وما دون الشرك فللعفو فيه مساغ، ومن توسَّل إليه سبحانه بما توهَّم من نفسه فقد أشرك من حيث لم يعلم. كلاّ، بل هو الله الواحد. من فوائد الشعراوي في الآية: قال رحمه الله: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَن يَشَاءُ} والحق هنا يتكلم عن إنسان لم تحدث له توبة عن الشرك فيؤمن؛ لأن الإيمان يَجُبُّ ما قبله أي يقطع ما كان قبله من الكفر والذنوب التي لا تتعلق بحقوق الآخرين كظلم العباد بعضهم بعضا. ومن عظمة الإيمان أن الإنسان حين يؤمن بالله وتخلص النية بهذا الإيمان، وبعد ذلك جاءه قدر الله بالموت، فقد يعطيه سبحانه نعيما يفوق من عاش مؤمنا لفترة طويلة قد يكون مرتكبًا فيها لبعض السيئات فينال عقابها. ص1583 - كتاب تفسير القرآن الكريم اللهيميد من الفاتحة إلى النساء - إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما - المكتبة الشاملة. مثال ذلك «مخيريق» فحينما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد قال مخيريق لليهود: ألا تنصرون محمدًا والله إنكم لتعلمون أن نصرته حق عليكم فقالوا: اليوم يوم سبت فقال: لا سبت. وأخذ سيفه ومضى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتل حتى أثبتته الجراحة (أي لا يستطيع أن يقوم معها) فلما حضره الموت قال: أموالي إلى محمد يضعها حيث شاء. فلم يصل في حياته ركعة واحدة ومع ذلك نال مرتبة الشهيد، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مخيريق سائق يهود وسلمان سائق فارس وبلال سائق الحبشة».
- ان الله يغفر الذنوب جميعا الا ان يشرك به صفحه
- ان الله يغفر الذنوب جميعا الا ان يشرك به ایمیل
- ان الله يغفر الذنوب جميعا الا ان يشرك بی بی
- اسماء الله الحسنى المنان 1 - القرآن الكريم
- معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (المنان)
- المنان - الموسوعة العقدية
ان الله يغفر الذنوب جميعا الا ان يشرك به صفحه
مناسبة الآيتين لما قبلهما: قال البقاعي: ولما كان المنافقون هم المقصودين بالذات بهذه الآيات، وكان أكثرهم أهل أوثان؛ ناسب كل المناسبة قوله معللًا لأن الشرك ضلال: {إن} أي ما {يدعون} وما أنسب التعبير لعباد الأوثان عن العبادة بالدعاء إشارة إلى أن كل معبود لا يدعي في الضرورات فيسمع، فعابده أجهل الجهلة.
ان الله يغفر الذنوب جميعا الا ان يشرك به ایمیل
فاطُرد كل هؤلاء، واستعذ بالله، وانطلق لتنعم بركاب التوبة، ومغفرة الذنوب جميعها. ان الله يغفر الذنوب جميعا الا ان يشرك به ایمیل. إذًا فلتنظر إلى نفسك، فإن رأيت روحَك وقد صعدت وأبحرتْ في سفينة التوبة، وبدأت تتصارع عليك الأفكار والهواجس كأمواج البحار التي تعصف بالسفينة وركابها تارةً إلى اليمين، وتارةً أخرى إلى اليسار، فبنت تلك الأفكار حاجزًا عاليًا تقول لك: لن تُغفر ذنوبك، ولن تُقبل توبتك، حينها ينتابك الفزع والهلع، وتشعر بغصة تخنق روحك، وتنزل تلك اللآلئ الصغيرة، وتُرفع تلك العيون الذابلة والقلوب المستجيرة، ولم تنطق إلا بكلمة واحدة: يا رب. تنطقها بكل جوارحك ويهتز لها جميعُ جسدك؛ فتشعر بصداها وصدقها، وكأن الكون كله يصرخ معك، ويمر أمام عينك شريط من الذكريات يعرض عليك كلَّ أخطائك وتقصيرك، بدايةً من ترك الصلاة، وهجر القرآن، وترك الفرائض والسُّنن، ومرورًا بفعل الصغائر والكبائر من الذنوب، فتهلع أكثر وتتساءل أكثر: هل يغفر الله لي؟
فما هي إلا لحظات حتى يَمُن الله عليك، وتملأ رُوحك السكينةُ، وتبدأ علامات قبول التوبة في الظهور، فيطمئن قلبك بعدما تداخلت به الظنون أن الله لن يغفر لك، فتشعر أن الكون بكل ما فيه مسخر لتنعم بركاب التائبين. أقبل ولا تخِف، أبحر ولا تتردَّد، اطرق يُفتحْ لك، هروِل يُستجاب لك، لماذا؟!
