إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ۖ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (194) القول في تأويل قوله: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194) قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لهؤلاء المشركين من عبدة الأوثان، موبِّخهم على عبادتهم ما لا يضرهم ولا ينفعهم من الأصنام: (إن الذين تدعون) أيها المشركون، آلهةً = (من دون الله), وتعبدونها، شركًا منكم وكفرًا بالله = (عباد أمثالكم) ، يقول: هم أملاك لربكم, كما أنتم له مماليك. فإن كنتم صادقين أنها تضر وتنفع، وأنها تستوجب منكم العبادة لنفعها إياكم, فليستجيبوا لدعائكم إذا دعوتموهم, (44) فإن لم يستجيبوا لكم، لأنها لا تسمع دعاءكم, فأيقنوا بأنها لا تنفع ولا تضر; لأن الضر والنفع إنما يكونان ممن إذا سُئل سمع مسألة سائله وأعطى وأفضل، ومن إذا شكي إليه من شيء سمع، فضرّ من استحق العقوبة، ونفع من لا يستوجب الضرّ. ---------------- الهوامش: (44) انظر تفسير (( الاستجابة)) فيما سلف 3: 483 ، 484 / 7: 486 - 488 / 11: 341.
- ان الذين تدعون من دون الله
- إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا
- الوسطيه والاعتدال في الاسلام
ان الذين تدعون من دون الله
والقطمير هو الغشاء الرقيق الذي يكون على النواة وهو شيء حقير: ﴿ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ﴾. يُشترط في المدعُو ثلاثة شروط:
الأول: أن يكون مالكاً لما يطلب منه. الثاني: أن يكون يسمع الداعي. الثالث: أن يكون يقدر على الإجابة. وهذه الأمور لا تتّفق إلاّ في الله سبحانه وتعالى، فإنه المالك، السميع، القادر على الإجابة، أما هذه المعبودات فهي أولاً: فقيرة، ليس لها ملك. ثانياً: لا تسمع من و دعاها. وثالثاً: لو سمعت فإنها لا تقدر على الإجابة. ففي قوله تعالى: ﴿ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ﴾ انتفى الشرط الأول. وفي قوله: ﴿ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ ﴾ انتفى الشرط الثاني. وفي قوله: ﴿ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ﴾ انتفى الشرط الثالث. إذاً بَطل دعاؤها. ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ﴾ إذا جاء يوم القيامة يتبرّؤون منكم، وكل المعبودات من دون الله تتبرّأ ممن عبدها يوم القيامة، حتى الشيطان يتبرأ: ﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إلاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ ﴾، يعني: ما أنا بمغيثكم.
إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا
والصريخ: المغيث. يعني: لا أقدر على إغاثتكم ﴿ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ﴾ أنتم لا تقدرون على إغاثتي، كقوله سبحانه: ﴿ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾. وكذلك الملائكة يتبرؤون ممن عبدهم يوم القيامة كذلك سائر المعبودات: ﴿ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا ﴾ يتمنون ﴿ كَرَّةً ﴾ يعني: رجوعاً إلى الدنيا ﴿ فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ ﴾ نتبرّأ من هذه الأصنام والمعبودات، ﴿ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا ﴾ لكن أين؟، ﴿ كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾ نعوذ بالله.
تاريخ الإضافة: 19/4/2015 ميلادي - 1/7/1436 هجري
الزيارات: 103402
﴿ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ﴾ [فاطر: 13]
سلسلة العقيدة الإصدار رقم ( 63)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. قال الله تعالى ﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾ [فاطر: 13، 14]. شرح الكلمات:
يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل: يضيف بعض أجزاء أحدهما إلى الآخر فيزيد أحدهما بنقص الآخر. أجل مسمى: هو يوم القيامة، أو المدة التي يقطع أحدهما في مثلها الفلك، وهي السنة للشمس والشهر للقمر. له الملك: المالك للعالم المتصرف فيه التصرف المطلق. تدعون: تعبدون وتسألون.
وجاء مبدأ الوسيطة في الاختيارات المختلفة متناسب تمامًا مع تعليمات الدين الإسلامي فتشريعات الدين الإسلامي تحتوي على سمات الوسطية، وايضًا حثنا الرسول الكريم صلى الله علية وسلم على ضرورة إتباع الوسطية في الإسلام.
