[ ص: 78] وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين
لما أفاد قوله: فكان من المغرقين وقوع الغرق الموعود به على وجه الإيجاز كما علمت انتقل الكلام إلى انتهاء الطوفان. وبناء فعل ( قيل) للمفعول هنا اختصار لظهور فاعل القول ؛ لأن مثله لا يصدر إلا من الله. والقول هنا أمر التكوين. وخطاب الأرض والسماء بطريقة النداء وبالأمر استعارة لتعلق أمر التكوين بكيفيات أفعال في ذاتيهما وانفعالهما بذلك كما يخاطب العاقل بعمل يعمله فيقبله امتثالا وخشية. وقيل يا ارض ابلعي ماءك ويا سماء. فالاستعارة هنا في حرف النداء وهي تبعية. والبلع: حقيقته اجتياز الطعام والشراب إلى الحلق بدون استقرار في الفم. وهو هنا استعارة لإدخال الشيء في باطن شيء بسرعة ، ومعنى بلع الأرض ماءها دخوله في باطنها بسرعة كسرعة ازدراد البالع بحيث لم يكن جفاف الأرض بحرارة شمس أو رياح بل كان بعمل أرضي عاجل ، وقد يكون ذلك بإحداث الله زلازل وخسفا انشقت به طبقة الأرض في مواضع كثيرة حتى غارت المياه التي كانت على سطح الأرض. وإضافة الماء إلى الأرض لأدنى ملابسة لكونه على وجهها. وإقلاع السماء مستعار لكف نزول المطر منها لأنه إذا كف نزول المطر لم يخلف الماء الذي غار في الأرض ، ولذلك قدم الأمر بالبلع لأنه السبب الأعظم لغيض الماء.
وقيل يا ارض ابلعي مائك
فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم: " أنا أحق بموسى ، وأحق بصوم هذا اليوم ". فصام ، وقال لأصحابه: " من كان أصبح منكم صائما فليتم صومه ، ومن كان أصاب من غداء أهله ، فليتم بقية يومه " وهذا حديث غريب من هذا الوجه ، ولبعضه شاهد في الصحيح. وقوله: ( وقيل بعدا للقوم الظالمين) أي: هلاكا وخسارا لهم وبعدا من رحمة الله ، فإنهم قد هلكوا عن آخرهم ، فلم يبق لهم بقية. وقيل يا أرض ابلعي ماءك - ياسر الدوسري - YouTube. وقد روى الإمام أبو جعفر بن جرير والحبر أبو محمد بن أبي حاتم في تفسيريهما من حديث موسى بن يعقوب الزمعي ، عن قائد مولى عبيد الله بن أبي رافع ، أن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة أخبره: أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لو رحم الله من قوم نوح أحدا لرحم أم الصبي " قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم: " كان نوح - عليه السلام - مكث في قومه ألف سنة [ إلا خمسين عاما] ، يعني وغرس مائة سنة الشجر ، فعظمت وذهبت كل مذهب ، ثم قطعها ، ثم جعلها سفينة ويمرون عليه ويسخرون منه ويقولون: تعمل سفينة في البر ، فكيف تجري ؟ قال: سوف تعلمون. فلما فرغ ونبع الماء ، وصار في السكك خشيت أم الصبي عليه ، وكانت تحبه حبا شديدا ، فخرجت إلى الجبل ، حتى بلغت ثلثه فلما بلغها الماء [ ارتفعت حتى بلغت ثلثيه ، فلما بلغها الماء] خرجت به حتى استوت على الجبل ، فلما بلغ رقبتها رفعته بيديها فغرقا فلو رحم الله منهم أحدا لرحم أم الصبي ".
