إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون
هذا حكم آخر من أحكام الصدقات يشعر بالحاجة إليه المخلصون الذين يتحامون الرياء والفخر في الإنفاق ، وما كل مظهر للعمل الصالح مرائيا به ولكن كل مخف له بعيد عن الرياء ولذلك قال تعالى: إن تبدوا الصدقات فنعما هي أي فنعم شيئا إبداؤها ، وأصلها نعم ما هي ، قرأ ابن كثير وورش وحفص نعما بكسر النون والعين ، وهي لغة هذيل. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي بفتح النون وكسر العين على الأصل. وقرأ أبو عمرو وقالون وأبو بكر بكسر النون وإخفاء حركة العين ( اختلاسها) في رواية وإسكانها في أخرى ، والأولى أقيس ، وحكيت الثانية لغة. قال: وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم أي إن إعطاءها للفقراء في الخفية والسر أفضل من الإبداء لما في الإخفاء من البعد عن شبهة الرياء ومثاره ، ومن إكرام الفقير وتحامي إظهار فقره وحاجته ، وقيل: خير لكم من الخيور وليس بمعنى التفضيل ، ويؤيد الأول زيادة الجزاء بقوله: ويكفر عنكم من سيئاتكم أي ويمحو عنكم بعض سيئاتكم. قرأ ابن عامر وعاصم في رواية حفص ويكفر بالياء: أي الله - تعالى - ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية ابن عياش ويعقوب ( ونكفر) بالنون مرفوعا: أي ونحن نكفر.
فضل صدقة السر - وحيد عبد السلام بالي - طريق الإسلام
[ ص: 63] ( إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير)
قوله تعالى: ( إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير). اعلم أنه تعالى بين أولا أن الإنفاق منه ما يتبعه المن والأذى ، ومنه ما لا يكون كذلك ، وذكر حكم كل واحد من القسمين ، ثم ذكر ثانيا أن الإنفاق قد يكون من جيد ومن رديء ، وذكر حكم كل واحد من القسمين ، وذكر في هذه الآية أن الإنفاق قد يكون ظاهرا وقد يكون خفيا ، وذكر كل واحد من القسمين ، فقال: ( إن تبدوا الصدقات فنعما هي) وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقة السر أفضل أم صدقة العلانية ؟ فنزلت هذه الآية.
إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة البقرة - قوله تعالى إن تبدوا الصدقات فنعما هي- الجزء رقم2
فوائد الصدقة في الإسلام.. الصدقة لها الأثر الإيجابي على الشخص المتصدق سواء كان زيادة فى الرزق ، علاوة على ذلك البركة فى المال ،وخير دليل من القرآن الكريم على أهمية الصدقة فى قوله تعالى:
"إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ" الآية رقم ٢٧١ البقرة. فيما يلي أهم فوائد الصدقة في الإسلام:
1-تدفع البلاء، وتشفى البدن من الأمراض
تعتبر من أهم فوائد الصدقة، حيث أنها تدفع البلاء، وتشفى البدن من الأمراض، وهناك الكثير من الأدلة في السنة النبوية، فمنها قول النبي – محمد صل الله عليه وسلم:
-"إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السَّوْءِ". 2-زيادة الرزق من فوائد الصدقة في الإسلام
الصدقة من ضمن فوائدها زيادة الرزق، علاوة على ذلك البركة فى الدنيا أو في الآخرة، وكما جاء في قول الله تعالى:
"مّن ذَا الّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً"،
وهناك العديد من الآيات القرآنية التى تدل على الصدقة.
تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٢
وقوله - تعالى -: ﴿ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لُكُمْ ﴾ [البقرة: 271]. قال ابن القيم: "وتأمَّل تقييده - تعالى - الإخفاءَ بإيتاء الفقراء خاصةً، ولم يَقُلْ: وإن تُخفوها فهو خيرٌ لكم، فإنَّ من الصَّدَقة ما لا يُمكن إخفاؤه، كتجهيز جيشٍ، وبناء قنطرةٍ، وإجراء نهرٍ، أو غير ذلك، وأما إيتاؤها الفقراء، ففي إخفائها من الفوائد: الستر عليه، وعدم تَخْجِيلِه بين الناس، وإقامته مقامَ الفضيحة، وأن يرى النَّاسُ أنَّ يده هي اليد السُّفلى، وأنَّه لا شيءَ له؛ فيزهدون في معاملته ومعاوَضته، وهذا قدرٌ زائدٌ من الإحسان إليه لمجرد الصَّدَقة، مع تضمُّنه الإخلاص... "؛ إلى آخر ما قال [4]. وقد مَدَحَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صَدَقَة السِّرِّ، وأثنى على فاعِلِها، وأَخْبَرَ أنه أحدُ السَّبْعَةِ الذين يُظِلُّهُمُ الله في ظِلِّه يوم القيامة؛ ولهذا جعله - سبحانه - خيرًا للمُنْفِق، وأخبر أنه يُكَفَّر عنه بذلك الإنفاق من سيئاته؛ ولا تخفى عليه - سبحانه - أعمالُكم ولا نيَّاتُكم؛ فإنه بما تعملون خبيرٌ. عن أبي هُريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((سبعةٌ يُظِلُّهُم الله في ظِلِّه، يومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّه))، وذكر منهم: ((رجلٌ تَصَدَّقَ بصَدَقَةٍ فأخفاها، حتى لا تعلم شِمالُه ما تُنفِقُ يَمينُه)) [5].
