[ ص: 292] قوله تعالى: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين. قوله تعالى: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم الآية. روى النعمان بن بشير قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: الدعاء هو العبادة ثم قرأ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. فدل هذا على أن الدعاء هو العبادة. وكذا قال أكثر المفسرين وأن المعنى: وحدوني واعبدوني أتقبل عبادتكم وأغفر لكم. وقيل: هو الذكر والدعاء والسؤال. قال أنس: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع ويقال الدعاء: هو ترك الذنوب. وقال ربكم ادعوني 🤲🤲 - YouTube. وحكى قتادة أن كعب الأحبار قال: أعطيت هذه الأمة ثلاثا لم تعطهن أمة قبلهم إلا نبي: كان إذا أرسل نبي قيل له: أنت شاهد على أمتك ، وقال تعالى لهذه الأمة: لتكونوا شهداء على الناس وكان يقال للنبي: ليس عليك في الدين من حرج ، وقال لهذه الأمة: وما جعل عليكم في الدين من حرج وكان يقال للنبي: ادعني أستجب لك ، وقال لهذه الأمة: ادعوني أستجب لكم.
وقال ربكم ادعوني استجب لكم
أيها المسلمون: هو الدعاءُ.. ولا يَخِيْبُ داعٍ قَدْ دَعا. ما مُدَّتْ يدٌ إلى اللهِ تَدعو فَخابَت: (إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا اللهُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا) واللهُ يَقْضِيْ للعبدِ ما يَشاءُ بِحكمَتِهِ، واللهُ لَطِيْفٌ بِعِبَادِه.. وهُو بِهم أَرحَم، وهو بقضائِه لهم أَحْكَم، وهو بما يُصْلِحُ حالَهم أَعلَم. قَدْ يُؤَخِرُ اللهُ إجابَةَ دُعاءِ عبدِهِ، لِيَسْتَكْثِرَ العبدُ من دعائِه ومسأَلَتِه.. فيزدادُ من رَبِه محبةً وقُرْبى. وقَدْ يُؤَخِرُ اللهُ إجابَةَ دُعاءِ عبدِهِ. ليَبْتَلِيِ إيمانَهُ بِرَبِّه، ويَخْتَبِرَ تَصْدِيْقَهُ بِوَعْدِه. ولو أَنَّ كُلَّ داعٍ دَعا رأى جوابَ مسألَتِه حالَ دُعائِه. لما تَمَيَّزَ مُؤمنٌ مِنْ كافِر، ولما كان مِنَ العبادِ مُعرِضٌ عن اللهِ مُكابِر. وقال ربكم ادعوني استجب لكم اسلام ويب. ولكنَّ اللهَ يَبْتَلِيَ العِبَادَ لِيَعْلَمَ مَن يؤمِنُ بالغيبِ، مَمنْ هُوَ مِنْ وَعْدِ اللهِ في شَك. فأقبِلْ على دُعائكَ بِقَلْبٍ حاضِرٍ، واسأَل رَبَّكَ بِقَلْبٍ مُنْكَسِر، ولا تَسْأَلْهُ.. بَقَلْبٍ غافِلٍ لاهٍ. تَضَرًّعَ وألِحَّ على الله بالدعاءِ.. فأَقرَبُ الناسِ من نيلِ الإجابَةِ المُلِحِّين.
وقال ربكم ادعوني استجب لكم اسلام ويب
قلت: مثل هذا لا يقال من جهة الرأي. وقد جاء مرفوعا ، رواه ليث عن شهر بن حوشب عن عبادة بن الصامت ، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أعطيت أمتي ثلاثا لم تعط إلا للأنبياء ، كان الله تعالى إذا بعث النبي قال: ادعني أستجب لك ، وقال لهذه الأمة: ادعوني أستجب لكم وكان الله إذا بعث النبي قال: ما جعل عليك في الدين من حرج ، وقال لهذه [ ص: 293] الأمة: وما جعل عليكم في الدين من حرج وكان الله إذا بعث النبي جعله شهيدا على قومه ، وجعل هذه الأمة شهداء على الناس ذكره الترمذي الحكيم في نوادر الأصول. وكان خالد الربعي يقول: عجيب لهذه الأمة ، قيل لها: ادعوني أستجب لكم أمرهم بالدعاء ووعدهم الاستجابة ، وليس بينهما شرط. قال له قائل: مثل ماذا ؟ قال: مثل قوله تعالى: وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهاهنا شرط ، وقوله: وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق فليس فيه شرط العمل ، ومثل قوله: فادعوا الله مخلصين له الدين فهاهنا شرط ، وقوله تعالى: ادعوني أستجب لكم ليس فيه شرط. وقال ربكم ادعوني استجب. وكانت الأمة تفزع إلى أنبيائها في حوائجها حتى تسأل الأنبياء لهم ذلك. وقد قيل: إن هذا من باب المطلق والمقيد على ما تقدم في [ البقرة] بيانه.
