اقرأ أيضاً أنواع الأموال الربوية أنواع الربا
تفسير سورة عبس للسعدي
سورة عبس هي من السور المكية بالاتفاق، وعُدَّت الرابعة والعشرين في ترتيب نزول السور، وقد نزلت بعد سورة النجم وقبل سورة القدر، [١] وفي السورة عتابٌ لطيفٌ للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وبيان لعظمة ومكانة القرآن الكريم، وبيان لكفر الإنسان مع إيقاظه وتحذيره وتذكيره برحلته ومصيره، وختام السورة فيه ذكر لأحداث يوم القيامة. [٢]
تفسير الآيات المتعلقة بعتاب النبي
هذا القسم يشتمل على الآيات من (1-16) على النحو الآتي: [٣]
يقول -تعالى-: (عَبَسَ وَتَوَلَّى* أَن جَاءَهُ الْأَعْمَى* وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى* أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى) [٤] كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخاطب بعض الأفراد من قريشٍ ممن عُرفوا بعظمتهم وغناهم، فجاءه رجلٌ أعمى من المؤمنين يُعرف بابن أم مكتوم يريد أن يتعلّم من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان الرسول حريصاً على هداية أفراد قريش، فمال النبي وأصغى إليهم، وصدّ عن ابن أم مكتوم سعياً من النبي لهدايتهم وطمعاً في تزكيتهم وتطهيرهم من الكفر. وحينها عاتبه الله بهذا العتاب اللطيف، فقال: عبس؛ أي ظهر ذلك في تعابير وجهه، وتولّى؛ أي مال عنه في بدنه، ما يدريك لعلَّ الأعمى يعرض عن الأخلاق الغير محمودة ويتطهر منها، أو يتحلى بالأخلاق المحمودة، أو يَعتبر ويتّعظ فتنفعه الذكرى؛ أي الموعظة ويعمل بها.
سورة ص - تفسير السعدي - طريق الإسلام
وعاتب حاطبا، فاعتذر رضي الله عنه بعذر قبله النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الآيات فيها النهي الشديد عن موالاة الكفار من المشركين وغيرهم، وإلقاء المودة إليهم، وأن ذلك مناف للإيمان، ومخالف لملة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، ومناقض للعقل الذي يوجب الحذر كل الحذر من العدو، الذي لا يبقي من مجهوده في العداوة شيئا، وينتهز الفرصة في إيصال الضرر إلى عدوه، فقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} اعملوا بمقتضى إيمانكم، من ولاية من قام بالإيمان، ومعاداة من عاداه، فإنه عدو لله، وعدو للمؤمنين. فلا تتخذوا عدو الله { وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} أي: تسارعون في مودتهم وفي السعي بأسبابها، فإن المودة إذا حصلت، تبعتها النصرة والموالاة، فخرج العبد من الإيمان، وصار من جملة أهل الكفران، وانفصل عن أهل الإيمان. وهذا المتخذ للكافر وليا، عادم المروءة أيضا، فإنه كيف يوالي أعدى أعدائه الذي لا يريد له إلا الشر، ويخالف ربه ووليه الذي يريد به الخير، ويأمره به، ويحثه عليه؟! تفسير السعدي سورة قريش المصحف الالكتروني القرآن الكريم. ومما يدعو المؤمن أيضا إلى معاداة الكفار، أنهم قد كفروا بما جاء المؤمنين من الحق، ولا أعظم من هذه المخالفة والمشاقة، فإنهم قد كفروا بأصل دينكم، وزعموا أنكم ضلال على غير هدى.
