زهير سالم
ويتقرر أمام هذه الآية الكريمة، الفصل المطلق والبينونة الكبرى بين مقامي الألوهية ومقام العبودية، حتى في شخص الرسول الكريم ومقامه ومهمته ودوره. ليس لك من أمر عبادي شيء؛ أهدي من أشاء، أتوب على من أشاء، أغفر لمن أشاء، أرحم من أشاء، من اختار الضلالة والغواية أعذبه كيف شئت وحين أشاء. وليس لك من الأمر شيء " إنما أنت مذكر " " إنما أنت نذير " " إنما أنت منذر " أنت رسول بشير ونذير ومبلغ وإنما " عليك البلاغ وعلينا الحساب ". لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. وما أكثر ما تتردد هذه الآيات البينات في سياقات القرآن الكريم.
" ليس لك من الأمر شيء "
وكتاب التكليف واضح بين قاطع فاصل. وأقوال المفسرين في الآية تدير الرؤوس وتذهب بالألباب وكلها تحسم وتوضح وتشتق من هذه الآية الكريمة الأحكام. يجب أن يكون نزول هذه الآية فارقا في تاريخ التشريع الإسلامي بين أحكام وأحكام ما يزال المسلمون يخلطون بينها ليس كما يخلطون في نصوص تحريم الخمر ما قبل وما بعد. ولسنا في وارد تتبع هذه الأحكام في هذا السياق. أكثر المفسرين ربط الآية بغزوة أحد وما كان فيها، من جرح الرأس الشريف وكسر الرباعية، وبعضهم ربطها بما كان بعد أحد من حادث بئر معونة، ومقتل سبعين من خيار المسلمين في وقعة غدر من بعض أعراب الجاهلية.
قول الله تعالى (ليس لك من الأمر شيء)
وكلام ابن حجر يفيد أن ما جرى يوم أحد هو السبب الذي لأجله نزلت هذه الآية. وقد قال الطبري رحمه الله: "إن الله عز وجل إنما أنزل هذه الآية على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لما أصابه بأحد ما أصابه من المشركين، قال كالآيس لهم من الهدى، أو من الإنابة إلى الحق: « كيف يُفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم »"، وكلام الطبري يفيد أن ما حدث للنبي صلى الله عليه والسلام يوم أحد هو السبب الذي لأجله نزلت هذه الآية. المصدر: موقع إسلام ويب
6
0
74, 658
لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
- وروى الترمذي عن ابن عامر، قال: "وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو على أربعة نفر، فأنزل الله عز وجل: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْء}، فهداهم الله للإسلام"، (قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح)، ورواية الترمذي هذه تبين السبب الذي لأجله ترك النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء على المشركين. الثاني: أنها نزلت بسبب ما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحد، وكان قد جُرِح، وكُسرت بعض أسنانه، والمروي في هذا الصدد روايات، منها: - ما رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كُسرت رباعيته يوم أحد، وشُجَّ في رأسه، فجعل يسلت الدم عنه، ويقول: « كيف يفلح قوم شجوا نبيهم، وكسروا رباعيته، وهو يدعوهم إلى الله؟ »، فأنزل الله عز وجل: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْء}". ليس لك من الأمر شيء. - وروى الطبري عن قتادة، قوله: "ذُكِرَ لنا أن هذه الآية أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد، وقد جُرح نبي الله صلى الله عليه وسلم في وجهه، وأصيب بعض رباعيته، فقال وسالم مولى أبي حذيفة يغسل عن وجهه الدم: « كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم، وهو يدعوهم إلى ربهم! » فأنزل الله عز وجل: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}".
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة آل عمران - الآية 128
ابذل جهدَكَ فربَّما تؤثِّر، ولكن تأكَّدْ أنكَ مَهما حَسُنَ أسلوبُك وبذلْتَ جهدَك فالتغييرُ ليس مضمونًا! ولنتذكرْ دائمًا أننا لا نستطيع التحكم في تصرُّفات الآخرين ولكن طريقة التفاعل معها والاستجابة لها هي أمورٌ بأيدينا وتلك نعمة من الله. يقول (مايا أنجلو): «ربما لا تستطيعُ التحكمَ في جميع ما يحدُث لكَ، ولكنكَ تستطيع أنْ تقرِّر ألَّا تتركه يؤثِّر عليك سلبًا! القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة آل عمران - الآية 128. » وثمة أمور هي خارج السيطرة تمامًا؛ كالأجواء المزعِجة أو أنظِمة الدول أو تغيير الأسلوب الذي ربَّاك عليه والداك! وتلك أمورٌ الحلُّ الوحيدُ لها هو تقبُّلها والتكيّف معها وتلمُّس ما فيها من إيجابياتٍ، ولا غير ذلك! وقد صنَّفَت الكاتبة (آمي مورين) مسألة التركيز على ما هو تحت السيطرة ضمن الأمور التي يفعلها الأشخاصُ الأقوى ذهنيًّا، ففهم ما يُسمى بـ(نطاق التحكم) أمرٌ سيعيدُ لك الحياة الجميلة وسيعفيكَ من الهمِّ والسهر, ولن تكونَ فريسةً للضغوطاتِ، وستكونَ أكثرَ قدرةً على الاستمتاع بحياتكَ، ومع تطبيق مفهوم (قانونَ التحكم) ستكونَ أكثر ودًّا مع مَن حولكَ، وأقلَّ محاولاتٍ للسيطرة عليهم أو ممارسة دور الوصيِّ، وبعد هذا ستكونَ علاقاتُكَ أكثر دفئًا، وأيضًا - وهذا أمرٌ في غاية الأهمية - ستجد الوقتَ والطاقة لتحقيق آمالِكَ ومعانقة أحلامِكَ!
إدالة أعداء الدين على الثلة المؤمنة إنما هي في النهاية لحكمة حكيم لا دخل فيها لبشر حتى لو كان نبياً من أولي العزم, ففيها من الدروس و العبر ما يفوق تخيل الفريقين. السعدي رحمه الله في تفسيره أبرز بعض تلك الحكم و المعاني بما يغني عن مزيد تعليق و ذلك لروعة بيانه في تفسير الآيات. فتأمل: قال تعالى: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ * وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران 128 - 129].