وقفة مع آية: إن تبدوا الصدقات فنعما هي
وذَكَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صِنْفًا آخَرَ يستحقُّ ذلك التَّكريم، وهو الذي ذَكَرَ اللهَ خاليًا ففاضت عينَاهُ. وعن معاذٍ - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الجاهِرُ بالقرآن كالجَاهِرِ بالصَّدَقَة، والمُسِرُّ بالقرآن كالمُسِرِّ بالصَّدَقَة)) [6]. وعن عبد الله بن جعفر، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غضبَ الرَّبِّ)) [7]. قال العِزُّ بنُ عبدالسَّلام في تفاوُتِ فضلِ الإسرار والإعلان بالطَّاعات: "فإن قيل: هلِ الإخفاءُ أفضلُ من الإعلان؛ لما فيه من اجتناب الرِّياء، أو لا؟ فالجوابُ: أن الطَّاعات ثلاثةُ أَضْرُبٍ: أحدها: ما شُرِعَ مجهورًا، كالأذان والإقامة والتَّكبير، والجَهْر بالقراءة في الصَّلاة والخُطَبِ الشرعية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الجمعة والجماعات، وغير ذلك، فهذا لا يُمكن إخفاؤه، فإن خاف فاعِلُه الرِّياءَ؛ جاهَدَ نفسَهُ في دَفْعِهِ إلى أن تحضره نيَّةُ الإخلاص، فيأتي به مُخْلَصًا كما شُرِعَ؛ فيَحْصُل على أَجْرِ ذلك الفعل، وعلى أَجْرِ المُجاهِد؛ لما فيه من المصلحة المتعدِّية. الثاني: ما يكون إسرارُهُ خيرًا من إعلانه، كإسرار القراءة في الصلاة، وإسرار أَذْكارها، فهذا إسرارُهُ خيرٌ من إعلانه.
وقال محمد بن إسحاق: "كان ناسٌ من المدينة يعيشون، لا يدرون من أين معاشُهُم، فلمَّا مات عليُّ بن الحسين، فقدوا ذلك الذي كانوا يُؤتَوْن بالليل"، وقال بعضهم: "ما فقدْنا صَدَقَةَ السِّرِّ حتى توفِّيَ عليٌّ" [10]. ونقل المُنذِرُ بن سعيد عن جاريةٍ للرَّبيع: "إنَّه كان يدخل عليه الدَّاخِل وفي حِجْرِهِ المصحف فيغطيه" [11]. وذكر ابن الجوزي: أنَّ داودَ بن أبي هند صام عشرين سنةً، ولم يعلم به أهله؛ كان يأخذ غدَاءَهُ ويخرج إلى السوق، فيَتَصَدَّق به في الطَّريق، فأهل السوق يظنُّون أنه قد أكل في البيت، وأهل البيت يظنُّون أنَّه قد أكل في السُّوق. قال الشافعيُّ - رحمه الله -: "وَدِدْتُ أنَّ النَّاسَ تعلَّموا هذا العِلْم، ولم يُنْسَبْ إليَّ منه شيءٌ" [12]. وقال الحسنُ - رحمه الله -: "إنْ كان الرَّجل لَقد جَمَعَ القرآنَ وما يشعر به الناس، وإن كان الرَّجل لَقد فَقُهَ الفِقْهَ الكثيرَ وما يشعر به الناس، وإن كان الرَّجل لَيُصَلِّي الصلاةَ الطويلةَ في بيته، وعنده الزُّوَّرُ وما يشعرون به، ولقد أدركتُ أقوامًا ما كان على الأرض من عملٍ يقدرون أن يعملوه في السِّرِّ فيكون علانيةً أبدًا، لقد كان المسلمون يجتهدون في الدُّعاء وما يُسْمَعُ لهم صوتٌ، إن كان إلَّا هَمْسًا بينهم وبين ربِّهم، وذلك أنَّ الله - تعالى - يَقُول: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ﴾ [الأعراف: 55]" [13].
سير أعلام النبلاء ط الرسالة
ترجمة المؤلف: الذهبي، شمس الدين
الكتاب: سير أعلام النبلاء المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ) المحقق: مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط الناشر: مؤسسة الرسالة الطبعة: الثالثة، 1405 هـ / 1985 م عدد الأجزاء: 25 (23 ومجلدان فهارس) [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو مشكول، ومذيل بالحواشي، ومضاف لخدمة التراجم] عدد المشاهدات:
276157
تاريخ الإضافة:
14 نوفمبر 2010 م
اذهب للقسم:
ص336 - كتاب نتائج البحوث وخواتيم الكتب - الفتنة وموقف المسلم منها في ضوء القرآن - المكتبة الشاملة
الكتاب: مصنفات حذر منها الإمام الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء سلسلة بحوث وتحقيقات مختارة من مجلة الحكمة (28) المؤلف: محمد أبو غازي المصدر: الشاملة الذهبية نبذه عن الكتاب: مصنفات حذر منها الإمام الذهبي في كتابه الماتع النافع "سير أعلام النبلاء" هذا السفر العظيم الذي ضمنه دررًا ثمينة من استدراكات واستطرادات وتنبيهات على أمور مهمات في أمور كليات، من مسائل عقدية ونصائح ذهبية. وإن هذه المصنفات التي حذر منها الإمام الذهبي بمثابة الإشارات لطلبة العلم الشرعي، وفيها لفت نظر لهم لمسائل كليات، وضوابط مهمات، فيما يخص هذا الكم الهائل من المؤلفات والمصنفات () فإن المكتبة الإسلامية قد امتلأت بالكتب والأبحاث، وفيها اختلط الغث بالسمين، والخرز بالدر الثمين.
(٣) من هنا أبي كلمة البَنْدَنِيجِي الآتية تكرر في "ب". (٤) ساقط من الأصل والمثبت من "ب، د".