الجمعة 29 ذي الحجة 1432هـ - 25 نوفمبر 2011م - العدد 15859
في ظهور إعلامي أول بعد غياب سنوات..
الحديث عن الفنان عيسى الأحسائي، لا بد أن يكون "دراميا" كيف إذا كان على لسان أحد غرمائه التقليديين، ألا وهو المطرب الشعبي الكبير طاهر بن علي الأحسائي والذي يروي في هذا الجزء تفاصيل "حساسة" مشوقة من أيام المنافسة الفنية بينه وبين عيسى بن علي. وحول مجموعة محاور من سيرة صاحب أغنية "ياناس حالي" نختم هذا الحوار مع الفنان طاهر الأحسائي:
*ماذا لو تحدثني عن تجربك مع غناء "فن الصوت" الخليجي؟
-أجل، كنت أغني الصوت ومن بينها الأغنية التي يحبها حمد المرزوق (مال غصن الذهب) أو (الله اليوم). فإذا ما غنيتها.. انتشى الجمهور طربا وكذلك حمد المرزوق. أما بالنسبة لفن الصوت فهو له رنة خاصة ولا أحد يستطيع أن يتقنه بسهولة. في المنطقة الشرقية لا يوجد فن صوت.. "إذا في البحرين، ممكن" والبحرين هم أهل الصوت، وأنا أخذت الصوت، هواية ثم تحولت إلى حرفة. كنت أقول: هذا الصوت يجب أن أتعلمه. عيسى الأحسائي - أجمل منوعات 2 - YouTube. *إذاً، كان فن الصوت بمثابة الجرعة الطربية بالنسبة للفن الشعبي؟
-أنظر، في دور الطرب الكبرى إن كان هنا أو في الخليج.. لا يحبون إلا الصوت، وإذا جاءهم الفنان قدموا له "المراويس" (طبلات فن الصوت) قبل "البستات".
عيسى الأحسائي - أجمل منوعات 2 - Youtube
البريكان يكشف أن «خليفة العبندي» هو من تبناه في الخمسينات الميلادية، وساعده في تسجيل أسطوانة بالكويت، وزعت بشكل جيد في السوق، وبدأ ينتشر اسمه، وصارت أي أغنية يغنيها تشتهر بسرعة حتى لو لم تكن له. ويرجع البريكان السر في ذلك إلى حلاوة الصوت، وإتقان الأداء وهو ما أثار -بحسب تعبير البريكان- غيرة الفنانين، وبعضهم تآمر عليه، وروجوا أنه يغني «كلاما خليعا» رغم أنه لم يكن كذلك. يسمعونه سرا
يعزز عبدالعزيز السماعيل ما ذكره البريكان قائلا، «في الأحساء حيث ولدت وعشت طفولتي وشبابي على حس الأغنية الشعبية في فترة الستينات والسبعينات، عندما ازدهر الفن لم نكن نجرؤ مثلا على شراء أسطوانة أو كاسيت لعيسى الأحسائي، ليس لأننا لا نحب أغانيه، بل خوفا من الآخرين الأب والأم والجيران الذين يرفضونه ويرون فيه مغنيا»ماجنا«. الفنان عيسى الاحسائي - YouTube. ورغم ذلك كلهم يسمعون أغانيه وتنتشر بسرعة البرق بين الناس، وأنت تسير تسمعها في كل مكان، وكل الناس تعرفها وترددها حتى خارج الأحساء. يفسر السماعيل إقبال الناس على سماع عيسى -رغم المنع الظاهري- موضحا»كظاهرة أبدية مستدامة يعتبر الفن الشعبي دائما هو الأكثر حضورا، والأهم والأكثر شغفا وحبا بين الناس، يحدث ذلك عند كل الناس وفي كل الدول، لأسباب واضحة وبسيطة لكنها دالة وعميقة في معناها، فالفن الشعبي أولا متصل دائما بلغة بسيطة ومفهومة من الجميع، ويهتم أساسا بهموم الناس البسطاء ومشاغلهم الحياتية ثانيا، أما ثالثا فهو يعبر حتما عن الإنسان والبيئة في المكان والزمان المحدد، لذلك يمكن بسهولة تحديد هوية الفنان ومكانه خلال أغنية أو قصيدة مثلا.
جريدة الرياض | عيسى الاحسائي دعاية عفوية من واقع الحب..!!
طاهر: الفن.. الكل يحب الفن، ولكن كن نظيفا.. "الحاجة الوسخة" تجنبها عندما تقرر الغناء!. وهذا أهم أمر. *ماذا تقصد "بالحاجة الوسخة"؟! -أي الكلام "الموبزين". *حسنا.. هل مات الفن الشعبي؟
-الفن الشعبي لم يمت، ولكن لا يوجد فنانون له.. الفنانون الموجودون فقط للبستات (أي أن عازفي آلات الفن الشعبي لم يعودوا موجودين). حمد المرزوق: الذي أثر على كل هذا، ظهور آلة (الأوارغ) لقد أُستغني عن أمور كثيرة، لأن الأورغ فيه كل الآلات. الفنان عيسئ الاحسائي دخلت البلد - YouTube. كان الفنان في السابق، لا يستطيع الاستغناء عن الكمنجة والإيقاع. أما الآن الأورغ قد يكفي مع الفنان الشعبي. *في فترة السبعينيات من هم أهم الفنانين الذين كانوا متواجدين معك في الساحة وكان بينك وبينهم منافسة؟
-عيسى بن علي، هو عيسى الأحسائي درس عندي وأنا علمته. *ماذا علمته.. العود؟
-أجل، أول بدايته تعلم في الدمام، وبعد انتقالي الأحساء بعد أن "تعور" سهيل(منتج الاسطوانات:انظر الجزء الأول)، بعد انتقالي نقل هو ورائي إلى الأحساء، وأتم تعليمه الفني في الأحساء، وبقي معي ثلاث سنوات كمنجي. *تعني أنه كان يعزف لك كمنجة؟
-أجل، في الأعراس. وفيما بعد استأذنني وقال: عن إذنك سأصنع لي فرقة خاصة، فقلت له: "الله وياك".
