل التعود في الكلام: لا والله ، بلى والله، فأما إذا حلف على شيء بالجد أنه كان حاصلا ثم ظهر أنه لم يكن ، فقد قصد الإنسان بذلك اليمين تصديق قول نفسه وربط قلبه بذلك، فلم يكن ذلك لغوا البتة ، بل كان حاصلا بكسب القلب.
ص336 - كتاب الدرر الثرية من الفتاوى البازية - تفسير قول الله تعالى لا يأخذكم الله باللغو في أيمانكم - المكتبة الشاملة
والله تعالى ما قال عن الذي يسبه أو يسب دينه أنه لا يؤاخذ بذلك. وكذلك من الكفر المضاعف قول بعض الناس لتبرير كفرهم وليدافعوا عن أنفسهم: أليس قال الله تعالى { لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ} فهذا على حسب زعمهم لغو. تفسير: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم .... ). ومنهم من يقول إنه سبّ الله باللسان ولكن بدون نيّة، يحتجون بالقرءان الكريم لتبرير كفرهم، وهذا أيضا من الكفر المضاعف. ومنهم من يقول إنه كان في حالة الغضب حين كفره فلا مؤاخذة عليه وهذا تحريف وتكذيب لكتاب الله تعالى. وهذا الذي يفسر القرءان من غير علم ولو لم يؤد تفسيره إلى تحريم حلال أو تحليل حرام أو إباحة كفر إنما فيه انحراف عن التفسير الذي هو تفسير للقرءان يكون ملعونا ويلجم يوم القيامة بلجام من نار، فكيف ذاك الذي يقول عن سب الله في حال الغضب إنه ليس كفرا. إنّ هؤلاء لا يُسمَعُ لهم ومن سمع لهم وقبل كلامهم صار مثلهم كافرا ولو كانوا ممن يدّعون أنهم علماء وليسوا علماء ولا طلاب علم بل هم جهال متعالمون، وأدنى طالب علم شرعي لا يقول هذا القول السفيه وهو أنّ من سبّ الله في حالة الغضب لا يؤاخذ به ولا يكون كافرا، فإن كانوا يدعون العلم فليأتوا ببرهان ولن يأتوا به أبدا إنما يفترون على الله ودينه ويضلون عباد الله.
تفسير: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم .... )
أما نحن البشر فمنهيون عن أن نُقسِم بغير الله تعالى وصفاته وذلك لحديث النبيّ صلى الله عليه وسلم [ألا إنّ اللهَ يَنهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كانَ حالفاً فليحلِف بالله أوليصمُت]. تفسير لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم الشيخ صالح الفوزان حفظه الله - YouTube. رواه البخاري ومسلم، وحكم الحلف بغير الله أنه إنَ لم يكن على معنى التعظيم، كتعظيم الله فمكروه بل قالَ الإمامُ الشافعي [أخشى أنّ يكونَ معصية] ولا تنعقد اليمين بالحلف بغير الله كالذي يَحلف بالكعبة أو بالنبي أو نحو ذلك، وقد نقل عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أن الحلف بغير الله معصية وبعض العلماء ذهب إلى غير ذلك، إلا أنه لا ينبغي تكفير الشخص الحالف بغير الله تعالى لحديث [من حلفَ بغيرالله فقد أشرك] والحديث معناه أن من عَظمَ غير الله كتعظيم الله فقد أشرك كما كان أهل الجاهلية يعظمون الأصنام ويحلفون بها لتعظيمها. وشذت فرقة فكفرت كل من حلف بغير الله من غير تفصيل وأغلبُ الناس يتلفظون بهذا لا على وجه تعظيم ءابائهم وأولادهم كتعظيم الله تعالى. وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً حلف بغير الله فقال له [لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد ولا تحلفوا إلا بالله ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقين] رواه أبو داود والنسائي.
من غير عقدِ على اليمين فلا كفارة عليه لأنه لا يقصدُ به حقيقة اليمين وإنما هو شىء يُجرى على اللسان من غير قصد فهو لغوٌ لا كفارة فيه. والمسلم لاينبغي أن يُكثر من الحلف لأن تكثيرَ الأيمان بالله يُخشى أنّ لا يبقى لليمين وقعاً في القلب وعندها لا يؤمنُ من إقدامه على اليمين الكاذبة والعياذ بالله. وما يزعمه بعض الناس الجاهلين بأنه إذا تكلم الإنسان بكلمة قبيحة كفرية فإنه لا يؤاخذ بذلك فهذا كفر مضاعف، وهؤلاء لا يستندون إلى نص من نصوص الفقهاء في مؤلفاتهم في المذاهب الأربعة بل هذا شىء سوّلته لهم أنفسهم وشياطينهم. وليس هناك في كتب الفقه أنه لو إنسان تلفظ بالكفر في حال الغضب لا يؤاخذ، ولا يوجد في حديث من أحاديث رسول الله، بل الآية { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} والآية صريحة ظاهرة بأن كل كلام يتكلم به الإنسان يكتب عليه، ومعنى "من قول" أيّ قول كان. وبعد بيان القرءان كيف يستمع لإنسان يدّعي الإسلام ويقول إنه لا يكفر من سبّ الله في حالة الغضب فلعنة الله على من قال ذلك. وأما قوله تعالى { لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ} فمعناه أنّ الذي يحلف بالله تعالى بلا إرادة لا يؤاخذ، والإيمان جمع يمين واليمين هو القسم، كالذي يسبق لسانه ويقول لا والله، بلى والله.