وفي قوله: سيهدين على هذا القول تأويلان: أحدهما سيهدين إلى الخلاص منها. الثاني: إلى الجنة. وقال سليمان بن صرد وهو ممن أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -: لما أرادوا إلقاء إبراهيم في النار جعلوا يجمعون له الحطب ، فجعلت المرأة العجوز تحمل على ظهرها وتقول: أذهب به إلى هذا الذي يذكر آلهتنا ، فلما ذهب به ليطرح في النار قال إني ذاهب إلى ربي. فلما طرح في النار قال: حسبي الله ونعم الوكيل فقال الله تعالى: يا نار كوني بردا وسلاما فقال أبو لوط وكان ابن عمه: إن النار لم تحرقه من أجل قرابته مني. فأرسل الله عنقا من النار فأحرقه. إني ذاهب إلى ربي سيهدين - مجلة هافن. الثانية: قوله تعالى: رب هب لي من الصالحين لما عرفه الله أنه مخلصه دعا الله ليعضده بولد يأنس به في غربته. وقد مضى في [ آل عمران] القول في هذا. وفي الكلام حذف ، أي: هب لي ولدا صالحا من الصالحين ، وحذف مثل هذا كثير. فبشرناه بغلام حليم أي إنه يكون حليما في كبره ، فكأنه بشر ببقاء ذلك الولد; لأن الصغير لا يوصف بذلك ، فكانت البشرى على ألسنة الملائكة كما تقدم في [ هود]. ويأتي أيضا في [ الذاريات].
تريد السعادة اذهب الى الله ( وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ )د.محمد سعود الرشيدي - Youtube
تريد السعادة اذهب الى الله ( وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ)د. محمد سعود الرشيدي - YouTube
إني ذاهب إلى ربي سيهدين - مجلة هافن
قوله تعالى: وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين رب هب لي من الصالحين فبشرناه بغلام حليم [ ص: 89] فيه مسألتان:
الأولى: هذه الآية أصل في الهجرة والعزلة. وأول من فعل ذلك إبراهيم - عليه السلام - ، وذلك حين خلصه الله من النار قال إني ذاهب إلى ربي أي: مهاجر من بلد قومي ومولدي إلى حيث أتمكن من عبادة ربي فإنه سيهدين فيما نويت إلى الصواب. قال مقاتل: هو أول من هاجر من الخلق مع لوط وسارة ، إلى الأرض المقدسة وهي أرض الشام. وقيل: ذاهب بعملي وعبادتي ، وقلبي ونيتي. فعلى هذا ذهابه بالعمل لا بالبدن. وقد مضى بيان هذا في [ الكهف] مستوفى. وعلى الأول بالمهاجرة إلى الشام وبيت المقدس. وقيل: خرج إلى حران فأقام بها مدة. وقال اني ذاهب الى ربي سيهدين || very beautiful sound - YouTube. ثم قيل: قال ذلك لمن فارقه من قومه ، فيكون ذلك توبيخا لهم. وقيل: قاله لمن هاجر معه من أهله ، فيكون ذلك منه ترغيبا. وقيل: قال هذا قبل إلقائه في النار. وفيه على هذا القول تأويلان: أحدهما: إني ذاهب إلى ما قضاه علي ربي. الثاني: إني ميت ، كما يقال لمن مات: قد ذهب إلى الله تعالى; لأنه - عليه السلام - تصور أنه يموت بإلقائه في النار ، على المعهود من حالها في تلف ما يلقى فيها ، إلى أن قيل لها: كوني بردا وسلاما فحينئذ سلم إبراهيم منها.
