وقد أخرج البخاري ومسلم وأصحاب السنن فقرات من هذا الحديث.
- الحياة في البرزخ - مكتبة نور
الحياة في البرزخ - مكتبة نور
ذهب معظم علماء أهل السنّة إلى أنَّ الميت في القبر يُعذَّب بروحه وجسده ويُنعَّم بهما، فيكون العذاب والنعيم في تلك المرحلة من الحياة البرزخيّة واقعاً على الروح والجسد على قول أصحاب هذا الرأي، فيتأثر جسد الميت بالعذاب، كما تتألم روحه وتشعر بذلك، وكذلك الحال إن كان من أهل النعيم، فإن جسده وروحه يشعران به، فتسعد الروح به، ويتأثر الجسد ويتلذذ به، تماماً كالحي وفي حال اليقضة، إن مرَّ به نعيمٌ سعدت روحه وتأثر جسده، وإن جاءه همٌ أو ألمٌ جزعت روحه وتأذى جسده. يرى النّووي -رحمه الله- من فقهاء الشافعية وكبار علمائهم أنّ النّعيم والعذاب في مرحلة البرزخ يقع على الجسد فقط، ولا تشعر به الروح مُطلقاً، لكن ذلك يكون بعد أن تعود إليه روحه، وشعور الجسد بذلك العذاب أو النعيم يكون على الجسد كاملاً، سواء كان الجسد كاملاً أو غير كامل، كمن تعرَّض لحادث أدى لفقده أحد أعضائه، كحريقٍ أو حادثٍ أو إصابته في معركة أو حرب أو غير ذلك. يرى ابن جريرٍ الطبري أنّ العذاب والنعيم في مرحلة الحياة البرزخية إنّما يكون للجسد فقط، ولا تتأثر به الروح ولا تعود إلى جسمه في هذه المرحلة مطلقاً، فيتأذى الجسم بعذاب القبر، ولا تشعر الروح به لعدم وجودها في جسد الميت في هذه المرحلة كما يرى الطبري.
وهذا الرد هو إعادة خاصة للروح لا توجب حياة البدن قبل البعث. وهذه الحياة البرزخية تقتضي معرفة الميت لمن يزوره من الأحياء وسماعه لخطابهم على الراجح وقد قال الإمام بن القيم في كتاب الروح ( والسلف مجمعون على هذا وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به). وقد أفاض القرطبي في التذكرة وابن القيم في كتاب الروح في تفصيل مراحل هذه الحياة والتعرف عليها عن كثب وجمعا في ذلك جمعا طيبا. ومع ذلك فإن حقيقة الأمر تبقى غائبة عن الكل لا يعلمها إلا الله تعالى ، وعلى المسلم الإيمان والتسليم. والله أعلم.