الوسطيه والاعتدال في الاسلام
فالإنسان في نظر الإسلام مخلوق مركب فيه العقل، وفيه الشهوة، فيه غريزة الحيوان، وروحانية الملاك، قد هدى للنجدين، وتهيأ بفطرته لسلوك السبيلين، إما شاكرا وإما كفورا. فيه استعداد للفجور استعداده للتقوى. ومهمته جهاد نفسه ورياضتها حتى تتزكى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (١٠))
وسطية الإسلام في التشريع:
والإسلام وسط كذلك في تشريعه ونظامه القانوني والاجتماعي، وأبرز ما تتجلى فيه الوسطية هنا: مجال الفردية والجماعية
التوازن بين الفردية والجماعية:
وفي النظام الإسلامي تلتقي الفردية والجماعية في صورة متزنة رائعة، تتوازن فيها حرية الفرد ومصلحة الجماعة، وتتكافأ فيها الحقوق والواجبات، وتتوزع فيها المغانم والتبعات بالقسطاس المستقيم. تحميل كتاب الوسطية فى الإسلام PDF - مكتبة نور. لقد تخبطت الفلسفات والمذاهب من قديم، في قضية الفرد والمجتمع والعلاقة بينهما: هل الفرد هو الأصل والمجتمع طارئ مفروض عليه، لأن المجتمع إنما يتكون من الأفراد؟ أم المجتمع هو الأساس والفرد نافلة، لأن الفرد بدون المجتمع مادة غفل (خام)، والمجتمع هو الذي يشكلها ويعطيها صورتها، فالمجتمع هو الذي يورث الفرد ثقافته وآدابه وعاداته وغير ذلك؟
من الناس من جنح إلى هذا، ومنهم من مال إلى ذلك، واحتد الخلاف بين الفلاسفة والمشرعين والاجتماعيين والاقتصاديين والسياسيين في هذه القضية، فلم يصلوا إلى نتيجة.
إن الفرد ليس له حق التملك إلا في بعض الأمتعة، والمنقولات، وليس له حق المعارضة، ولا حق التوجيه لسياسة بلده وأمته، وإذا حدثته نفسه بالنقد العلني أو الخفي، فإن السجون والمنافي وحبال المشانق له بالمرصاد! ذلك هو شأن فلسفات البشر ومذاهب البشر، والديانات التي حرفها البشر، وموقفها من الفردية والجماعية، فماذا كان موقف الإسلام؟ لقد كان موقفه فريدا حقا، لم يمل مع هؤلاء ولا هؤلاء، ولم يتطرف إلى اليمين ولا إلى اليسار. إن شارع هذا الإسلام هو خالق هذا الإنسان، فمن المحال أن يشرع هذا الخالق من الأحكام والنظم ما يعطل فطرة الإنسان أو يصادمها. وقد خلقه سبحانه على طبيعة مزدوجة: فردية واجتماعية في آن واحد. الوسطية في الإسلام مفهومها وضوابطها وتطبيقاتها - مقال. فالفردية جزء أصيل في كيانه، ولهذا يحب ذاته، ويميل إلى إثباتها وإبرازها ويرغب في الاستقلال بشؤونه الخاصة. ومع هذا نرى فيه نزعة فطرية إلى الاجتماع بغيره، ولهذا عد السجن الانفرادي عقوبة قاسية للإنسان، ولو كان يتمتع داخله بما لذ وطاب من الطعام والشراب. والنظام الصالح هو الذي يراعى هذين الجانبين: الفردية والجماعية، ولا يطغى أحدهما على الآخر. فلا عجب أن جاء الإسلام ـ وهو دين الفطرة ـ نظاما وسطا عدلا، لا يجور على الفرد لحساب المجتمع، ولا يحيف على المجتمع من أجل الفرد، لا يدلل الفرد بكثرة الحقوق التي تمنح له، ولا يرهقه بكثرة الواجبات التي تلقى عليه، وإنما يكلفه من الواجبات في حدود وسعه، دون حرج ولا إعنات، ويقرر له من الحقوق ما يكافئ واجباته، ويلبي حاجته، ويحفظ كرامته، ويصون إنسانيته.