فكما أن من مسئوليات الزوجية توفير متطلباتها واحتياجاتها المادية، أيضا من متطلباتها الحفاظ على أجواء الود والتآلف، فالزوج عليه أن يخرج عن نمطيته المعتادة بإشاعة جو الدعابة من حين لآخر والخروج للتنزه سويا، ولا ننسى أيضا جلسات تعليم الصغار أمور الحياة التي يتخللها مواقف اللطف والمرح كتعليم الأطفال الوضوء أو الصلاة أو فنون الرياضة والإنشاد بصورة عملية أمام أفراد الأسرة، فضلا عن المسابقات والقراءة مع الصغير ومطالعة المجلات المصورة والفضائيات الهادفة مصحوبة بالتعليقات من كافة الأطراف. إن اقتطاع رب الأسرة جزء من وقته خاص بأسرته يطرح فيه التكلف الزائد والأوامر الصارمة كفيل بأن يدعم جسور التواصل ويملأ أركان البيت بالبهجة والسعادة، بل ويحسن من مزاجه النفسي ويحرره من ضغوط الحياة التي لا تنتهي. أما الزوجة فنكاد نجزم بأن جُل مفاتيح السعادة الزوجية بيدها بحكم أنها ربة هذا المنزل وقيمته والمسئولة عن كل كبيرة وصغيرة فيه، وبحكم أنها رئيسة «الجبهة الداخلية» في الحياة الزوجية.
من هو الرجل المناسب للمرأة الثور
ومن الأمور التي تروق للزوج «المبادرة بتلبية رغباته» حتى قبل أن يطلبها بلسانه، كسرعة إعداد الشاي بعد الغذاء أو تقديم الفاكهة التي يحبها أو توفير الجريدة التي يفضل قراءتها أو اختيار القنوات التي تروق له.. مما يشعره بأنه سيد مطاع وضيف مرغوب في قربه وتواجده، فالحب ما هو إلا تعبير وتطبيق، ونكران الذات في سبيل راحة المحبوب، وأحب شيء للرجل هو شعوره بأن له مكانة خاصة في قلب زوجته وحياتها، وأنها تبذل كل هذا الود والاهتمام تقديرا لجهده وامتنانا بفضله. أما السياج الآمن الذي يجعل زوجك أسير منزله وسعيد زمانه فهو مشاركته في هواياته والأنس به في حواراته وفتح قلبه لك في جلسات ودية حميمة يبوح كلاكما بمكنونات صدره وسوانح أفكاره وآرائه وطموحاته. والنبي العدنان -بأبي هو وأمي- سابق عائشة فسبقته وسبقها، وحاورها وحاورته في جلسات ودية تمثل نموذجا راقيا لمن ينشد السعادة الزوجية. كما أن الزوجة الزكية تعرف كيف تتحاور مع زوجها ومتى تتناقش، واللحظة التي عندها تطلب أو ترفض أو تخالف أو تعترض.. كل هذا من واقع معرفة وخبرة جيدة بمزاج زوجها ومداخل شخصيته وما يحب وما يكره. ورغم أن العيوب البشرية تتفاوت لكن الزوج يهرب بالأخص من الزوجة الثرثارة والنكدية والجريئة في علاقاتها الاجتماعية والمبذرة والفضولية والشكاية والمغرورة والمهملة والعنيدة.
أما الزوجة فتنفر من الزوج البخيل والأناني والمتسلط والمطلاق والغضوب والمنحاز لأسرته بشكل جائر والمدخن وأسير النزوات والغيور المفرط والشكاك والمستهتر. وكل هذه التوجيهات لا تعني بالضرورة أن يكون الرجل حبيس بيته قد سيطرت زوجته على دقائق حياته بل معناه حرص كل طرف على أن يجعل حياته الزوجية قِبْلته التي تصبو نفسه إليها ويجد عندها سكينته وراحته، وهذا لا يمنع إطلاقا من العلاقات الاجتماعية والأنس بالأصدقاء والأقارب والجيران، فالإنسان مخلوق اجتماعي بطبعه، لكن في الاعتدال السلامة، وما أجمل أن نعيش الحياة كاملة بوسطية لا إفراط فيها ولا تفريط، وما أبشع أن يصير البيت أتُون نار تغلي فيه عواطفنا ومشاعرنا ونهرب من جحيمه بحثا عن السعادة في الطرقات. وأخيرا ينبغي للزوجين أن يكونا على قناعة تامة بأن الهناء الأسري نعمة وفرصة ربما لا تمنحها الأقدار على الدوام ولذلك فالتمتع بهما والارتواء من نبعهما عين الكياسة، والحفاظ على أسبابهما من مقتضيات التعقل والفطنة، بل إن من دوام استمرار النعمة شكر المنعم، فليتدارك كل منهما نفسه ويصحح مساره كي تدوم أسباب الوصل، ويستمتع بمباهج حياة أسرية مستقرة بدلا من النفرة التي لا مبرر لها على الإطلاق.