الفنان عيسى الاحسائي - Youtube
*هذه الأغاني أدخلته السجن؟! -أنا أدخلتني السجن والسبب هو(عيسى الأحسائي), افتكروا أن الأغاني لي. وهو "انحاش الكويت"، وقلت لهم هذه الأغاني ليست لي، وإنما لعيسى بن علي. فقالوا لي: كلكم أحسائيون.. وانتم من "حمولة" واحدة (عائلة واحدة). فقلت: لا، أنا الأحسائي من قبله وقد علمته وظهر، وكلانا الأحسائي والله قد وفق وجاءت أسماء الأباء متشابهة. وهذا ما حد وقد ذهبوا وأحضروه من الكويت. "الله يرحمه.. راح". *وكيف وضعك مع المرض؟
يعافيني رب العالمين. *لمن توجه العتب على وضعك ووضع الفنان السعودي؟
-والله يا أخي.. أوجه لمن؟
*وزارة الثقافة والإعلام مثلا؟
-وزارة الإعلام يفترض أن تبحث عن الفنان، فلو الشخص رمى نفسه عليهم لربما قالوا لا نريدك.. يفترض أن يبحثوا عن الفنان.. وأن يسألوه مايريد وأن يقدموه للتلفزيون. *على ذكر التلفزيون، أنت ظهرت في تلفزيونات خليجية.. كتلفزيون قطر؟
-(منشدا) أنا وين الله رماني في قطر/ لين شفت الزين مهيوف الخصر/ ساكن الريان جا بعد العصر/ رايح الدوحة بموتر هوزنوبيل.. وأكملها(مبتسماً). *أنت تكتب شعر ايضا؟. أجل أكتب. *ومن أشعارك ماذا تتذكر؟
-كثيرة منها "يقول منهو مبتلي في غزاله، راحت وهو ملقي على الارض مطروح/ لايشرب الماء ولا أكله هناله/ مسكين من يوم مبتلي صار مجروح/ جرحني بحسنه وحبه ودلاله لا غاب عني/ صرت أنا دايم آنوح، نوح طير مضيع عياله/ يوم قال محبوبي انا اليوم باروح أنا الله يصبرني وارتميت بخياله/ شكواي لله ياعرب وين باروح/ أقوم وأقعد وافتكر في جماله/ حتى برط حالي للهواجيس والنوح/ خليك مثلي والمحبة عدالة/ ارخصلي بروحك وأنا أرخصلك الروح/ المستريح الي حبيبه اقباله/ يقضي بقايا العمر في ضحك ومزوح/ والي مفارق صاحبه عزته/ لوكان يبكي ياهل العرف مسموح".
الفنان عيسئ الاحسائي دخلت البلد - Youtube
الفنان عيسئ الاحسائي دخلت البلد - YouTube
*ولكن رجعت علاقتكم وتحسن فيما بعد أنت وعيسى؟
-أجل، وأتذكر عندما جاء عيسى بن علي لإحياء حفلة عرس ابن أختي واصل، وكنت قد "تزاعلت" مع واصل، وقد أقيم في نفس الوقت عرس للدريع وقد كان الدريع قد أحضر طاهر بن علي. وكانا العرسين بجانب بعض. وهنا قلت لعيسى: "ها ياعيسى هانحن في عرسين "يم يم" هل تريد مثل الأول. فقال: لا، كلانا مع بعض. وجمعنا "المعاريس" مع بعض وغنينا معا في عرس الدريع وابن اختي". *صحيح أن عيسى ظهر بعدك ولكنه اشتهر كثيراً؟
-لأنه غنى أغاني خالعة, و قد أحضرت لي هذه الأغاني قبله ولم أغنها. عيسى بن علي الاحسائي»رحمه الله»
*من أحضرها لك, هل هو استديو العبندي كما قال لنا مطلق دخيل في حديث صحفي سابق؟
-لا. شخص من الرياض. وأنا لا أغني هذه الأغاني، أنا أغاني كلها نزيهة، لقد أخطا عيسى وهي غلطة واحدة وتكررت، وتعرف "الجهالة" تغلطه ولكن لا يستمر، كلمة واحدة في أغنية واحدة، وكفى لا تعيدها ولكن عيسى. كأن يغني: (عند باب المدرسة شفت الغزال) و(أنا ودي إذا ودك) و على ما أتذكر (مابين الفستان الحمر). وكنت قلت له: يا عيسى حرام عليك. فقال: "ما يقص الراس إلا الي ركبها". *هل كان يبحث عن الشهرة؟
الفنان لا تنفعه غير الشهرة، بس ما تقوله الشعر وتدخله السجن.
ذهبيات
(عشق الفن للسهر وعشق صوت عيسى للغناء) كلاهما ينبضان في قلب الإبداع، بل يصب في مرتع واحد، هو التميز.!