فسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته. وقد تضمّن هذا الحديث تَنْزِيه الله عزَّ وَجَلّ بأكثر العدد ، وهو عدد الْخَلْق ، وأثقل الأوزان ، وهو وزْن العَرش. وأكثر الأشياء ، وهو مِداد الكلمات. تَنْزيهًا يَليق به سبحانه وتعالى حتى يَرْضَى.
- سبحان الله عبد الله
سبحان الله عبد الله
قوله: " ما زلتِ على الحال الّتي فارقتك عليها ؟ " فيه بيان اجتهاد جويريّة بنت الحارث على ذكر الله تعالى، وعبادة الله. حوار اليوم [ عن زيادة مشاركاتك بقول سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ] - صفحة 4. وفيه بيان أنّ من العبادات المسنونة: الجلوس لذكر الله بالأذكار المشروعة. قوله: ( أربع كلمات): أي أربع جمل. ( لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ): أي في اليوم، لأنّ " منذ " الحرفيّة لها معنيان: معنى (من) إذا دخلت على ماضٍ، نحو قولك: " ما رأيته منذ أمس "، وتأتي بمعنى (في) إذا دخلت على حاضر كهذا الحديث. قوله: ( لوزنتهنّ): أي: إنّ الأجر الّذي يتحصّل عليه العبد من ترديد هذه الكلمات ثلاث مرّات يعدل أجر من جلس من الفجر إلى الضّحى وهو يذكر الله تعالى، وهذا أحد وجوه كونها جامعة، فهي شاملة لعظيم الأجور زيادة على شمولها لعظيم المعاني.
" سبحان الله " أنزه الله عن كل نقص ،فالله جل وعلا لا يغفل ولا ينام ولا يمرض ولا يتعب ولا يضعف ولا يعجز ولا يفتقر ، ولا يحتاج إلى ولد أو زوجة ، ولا يظلم مثقال ذرة ، ولا يغيب عنه شيء ….
وقال الربيع بن أنس: إن مثل علم العباد كلهم في علم الله كقطرة من ماء البحور كلها، وقد أنزل الله ذلك: قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي. يقول لو كانت تلك البحور مداداً لكلمات الله، والشجر كله أقلام لانكسرت الأقلام، وفني ماء البحر، وبقيت كلمات الله قائمة لا يفنيها شيء، لأن أحداً لا يستطيع أن يقدر قدره، ولا يثني عليه كما ينبغي حتى يكون هو الذي يثني نفسه، إن ربنا كما يقول وفوق ما نقول، إن مثل نعيم الدنيا أولها وآخرها في نعيم الآخرة كحبة من خردل في خلال الأرض كلها. سبحان الله عبد الله. وقال عزَّ وَجَلّ: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَة أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُر مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)لقمان 27
والمقصود بـ(كلمات الله) كلامه الذي تكلم به مع رسله وكلامه الذي أنزله في كتبه وهو سبحانه يتكلم متى شاء وبما شاء. قال العلماء: ومعنى هذا أنه لو فرض البحر مداداً وبعده سبعة أبحر تمده كلها مداداً وجميع أشجار الأرض أقلاماً لفنيت البحار والأقلام وكلمات الرب لا تفنى ولا تنفد ، واستعماله هنا للمبالغة، وإلاّ فإنّ كلمات الله تعالى لا تحصر بعدّ ولا غيره، لأنّه ذكر أوّلا ما يحصره العدّ الكثير من عدد الخلق، ثمّ زنة العرش، ثمّ ارتقى إلى ما هو أعظم من ذلك ، وعبر عنه بهذا، كأنّه قال: ما لا يحصيه عدٌّ، كما لا تحصى كلمات الله تعالى.