والأمانات: جمع أمانة ، وتشمل كل ما استودعك الله - تعالى إياه ، وأمرك بحفظه. فتشمل جميع التكاليف التى كلفنا الله بأدائها كما تشمل الأموال المودعة ، والأيمان والنذور والعقود وما يشبه ذلك. والعهود: جمع عهد. ويتناول كل ما طلب منك الوفاء به من حقوق الله - تعالى - وحقوق الناس. قال القرطبى: والأمانة والعهد يجمع كل ما يحمله الإنسان من أمر دينه ودنياه ، قولاً وفعلاً ، وهذا يعم معاشرة الناس والمواعيد وغير ذلك. وغاية ذلك حفظه والقيام به. والأمانة أعم من العهد وكل عهد فهو أمانة فيما تقدم فيه قول أو فعل أو معتقد ". وراعون: من الرعى بمعنى الحفظ يقال: رعى الأمير رعيته رعاية ، إذا حفظها واهتم بشئونها. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة المؤمنون - الآية 8. أى: أن من صفات هؤلاء المفلحين. أنهم يقومون بحفظ ما ائتمنوا عليه من أمانات ، ويوفون بعهودهم مع الله - تعالى - ومع الناس ، ويؤدون ما كلفوا بأدائه بدون تقصير أو تقاعس. وذلك لأنه لا تستقيم حياة أمة من الأمم. إلا إذا أديت فيها الأمانات ، وحفظت فيها العهود ، واطمأن فيها كل صاحب حق إلى وصول هذا الحق إليه. البغوى: ( والذين هم لأماناتهم) قرأ ابن كثير " لأمانتهم " على التوحيد هاهنا وفي سورة المعارج ، لقوله تعالى: " وعهدهم " والباقون بالجمع ، كقوله عز وجل: " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ( النساء - 57) ، ( وعهدهم راعون) حافظون ، أي: يحفظون ما ائتمنوا عليه ، والعقود التي عاقدوا الناس عليها ، يقومون بالوفاء بها ، والأمانات تختلف فتكون بين الله تعالى وبين العبد كالصلاة والصيام والعبادات التي أوجبها الله عليه ، وتكون بين العبيد كالودائع والصنائع فعلى العبد الوفاء بجميعها.
- القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة المؤمنون - الآية 8
- إعراب قوله تعالى: والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون الآية 8 سورة المؤمنون
- خطبة عن ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة المؤمنون - الآية 8
وكذلك كل من جاء بعدهم من العلماء والدعاة، فهم أمناء في تبليغ هذا الدين. فضل الأمانة: عندما يلتزم الناس بالأمانة يتحقق لهم الخير، ويعمهم الحب، وفي الآخرة يفوز الأمناء برضا ربهم، وبجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. الخيانة: كل إنسان لا يؤدي ما يجب عليه من أمانة فهو خائن، والله -سبحانه- لا يحب الخائنين، قال تعالى: {إن الله لا يحب من كان خوانًا أثيمًا} النساء: 107. جزاء الخيانة: بيَّن النبي أن خائن الأمانة سوف يعذب بسببها في النار، وسوف تكون عليه خزيا وندامة يوم القيامة، وسوف يأتي خائن الأمانة يوم القيامة مذلولا عليه الخزي والندامة، قال النبي: (لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة) متفق عليه ويا لها من فضيحة وسط الخلائق!! تجعل المسلم يحرص دائمًا على الأمانة، فلا يغدر بأحد، ولا يخون أحدًا، ولا يغش أحدًا، ولا يفرط في حق الله عليه. إعراب قوله تعالى: والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون الآية 8 سورة المؤمنون. الخائن منافق: الأمانة علامة من علامات الإيمان، والخيانة إحدى علامات النفاق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائْتُمِنَ خان) [متفق عليه]. فلا يضيع الأمانة ولا يخون إلا كل منافق، أما المسلم فهو بعيد عن ذلك. وقوله: { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} أي: يواظبون عليها في مواقيتها، كما قال ابن مسعود: سألت النبي فقلت: يا رسول الله، أيّ العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها.
إعراب قوله تعالى: والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون الآية 8 سورة المؤمنون
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم
الخطبة الثانية ( وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)
الحمد لله رب العالمين, حمدا يوافى نعمه, ويكافئ مزيده,. وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له.. وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله,.. خطبة عن ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد. أيها المسلمون
وما زلنا مع قوله تعالى ( وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ).. فبعد أن تعرفنا على (الأمانة), وصورها ، نتعرف على ( العهد) ، والعهد هو كل ما ألزمت به نفسك تجاه الآخرين فمثلا.
خطبة عن ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم
* * *
معاني المفردات
{هَلُوعاً}: صفة مشتقة من الهلع بفتحتين، وهو شدة الحرص. وقيل: إن الهلوع تفسره الآيتان بعده، فهو الجزوع عند الشر، والمنوع عند الخير. وهذا التفسير يناسبه السياق. {حَقٌّ مَّعْلُومٌ}: بحسب ما روي عن الإمام الصادق(ع) هو ليس من الزكاة، وإنما مقدار معلوم ينفقونه للفقراء. {لِّلسَّآئِلِ}: هو الفقير الذي يسأل. {وَالْمَحْرُومِ}: الفقير الذي يتعفف ولا يسأل. {مُّشْفِقُونَ}: خائفون. {بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ}: القيام بالشهادة: عدم الاستنكاف عن تحمّلها، وأداء ما تحمل منها كما تحمل من غير كتمان ولا تغيير. {عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ}: المحافظة على الصلاة: رعاية صفات كمالها على ما ندب إليه الشرع. وقيل: المحافظة على الصلاة غير الدوام عليها، فإن الدوام متعلق بنفس الصلاة، والمحافظة متعلقة بكيفيتها، فلا تكرار في ذكر المحافظة بعد ذكر الدوام عليها. الإنسان في صورته السلبية
وهذا حديثٌ عن الإنسان في صورتيه السلبية والإيجابية من خلال استجابته لدعوة الله والتزامه بها، ورفضه لها وابتعاده عنها، في ما يواجهه يوم القيامة من نتائج خيّرةٍ أو شرّيرةٍ. {إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً} والهلع ـ في ما ذكره في الكشاف ـ «سرعة الجزع عند مسّ المكروه، وسرعة المنع عند م سّ الخ ير» [1] ، فلا صبر له أمام النوائب التي تحلّ به، ولا توازن لديه أمام الخيرات التي تقبل عليه، {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً} فيصرخ من الألم، ويسقط أمام الشدائد، وينهار أمام الهزاهز، فلا يملك أن يتماسك أو يثبت في إحساسه بالمشكلة التي تحيط به، {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً} فلا يمنح غيره شيئاً مما أنعم الله به عليه من نعم الحياة، لأنه يخاف على نفسه الفقر، ويضيق بالناس الذين يتطلّعون إليه ليحصلوا على بعض ما عنده مما يلبي حاجاتهم ويحلّ مشكلة حرمانهم.
تفسير القرآن الكريم