ان الله يغفر الذنوب جميعا الا ان يشرك بی بی
وسبحانه يبلغنا هنا: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَن يَشَاءُ} ولله المثل الأعلى نرى في حياتنا مجتمعًا قد تقوم فيه ثورة أو انقلاب، ونجد قادة الثورة أو الانقلاب يرون واحدًا يفعل ما شاء له فلا يقتربون منه إلى أن يتعرض للثورة بالنقد أو يحاول أن يصنع انقلابا، هنا تتم محاكمته بتهمة الخيانة العظمى، فما بالنا بالذي يخرج عن نطاق الإيمان كلية ويشرك بالله؟ سبحانه لا يغفر ذلك أبدًا، ولكنه يغفر ما دون ذلك، ومن رحمة الله بالخلق أن احتفظ هو بإرادة الغفران حتى لا يصير الناس إلى ارتكاب كل المعاصي. ولكن لابد من توبة العبد عن الذنب. ونعلم أن العبد لا يتم طرده من رحمة الله لمجرد ارتكاب الذنب. ونعلم أن هناك فرقًا بين من يأتي الذنب ويفعله ويقترفه وهو يعلم أنه مذنب وأن حكم الله صحيح وصادق، لكن نفسه ضعفت، والذي يرد الحكم على الله. وقد نجد عبدًا يريد أن يرتكب الذنب فيلتمس له وجه حل، كقول بعضهم: إن الربا ليس حرامًا. هذا هو رد الحكم على الله. أما العبد الذي يقول: إنني أعرف أن الربا حرام ولكن ظروفي قاسية وضروراتي ملحة. ان الله يغفر الذنوب جميعا الا ان يشرك به صفحه. فهو عبد عاصٍ فقط لا يرد الحكم على الله، ومن يرد الحكم على الله هو- والعياذ بالله- كافر.
لأنه الله، لأنه التواب، لأنه الغفور؛ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (قال اللهُ تعالى: يا بنَ آدَم، إِنَّك ما دَعَوتَني ورَجَوتَني غَفَرتُ لِكَ على ما كان منكَ ولا أُبالي، يا بن آدَمَ لو بَلَغَت ذُنوبُك عَنَانَ السَّماءِ ثمَّ استَغفرَتَنِي غَفَرتُ لَكَ، يا بنَ آدَمَ إنك لو أتَيتَنِي بقُرابِ الأرضِ خَطَايَا ثم لقِيتنِي لا تُشرِكُ بي شَيئًا لأتَيتُكَ بقُرابها مغفِرة)؛ رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. فما خاب عبد طرَق أبواب الله مستجيرًا به إلا وقد عفا عنه مهما بلغت خطاياه، واعلم أن لكل عبد سفينة لن تُبحر بدونه مهما طال بك الوقت، فإن فاتتك تلك فابحثْ عن الأخرى، فإنها تنتظرك بشوق فلا تجعلها تبحر بدونك.
ولذلك فلا تناقض ولا تعارض ولا تخالف بين الآيتين الكريمتين. والمستشرقون إنما هم قوم لا يفقهون حقيقة المعاني القرآنية. {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلًا بَعِيدًا}. والمشرك مهما أخذ من متع لحياته فحياته محدودة، فإن بقيت له المتع فلسوف يتركها، وإن لم تبق له المتع فهي تخرج منه. إذن، هو إما تارك للمتع بالموت، أو المتع تاركة له بحكم الأغيار، فهو بين أمرين: إمّا أن يفوتها وإمّا أن تفوته. وهو راجع إلى الله، فإذا ما ذهب إلى الله في الآخرة والحساب، فالآخرة لا زمن لها ولذلك ما أطول شقاءه بجريمته، وهذا ضلال بعيد جدًا. أما الذي يضل قليلًا فهو يعود مرة أخرى إلى رشده. ومن المشركين بالله هؤلاء الذين لا يجادلون في ألوهية الحق ولكنهم يجعلون لله شركاء. ان الله يغفر الذنوب جميعا الا ان يشرك بی بی. وهناك بعض المشركين ينكرون الألوهية كلها وهذا هو الكفر. فهناك إذن مشرك يؤمن بالله ولكن يجعل له شركاء. ولذلك نجد أن المشركين على عهد رسول الله يقولون عن الأصنام: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [سورة الزمر: 3] ولو قالوا: لا نذبح لهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، مثلا، لكان من الجائز أن يدخلوا في عبادة الله، ولكنهم يثبتون العبادة للأصنام؛ لذلك لا مفر من دخولهم في الشرك.