وقيل يا ارض ابلعي ماءك
وقوله: وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ، يحتمل أن يكون هذا من كلام الله ، ويحتمل أن يكون من كلام نوح، فالله تعالى أعلم، لكن هذه الآية من الآيات التي جمعت صنوف البلاغة، هذه آية بالغة في الفصاحة والبلاغة مبلغاً عظيماً؛ ولذلك فإن العلماء الذين يُعنَون بالإعجاز القرآني البلاغي اللغوي يطيلون في الحديث عن هذه الآية. وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ [سورة هود:45-47]. هذا سؤال استعلام وكشف من نوح عن حال ولده الذي غرق، فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي أي: وقد وعدتني بنجاة أهلي، ووعْدك الحق الذي لا يخلف فكيف غرق وأنت أحكم الحاكمين؟ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ أي: الذين وعدت إنجاءهم؛ لأني إنما وعدتك بنجاة من آمن من أهلك، ولهذا قال: وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ [سورة المؤمنون:27]، فكان هذا الولد ممن سبق عليه القول بالغرق لكفره ومخالفته أباه نبي الله نوحاً ، وقوله: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ أي: الذين وعدتك نجاتهم.
وقيل يا أرض ابلعي ماءك
وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) ( وقيل) يعني: بعدما تناهى أمر الطوفان: ( يا أرض ابلعي) تشربي ، ( ماءك ويا سماء أقلعي) أمسكي ، ( وغيض الماء) نقص ونضب ، يقال: غاض الماء يغيض غيضا إذا نقص ، وغاضه الله أي أنقصه ، ( وقضي الأمر) فرغ من الأمر وهو هلاك القوم ( واستوت) يعني: السفينة استقرت ، ( على الجودي) جبل بالجزيرة بقرب الموصل ، ( وقيل بعدا) هلاكا ، ( للقوم الظالمين). وروي أن نوحا عليه السلام بعث الغراب ليأتيه بخبر الأرض فوقع على جيفة فلم يرجع فبعث الحمامة فجاءت بورق زيتون في منقارها ولطخت رجليها بالطين ، فعلم نوح أن الماء قد نضب ، فقيل إنه دعا على الغراب بالخوف فلذلك لا يألف البيوت ، وطوق الحمامة الخضرة التي في عنقها ودعا لها بالأمان ، فمن ثم تأمن وتألف البيوت. وروي أن نوحا عليه السلام ركب السفينة لعشر مضت من رجب وجرت بهم السفينة ستة أشهر ، ومرت بالبيت فطافت به سبعا وقد رفعه الله من الغرق وبقي موضعه ، وهبطوا يوم عاشوراء ، فصام نوح ، وأمر جميع من معه بالصوم شكرا لله عز وجل.
وقيل يا ارض ابلعي ماءك ويا سماء
* * * ذكر من قال ذلك: 18192- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وغيض الماء) ، قال: نقص ، (وقضي الأمر) ، قال: هلاك قوم نوح 18193- حدثني المثني قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. - 18194 حدثني القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. وقيل يا أرض ابلعي ماءك. قال: قال ابن جريج (وغيض الماء) ، نَشِفَتهُ الأرض. (46) 18195- حدثني المثني قال ، حدثنا عبد الله قال ، حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (يا سماء أقلعي) ، يقول: أمسكي (وغيض الماء) ، يقول: ذهب الماء. 18196- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وغيض الماء) ، والغُيوض ذهاب الماء ، (واستوت على الجودي). 18197- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (واستوت على الجودي) ، قال: جبل بالجزيرة، تشامخت الجبال من الغَرَق، وتواضع هو لله فلم يغرق، فأرسيتْ عليه. 18198- حدثني المثني قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (واستوت على الجودي) ، قال: الجودي جبل بالجزيرة، تشامخت الجبال يومئذ من الغَرَق وتطاولت، وتواضع هو لله فلم يغرق، وأرسيت سفينة نوح عليه 18199- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن حقا على الله ألا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه. وخرج مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله. وقال - صلى الله عليه وسلم -: إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد. خرجه البخاري.
