الفائدة من هذا الكلام الذي ورد في الحديثين وغيرها من الأدلَّة، أنه على المسلم المُكلَّف البحث عن هذه الأسماء من الكتاب والسُّنَّة حتى يُدركها. تسمية المخلوقين بأسماء الله سبحانه وتعالى
يوجد بعض الأسماء التي لا يجوز لأحد أن يسمِّي بها أي شخصٍ آخر من المخلوقين، حيث إن هذه الأسماء خاصَّةٌ خصوصيَّة تامَّة بالله تعالى وحده، ومن هذه الأسماء (الله)، لا يجوز تسمية أحدٍ من المخلوقين بهذا الاسم لا على سبيل ترادف المعنى أو غيره، وكذلك اسم (الرَّحمن) لا يجوز أن يُسمَّى ولا يوصف به غير الله؛ لأن الألوهية والرَّحمة الواسعة الشَّاملة التي فيها وصفٌ لازمٌ للرحمة ولا تكون إلا لله تعالى. كتب بحث عن أسماء الله وصفاته - مكتبة نور. أما بالنِّسبة لبقيَّة الأسماء، فإن قُصِد بها ما يُقصدُ بأسماء الله من الدَّلالة على العَلَميَّةِ والوصفيَّة، فهي ممنوعة، وإن قُصِد بها مجرَّد العَلَميَّة فقط فهي ليست ممنوعة، ومثال ذلك الاسمين (الحكم) و(الحكيم) من أسماء الله، فلا بأس إن سمَّينا شخصاً (بالحكم) أو (بحكيم) ولم نقصد بذلك معنى الحكمة فيه، ودليل ذلك أن من بين الصَّحابة من كان اسمه حكيم والحكم ولم ينكر النَّبيُّ عليه الصلاة والسَّلام عليهما ذلك. لكن إن قصدنا بالتَّسمية هذا المعنى الذي اشتققنا منه هذا الاسم، فهذا لا يجوز؛ لأن هذا من خصائص أسماء الله الحسنى التي يُراد بها الاسم والوصف، وكذلك على سبيل المثال، إن سمَّينا رجلاً (بصالح) فهذا لا يعني أنه إنسانٌ صالح، أو اسم (سلمان) فهذا لا يعني أنه شخصٌ سليم لا عيوب به، لربما كان من أصحاب الأمراض وليس به شيئٌ سليم، ولكن سمَّيناه بهذا الاسم فقط كاسم علمٍ مجرَّدٍ من أية صفة.
فصل: الباب الثالث: في طريقة أهل السنة في أسماء الله وصفاته|نداء الإيمان
وقيل: المتكبر معناه: الكبير، لأنه أجلُّ من أن يتكلف كبراً، وقد يقال: تظلم بمعنى: ظلم، وتشتم بمعنى: شتم، واستقر بمعنى: قر، كذلك المتكبر بمعنى: الكبير، وليس كما يوصف به المخلوق إذا وصف بتفعل إذا نسب إلى ما لم يكن منه ثم نزه نفسه، فقال: سبحان الله أي تنزيها لجلالته وعظمته عما يشركون. انتهى
وقال ابن كثير: وقوله تعالى العزيز أي: الذي قد عز كل شيء فقهره، وغلب الأشياء فلا ينال جنابه لعزته وعظمته وجبروته وكبريائه، ولهذا قال تعالى: (الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ) أي: الذي لا تليق الجبرية إلا له، ولا التكبر إلا لعظمته، كما تقدم في الصحيح: "العظمة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحداً منهما عذبته". وقال قتادة: الجبار: الذي جبر خلقه على ما يشاء، وقال ابن جرير: الجبار: المصلح أمور خلقه المتصرف فيهم بما فيه صلاحهم، وقال قتادة: المتكبر يعني: عن كل سوء، ثم قال تعالى: (سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ). فصل: الباب الثالث: في طريقة أهل السنة في أسماء الله وصفاته|نداء الإيمان. انتهى
وأما اسم الجبار، فمعناه كما قال الطبري: المصلح أمور خلقه، المصرفهم فيما فيه صلاحهم. وكان قتادة يقول: جبر خلقه على ما يشاء من أمره. اهـ
وقال السعدي: { الْجَبَّارُ} الذي قهر جميع العباد، وأذعن له سائر الخلق، الذي يجبر الكسير، ويغني الفقير.
كتب بحث عن أسماء الله وصفاته - مكتبة نور
آخر تحديث 2019-02-06 23:05:51
أسماء الله الحسنى
تعتبر أسماء الله الحسنى من تمجيد لله تعالى، كما أنها تعتبر من الصفات الجليلة التي وصف الله -جل وعلا- بها نفسه، فقد وصف الله نفسه بأن له الأسماء الحسنى؛ كما ورد في القرآن الكريم؛ فقال جل جلاله: (اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ) [١] أو كما وصفه بها الرسل المكرمين، وإن لمعرفة أسماء وصفات الله الأثر الكبير في تعميق الإيمان في القلب، وفي هذا المقال سيتم عرض بعض أسماء الله الحسنى ومعانيها وبعض الأمور التي تتعلق بها. أهمية معرفة أسماء الحسنى
لمعرفة أسماء الله الحسنى فوائد عظيمة لا يستطيع أحد إحصاؤها والتي منها [٢]:
تعتبر معرفة أسماء الله الحسنى من أعظم أسباب دخول الجنة: فقد ذكر ابن القيم أن مراتب الإحصاء ثلاث مراتب، والأولى منها إحصاء الأسماء، والثاني فهم المعاني ومعرفة مدلولها، والثالثة هي دعاء الله بأسمائه. تمهد الطريق إلى معرفة الله تعالى: وهذه المعرفة نوعان؛ أحدها معرفةٌ عامة والتي يشترك فيها جميع الناس الصالح والفاجر، أما المعرفة الخاصة التي لا يمكن تحصيلها إلا بمعرفة أسماء الله بحيث تستوجب حب الله والتعلُّق به والشوق إلى رؤيته فأعظم حاجةً للعبد هو معرفة فاطره؛ ولا يمكن تحصيل ذلك إلا بمعرفة صفات الله وأسماؤه.
وأشار فضيلة الإمام الأكبر إلى قول علماء التفسير في سبب نزول قوله: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ﴾ في سورة الأعراف، أنَّ بعضَ مُشركي مكة سَمِعَ رَجُلًا من المسلمين يقولُ في صلاته: يا رحمنُ يا رحيمُ، فقال المشرك: أليس يَزعُم محمَّدٌ وأصحابه أنهم يعبدون ربًّا واحدًا؟ فما بال هذا يدعو ربَّين اثنين!