الأحكام:
1 - استحباب الخضوع في الصلاة. 2 - كراهة الحركات فيها لا سيما التي لا داعي لها. 3 - كراهة دخول الإنسان فيما لا يَعنيه. 4 - وجوب إيتاء الزكاة. 5 - وجوب صيانة الفروج عن غير زوج أو أَمَة. 6 - وجوب حفظ الأمانات وتحريم الخيانة. 7 - تحريم الغدر. 8 - تحريم نكث العهد. 9 - وجوب المحافظة على مواقيت الصلاة وركوعها وسجودها. 10 - استحباب المحافظة على هيئة الصلاة.
الخشوع في الصلاة (الذين هم في صلاتهم خاشعون)
وقوله: ( الذين هم في صلاتهم خاشعون) يقول تعالى ذكره: الذين هم في صلاتهم إذا قاموا فيها خاشعون ، وخشوعهم فيها تذللهم لله فيها بطاعته ، وقيامهم فيها بما أمرهم بالقيام به فيها. وقيل إنها نزلت من أجل أن القوم كانوا يرفعون أبصارهم فيها إلى السماء قبل نزولها ، فنهوا بهذه الآية عن ذلك. قد أفلح المؤمنون (خطبة). [ ص: 8] ذكر الرواية بذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال: ثنا المعتمر بن سليمان ، قال: سمعت خالدا ، عن محمد بن سيرين ، قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى نظر إلى السماء ، فأنزلت هذه الآية: ( الذين هم في صلاتهم خاشعون) قال: فجعل بعد ذلك وجهه حيث يسجد ". حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا هارون بن المغيرة عن أبي جعفر ، عن الحجاج الصواف ، عن ابن سيرين ، قال: " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أبصارهم في الصلاة إلى السماء ، حتى نزلت: ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) فقالوا بعد ذلك برءوسهم هكذا ". حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال: ثنا ابن علية ، قال: أخبرنا أيوب ، عن محمد ، قال: " نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء ، فنزلت آية إن لم تكن ( الذين هم في صلاتهم خاشعون) فلا أدري أية آية هي ، قال: فطأطأ.
قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون – موقع الشيخ نعمان بن عبدالكريم الوتر
بالخشوع الحق، يكون المصلون مخبتين لربهم، منكسرين لعظمته خاضعين لكبريائه، خاشعين لجلاله: ( إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ) [الأنبياء:90]. ولتعلموا -رحمكم الله- أن الخشوع يتفاوت في القلوب بحسب تفاوت معرفتها لمن خشعت له، وبحسب مشاهدة القلوب للصفات المقتضية للخشوع. قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون – موقع الشيخ نعمان بن عبدالكريم الوتر. وبمقدار هذا التفاوت يكون تفاضل الناس، في القبول والثواب، وفي رفع الدرجات، وحط السيئات. عن عبد الله الصنابحي -رضي الله عنه- قال: أشهد أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " خمس صلوات افترضهن الله تعالى، من أحسن وضوءهن، وصلاهن لوقتهن، وأتم ركوعهن وخشوعهن؛ كان له على الله عهدٌ أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد؛ إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه ". وفي خبر آخر عنه -صلى الله عليه وسلم- أخرجه مسلم وغيره قال: " ما من امرئٍ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فأحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم يؤت كبيرة وذلك الدهر كله ". وعن عثمان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "... من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدِّث فيهما نفسه بشيء؛ غفر له ما تقدم من ذنبه ".
قد أفلح المؤمنون (خطبة)
الصلاة الخاشعة هي الراحة الدائمة للنفوس المطمئنة الواثقة بوعد ربها المؤمنة بلقائه. أين هذا من نفوس استحوذ عليها الهوى والشيطان؟! فلا ترى من صلاتها إلا أجساداً تهوي إلى الأرض خفضاً ورفعاً. أما قلوبها فخاوية، وأرواحها فبالدنيا متعلقة، ونفوسها بالأموال والأهلين مشغولة. الخشوع في الصلاة (الذين هم في صلاتهم خاشعون). لما سمع بعض السلف قوله تعالى: ( لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلَوةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ) [النساء:43] قال: كم من مصل لم يشرب خمراً.. هو في صلاته لا يعلم ما يقول، وقد أسكرته الدنيا بهمومها. أيها الإخوة: وهناك نوع من الخشوع حذر منه السلف، وأنذروا وسموه: خشوع النفاق. فقالوا: استعيذوا بالله من خشوع النفاق. قالوا: وما خشوع النفاق؟ قالوا: أن ترى الجسد خاشعاً، والقلب ليس بخاشع. ولقد نظر عمر -رضي الله عنه- إلى شاب قد نكس رأسه فقال له: يا هذا، ارفع رأسك، فإن الخشوع لا يزيد على ما في القلب، فمن أظهر خشوعاً على ما في قلبه فإنما هو نفاق على نفاق. وقال الحسن: إن أقواماً جعلوا التواضع في لباسهم، والكبر في قلوبهم، ولبسوا مداعج الصوف أي: الصوف الأسود واللهِ لأَحدُهم أشدُّ كبراً بمدرعته من صاحب السرير بسريره، وصاحب الديباج في ديباجه.
وفي رواية: " أو صورة كلب " وانظروا إلى حال الصحابة رضوان الله عليهم مع نبيهم وإمامهم محمد -صلى الله عليه وسلم- ، يقول البراء بن عازب: " كان خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان إذا انحط من قيامه للسجود، لا يحني أحد منا ظهره حتى يضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جبهته على الأرض ويكبر، وكان يستوي قائماً وهم لا يزالون سجوداً بعد ". ورأى ابن مسعود - -رضي الله عنه- - رجلاً يسابق إمامه فقال له: " لا وحدك صليت، ولا أنت بإمامك اقتديت ". فاتقوا الله -رحمكم الله- وأحسنوا صلاتكم، وأتموا ركوعها وسجودها، وحافظوا على أذكارها، وحسن المناجاة فيها، رزقنا الله وإياكم الفقه في الدين وحسن العمل.