الخطبة الثانية:
ومن فوائد ذكر الله -عزّ وجل-: أنه يوجب الضمان والأمان من نسيانه الذي هو سبب شقاء العبد في دُنياه وأُخراه، فإنّ من نَسِيَ الله -سبحانه وتعالى- نسي نفسه ومصالحها كما قال تعالى: ( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [الحشر: 19]. وإذا نسي العبد نفسه أعرض عن مصالحها ونسيَها، واشتغل عنها، فهَلَكت وفسَدت كمن له زرع أو بستان، فلم يُصلِحه، ولم يقم عليه وأهمله، ونسيَه واشتغل عنه بغيره، فإنه يَفسُد ولا بد. ومن فوائد الذكر أيضاً: أن جميع الأعمال إنما شُرِعت لإقامة ذكر الله -عزّ وجل-، ومن أعظمها: الصلاة، قال جلّ وعلا: ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) [طـه: 14] أي لإقامة ذكري. وقال عزّ وجل: ( إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) [العنكبوت: 45]. أي أن الصلاة فيها مقصودان عظيمان، وأحدهما أعظم من الآخر، فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وما فيها من ذكر الله أعظم من نَهيِها عن الفحشاء والمنكر. ومن فوائد الذكر: أن المُداومة عليه ينوب عن كثير من الطاعات ويقوم مقامها، كما جاء ذلك صريحاً في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن فُقراء المهاجرين أتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور -أي الأغنياء- بالدرجات العلى، والنعيم المقيم، يُصلُّون كما نُصلّي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل أموالهم يحجّون بها ويعتمرون ويجاهدون، فقال عليه الصلاة والسلام: " ألا أعلِّمُكم شيئاً تُدركون به من سَبَقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا أحَدَ يكون أفضل منكم إلا من صَنَع مثل ما صنعتم ؟" قالوا: بلى يا رسول الله، قال: " تُسبّحون وتحمدون وتُكبّرون خلف كلّ صلاة " [رواه البخاري].
فوائد ذكر الله اكبر
العجوز وأهل بيته:
ما إن خرج هذا العجوز من جلسة الذكر بعد انتهائها حتى توجه إلى بيته من ثم جمع زوجته وجميع أبنائه وأخذ يحدثهم عن أهمية الذكر وفضله والدرجة التي سيصبح فيها المسلم بفضل المداومة على ذكر الله، ثم ذكر لهم نفس الحديث الذي سمعه من الخطيب وهو قول النبي صل الله عليه وسلم "كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم"، وتكرر ذلك الاجتماع يومياً حتى أصبحت تلك الكلمات هي التي ترطب ألسنتهم، ثم اتضح بعد ذلك بفضل ذكر الله وخاصة تلك الجملتين من الذكر تحولت الأسرة إلى أفضل وعم الرضا في قلوبهم بأقدار الله ويحمدون الله على ما وصلوا إليه.
فوائد ذكر الله محمد النابلسي
• الذِّكر أمانٌ للذَّاكِر: فتذهب عن القلب مَخاوِفُه كلُّها، وليس للخائف أنفع من ذكر الله تعالى، قال سبحانه: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82]. وأمَّا الغافل فهو خائِفٌ مع أمْنِه، حتى كأنَّ ما هو فيه من الأمن كله مَخاوِف. • الذِّكر مَظِنَّةٌ لإجابة الدُّعاء: فالدعاء الذي يتقدَّمُه الذكرُ والثناءُ؛ أفضل وأقرب إلى الإجابة من الدعاء المُجرَّد؛ كما في دعاء ذي النون - عليه السلام -: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]؛ ومنه قوله صلى الله عليه وسلم - في دعاء الكَرْب: « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ » رواه البخاري ومسلم. • مَنْ تَعرَّفَ إلى الله تعالى بِذِكرِه في الرَّخاء؛ عَرَفَه في الشِّدة. • الذِّكر سببُ نزولِ السكينة، وغِشيانِ الرحمة، وحُفوفِ الملائكة بالذَّاكر. • الذِّكر سببُ اشتغالِ اللِّسان عن الغِيبة والنَّميمةِ والكذبِ والفُحْشِ والباطل.
• الذِّكر مع البكاءِ في الخَلوة؛ سببٌ لإظلالِ اللهِ تعالى لعبده يومَ الحرِّ الأكبر في ظِلِّ عرشه، يوم لا ظِلَّ إلاَّ ظِلُّه.
