ا لخطبة الأولى ( وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. القران الكريم |وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته: ( وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (115) هود
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع هذه الآية الكريمة من كتاب الله ، فيقول علماء التأويل: قال أبو جعفر( الطبري): يقول تعالى ذكره: واصبر ، يا محمد ، على ما تلقى من مشركي قومك من الأذى في الله والمكروه ، رجاءَ جزيل ثواب الله على ذلك، فإن الله لا يضيع ثوابَ عمل من أحسن فأطاع الله واتبع أمره ، فيذهب به، بل يوَفّره أحوجَ ما يكون إليه. ويقول (طنطاوي): واصبر أيها الرسول الكريم أنت ومن معك من المؤمنين على مشاق التكاليف التي كلفكم الله – تعالى – بها ، فإنه – سبحانه – لا يضيع أجر من أحسن عملا ، بل موفى الصابرين أجرهم بغير حساب. ويقول السعدى: أي: احبس نفسك على طاعة الله، وعن معصيته، وإلزامها لذلك، واستمر ولا تضجر.
- واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين 😍 تلاوة القرآن الكريم 💔 - YouTube
- القران الكريم |وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ
- إن الله لا يضيع أجر المحسنين❤23رمضان - YouTube
واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين 😍 تلاوة القرآن الكريم 💔 - Youtube
وحقيقة الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وأن تبذل ما تستطيعه من النفع والخير للبلاد والعباد. فالإحسان من أفضل منازل العبودية؛ بل هو حقيقتها ولبها وروحها وأساسها ، يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه "مدارج السالكين": (منزلة الإحسان هي لب الإيمان وروحه وكماله). فالمسلم مأمور بالإحسان في كل صغيرة وفي كل كبيرة؛ وفي كل قول وفي كل فعل، وفي كل أخذ وفي كل عطاء. واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين 😍 تلاوة القرآن الكريم 💔 - YouTube. أنت مأمور بالإحسان في فعل الواجبات؛ بأن تؤدِّيَها على وجه الكمال في واجباتها، وتجتهدَ في مستحبّاتها ، وأنت مأمور بالإحسان في ترك المحرّمات، بالانتهاء عن ظاهرها وباطنها، كما قال تعالى: ﴿ وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ ﴾ [الأنعام: 120] ، وأنت مأمور بالإحسان في معاملتك لكلِّ مخلوق؛ من إنسان أو حيوان ، وأيضا من صور الإحسان في حياتنا: 1-الإحسان في العبادة: قال تعالى: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} ( العنكبوت: 69). 2-الإحسان إلى الوالدين: قال الله تعالى: { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} ( النساء:36).
وإذا رأيت إشراقات فيوضات على مَنْ دخل مقام الإحسان فلا تنكرها عليه، وإلا لسويت بين من وقف عند ما فُرِضَ عليه، وبين من تجاوز ما فُرِضَ عليه من جنس ما فَرَضَ الله. إن الله لا يضيع أجر المحسنين❤23رمضان - YouTube. وجرب ذلك في نفسك، والتزم أمر الله باحترام مواقيت الصلاة، وقم لتصلي الفجر في المسجد، ثم احرص على أن تتقن عملك، وحين يجيء الظهر قم إلى الصلاة في المسجد، وحاول أن تزيد من ركعات السنة، وستجد أن كثافة الظلمانية قد رَقَّتْ في أعماقك، وامتلأتَ بإشراقات نوارينة تفوق إدراكات الحواس، ولذلك لا تستكثر على مَنْ يرتاض هذه الرياضة الروحية، حين تجد الحق سبحانه قد أنار بصيرته بتجليات من وسائل إدراك وشفافية. ولذلك لا نجد واحداً من أهل النور والإشراق يدَّعي ما ليس له، والواحد منهم قد يعلم أشياء عن إنسان آخر غير ملتزم، ولا يعلنها له؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد خَصَّه بأشياء وصفات لا يجب أن يضعها موضع التباهي والمراءاة. وحين عرض الحق سبحانه هذه القضية أراد أن يضع حدوداً للمرتاض ولغير المرتاض، في قصة موسى عليه السلام حينما وجد موسى وفتاة عبداً صالحاً، ووصف الحق سبحانه العبد الصالح بقوله تعالى: { عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً} [الكهف: 65].
القران الكريم |وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ
القارئ اسلام صبحي - {واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين فلولا كان من القرون من قبلكم} - {سورة هود} - YouTube
وقال العبد الصالح لموسى عليه السلام: { إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً} [الكهف: 67]. وبيَّن العبد الصالح لموسى ـ بمنتهى الأدب ـ عذره في عدم الصبر، وقال له: { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً} [الكهف: 68]. وردَّ موسى عليه السلام: { سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً} [الكهف: 69]. فقال العبد الصالح: { فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً} [الكهف: 70]. ولكن الأحداث توالت؛ فلم يصبر موسى؛ فقال له العبد الصالح: { هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78]. وهذا حكم أزلي بأن المرتاض للرياضة الروحية، ودخل مقام الإحسان لا يمكن أن يلتقي مع غير المرتاض على ذلك، وليلزم غير المرتاض الأدب مثلما يلتزم المرتاض الأدب، ويقدم العذر في أن ينكر عليه غير المرتاض معرفة ما لا يعرفه. ولو أن المرتاض قد عذر غير المرتاض، ولو أن غير المرتاض تأدب مع المرتاض لاستقرَّ ميزان الكون. والحق سبحانه يبيِّن لنا مقام الإحسان وأجر المحسنين، في قوله تعالى: { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} [الذاريات: 15ـ16].
إن الله لا يضيع أجر المحسنين❤23رمضان - Youtube
تلاوة القرآن الكريم 💔 واصبر إن الله لا يضيع أجر المحسنين 🥀 - YouTube
وهكذا نعلم أن الصبر على إطلاقه مطلوب في الأمرين: في الإيجاب للطاعة، وفي السلب عن المعصية. ونحن نعلم أن الجنة حٌقَّتْ بالمكاره؛ فاصبر على المكاره، وحُفَّتِ النار بالشهوات؛ فاصبر عنها. وافرض أن واحداً يرغب في أكل اللحم، ولكنه لا يملك ثمنها، فهو يصبر عنها؛ ولا يستدين. ولذلك يقول الزهاد: ليس هناك شيء اسمه غلاء، ولكن هناك شيء اسمه رخص النفس. ولذلك نجد من يقول: إذا غلا شيء عليّ تركته، وسيكون أرخص ما يكون إذا غلا. والحق سبحانه يقول: { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ} [لقمان: 17]. وهنا يقول الحق سبحانه: { وَٱصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ} [هود: 115]. وهم الذين أدخلوا أنفسهم في مقام الإحسان، وهو أن يلزم الواحد منهم نفسه بجنس ما فرض الله فوق ما فرق الله، من صلاة أو صيام، أو زكاة، أو حج لبيت الله؛ لأن العبادة ليست اقتراحاً من عابدٍ لمعبود، بل المعبود هو الذي يحدد ما يقربك إليه. وحاول ألاّ تدخل في مقام الإحسان نَذْراً؛ لأنه قد يشق عليك أن تقوم بما نذرته، واجعل زمان الاختيار والتطوع في يدك؛ حتى لا تدخل مع الله في ودٍّ إحساني ثم تفتر عنه، وكأنك ـ والعياذ بالله ـ قد جرَّبت مودة الله تعالى، فلم تجده أهلاً لها، وفي هذا طغيان منك.