وقال ربكم ادعوني استجب
الدعاء استراحة المؤمن من الهموم، وساحة مفتوحة لمن يريد حقه ممن ظلمه، وهو طريق ممهد لمن يطمع في الدرجات العليا في الدنيا والآخرة، وإذا كانت الحاجات كثيرة، والعمل لا يُعين، فكان الدعاء والطلب ممن بيده تدبير الأمور، الذي يكشف الضر والسوء، ويجعل العسير يسيراً، والمستحيل ممكنًا، قال الله تعالى: { أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون} (النمل:62).
وهذا القول هو الذي عليه كثير من المفسرين. وبحسب هذا القول، يكون محصل القول في الجمع
بين هذه الآيات بأن يقال: إن الداعي لا بد وأن يجد من دعائه عوضاً، إما إسعافاً بطلبته
التي لأجلها دعا، وذلك إذا وافق دعاؤه القضاء، فإذا لم يوافق القضاء، فإنه يعطى سكينة
في نفسه، وانشراحاً في صدره، وصبراً يسهل معه احتمال البلاء الحاضر، وعلى كل حال فلا
يعدم فائدة، وهو نوع من الاستجابة. وقال ربكم ادعوني.. - ملتقى الخطباء. يشهد لهذا قوله صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلم يدعو بدعوة، ليس فيها أثم، ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه
الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف
عنه من السوء مثلها " رواه أحمد. وهذا الحديث يكشف حقيقة المراد من هذا
الآيات؛ وذلك أنه تعالى قال: {ادعوني أستجب لكم}، ولم يقل: (أستجب لكم في الحال)، فإذا
استجاب للداعي ولو في الآخرة، كان الوعد صدقاً. ثانياً: أن الآية التي علقت إجابة الدعاء بالمشيئة
جاءت في دعاء الكفار، كما هو ظاهر سياقها، أما الآيات التي وعدت بالإجابة مطلقاً فقد
جاءت في دعاء المؤمنين. وعليه فدعاؤهم لا يُرد، إما أن يعطوا ما سألوا، أو يُدخر لهم
خير منه، أو يدفع عنهم من السوء بقدره. وهذا رأي لبعض المفسرين في الجمع بين هذه الآيات.
ثالثاً: أن المراد بالدعاء في الآيات العبادة؛
بدليل قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ
عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (غافر:60)، فالعبادة في
الآية: الدعاء، أي: إن الذين يعرضون عن دعائه، مصيرهم إلى جهنم. وأن المراد بـ (الإجابة)
في الآيات الثواب، وعليه فلا إشكال، فيكون المعنى: إن الذين يدعونني (يعبدونني)، سوف
ينالون الأجر والثواب. وهذا أيضاً رأي لبعض المفسرين في الجمع بين هذه الآيات. رابعاً: أن قوله سبحانه: {أجيب}، معناه: أسمع؛
لأن بين السماع وبين الإجابة نوع ملازمة؛ فلهذا السبب يقام كل واحد منهما مقام الآخر،
فقولنا في الصلاة: سمع الله لمن حمده، أي: أجاب الله، فكذا قوله: {أجيب دعوة الداع}،
أي: أسمع تلك الدعوة. فإذا حملنا قوله تعالى: {ادعونى أستجب لكم} على هذا الوجه زال
الإشكال أيضاً. وهذا الوجه قاله الأنباري. وقال ربكم إدعوني استجب لكم 💜 | دعاء خاشع للشيخ نورين 💌 | من ليالي التراويح - YouTube. خامساً: أنه سبحانه تارة يجزم بالإجابة وتارة
لا يجزم، بحسب محض مشيئته؛ ولما كان كلا الأمرين حاصلاً، فقد جاءت الآيات على حسب هذين
الوجهين. وهذا الوجه ذكره الرازي. ويمكن أن نخرج من مجموع هذه التوجيهات، أن الآيات
متوافقة غاية الوفاق، وما يبدو بينها من تعارض، فهو تعارض من حيث النظر الأول والمتعجل،
أما النظر المتأمل والمتأني فيدل على هذه الآيات متوافقة جميعاً، وأن إجابة دعاء الداعي
تفضُّل من الله على عباده، وأن النص على الإجابة لا يقتضي التزام إجابة الدعوة لكل
داع، وفي كل زمان، بل ذلك عائد لمشيئته سبحانه.