تفسير السعدي سورة قريش المصحف الالكتروني القرآن الكريم
فال أحدهما: إن هذا أخي له تسع وتسعون من النعاج, وليس عندي إلا نعجة
واحدة, فطمع فيها, وقال: أعطنيها, واشتد علي في الكلام, وغلبني فيه. قال داود: لقد ظلمك أخوك بسؤاله ضم نعجتك إلى نعاجه, وإن كثيرا من
الشركاء ليعتدي بعضهم على بعض, ويظلمه بأخذ حقه وعدم إنصافه من نفسه إلا المؤمنين
الصالحين, فلا يبغي بعضهم على بعض, وهم قليل. وأيقن داود أننا فتناه بهذه الخصومة, فاستغفر ربه, وسجد تقربا لله, ورجع إليه
وتاب
فغفرنا له ذلك, وجعلناه من المقربين عندنا, وأعددنا له حسن المصير في
الآخرة. يا داود إنا استخلفناك في الأرض وملكناك
فيها, فاحكم بين الناس بالعدل والإنصاف, ولا تتبع الهوى في الأحكام, فيضلك ذلك
عن دين الله وشرعه, إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب أليم في النار, بغفلتهم
عن يوم الجزاء والحساب. وفي هذا توصية لولاة الأمر أن يحكموا بالحق المنزل من الله, تبارك وتعالى, ولا
يعدلوا عنه, فيضلوا عن سبيله. وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لعبا
ولهوا, ذلك ظن الذين كفروا, فويل لهم من النار يوم القيامة؟ لظنهم الباطل,
وكفرهم بالله. أنجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات
كالمفسدين في الأرض, أم نجعل أهل التقوى المؤمنين كأصحاب الفجور الكافرين؟ هذه
التسوية غير لائقة بحكمة الله وحكمه, فلا يستوون عند الله, بل يثيب الله المؤمنين
الأتقياء, ويعاقب المفسدين الأشقاء.
، فهو وإن خفي على المؤمنين، فلا يخفى على الله تعالى، وسيجازي العباد بما يعلمه منهم من الخير والشر، { وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ} أي: موالاة الكافرين بعد ما حذركم الله منها { فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} لأنه سلك مسلكا مخالفا للشرع وللعقل والمروءة الإنسانية.
تفسير الآية وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الإسراء - الآية 13
الباقون بفتح الياء خفيفة، أى يراه منشورا. وقال منشورا تعجيلا للبشرى بالحسنة والتوبيخ بالسيئة. وقال أبو السوار العدوى وقرأ هذه الآية وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه قال: هما نشرتان وطية; أما ما حييت يا ابن آدم فصحيفتك المنشورة فأمل فيها ما شئت; فإذا مت طويت حتى إذا بعثت نشرت. تفسير الوسيط لـ طنطاوى
ثم ساق- سبحانه- صورة من صور هذا التفصيل المحكم فى كل شيء فقال- تعالى-: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِى عُنُقِهِ. والمراد بطائره: عمله الصادر عنه باختياره وكسبه، حسبما قدره الله- تعالى- عليه من خير وشر. إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة الإسراء - قوله تعالى وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه- الجزء رقم8. أى: وألزمنا كل إنسان مكلف عمله الناتج عنه، إلزاما لا فكاك له منه، ولا قدرة له على مفارقته. وعبر- سبحانه- عن عمل الإنسان بطائره، لأن العرب كانوا- كما يقول الآلوسى- يتفاءلون بالطير، فإذا سافروا ومر بهم الطير زجروه، فإن مر بهم سانحا- أى من جهة الشمال إلى اليمين- تيمنوا وتفاءلوا، وإن مر بارحا، أى: من جهة اليمين الى الشمال تشاءموا، فلما نسبوا الخير والشر إلى الطائر، استعير استعارة تصريحية، لما يشبههما من قدر الله- تعالى- وعمل العبد، لأنه سبب للخير والشر. وقوله- سبحانه-: فِى عُنُقِهِ تصوير لشدة اللزوم وكمال الارتباط بين الإنسان وعمله.
كتاب مشتمل على كل صغيرة وكبيرة من أعمال الإنسان، كما قال- تعالى-: وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً، وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها، وَكَفى بِنا حاسِبِينَ.
