قوله: ( جاءت امرأة فقالت: يا رسول الله إن لي ابنة عريسا ، أصابتها حصبة ، فتمرق شعرها ، أفأصله ؟ فقال: لعن الله الواصلة والمستوصلة) وفي رواية: ( فتمرق شعر رأسها ، وزوجها يستحسنها ، أفأصل شعرها يا رسول الله ؟ فنهاها) وفي رواية: ( أنها مرضت فتمرط شعرها) وفي رواية: ( فاشتكت فتساقط شعرها ، وأن زوجها يريدها). أما ( تمرق) فبالراء المهملة ، وهو بمعنى تساقط ، وتمرط ، كما ذكر في باقي الروايات. ولم يذكر القاضي في الشرح إلا الراء المهملة كما ذكرنا ، وحكاه في المشارق عن جمهور الرواة ، ثم حكى عن جماعة من رواة صحيح مسلم أنه بالزاي المعجمة. قال: وهذا وإن كان قريبا من معنى الأول ، ولكنه لا يستعمل في الشعر في حال المرض. وأما قولها: ( إن لي ابنة عريسا) فبضم العين وفتح الراء وتشديد الياء المكسورة ، تصغير عروس ، والعروس يقع على المرأة والرجل عند الدخول بها ، وأما ( الحصبة) فبفتح الحاء وإسكان الصاد المهملتين ، ويقال أيضا: بفتح الصاد وكسرها ثلاث لغات حكاهن جماعة ، والإسكان أشهر ، وهي بثر تخرج في الجلد ، يقول منه حصب جلده بكسر الصاد يحصب. الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين رحمة الله تعالى - معنى حديث : " لعن الله الواصلة والمستوصلة ..". [ ص: 286] وأما الواصلة فهي التي تصل شعر المرأة بشعر آخر ، والمستوصلة التي تطلب من يفعل بها ذلك ، ويقال لها: موصولة.
ص418 - كتاب فتح المنعم شرح صحيح مسلم - باب الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله والمتشبع بما لم يعط - المكتبة الشاملة
ح وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس. ح وحدثنا عبد بن حميد. أخبرنا عبدالرزاق. أخبرنا معمر. كلهم عن الزهري. بمثل حديث مالك. غير أن في حديث معمر (إنما عذب بنو إسرائيل). 123 – (2127) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا غندر عن شعبة. ح وحدثنا ابن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن المسيب. قال:
قدم معاوية المدينة فخطبنا وأخرج كبة من شعر. فقال: ما كنت أرى أن أحدا يفعله إلا اليهود. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه فسماه الزور. 124 – (2127) وحدثني أبو غسان المسمعي ومحمد بن المثنى. قالا: أخبرنا معاذ (وهو ابن هشام). حدثني أبي عن قتادة، عن سعيد بن المسيب؛ أن معاوية قال ذات يوم:
إنكم قد أحدثتم زي سوء. وإن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الزور. حكم وصل الشعر بشعر الواصلة نفسها - الإسلام سؤال وجواب. قال: وجاء رجل بعصا على رأسها خرقة. قال معاوية: ألا وهذا الزور. قال قتادة: يعني ما يكثر به النساء أشعارهن من الخرق.
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين رحمة الله تعالى - معنى حديث : &Quot; لعن الله الواصلة والمستوصلة ..&Quot;
وقال القاضي عياض: اختلف العلماء في المسألة، فقال مالك والطبري وكثيرون: الوصل ممنوع بكل شيء، سواء وصلته بشعر أو صوف أو خرق، واحتجوا بحديث جابر -روايتنا السابعة- وقال الليث بن سعد: النهي مختص بالوصل بالشعر، ولا بأس بوصله بصوف وخرق وغيرها، وقال بعضهم: يجوز جميع ذلك، وهو مروي عن عائشة، ولا يصح عنها، بل الصحيح عنها كقول الجمهور، قال القاضي فأما ربط خيوط الحرير الملونة ونحوها، ومما لا يشبه الشعر، فليس بمنهي عنه، لأنه ليس وصل، ولا هو في معنى مقصود الوصل، وإنما هو للتجمل والتحسين. اهـ وأخرج أبو داود بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال: لا بأس بالقرامل، وبه قال أحمد، والمراد بالقرامل خيوط من حرير أو صوف، تعمل ضفائر، تصل به المرأة شعرها. ص418 - كتاب فتح المنعم شرح صحيح مسلم - باب الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله والمتشبع بما لم يعط - المكتبة الشاملة. قال الحافظ ابن حجر: وفصل بعضهم بين ما كان ظاهر الوصل، أو غير ظاهر، فمنع غير الظاهر، لما فيه من التدليس. قال: وهو قوي. قال: ومنهم من أجاز الوصل مطلقاً، سواء كان بشعر آخر، أو بغير شعر، إذا كان بعلم الزوج، وبإذنه. اهـ وقال قوم: لا يجوز الوصل مطلقاً، ولكن لا بأس أن تضع المرأة الشعر وغيره على رأسها وضعاً، ما لم تصله، روي ذلك عن إبراهيم. والتحقيق -بعد استعراض الآراء الفقهية المختلفة- نقول: أولاً: الروايات الأربع الأولى ظاهرة في أن إرادة وصل شعر الزوجة كان لستر أمر رأسها على زوجها، وهو ممنوع قطعاً، لما فيه من الغش والخداع.
حكم وصل الشعر بشعر الواصلة نفسها - الإسلام سؤال وجواب
وقد نقله في شرح الأحياء وأقره وفي شرح المواهب ما نصه وقد زعم ابن الجوزي أن أحاديث الأبدال كلها موضوعة ونازعه السيوطي وقال خبر الأبدال صحيح وإن شئت قلت متواتر يعني تواتراً معنوياً كما أشار إليه بعد اهـ.
وبهذا يظهر بطلان زعن ابن تيمية أنه لم يرد لفظ الأبدال في خبر صحيح ولا ضعيف إلا في خبر منقطع وليته نفى الرؤية فقط لكنه نفى الوجود وكذب من ادعى الورود وفي فتادوى الحافظ ابن حجر الأبدال وردت في عدة أخبار منها ما يصح ومنها ما لا يصح وأما القطب فورد في بعض الآثار وأما الغوث بالوصف المشتهر بين الصوفية فلم يثبت اهـ.
وهذه الأحاديث صريحة في تحريم الوصل ، ولعن الواصلة والمستوصلة مطلقا ، وهذا هو الظاهر المختار ، وقد فصله أصحابنا فقالوا: إن وصلت شعرها بشعر آدمي فهو حرام بلا خلاف ، سواء كان شعر رجل أو امرأة ، وسواء شعر المحرم والزوج وغيرهما بلا خلاف لعموم الأحاديث ، ولأنه يحرم الانتفاع بشعر الآدمي وسائر أجزائه لكرامته ، بل يدفن شعره وظفره وسائر أجزائه. وإن وصلته بشعر غير آدمي فإن كان شعرا نجسا وهو شعر الميتة وشعر ما لا يؤكل إذا انفصل في حياته فهو حرام أيضا للحديث ، ولأنه حمل نجاسة في صلاته وغيرها عمدا ، وسواء في هذين النوعين المزوجة وغيرها من النساء والرجال. وأما الشعر الطاهر من غير الآدمي ، فإن لم يكن لها زوج ولا سيد فهو حرام أيضا ، وإن كان فثلاثة أوجه: أحدها لا يجوز لظاهر الأحاديث ، والثاني لا يحرم ، وأصحها عندهم إن فعلته بإذن الزوج أو السيد جاز ، وإلا فهو حرام. قالوا: وأما تحمير الوجه والخضاب بالسواد وتطريف الأصابع فإن لم يكن لها زوج ولا سيد أو كان وفعلته بغير إذنه فحرام ، وإن أذن جاز على الصحيح. هذا تلخيص كلام أصحابنا في المسألة ، وقال القاضي عياض: اختلف العلماء في المسألة ، فقال مالك والطبري وكثيرون أو الأكثرون: الوصل ممنوع بكل شيء سواء وصلته بشعر أو صوف أو خرق ، واحتجوا بحديث جابر الذي ذكره مسلم بعد أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر أن تصل المرأة برأسها شيئا.
تعريف عام بدين الإسلام وما جاء به الرسل
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخليله وصفوته من خلقه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
الحمد لله رب العالمين مقدمة
تفسير آية
قوله تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
بسم الله، والحمْد لله، والصلاة والسلام على رسول الله محمّدٍ، وآلِه وصحبه ومن آمن به واهتدى بهداه... وبعد:
فإنَّ قوله تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ هو الآية الأولى من كتاب الله تعالى (القرآن الكريم)، هذا على ما رجَّحناه، وإلّا فعند الشافعي - رحمه الله - أنَّ الآية الأولى هي ﴿ بسم الله الرحمن الرحيم ﴾. الحمد لله رب العالميم. وحينئذٍ فالحمد لله ربِّ العالمين هي الآيةُ الثَّانية. وعلى كلا المذهبين فآياتُ الفاتحة سبعٌ لا غير، لقوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ﴾ [الحجر:87]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «هي السَّبعُ المثاني والقرآن العظيم الذي أُوتيتُ». [الصحيح]. وبناءً على أن البسملة آيةٌ من الفاتحة، فالآية السابعة هي: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ﴾، وإلَّا فالآية السابعة هي: ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ * غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ﴾. وفائدة هذا الخلاف أنَّ مَن رأى البسملة آيةً من الفاتحة وجب عليه أن يقرأها كلما قرأ الفاتحة في الصلاة، وإلا بطلت صلاته.
الحمد لله رب العالميم
فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: " تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ ". قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: " أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ ؟ ". قُلْنَ: بَلَى. قَالَ: " فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ، وَلَمْ تَصُمْ ؟ " قُلْنَ: بَلَى. فضائل حسن الخلق الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ... - طريق الإسلام. قَالَ: " فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا ". وفي هذا الحديث بين النبي صلى الله عليه وسلم
(أن نقصان دينها؛ فلأنها في حال الحيض والنفاس تدع الصلاة وتدع الصوم ولا تقضي الصلاة، فهذا من نقصان الدين، ولكن هذا النقص ليست مؤاخذة عليه، وإنما هو نقص حاصل بشرع الله ، هو الذي شرعه رفقا بها وتيسيرا عليها لأنها إذا صامت مع وجود الحيض والنفاس يضرها ذلك، فمن رحمة الله شرع لها ترك الصيام وقت الحيض والنفاس والقضاء بعد ذلك. وأما الصلاة فإنها حال الحيض قد وجد منها ما يمنع الطهارة، فمن رحمة الله جل وعلا أن شرع لها ترك الصلاة، وهكذا في النفاس، ثم شرع لها أنها لا تقضي؛ لأن في القضاء مشقة كبيرة؛ لأن الصلاة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات، والحيض قد تكثر أيامه، فتبلغ سبعة أيام أو ثمانية أيام أو أكثر، والنفاس قد يبلغ أربعين يوما، فكان من رحمة الله لها وإحسانه إليها أن أسقط عنها الصلاة أداء وقضاء، ولا يلزم من هذا أن يكون نقص عقلها في كل شيء، ونقص دينها في كل شيء. )
فكان قولنا: زيد ذو خلق فاضِل حمدًا، لأنَّه على الجميل الاختياري، وكان قولنا: زيد جميل الوجه معتدل القامة مدحًا، لأنَّ جمال وجهه واعتدال قامته حصل له بالاضطرار لا بالاختيار، أي: لم يكن هو الذي جمَّل وجهه، وعدَّل قامته، بل الفاعل لذلك هو الله تعالى، بخلاف حسن خُلُقه فإنَّه حصل له بكسْبه واختياره. وصفات الجمال في الله تعالى كلُّها اختيارية؛ لذا يَحسن أن نقول حمِدنا الله تعالى ونحمدُه، ولا نقول مدحنا الله تعالى ونمدَحُه، كما يحسن أن نقول: مدحنا زيدًا نمدحه، ولا نقول: حمدنا زيدًا نحمده؛ لما علمنا من أنَّ الحمد هو الوصف بالجميل الاختياري، والمدح هو الوصفُ بالجميل الاختياري أو الاضطراري. والشكر: كالحمد، وفى الحديث: «الشُّكرُ رأس الحمْد». الحمد لله رب العالمين مقدمة. إلا أنَّ الشُّكر هو المدح بالفواضل وهي النِّعم المتعدية. والحمد هو المدح بالفضائل. وقد يُجمع بينها، فيُقال: زيدٌ جميلٌ كريم، تصدَّق بألفٍ. ولذا فالحمد يكون باللسان فقط، والشكرُ يكون باللسان والقلب والجوارح، كما قال الشاعرُ:
أفادَتْكُمُ النَّعماء مِنِّي ثلاثة *** يَدِي ولِسَاني والضّمير المحَجَّبَا
والشُّكر بالقلب معناه اعترافُ القلب بنعمةِ المنعم، فيحمده عليها بلسانه، ويثنى بها عليه بتكراره.