قال: وكيف وإنما نأتي عراة غرلاً؟ قال:" بالحسنات والسيئات ". مع جابر بن عمير: عن عطاء أنه رأى جابر بن عبد الله وجابر بن عمير الأنصاريين -رضي الله عنهما- يرتميان، فملَّ أحدهما فجلس، فقال له صاحبه: كسلت؟ قال: نعم. فقال أحدهما للآخر: أما سمعت رسول الله يقول: " كل شيء ليس من ذكر الله فهو لعب، إلا أن يكون أربعة: ملاعبة الرجل امرأته، وتأديب الرجل فرسه، ومشي الرجل بين الغرضين، وتعلم الرجل السباحة ". بعض مواقف جابر بن عبد الله مع التابعين: مع سعيد بن الحارث: قال سعيد بن الحارث: دخلنا على جابر بن عبد الله وهو يصلي في ثوب واحد ملتحفًا به، ورداؤه قريب لو تناوله بلغه، فلما سلم سألناه عن ذلك، فقال: "إنما أفعل هذا ليراني الحمقى أمثالكم، فيفشوا على جابر رخصة رخصها رسول الله ". ثم قال جابر: "خرجت مع رسول الله في بعض أسفاره، فجئته ليلة وهو يصلي في ثوب واحد وعليَّ ثوب واحد فاشتملت به، ثم قمت إلى جنبه، قال: " يا جابر، ما هذا الاشتمال؟ إذا صليت وعليك ثوب واحد فإن كان واسعًا فالتحف به، وإن كان ضيقًا فأتزر به ". بعض الأحاديث التي رواها جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم: عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله: " أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي: كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض طيبة طهورًا ومسجدًا، فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان، ونصرت بالرعب بين يدي مسيرة شهر، وأعطيت الشفاعة ".
جابر بن عبد الله الصباح
حياة جابر بن عبد الله بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم
شارك جابر بن عبد الله في الفتح الإسلامي للشام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان في جيش خالد بن الوليد الذي حاصر دمشق، كما شهد وقعة صفين مع علي بن أبي طالب، ثم تفرغ لتعليم الناس لأمور الدين، والحديث، فكان من المكثرين في رواية الحديث النبوي، وكانت له زاوية خاصة في المسجد، حيث يلتف حوله الناس ليستفتوه، فكان مفتي المدينة في ذلك الوقت. وفاة جابر بن عبد الله
توفي جابر بن عبد الله في عام 74هـ، عن عمر يناهز 94 سنة في المدينة المنورة، وكان قد فقد بصره، وصلى عليه أبان بن عثمان.
جابر بن عبد الله الأنصاري
يَقُولُ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ): فَأَصْبَحْنَا، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيْلٍ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ، هَيْئَتُهُ غَيْرُ أُذُنَيْهِِ". * * * وَلَقَدْ ذَهَبَ جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ ( رَضِيَ اللهُ عَنهُ) إِلَى رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَشْكُوَ إليهِ حَالَهُ قَائِلاً لَهُ: ـ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبِي تَرَكَ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ عِنْدِي مَا أَفِيْهِ بِهِ إِلا مَا يُخْرِجُهُ ثَمَرُ نَخِيْلِهِ، وَلُو عَمَدتُ إِلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَرِ، لَمَا أَدَّيْتُهُ فِي سِنِيْنَ، وَلا مَالَ لأَخََوَاتِي أُنْفِقُ عَلَيْهِنَّ مِنْهُ غَيْرَ هَذَا. يَقُولُ أيْضًا (رَضِي اللهُ عَنْهُ): فَقَامَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَضَى مَعِي إِلَى بَيْدَرِ تَمْرِنَا، وَقَالَ لِي: "ادْعُ غُرَمَاءَ أَبِيْكَ". فَدَعَوتُهُم. فَمَا زَالَ يَكِيْلُ لَهُم مِنْهُ حَتَّى أَدَّى اللهُ عَنْ أَبِي دَيْنَهُ كُلَّهُ مِنْ تَمْرِ تِلْكَ السّنَةِ، ثُمَّ إِنِّي نَظَرتُ إِلَى البَيْدَرِ فَوَجَدتُهُ كَمَا هُوَ، كَأَنَّهُ لَمْ تَنقُصْ مِنْهُ تَمْرَةٌ وَاحِدَةٌ.
جابر بن عبد الله
إذاً: فتحصل لنا كقاعدة عامة من قواعد أهل السنة في فهم آيات وأحاديث الوعيد: أنَّ الآية أو الحديث، إذا كان فيه إثبات دُخول الجنّة على فعلٍ من الأفعال؛ فإن هذا الإثبات ينقسم إلى:
- دُخولٍ أَوَّلي بمعنى: أنهُ يُغفرُ لهُ، فلا يآخذ، أو أَنه ليس من أهلِ الحساب، أو أن الله -جل وعلا- خَفف عَنْهُ، فيدخلها أوّلاً. - أو أنه من أهل الدخول المآلي، وهكذا عكسها: أنه لا يدخُلها أولاً، أو لا يدخلها أولاً، و مآلاً على حدٍ سواء، وهذا من القواعد المهمة عند أهل السُنة التي خالفوا بها الخوارج والمعتزلة، إلى آخره..
إذا تَقَرّرت هذه القاعدة؛ فهذا الحديث فيه ذِكر دُخول الجنّة على أنه لا يزيدَ على هذه شيئاً، ولم يذكر في ذلك أنهُ فعل الزكاة، ولا أنه أَتى بالحج، ومن ترك الزكاة فهو من أهل الوعيد، ومن ترك الحج فهو من أهل الوعيد، وهكذا..
فإذا تقَرّر هذا فقوله: ((ولم أزد على ذلك شيئاً، أأدخُل الجنّة؟ قال: نعم)). محمولٌ على أحد توجيهين: الأول: في قوله: ((و لم أزد على ذلك شيئاً)) يعني: أنهُ فعل الواجبات التي أوجب الله -جل وعلا-؛ فتدخل الواجبات في قوله: ((حُرِّمت الحَرام)) لأنّ ترك الواجبات حرام، فهو إذا حرَّم ترك الواجبات معناه أنه فعلها.
جابر راوية النبي
يُعد سيدنا جابر من أشهر الرواة عن النبي صلى الله عليه و سلم ، كما روى عن كبار الصحابة ، و دون عنه كتاب الحديث أربعين و خمسمائة و ألف حديث 1540 حديث ، اتفق البخاري و مسلم منها على ستين حديثاً. روى عنه أولاده عبد الرحمن و عقيل و محمد و جمع من التابعين كابن المسيب و ابن دينار و الحسن البصري و غيرهم. وفاته
كف بصره في أخر عمره و توفي رضي الله عنه سنة ثمان و سبعين على أحد الأقوال. مراجع
الحديث و المحدثون: للشيخ محمد أبي زهو.