وبالرغم من أن المسيح كان واضح وصريح في كلامه فقد قال أن:"أعطوا ما لقيصر لقيصر وما للرب للرب" إلا أن الرومان ظلوا قلقين منه. وكانت الخطة من الحاخامات هي الوشي به على أنه يحرض الشعب ضد الرومان ولابد من التخلص منه لإخماد أي إنقلاب على سلطتهم. وبالرغم من أن تعاليم المسيح كلها تصب في المحبة والتسامح واللجوء للرب لأنه وحده الذي يأخذ بحق المظلوم ، إلا أن الرومان واليهود لم يعوا ذلك لأنها كانت فكرة مختلفة تماماً عن أي تعامل سابق لهم بين الناس ولذا لم يصدقوا أن التعاليم لم تتطرق لأي نوع من العنف إطلاقاً. وأن حتى التفكير في العنف تعتبره التعاليم المسيحية خطيئه. وعرف السيد المسيح بأن الوقت قد أزف وأنه على وشك مواجهة أصعب فترة في حياته الأرضية والتي هي أساس وجوده عليها وهي التضحية بنفسه فداءً لخطايا كل من يؤمن بالرب. فالمسيح يفيدهم بدمه ويمحو خطاياهم بهذا الفداء. قرية مكارم النخيل. يوم خميس العهد هو اليوم الذي جمع فيه المسيح كل تلاميذه على العشاء الأخير وأوصاهم بكيفية نشر التعاليم التي تعلموها منه وقسّم الخبر عليهم وقال لهم هذا جسدي خذوا منه والنبيذ دمي أشربوا منه كي أكون فيكم وتكونوا جزء مني. وكانت هذه هي إحدى الأساسيات التي بنيت عليها الكنيسة بعد ذلك وما يسمى بالمناولة communion حيث تمارس هذه الطقوس وهي من أقدسها ولا يتناول المسيحي إلا بعد إعترافة بكل خطاياه وطلب المغفرة الحقيقية لها كي يستحق أن يقبل جسد ودم المسيح الذي يطهره من هذه الخطايا.
قرية مكارم النخيل
وتم دفن جثمان السيد المسيح في يوم الجمعة. أما سبت النور فسمي بهذا الإسم لأنه في هذا اليوم ذهب التلاميذ للقبر للصلاة فوجدوه مفتوحاً ولم يجدوا الجثمان فانتشروا بحثا عنه حتى جأهم هو بجسده وهو حي وفي كفيه وقدميه علامات المسامير وقال لهم أنه سيصعد للرب "أبانا الذي في السماوات". وفي يوم الأحد ذيع ذلك الخبر وسمي بيوم القيامة لأن المسيح قام من الموت وأنتصر عليه ففيه تم الفداء والخلاص. ويؤمن المسيحيين بأن الرب هو أبانا جميعاً لأنه هو الذي خلقنا ولذا عندما يصلي المسيحي يناجي ربه بالقول: "ابانا الذي في السماوات ، ليتقدس أسمك ، ليأتي ملكوتك ، لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض. خبذنا كفانا اعطينا اليوم ولا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير بالمسيح يسوع ربنا لأنك لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد إله واحد آمين". وبالرغم من أن هناك بعض الإختلافات فيما يؤمن به المسيحيين عما جاء للمسلمين عن هذه الوقائع في القرآن ويؤمن بها المسلمون ، إلا أن القرآن يؤكد على وجود السيد المسيح ورسالته وعلى طهارة السيدة العذراء التي لها صورة كاملة في القرآن وعلى عودة السيد المسيح في يوم القيامة ، وهذا ما يعرفه المسلمين العارفين بدينهم المعرفة الصحيحة.
وفكرة التطهر من الخطايا موجوده في كل الأديان وتمارس في كل دين بطريقته. فالمناولة هي الطريقة المسيحية والحج والعمرة لبيت الله الحرام هي الطريقة الإسلامية في التطهر من كل الخطايا. وكان الحاخامات قد جندوا أحد تلاميذ السيد المسيح وهو يهوذا الاسقريوطي ليشي به مقابل ٣٠ قطعة فضة ، كي يُعَّرِف جنود الرومان به لكي يتم القبض عليه (ولذا سارت مقولة "٣٠قطعة فضة" دليل على الرشوة للخيانة). فكان المتفق عليه أنه سيُقَبِّل رأس السيد المسيح كعلامة للجنود. ولذا سارت جملة "قبلة يهوذا" لتعني الخيانة. وجاؤا الجنود الرومان في مساء يوم الخميس وقبضوا على السيد المسيح وأخذوه للسجن وللمحاكمة أمام بيلاطس البنطي حاكم القدس الروماني في اليوم التالي وهو يوم الجمعة والتي عرفت بعد ذلك "بالجمعة الكبيرة". في يوم الجمعة "الكبيرة" أو "الحزينة" تمت المحاكمة والتي لم يجد بيلاطس فيها المسيح مدان في أي شئ ، ولكن كان الحاخامات اليهود قد حشدوا اليهود المعادين للمسيح ورسالته ليطالبوا بيلاطس بالحكم عليه بالإعدام صلباً. وكان هناك قاتل إسمه براباس يحاكم في نفس الوقت ومثبت عليه جرائمه بالقتل. ورأى بيلاطس مخرج من هذه الأزمة بأن خَيّر الشعب من يريدون إعدامه ، المسيح الذي لم تثبت إدانته في أي شئ أو براباس المدان بالقتل.