وللدعاء آداب لا بد من مراعاتها، منها:
1- الإخلاص وحضور القلب، فالله لا يستجيب الدعاء من قلب ساهٍ لاهٍ. 2- أن لا يكون في الدعاء إثمٌ أو قطيعة رحم. 3- أن يحرص الداعي على طلب الحلال. 4- أن يعزم في المسألة، ويلح في الدعاء، ويكرر الطلب. 5- أن يوقن بالإجابة. ماحكم تمني الموت مترجم. 6- أن يقدم بين الدعاء طاعات، ويثني على الله، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم. 7- أن يجتهد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحسب استطاعته. والله الموفق. مواد ذات الصله
لا يوجد صوتيات مرتبطة
تعليقات الزوار
أضف تعليقك
مجهول ايمن محمد
انا بتمنى الموت خوف من الفتن والهموم
لانى الوت انتقال من عالم الظالمين الى عالم ارحم الراحمين
ماحكم تمني الموت بين
ما حكم تمني الموت
ماحكم تمني الموت مترجم
وهذا كالفرق بين فعل الواجبات والمستحبات الثابت الأمر بها؛ فإن العبد يؤمر بفعلها أمر إيجاب أو استحباب، وبعض الأمور المعينة التي لا يدري العبد من حقيقتها ومصلحتها، فإنه يتوقف حتى يتضح له الأمر فيها. واستثنى كثير من أهل العلم من هذا، جواز تمني الموت خوفاً من الفتنة. وجعلوا من هذا قول مريم رضي الله عنها: {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا} [مريم: 23]. كما استثنى بعضهم تمني الموت شوقاً إلى الله. وجعلوا منه قول يوسف صلّى الله عليه وسلم: {أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف:101]. وفي هذا نظر؛ فإن يوسف صلّى الله عليه وسلم لم يتمن الموت. ما حكم تمني الموت - إسألنا. وإنما سأل الله الثبات على الإسلام، حتى يتوفاه مسلماً، كما يسأل العبد ربه حسن الخاتمة. والله أعلم. بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار للعلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله
Maryam Maryam جزاكم الله خيرا وزادكم علما
عبد السلام أجرير جزاكم الله خيرا. فيما فصلتموه وفيما قلتموه كفاية ولله الحمد. بقيت لدي إضافة في مسألة مريم عليها السلام وأنها تمنت الموت… أظن أن من استشهد بهذه القصة قد غيّب سياق الآية الكريمة، فالآية تقص علينا حالة المخاض الشديدة والتي معها تقول أي امرأة في حالها كلاما معبرا عن شدة الوضع قد يخرج عن ما هو معقول، فقالت عليها السلام ما قالت من باب شدة الوضع والمخاض.
ماحكم تمني الموت وأنت نائم
ومريم بنت عمران قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا " وهي تعلم انها تحمل برسولا ورغم ان ربنا قال لها " يا مريم ان الله اصطفاك وطهرك وصطفاك على نساء العلمين "وقرات حديت " يا ابن ادم الموت خير لك من الفتنة "
Fouad Fouad عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "لا يتمنينّ أحدكم الموت لضرر أصابه. فإن كان لا بد فاعلاً، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي" متفق عليه1. هذا نهي عن تمني الموت للضر الذي ينزل بالعبد، من مرض أو فقر أو خوف، أو وقوع في شدة ومهلكة، أو نحوها من الأشياء. فإن في تمني الموت لذلك مفاسد. منها: أنه يؤذن بالتسخط والتضجر من الحالة التي أصيب بها، وهو مأمور بالصبر والقيام بوظيفته. ومعلوم أن تمني الموت ينافي ذلك. ومنها: أنه يُضعف النفس، ويحدث الخَوَر والكسل. ويوقع في اليأس، والمطلوب من العبد مقاومة هذه الأمور، والسعي في إضعافها وتخفيفها بحسب اقتداره، وأن يكون معه من قوة القلب وقوة الطمع في زوال ما نزل به. ماحكم تمني الموت بين. وذلك موجب لأمرين: اللطف الإلهي لمن أتى بالأسباب المأمور بها، والسعي النافع الذي يوجبه قوة القلب ورجاؤه. ومنها: أن تمنى الموت جهل وحمق؛ فإنه لا يدري ما يكون بعد الموت، فربما كان كالمستجير من الضر إلى ما هو أفظع منه، من عذاب البرزخ وأهواله.
أوضح الأستاذ بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، سعد الخثلان، حكم تمني الموت. وذكر أن النبي صلي الله عليه وسلم نهى عن تمني الإنسان للموت حال أصابه أي ضرر، لكونه أمر محرم وليس مكروه فقط. وأضاف أن النبي دعا إلى قول ": اللهم أحيني ما دامت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي" إذا أصاب الإنسان أي ضرر
الاحابة
الجواب: نعم هذا الذي ورد ما يتمنى الموت وإنما يقول هذا الدعاء الوارد عن الرَسُول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ولا يتمنى الموت لأنهُ ما يدري (وش) بعد الموت ربما يكون اللي بعد الموت أشد من حالتهِ التي هو فيها لا يَتَمَنّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ يصبر والحمد لله.