فصل: تفسير الآيات (17- 19):|نداء الإيمان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ندخل بسم الله.. يقول الله تعالى: (( وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا)) هذه الآية لمن وصلت عندها خفت وقلت لنفسي يا ويلي!!
ومنه قول الشاعر:
اذْهَبْ بِهَا اذْهب بِهَا ♦♦♦ طَوَّقْتُهَا طَوْقَ الحَمَامَةِ
فالمعنى في ذلك كله اللزوم وعدم الانفكاك. قوله تعالى: ﴿ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ﴾ ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أن ذلك العمل الذي ألزم الإنسان إياه يخرج له يوم القيامة مكتوبًا في كتاب يلقاه منشورًا" [1] ، أي مفتوحًا يقرؤه هو وغيره، فيه جميع عمله من أول عمره إلى آخره، قال تعالى: ﴿ يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ * بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ﴾ [القيامة: 13، 14]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾ [التكوير: 10]. فصل: تفسير الآيات (17- 19):|نداء الإيمان. قال مقاتل: "إذا مات المرء طويت صحيفة عمله، فإذا كان يوم القيامة نشرت" [2]. قال القرطبي رحمه الله: "أي فتحت بعد أن كانت مطوية، والمراد صحف الأعمال التي كتبت الملائكة فيها ما فعل أهلها من خير أو شر تطوى بالموت، وتُنشر في القيامة، فيقف كل إنسان على صحيفته فيعلم ما فيها" [3] ، ولهذا قال تعالى: ﴿ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾ [الإسراء: 14] أي: أنك تعلم أنك لم تُظلم، ولم يكتب عليك غير ما عملت؛ لأنك ذكرت جميع ما كان منك، ولا ينسى أحد شيئًا مما كان منه، وكل أحد يقرأ كتابه من كاتب وأمي.
إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة الإسراء - قوله تعالى وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه- الجزء رقم8
وقرأ أبو جعفر " يخرج " بالياء وضمها وفتح الراء. ( يلقاه ( قرأ ابن عامر وأبو جعفر " يلقاه " بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف يعني: يلقى الإنسان ذلك الكتاب أي: يؤتاه وقرأ الباقون بفتح الياء خفيفة أي يراه ( منشورا ( وفي الآثار: إن الله تعالى يأمر الملك بطي الصحيفة إذا تم عمر العبد فلا تنشر إلى يوم القيامة. ( اقرأ كتابك ( أي: يقال له: اقرأ كتابك. قوله تعالى: ( كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ( محاسبا. قال الحسن: لقد عدل عليك من جعلك حسيب نفسك. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الإسراء - الآية 13. قال قتادة: سيقرأ يومئذ من لم يكن قارئا في الدنيا. ( من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ( لها ثوابه ( ومن ضل فإنما يضل عليها ( لأن عليها عقابه. ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ( أي: لا تحمل حاملة حمل أخرى من الآثام أي: لا يؤخذ أحد بذنب أحد. ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ( إقامة للحجة وقطعا للعذر ، وفيه دليل على أن ما وجب وجب بالسمع لا بالعقل.
[١٢]
قال الإمام ابن جرير الطبري -رحمه الله- في تفسيره: "يقول تعالى ذكره: وكلّ إنسان ألزمناه ما قضى له أنه عامله وهو صائر إليه من شقاء أو سعادة بعمله في عنقه لا يفارقه، وإنما قوله "ألْزَمْناهُ طائِرَهُ" مثل لما كانت العرب تتفاءل به أو تتشاءم من سوانح الطير وبوارحها، فأعلمهم -جلّ ثناؤه- أن كلّ إنسان منهم قد ألزمه ربه طائره في عنقه نحسًا كان ذلك الذي ألزمه من الطائر وشقاًء يورده سعيرًا أو كان سعيدًا يورده جنّات عدن".