يا نساء النبي القرئ عمر هشم ምረጥ ቃሪ ኡመረ ሀሽም - YouTube
يا نساء النبي لا تخضعن
"يا نساء النبي.... "أية كريمة وشرح مدلولاتها. - YouTube
يا نساء النبي لستن كأحد من النساء اعراب
حرمة نساء النبي في القرآن
يا نساء النبي من تأت بكن من فاحشة
{ يا نسآء النبي} تلاوة رائعة للشيخ ياسر الدوسري رمضان 1439 - YouTube
تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وإجلاله وتوقيره شعبة عظيمة من شعب الإيمان، ومن حقه صلى الله عليه وسلم على أمته أن يُجَّل ويُعظَّم ويُوَقر، قال الله تعالى: { لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}(الفتح: 9)، قال ابن كثير: "قال ابن عباس وغير واحد: يعظموه، { وَتُوَقِّرُوهُ} من التوقير وهو الاحترام والإجلال والإعظام"، وقال السعدي:" { وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} أي: تعزروا الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقروه أي: تعظموه وتُجِّلوه، وتقوموا بحقوقه". وتوقيره صلى الله عليه وسلم سبيل الفلاح في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: { فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(الأعراف:157)، قال ابن كثير: "وقوله: { فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ} أي: عظموه ووقروه، { وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ} أي: القرآن والوحي الذي جاء به مبلغاً إلى الناس، { أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} أي: في الدنيا والآخرة". ومن صور ومظاهر توقير النبي صلى الله عليه وسلم: توقيره في زوجاته رضوان الله عليهن أجمعين، فيجب على المسلمين ـ في كل زمان ومكان ـ أن يحفظوا لهن حقهن في الحُرْمة والتوقير، والإكرام والإعظام، والمكانة التي جعل الله تعالى لهن، فهن اللاتي ارتضاهن الله عز وجل أن يَكُنَّ زوجات لنبيه صلى الله عليه وسلم وأمهات للمؤمنين، قال الله تعالى: { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}(الأحزاب:6).
وقال ابن كثير: { وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} أي: في الجنة، فإنهن في منازل رسول الله صلى الله عليه وسلم، في أعلى عليين، فوق منازل جميع الخلائق، في الوسيلة التي هي أقرب منازل الجنة إلى العرش". السادسة: تفضيلهن على عموم النساء، وذلك من قول الله تعالى: { يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء}(الأحزاب: 32)، قال البغوي في تفسيره: "قال ابن عباس رضي الله عنه: ليس قدركن عندي مثل قدْر غيركنّ من النساء الصالحات، أَنْتُنَّ أكرم عليَّ وثوابكُنَّ أَعْظم لَدَيَّ". الفضيلة السابعة: الاصطفاء الإلهي، قال الله تعالى: { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا}(الأحزاب: 34)، قال ابن كثير: "أي: ذا لطف بكن، إذ جعلكن في البيوت التي تتلى فيها آياته والحكمة وهي السُنة، خبيراً بِكُنَّ إذ اختاركن لرسوله أزواجا".. وقال: "واذكرن هذه النعمة التي خصصتن بها من بين الناس، أن الوحي ينزل في بيوتكن دون سائر الناس"، وقال الزمخشري: "{ خَبِي رًا} أي: علم من يصلح لنبوته ومن يصلح لأن يكونوا أهل بيته". هذه بعض فضائل زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، والتي تدل على اصطفاء الله لهن على سائر النساء، مما يستوجب على كل مسلم ومسلمة: حبهن وتوقيرهن ومعرفة فضلهن، ودراسة سيرتهن، وما كان لهن من دور في مؤازرة النبي صلى الله عليه وسلم ونصرته، وما كان لهن من دور بعد وفاته في حفظ مسائل الدين ونشرها بين الأمة، فإن هناك أموراً عديدة من هديه صلى الله عليه وسلم لا يمكن العلم بها إلا من طريق زوجاته رضي الله عنهن.