﴿ لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾ ( سورة البقرة ، الآية 264) المنّ القولي مستقبح، إلا في حالة نادرة إذا كُفرت النعمة. ( أَلَمْ تَكُونُوا ضلالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي ؟) (أخرجه الطبراني عن عبد الله بن عباس) حينما وجد الأنصار على أنفسهم في لعاعة من الدنيا تألف النبي بها قوماً ليسلموا، ووكلهم إلى إسلامهم، فَقَالَ لِلأَنْصَارِ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي ، وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِي ، وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي " ، كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا ، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ... » فلذلك المنّ مقبول في حالات نادرة ؛ حينما ينسى الإنسان الخير، ينسى العطاء فيذكره غيرُه به.
اسماء الله الحسنى المنان 1 - القرآن الكريم
وأشار فضيلة الإمام الأكبر إلى قول علماء التفسير في سبب نزول قوله: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ﴾ في سورة الأعراف، أنَّ بعضَ مُشركي مكة سَمِعَ رَجُلًا من المسلمين يقولُ في صلاته: يا رحمنُ يا رحيمُ، فقال المشرك: أليس يَزعُم محمَّدٌ وأصحابه أنهم يعبدون ربًّا واحدًا؟ فما بال هذا يدعو ربَّين اثنين!
معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (المنان)
قال ابن عباس: ورحمة من عندنا. وقال الضحاك: رحمة من عندنا لا يملك عطاءها أحد غيرنا. وفُسِّر "الحَنَان" بالتعطف وبالرحمة، وبالتعظيم، كما أورده الطبري في التفسير. ونقل القرطبي عن ابن الأعرابي قوله: الحنّان من صفة الله تعالى مشددا: الرحيم، والحنَان مخفف: العطف والرحمة، والحنان: الرزق والبركة. انتهى. والله أعلم.
المنان - الموسوعة العقدية
وفي الصحيحِ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ للأنصارِ: (( أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمُ اللهُ بِي؟ أَلَمْ أَجِدْكُمْ عَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللهُ بِي؟)) فَجَعَلُوا يقولونَ لَهُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ. ([2]) فهذا جوابُ العَارِفِينَ باللهِ ورسولِهِ، وهل المنَّةُ إلاَّ للهِ المانِّ بِفَضْلِهِ الذي جَمِيعُ الخلقِ في مِنَنِهِ؟!! وإنَّمَا قَبُحَتْ مِنَّةُ المخلوقِ؛ لأنَّها منَّةٌ بما ليسَ مِنْهُ، وهيَ مِنَّةٌ يَتَأَذَّى بها المَمْنُونُ عليهِ، وأمَّا مِنَّةُ (( المنَّانِ)) بِفَضْلِهِ التي ما طَابَ العيشُ إلاَّ بمنَّتِهِ، وكلُّ نعمةٍ منهُ في الدنيا والآخرةِ فهيَ مِنَّةٌ يَمُنُّ بها على مَنْ أَنْعَمَ عليهِ، فَتِلْكَ لا يَجُوزُ نَفْيُهَا. وكيفَ يَجُوزُ أنْ يُقَالَ: إنَّهُ لا منَّةَ للهِ على الذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحاتِ في دخولِ الجنَّةِ؟! وهلْ هذا إلاَّ منْ أبطلِ الباطلِ؟!! معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (المنان). ([3]) فإنْ قِيلَ: هذا القدرُ لا يَخْفَى على مَنْ قالَ هذا القولَ من العلماءِ، وليسَ مُرَادُهُم ما ذُكِرَ، وإنَّمَا مُرَادُهُم أنَّهُ لا يَمُنُّ عليهم بهِ، وإنْ كانتْ للهِ فيهِ المنَّةُ عليهم، فإنَّهُ لا يَمُنُّ عليهم بهِ، بلْ يُقَالُ: هذا جَزَاءُ أعمالِكُم التي عَمِلْتُمُوهَا في الدُّنيا، وهذا أَجْرُكُم، فَأَنْتُم تَسْتَوْفُونَ أُجُورَ أَعْمَالِكُم، لا نَمُنُّ عَلَيْكُم بما أَعْطَيْنَاكُم.
واسم الله المنّان يحمل العبد على البذل والعطاء، من غير أن يفاخر بعطائه على الناس، ويعدّد إحسانه عليهم، فإن ذلك حق لله تعالى، وأما في حق العباد فهي خَصْلةٌ مذمومةٌ نهى الله عنها في كتابه، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ ﴾ [البقرة: ٢٦٤].