"مناهل العرفان في علوم القرآن" (1/188). ثانياً:
أما
الأثر المذكور عن ابن مسعود: فقد أخرجه عنه: أبو عبيد وابن الأنباري وابن المنذر
– كما قال السيوطي - عن عون بن عبد الله أن ابن مسعود أقرأ رجلاً: (إن شجرة الزقوم
طعام الأثيم) فقال الرجل: "طعام اليتيم" ، فرددها عليه ، فلم يستقم بها لسانه ،
فقال: أتستطيع أن تقول: طعام الفاجر ؟ قال: نعم ، قال: فافعل. إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ – اجمل واروع الصور الاسلامية والدينية 2020. وقد
روي مثل ذلك أبي الدرداء رضي الله عنه ، أخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن
جرير وابن المنذر والحاكم وصححه. انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (7/418). أجاب العلماء عن هذا بأجوبة سديدة ترفع الإشكال الوارد في السؤال ، ومن تلك الأوجه:
1. أن هذا كان من ابن مسعود تقريباً للمتعلم ؛ ليفهم معنى الكلمة ، حتى يسهل عليه بعد
ذلك نطقها نطقا صحيحاً. القرطبي رحمه الله بعد أن ذكَر الأثرين عن ابن مسعود وأبي الدرداء:
ولا
حجة في هذا للجهَّال من أهل الزيغ أنه يجوز إبدال الحرف من القرآن بغيره ؛ لأن ذلك
إنما كان من عبد الله تقريباً – (وفي نسخة تقريعاً) - للمتعلم ، وتوطئة منه له
للرجوع إلى الصواب ، واستعمال الحق والتكلم بالحرف على إنزال الله ، وحكاية رسول
الله صلى الله عليه وسلم.
أين توجد شجرة الزقوم - موضوع
وقد رأينا في الآيات أعلاه نموذجاً لهذا المطلب، فمع ذكر عدّة أقسام من العقوبات الجسمية الأليمة، هناك إشارة وجيزة عميقة المحتوى إلى الجزاء الروحي الذي سينال المستكبرين. وتلاحظ في آيات أُخرى من القرآن الإشارة إلى المثوبات الروحية أيضاً، فيقول الله تعالى في موضع: (ورضوان من الله أكبر) ( 11). ويقول في موضع آخر: (سلام قولاً من ربّ رحيم) ( 12). وأخيراً يقول في موضع ثالث: (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين) ( 13). ولا يخفى أنّه لا يمكن وصف اللذائذ المعنوية غالباً وخاصّة في ذلك العالم الواسع، ولذلك فقد أشير إليها في القرآن إشارة غامضة عادة، أمّا العقوبات الروحية التي تكون بالتحقير والإهانة، التوبيخ والتقريع، والأسف والهم والحزن، فقد وصفتها الآيات وأوضحتها، وقد قرأنا نماذج منها في الآيات أعلاه. 1 - مجمع البيان، تفسير روح البيان، تفسير روح المعاني. 2 - لسان العرب مادة "زقم". 3 - مفردات الراغب مادة (زقم). 4 - تفسير القرطبي، المجلد 8، صفحة 5529 ذيل الآية (62) من سورة الصافات. الباحث القرآني. 5 - عذاب الحميم من قبيل الإضافة البيانية، أي إنّ هذا الماء المحرق عذاب يصب على هؤلاء. 6 - تفسير المراغي، المجلد 25، صفحة 135 ذيل الآيات مورد البحث، وتفسير روح المعاني، والتّفسير الكبير للفخر الرازي.
إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ – اجمل واروع الصور الاسلامية والدينية 2020
• الآيات 43 - 50
- عدد القراءات: 29783 - نشر في: 29--2008م
﴿ إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الاَْثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِى فِى الْبُطُونِ (45) كَغَلْىِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إلى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) إِنَّ هـذَا مَا كُنتُم بِهِ تَمْتَرُونَ (50)﴾
التّفسير
شجرة الزقوم! أين توجد شجرة الزقوم - موضوع. تصف هذه الآيات أنواعاً من عذاب الجحيم وصفاً مرعباً يهز الأعماق، وهي تكمل البحث الذي مرّ في الآيات السابقة حول يوم الفصل والقيامة، فتقول: (إن شجرة الزقوم طعام الأثيم) فهؤلاء المجرمون هم الذين يأكلون هذا النبات المر القاتل، والخبيث الطعام النتن الرائحة. "الزّقوم" كما قلنا في تفسير الآية (62) من سورة الصافات - على قول المفسّرين وأهل اللغة، اسم شجرة لها أوراق صغيرة وثمرة مرّة خشنة اللمس منتنة الرائحة، تنبت في أرض تهامة من جزيرة العرب، كان المشركون يعرفونها، وهي شجرة عصيرها مرّ، وإذا أصابت البدن تورّم ( 1). ويعتقد البعض أنّ الزقوم في الأصل يعني الإبتلاع ( 2) ، ويقول البعض: إنّها كلّ طعام خبيث في النّار ( 3).
الباحث القرآني
وهي عقاب الكافرين والعصاة، إذ أن مذاق ثمارها مر ولذلك فقد ذكر في القرآن أنها طعام الأثيم. محتويات
1 ذكرها في القرآن الكريم
1.
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأثِيمِ﴾... الآية، ذُكر لنا أن ابن مسعود أُهديت له سقاية من ذهب وفضة، فأمر بأخدود فخدّت في الأرض، ثم قُذِف فيها من جزل الحطب، ثم قذفت فيها تلك السقاية، حتى إذا أزبدت وانماعت قال لغلامه: ادع من بحضرتنا من أهل الكوفة، فدعا رهطا، فلما دخلوا قال: أترون هذا؟ قالوا نعم، قال: ما رأينا في الدنيا شبيها للمهل أدنى من الذهب والفضة حين أزبد وانماع. ⁕ حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا ابن يمان، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن عبد الله بن سفيان الأسديّ، قال: أذاب عبد الله بن مسعود فضة، ثم قال: من أراد أن ينظر إلى المهل فلينظر إلى هذا. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله ﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ﴾ قال: كدُرديّ الزيت. ⁕ حدثني يحيى بن طلحة قال: ثنا شريك، عن سالم، عن سعيد: ﴿كالمُهْلِ﴾ قال: كدردي الزيت. ⁕ حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يعمر بن بشر، قال: ثنا ابن المبارك، قال: ثنا أبو الصباح، قال: سمعت يزيد بن أبي سمية يقول: سمعت ابن عمر يقول: هل تدرون ما المهل؟ المهل مهل الزيت، يعني آخره.