قال الإمام النووي في شرح الحديث: ومعنى نفس الكربة: أزالها. وفيه: فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما تيسر من علم أو مال أو معاونة أو إشارة بمصلحة أو نصيحة وغير ذلك، وفضل الستر على المسلمين، وقد سبق تفصيله، وفضل إنظار المعسر، وفضل المشي في طلب العلم، ويلزم من ذلك الاشتغال بالعلم الشرعي بشرط أن يقصد به وجه الله تعالى، إن كان هذا شرطاً في كل عبادة، لكن عادة العلماء يقيدون هذه المسألة به، لكونه قد يتساهل فيه بعض الناس ويغفل عنه بعض المبتدئين ونحوهم. انتهى من شرح صحيح مسلم. ومن هذه الفضائل: ما ثبت عن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد من العمر. فضل السعي في قضاء حوائج الناس والإحسان إليهم - إسلام ويب - مركز الفتوى. رواه الطبراني وحسنه الألباني. والمصرع: هو مكان الموت، فيقي الله من يحسن إلى الناس بقضاء حوائجهم من الموت في مكان سيء أو هيئة سيئة أو ميتة سيئة.
قضاء حوائج الناس حديث صحيح على شرط الشيخين
" قضاء حوائج الناس " ما استجلبت نعم الله واستدفعت نقمة بمثل طاعته والتقرب إليه والإحسان إلى خلقه، والدين الحنيف جاء بالعلم والعمل، أمر بإخلاص العبادة وحسن المعاملة قال شيخ الإسلام ( الفتاوى): " من عبد الله وأحسن إلى الناس فهذا قائم بحقوق الله وحق عباد الله في إخلاص الدين له". وخدمة الناس بركة في الوقت والعمل، وسبب في تيسير ما تعسر، يقول عليه الصلاة والسلام: « ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة » (رواه مسلم) والشريعة جاءت بالحث على التعاون بين الناس وقضاء حوائجهم والسعي في تفريج كروبهم، يقول عليه الصلاة والسلام: « من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة » (رواه مسلم) ببذل المعروف والإحسان إلى الخلق تحسن الخاتمة، وتصرف عنك ميتة السوء، يقول عليه الصلاة والسلام: « صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والمهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة » (رواه ابن حبان في صحيحه). وقضاء الحوائج صدقات مبذولة، يقول ابن عباس رضى الله عنه: " من مشى بحق أخيه ليقضيه فله بكل خطوة صدقة ". قضاء حوائج الناس حديث صحيح الجامع. وخدمة الناس مفتاح للخير، وتعطيلها فتح للشرور، يقول ابن القيم (الجواب الكافي): " وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها على أن التقرب إلى رب العالمين وطلب مرضاته، والبر والإحسان إلى خلقه من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير، وأن أضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شر ".
قضاء حوائج الناس حديث صحيح الجامع
والمعروف ذخيرة الأبد، والسعي في شؤون الناس زكاة أهل المروءات، والكسل عن الفضائل بئس الرفيق، وحب الدِّعة والراحة يورث من الندم ما يربو على كل متعة. ومن المصائب عند ذوي الهمم عدم قصد الناس لهم في حوائجهم، يقول حكيم بن حزام: " ما أصبحت وليس على بابي صاحب حاجة إلا علمت أنها من المصائب ". وبخدمة الناس تُجذب أفئدتهم وتستميل قلوبهم. قال الشاعر: أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان
قضاء حوائج الناس حديث صحيح عندما
قال ابن القيِّم رحمه الله: "وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم على اختلاف أجناسها، ومللها، ونحلها، على أن التقرب إلى رب العالمين، والبر والإحسان إلى خلقه، من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير، وأضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شر، فما استجلبت نعم الله واستدفعت نقمه، بمثل طاعته والإحسان إلى خلقه" [7]. اهـ
ونفع الناس ، والسعي في كشف كروباتهم، من صفات الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، فالكريم يوسف بن يعقوب ابن إسحاق عليه السلام مع ما فعله إخوته به جهزهم بجهازهم ولم يبخسهم شيئًا منه، وموسى عليه السلام لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين مستضعفتين، فرفع الحجر عن البئر وسقى لهما حتى رويت أغنامهما، وَأُمُّ المُؤمِنِينَ خَدِيجَةُ رضي اللهُ عنها تَقُولُ عَنِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ [8]. وَكَانَ صلى اللهُ عليه وسلم إِذَا سُئِلَ عَن حَاجَةٍ لَم يَرُدَّ السَّائِلَ، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ جَابِرٍ رضي اللهُ عنه أَنَّهُ قَالَ: "مَا سُئِلَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ قَطُّ؟ فَقَالَ: لَا" [9].
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُه [2] ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ" [3]. وما يزال الله سبحانه وتعالى في عون عبده ما دام هذا الإنسان في خدمة أخيه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: "لَا يَزَالُ اللهُ فِي حَاجَةِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ" [4]. ولعظم الصدقة في ديننا الحنيف، وما لها من فضل ومثوبة في الدنيا والآخرة، جعل صلى الله عليه وسلم الساعي في خدمة الآخرين سعيه صدقة له، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلَالِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ البَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ" [5].