وقال اني ذاهب الى ربي سيهدين || Very Beautiful Sound - Youtube
[ وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين] تلاوة عذبه للشيخ ناصر القطامي - YouTube
إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة الصافات - قوله تعالى قال أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون - الجزء رقم11
أي: قيامك فجوزه سيبويه ومنعه الأخفش ، وزعم أن هذا لا يجوز إلا في الفعل المتعدي ، وذلك يدل على أن ما مع ما بعدها في تقدير المفعول عند الأخفش ، سلمنا أن ذلك قد يكون بمعنى المصدر ، لكنه أيضا قد يكون بمعنى المفعول ويدل عليه وجوه:
الأول: قوله: ( أتعبدون ما تنحتون) والمراد بقوله: ( ما تنحتون) المنحوت لا النحت ؛ لأنهم ما عبدوا النحت وإنما عبدوا المنحوت ، فوجب أن يكون المراد بقوله: ( ما تعملون) المعمول لا العمل حتى يكون كل واحد من هذين اللفظين على وفق الآخر. والثاني: أنه تعالى قال: ( فإذا هي تلقف ما يأفكون) [ الأعراف: 117] وليس المراد أنها تلقف نفس الإفك ، بل أراد العصي والحبال التي هي متعلقات ذلك الإفك ، فكذا ههنا. الثالث: أن العرب تسمي محل العمل عملا يقال في الباب: والخاتم هذا عمل فلان ، والمراد محل عمله ، فثبت بهذه الوجوه الثلاثة أن لفظة ما مع بعدها كما تجيء بمعنى [ ص: 131] المصدر فقد تجيء أيضا بمعنى المفعول ، فكان حمله ههنا على المفعول أولى ؛ لأن المقصود في هذه الآية تزييف مذهبهم في عبادة الأصنام لا بيان أنهم لا يوجدون أفعال أنفسهم ؛ لأن الذي جرى ذكره في أول الآية إلى هذا الموضع هو مسألة عبادة الأصنام لا خلق الأعمال ، واعلم أن هذه السؤالات قوية وفي دلائلنا كثرة ، فالأولى ترك الاستدلال بهذه الآية والله أعلم.
[ وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين ] تلاوة عذبه للشيخ ناصر القطامي - Youtube
المسألة الثانية: احتج جمهور الأصحاب بقوله: ( والله خلقكم وما تعملون) على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى ، فقال النحويون: اتفقوا على أن لفظ ما مع ما بعده في تقدير المصدر فقوله: ( وما تعملون) معناه وعملكم ، وعلى هذا التقدير صار معنى الآية: والله خلقكم وخلق عملكم ، فإن قيل: هذه الآية حجة عليكم من وجوه:
الأول: أنه تعالى قال: ( أتعبدون ما تنحتون) أضاف العبادة والنحت إليهم إضافة الفعل إلى الفاعل ، ولو كان ذلك واقعا بتخليق الله لاستحال كونه فعلا للعبد. الثاني: أنه تعالى إنما ذكر هذه الآية توبيخا لهم على عبادة الأصنام ؛ لأنه تعالى بين أنه خالقهم وخالق لتلك الأصنام ، والخالق هو المستحق للعبادة دون المخلوق ، فلما تركوا عبادته سبحانه وهو خالقهم وعبدوا الأصنام لا جرم أنه سبحانه وتعالى وبخهم على هذا الخطأ العظيم فقال: ( أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون) ولو لم يكونوا فاعلين لأفعالهم لما جاز توبيخهم عليها ، سلمنا أن هذه الآية ليست حجة عليكم ، لكن لا نسلم أنها حجة لكم ، قوله: لفظة " ما " مع ما بعدها في تقدير المصدر ، قلنا: هذا ممنوع وبيانه أن سيبويه والأخفش اختلفا في أنه هل يجوز أن يقال: أعجبني ما قمت.
------------------
قال ابن القيم رحمه الله في النونية:
واجعل لقلبك هجرتين ولاتنم---فهما على كل امرئ فرضانِ
فالهجرة الأولى إلى الرحمن--- بالإخلاص في سر وفي إعلانِ
فالقصد وجه الله بالأقوال--- والأعمال والطاعات والشكرانِ
فبذاك ينجو العبد من إشراكه ---ويصير حقا عابد الرحمنِ
والهجرة الأخرى إلى المبعوث بالحق---- المبين وواضح البرهانِ
فيدور مع قول الرسول وفعله ---نفيا وإثباتا بلا روغانِِ
قال الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله-:
الهجرة: ترك الشيء، والمراد هنا بالهجرة:
ترك الباطل والأنتقال إلى الحق وهي نوعان:
-هجرة إلى الله. -وهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. هجرة إلى الله بالإخلاص والتوحيد، وهجرة إلى الرسول بالاتباع والاقتداء،
وهذه هجرة القلوب. وهناك هجرة الأبدان: وهي الأنتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، فالهجرة هجرتان:
هجرة بالقلب وهجرة بالبدن،
فهجرة القلب هي من الكفر إلى الإيمان بالإخلاص لله وإلى رسوله بالاتباع، وهجرة بالبدن من بلاد الكفر إلى بلاد المسلمين فرارا بالدين،
ولايسلم أحد إلا بهاتين الهجرتين، هجرة إلى الله وهجرة إلى الرسول- صلى الله عليه وسلم-كما أنه لا يسلم إلا بالهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام.