تاريخ النشر: الإثنين 6 شوال 1421 هـ - 1-1-2001 م
التقييم:
رقم الفتوى: 4468
156803
0
667
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله أمابعد، هل من كان مكسبه من حرام أي من اكتسب مالًا بطرق غير شرعية يعذب في دنياه بأن يسلط الله عليه المصائب كأن يمرض أحد أفراد عائلته بمرض مزمن فينفق ذلك المال في مداواتهم أو كأن يكون له ولد غير صالح فينفق ذلك المال في أوجه الفساد المعروفة أفيدونا رحمكم الله. الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالغالب في المال الحرام أن يأتي عن طريق الربا، وقد يأتي عن طريق الرشوة والسرقة والغصب…… وقد ورد في الكتاب والسنة من النهي عن الربا والوعيد الشديد فيه ما لم يرد في غيره من الذنوب، كما أن الرشوة ملعون صاحبها على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، والغصب والسرقة ذنبان عظيمان فمن تجرأ على الله عز وجل وجمع المال من هذه الأوجه وغيرها من الأوجه المحرمة فقد عرض نفسه لأنواع العقوبات العاجلة والآجلة. فالمال المحرم ممحوق البركة معرض هو وما خالطه من الحلال للتلف والزوال، وإن بقى فلا يقبل الله منه صدقة ولا حجاً ولا صلة، وإنما يقاسي صاحبه أتعابه، ويتحمل حسابه، ويصلى عذابه، وإذا كان الله عز وجل قال مخاطباً للمرابين: (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) [البقرة: 279] فلا يمكن حصر ما سيحل بهم وبأموالهم من البلاء والمصائب، وأسباب التمزيق والتلف، لأن جنود الله التي يسلطها على من حاربه كثيرة ومتنوعة: ( وما يعلم جنود ربك إلا هو).
الحث على طلب المال الحلال وترك الحرام
فذكر منها اثنين هما بعضُ صورِ المالِ الحرامِ، "أكل الربا، وأكل مالِ اليتيم". وها أنا ذا أذكر لك يا أخي بعضَ عقوباتِ من أكلَ المال الحرام ولم يتُب، إنها عقوباتٌ في هذه الحياةِ الدنيا، وعقوباتٌ في الحياةِ الأخرى؛ في قبرِه، ويومَ الحشرِ، وفي جهنم عافانا الله، كلُّ هذا بأدلته من كتاب الله عز وجل ومن سنة رسوله r ؛ ليكونَ في هذا زجرًا لنا إن سوَّلَتْ لنا أنفسُنا أكلَ الحرام. 1- عدم قبول دعائه: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " « أيها الناسُ! إن الله طيِّبٌ لا يقبَلُ إلا طيبًا، وإن الله أمرَ المؤمنين بما أمرَ به المرسلين، فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]، وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]. ثم ذكر الرجلَ يُطيلُ السفرَ أشعثَ أغبَرَ، يمُدُّ يديه إلى السماءِ: يا ربُ! يا ربُ! الحث على طلب المال الحلال وترك الحرام. ومطعمُه حرامٌ، ومَشرَبُه حرامٌ، وملبسُه حرامٌ، وغذي بالحرام، فأنى يُستجَابُ لذلك؟ » ( [7]). عن مالك بن دينار رحمه الله قال: أصابَ بني إسرائيل بلاءٌ وقحطٌ، فخرجوا يُضِجُّون، فأوحى الله إلى نبيٍّ من أنبيائهم أن أخبرِهم: تخرجون إلى الصعيدِ بأبدانٍ نجِسَةٍ، وأيدٍ قد سفكتُم بها الدماءَ، وملأتم بطونَكم من الحرامِ؟ الآن حين اشتدَّ غضبي عليكم، ولن تزدادُوا مني إلا بُعدًا " وقال بعض السلف: لا تستبطئ الإجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي.
عقوبة أكل الحرام في الدنيا والآخرة. - إسلام ويب - مركز الفتوى
قال: فدخلَ الأشعثُ بن قيس، وقال: ما يُحدِّثُكم أبو عبد الرحمن؟ قلنا: كذا وكذا. قال: فيَّ أُنزِلَتْ؛ كانت لي بئرٌ في أرضِ ابنِ عمٍ لي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " « بيَّنتُك أو يمينُه". فقلت: إذا يحلِفُ يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من حلَف على يمينِ صبْرٍ، يقتطِعُ بها مالَ امرئٍ مسلمٍ، وهو فيها فاجرٌ، لَقِيَ الله وهو عليه غضبان » " ( [12]). ( [1]) أخرجه البخاري (3842)، عن أبي هريرة t. ( [2]) أخرجه البخاري (3/ 125)، ومسلم (1070) عن أبي هريرة t. ( [3]) أخرجه البخاري (1491)، ومسلم (1069). ( [4]) أخرجه البخاري (3842). ( [5]) أخرجه البخاري (2452) مرفوعًا بدون القصة، ومسلم (1610)، واللفظ له. ( [6]) أخرجه البخاري (2766)، ومسلم (89). ( [7]) أخرجه مسلم (1015). ( [8]) إسناده صحيح: أخرجه ابن ماجه (2279). ( [9]) أخرجه البخاري (2087)، ومسلم (1606). ( [10]) أخرجه البخاري (2079)، ومسلم (1532). ( [11]) حسن: أخرجه ابن أبي حاتم (2920). ( [12]) أخرجه البخاري (4549)، ومسلم (138). الحرام يذهب بأهله. قال العلماء: ويمين الصبر هي: التي ألزم بها الحالف عند حاكم ونحوه، وأصل الصبر الحبس والإمساك.
أنواع المال الحرام وأضرار تناوله - إسلام ويب - مركز الفتوى
وفي الصحيح عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لتُؤَدّن الحقوق إلى أهلها حتى يُقاد للشاة الجَلحاء من الشاة القَرناء)). ولذا قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن كانت عنده مظلمةٌ لأخيه من عرضٍ أو من شيءٍ، فليتحلَّله منها اليوم قبلَ ألاَّ يكون دينارٌ ولا درهم؛ إنْ كان له عمل صالح أُخِذَ منه بقدر مظلمته، وإنْ لم يكن له حسنات أُخِذ من سيِّئات صاحبه فحمل عليه)). فيا وَيْحَ مَن لم يُوَفِّ غريمَه في الدُّنيا! وما أعظم جرمه إذا تسبَّب في خسارة غريمه بالشكوى والمحاماة لاستخراج حقِّه! فإنَّ الظُّلم يزداد، فما أخسَرَه يوم المعاد! فاقنَعُوا بالحَلال عن الحرام، وتُوبُوا إلى الله من المظالم والآثام، وأحسِنُوا كما أحسن الله إليكم، ويسِّروا على عباده كما يسَّر الله عليكم، واجعَلُوا أموالَكم لكم سترًا من النار بكثْرة الصدقات ومشروع النفقات، وامتَطُوها إلى ما يُرضِي الله توصلكم إلى الدرجات العالية من الجنَّات. ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]. عباد الله:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].
الحرام يذهب بأهله
فأدخلَ أبو بكرٍ يده، فقاءَ كلَّ شيءٍ في بطنِه" ( [4]). وعن عروة بن الزبير رحمه الله، أن أروَى بنتَ أويس ادَّعَت على سعيد بن زيد أنه أخذَ شيئًا من أرضِها، فخاصَمَتْه إلى مرْوان بن الحَكَم. فقال سعيد: أنا كنتُ آخذُ من أرضِها شيئًا بعد الذي سمعتُ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: وما سمعتُ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: " « من أخذَ شِبرًا من الأرضِ ظلمًا طُوِّقَه إلى سبعِ أرْضِين". فقال له مروان: لا أسألُك بيَّنَةً بعد هذا. فقال: "اللهمَّ إن كانت كاذبةً فعَمِّ بصرَها، واقتُلْهَا في أرضِها". قال: "فما ماتتْ حتى ذهبَ بصرُها، ثم بيْنا هي تمشِي في أرضِها، إذْ وقعَتْ في حفرةٍ فماتت » " ( [5]). ولا تحسب أن هذا المسكين الذي كنَز المالَ وجمعَه من الحرامِ سوف يجِدُ راحةً وسعادةً في حياتِه، كلا والله، إنه لا بد أن يشقَى في حياتِه، وبعد مماتِه، إنه يجني عاقبةَ ذنبِه هذا همًّا وضِيقًا وظُلمَةً تملأُ قلبَه، مع ما ينتظره في الآخرةِ من العقابِ الأليمِ، إن هو لم يتُبْ. إن أكلَ المالِ الحرامِ ليس من الذنوب ِ الصغيرةِ، بل هو من كبائرِ الذنوبِ وعظائِمها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " « اجتنبوا السبعَ الموبقاتِ"، قالوا: يا رسولَ الله وما هن؟ قال: "الشركُ بالله، والسِّحرُ، وقتلُ النفس ِ التي حرَّمَ الله إلا بالحقِّ، وأكلُ الربا ، وأكلُ مالِ اليتيمِ، والتولِّي يومَ الزحفِ، وقذفُ المحصناتِ المؤمناتِ الغافلاتِ » " ( [6]).
الحث على طلب المال الحلال وترك الحرام
الحمد لله ذي الجلال والإكرام، أحمَدُه - سبحانه - هو الملك القدُّوس السلام، وأشكُرُه على ما حَبانا به من الفضْل والإنْعام، وأشهَدُ أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له الذي أوضَحَ الأحْكام، وبيَّن الحلال والحرام، وأشهَدُ أنَّ محمدًا عبده ورسوله أفضل مُرسَل وأكمَل إمام، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه الأئمَّة الأعلام. أمَّا بعدُ:
فيا أيُّها الناس، اتَّقوا الله ربَّكم واعبُدُوه، وابتَغُوا عنده الرِّزق واشكُرُوا له إليه ترجعون، واعلَمُوا أنَّ الله -تعالى- طيِّب لا يَقبَل إلاَّ طيِّبًا، وأنَّه - سبحانه - أمَر المؤمنين بالابتِغاء من فضله، والأكل من طيب رزقه، وهو ما جاء من حلِّه؛ فقال -تعالى-: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة: 10]، وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 172].
واما بنعمة ربك فحدث - YouTube
تفسير واما بنعمة ربك فحدث
06-09-2011, 01:24 AM
# 1
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة:
24
تـاريخ التسجيـل:
Oct 2010
العــــــــمـــــــــر:
الـــــدولـــــــــــة:
بغداد
االمشاركات:
11, 031
قال تعالى (واما بنعمة ربك فحدث)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء في كتاب الامثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي وفي الجزء العشرين منه:
والحديث عن النعمة قد يكون باللسان، وبتعابير تنمّ عن غاية الشكر والإمتنان، لا عن التفاخر والغرور. وقد تكون بالعمل عن طريق الإنفاق من هذه النعمة في سبيل اللّه، انفاقاً يبيّن مدى هذه النعمة. هذه هي خصلة الإنسان السخي الكريم... يشكر اللّه على النعمة، ويقرن الشكر بالعمل، خلافاً للسخفاء البخلاء الذين لا يكفون عن الشكوى والتأوه، ولا يكشفون عن نعمة ولو حصلوا على الدنيا وما فيها، وجوههم يعلوها سيماء الفقر، وكلامهم مفعم بالتذمّر والحسرة، وعملهم يكشف عن فقر! بينما روي عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إنّ اللّه تعالى إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن يرى أثر النعمة عليه» من هنا يكون معنى الآية: بيّن ما أغدق اللّه عليك من نِعَم بالقول والعمل، شكراً على ما أغناك اللّه إذ كنت عائلاً.
واما بنعمة ربك فحدث
وفيه، أخرج ابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية من طريق حرب بن شريح قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين: أرأيت هذه الشفاعة التي يتحدث بها أهل العراق أحق هي؟ قال: إي والله حدثني عمي محمد بن الحنفية عن علي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أشفع لأمتي حتى يناديني ربي: أرضيت يا محمد؟ فأقول: نعم يا رب رضيت. ثم أقبل علي فقال: إنكم تقولون يا معشر أهل العراق، إن أرجى آية في كتاب الله: ﴿يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم - لا تقنطوا من رحمة الله - إن الله يغفر الذنوب جميعا﴾ قلت: إنا لنقول ذلك، قال: فكلنا أهل البيت نقول: إن أرجى آية في كتاب الله ﴿ولسوف يعطيك ربك فترضى﴾ الشفاعة. وفي تفسير البرهان، عن ابن بابويه بإسناده عن ابن الجهم عن الرضا (عليه السلام) في مجلس المأمون قال: قال الله تعالى لنبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): ﴿ألم يجدك يتيما فآوى﴾ يقول: أ لم يجدك وحيدا فآوى إليك الناس؟ ﴿ووجدك ضالا﴾ يعني عند قومك ﴿فهدى﴾ أي هداهم إلى معرفتك؟ ﴿ووجدك عائلا فأغنى﴾ يقول: أغناك بأن جعل دعاءك مستجابا؟ فقال المأمون: بارك الله فيك يا ابن رسول الله. وفيه، عن البرقي بإسناده عن عمرو بن أبي نصر قال: حدثني رجل من أهل البصرة قال: رأيت الحسين بن علي (عليهما السلام) وعبد الله بن عمر يطوفان بالبيت فسألت ابن عمر فقلت: قول الله تعالى: ﴿وأما بنعمة ربك فحدث﴾ قال: أمره أن يحدث بما أنعم الله عليه.
واما بنعمة ربك فحدث سورة
وَالضُّحَى ﴿1﴾ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴿2﴾ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴿3﴾ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى ﴿4﴾ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴿5﴾ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ﴿6﴾ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ﴿7﴾ وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ﴿8﴾ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ﴿9﴾ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ﴿10﴾ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴿11﴾
بيان:
قيل: انقطع الوحي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أياما حتى قالوا: إن ربه ودعه فنزلت السورة فطيب الله بها نفسه، والسورة تحتمل المكية والمدنية. قوله تعالى: ﴿والضحى والليل إذا سجى﴾ إقسام، والضحى - على ما في المفردات، - انبساط الشمس وامتداد النهار وسمي الوقت به، وسجو الليل سكونه وهو غشيان ظلمته. قوله تعالى: ﴿ما ودعك ربك وما قلى﴾ التوديع الترك، والقلى بكسر القاف البغض أو شدته، والآية جواب القسم، ومناسبة نور النهار وظلمة الليل لنزول الوحي وانقطاعه ظاهرة. قوله تعالى: ﴿وللآخرة خير لك من الأولى﴾ في معنى الترقي بالنسبة إلى ما تفيده الآية السابقة من كونه (صلى الله عليه وآله وسلم) على ما هو عليه من موقف الكرامة والعناية الإلهية كأنه قيل: أنت على ما كنت عليه من الفضل والرحمة ما دمت حيا في الدنيا وحياتك الآخرة خير لك من حياتك الدنيا.
أما بنعمة ربك فحدث
بعض المفسّرين ذهب إلى أنّ النعمة في الآية هي النعمة المعنوية ومنها النبوّة والقرآن، والأمر للنبيّ بالإبلاغ والتبيين، وهذا هوالمقصود من الحديث بالنعمة. ويحتمل أيضاً أن يكون المعنى شاملاً للنعم المادية والمعنوية، لذلك ورد عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) في تفسير هذه الآية قوله: «حدث بما أعطاك اللّه، وفضلك، ورزقك، وأحسن إليك وهداك».
قوله تعالى: ﴿ولسوف يعطيك ربك فترضى﴾ تقرير وتثبيت لقوله: ﴿وللآخرة خير لك من الأولى﴾ وقد اشتمل الوعد على عطاء مطلق يتبعه رضي مطلق. وقيل: الآية ناظرة إلى الحياتين جميعا دون الحياة الآخرة فقط. قوله تعالى: ﴿ألم يجدك يتيما فآوى﴾ الآية وما يتلوها من الآيتين إشارة إلى بعض نعمه تعالى العظام عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد مات أبوه وهو في بطن أمه ثم ماتت أمه وهو ابن سنتين ثم مات جده الكفيل له وهو ابن ثمان سنين فكفله عمه ورباه. وقيل: المراد باليتيم الوحيد الذي لا نظير له في الناس كما يقال: در يتيم، والمعنى ألم يجدك وحيدا بين الناس فآوى الناس إليك وجمعهم حولك. قوله تعالى: ﴿ووجدك ضالا فهدى﴾ المراد بالضلال عدم الهداية والمراد بكونه (صلى الله عليه وآله وسلم) ضالا حالة في نفسه مع قطع النظر عن هدايته تعالى فلا هدى له (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا لأحد من الخلق إلا بالله سبحانه فقد كانت نفسه في نفسها ضالة وإن كانت الهداية الإلهية ملازمة لها منذ وجدت فالآية في معنى قوله تعالى: ﴿ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان﴾ الشورى: 52، ومن هذا الباب قول موسى على ما حكى الله عنه: ﴿فعلتها إذا وأنا من الضالين﴾ الشعراء: 20 أي لم أهتد بهدى الرسالة بعد.