لماذا سمي الشتاء ربيع المؤمن ؟ هو أحد الأسئلة التي لا بدّ من الإجابة عنها، فالمؤمن يسعى لتحريّ الأوقات التي يتقرّب فيها لله تعالى وينال محبته، فإنّ محبة الله من أعظم مقامات العبادة عليها تدور رحى الطاعة والسير إلى الله، لأنها تسوق المؤمن إلى القرب وترغبه في الإقبال على الله، وتجشم المشقة والعناء في سبيل رضا الله والفوز بجنته.
- الشتاء ربيع المؤمن.. هكذا يمكنك أن تغتنمه بتقربك إلى الله بتلك الطاعات
- الشتاء ربيع المؤمن -
الشتاء ربيع المؤمن.. هكذا يمكنك أن تغتنمه بتقربك إلى الله بتلك الطاعات
الشتاء ربيع المؤمن، يصوم نهاره ويقوم ليله. في نهاره القصير البارد يكون احتمال الصوم أكثر، وفي ليله الطويل يكون استثماره للعابد المخبت ركوعاً وسجوداً أرجى. قد لا نكون من هذه الطبقة الفاخرة الآيلة للانقراض من المؤمنين، فنجد العزاء في الموسيقى ونحن متدثرون في سكون الليل ونسائم الهواء الباردة تتسلل من النوافذ ومن شقوق الأبواب الموصدة. يمكننا أن نجعل من شتائنا موسماً للروح، وغذاء للعقل وسلوى لنفوسنا المرهقة. الشتاء ربيع المؤمن.. هكذا يمكنك أن تغتنمه بتقربك إلى الله بتلك الطاعات. نجدها في الساعات الطوال مع من نهوى ونعشق، وكلماتنا تتحشرج في أفواهنا، وخفقات قلوبنا ترجف بالصبابة، أو نبحر مع أعظم ما أبدعته الأمم أدباً وشعراً وأساطير. وفينا من يجد السلام حينما ينسل خفية ويقطع أميالاً أو أياماً ليفرج عن يتيم فقد أبويه أو أرملة مهيضة الجناح أو مسن فقد معيله. يُقال إننا أسرى منذ الأزل، من حين فارقنا جنة عدن، فأرواحنا كالناي الحزين الذي يحن إلى أصله. ندرك منه صوته ويخفى علينا سر نواحه. تشبيه الإنسان الغريب بالناي الحزين هو قصيدة لمولانا جلال الدين الرومي الذي عاش فترة عصيبة من تاريخ الإسلام، فقد شهد القرن الثالث عشر اجتياح المغول للممالك الإسلامية، فلاذت عائلة مولانا بالفرار تحت وطأة الرعب والمجازر التي تنتزع القلوب والشائعات التي كانت تسبق جحافل التتر فتزلزل الأرض وتطيش بالألباب.
الشتاء ربيع المؤمن -
عبادَ الله، يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((اشتكَتِ النارُ إلى ربها فقالت: يا ربِّ، أَكَل بَعضِي بعضًا، فأَذِنَ لها بنَفَسيْن: نفَس بالشتاء، ونفَس في الصيف، فهو أشدُّ ما تَجِدون من الحرِّ، وأشدُّ ما تجدون مِن الزمهرير - وهو شِدَّة البَرْد)). فإذا ما وَجَد المرءُ لَسْعَة البرد تذكَّر زمهريرَ جهنَّم، فاستعاذ منها، وسأل الله - تعالى - برْدَ الجنَّة ونعيمَها؛ ﴿ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ﴾ [الإنسان: 13].
اللهمَّ أنتَ الله، لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفُقراء، أنْزِلْ علينا الغيثَ ولا تجعلْنا من القانطين، اللهمَّ إنَّا نستغفِرُك إنَّك كُنت غفَّارًا، فأرْسِلِ السماء علينا مِدرارًا، اللهم اسْقِنا الغيثَ، ولا تجعلْنا مِن القانطين، اللهمَّ سُقيا رحمةٍ لا سُقيا بلاءٍ ولا عذاب، ولا هدْم ولا غرَق. ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]. ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]. ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].