قوله: {فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ} أي: على يوسف، وفي الكلام حذف، والتقدير: فذهبوا كما أمرهم أبوهم إلى مصر ليتحسسوا من يوسف وأخيه، فلما دخلوا على يوسف: {قَالُواْ أَيُّهَا العزيز} أي: الملك الممتنع القادر: {مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضر} أي: الجوع والحاجة، وفيه دليل على أنه تجوز الشكوى عند الضرورة إذا خاف من إصابته على نفسه، كما يجوز للعليل أن يشكو إلى الطبيب ما يجده من العلة، وهذه المرّة التي دخلوا فيها مصر هي المرّة الثالثة، كما يفيده ما تقدّم من سياق الكتاب العزيز: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ} البضاعة هي القطعة من المال يقصد بها شراء شيء، يقال: أبضعت الشيء واستبضعته: إذا جعلته بضاعة. وفي المثل: كمستبضع التمر إلى هجر. والإزجاء: السوق بدفع. قال الواحدي: الإزجاء في اللغة: السوق والدفع قليلًا قليلًا، ومنه قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُزْجِى سَحَابًا} [النور: 43]، والمعنى: أنها بضاعة تدفع ولا يقبلها التجار. قال ثعلب: البضاعة المزجاة الناقصة غير التامة. تفسير: (قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم). قال أبو عبيدة: إنما قيل للدراهم الرديئة: مزجاة لأنها مردودة مدفوعة غير مقبولة. واختلف في هذه البضاعة ما هي؟ فقيل: كانت قديدًا وحيسًا، وقيل: صوف وسمن، وقيل: الحبة الخضراء والصنوبر، وقيل: دراهم رديئة، وقيل: النعال والأدم.
تفسير: (قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم)
قال الزجاج: الأصل يا أسفي، فأبدل من الياء ألفًا لخفة الفتحة، والأسف: شدة الجزع. وقيل: شدة الحزن، ومنه قول كثير: فيا أسفا للقلب كيف انصرافه ** وللنفس لما سليت فتسلت قال يعقوب هذه المقالة لما بلغ منه الحزن غاية مبالغة بسبب فراقه ليوسف، وانضمام فراقه لأخيه بنيامين، وبلوغ ما بلغه من كونه أسيرًا عند ملك مصر، فتضاعفت أحزانه، وهاج عليه الوجد القديم بما أثاره من الخبر الأخير. وقد روي عن سعيد بن جبير: أن يعقوب لم يكن عنده ما ثبت في شريعتنا من الاسترجاع، والصبر على المصائب، ولو كان عنده ذلك لما قال: {يا أسفا على يوسف}. ومعنى المناداة للأسف طلب حضوره، كأنه قال: تعال يا أسفي، وأقبل إليّ: {وابيضت عَيْنَاهُ مِنَ الحزن} أي: انقلب سواد عينيه بياضًا من كثرة البكاء. قيل: إنه زال إدراكه بحاسة البصر بالمرة. وقيل: كان يدرك إدراكًا ضعيفًا. وقد قيل في توجيه ما وقع من يعقوب عليه السلام من هذا الحزن العظيم المفضي إلى ذهاب بصره كلًا أو بعضًا بأنه: إنما وقع منه ذلك لأنه علم أن يوسف حيّ، فخاف على دينه مع كونه بأرض مصر وأهلها حينئذٍ كفار. وقيل: إن مجرد الحزن ليس بمحرّم، وإنما المحرّم ما يفضي منه إلى الوله وشق الثياب والتكلم بما لا ينبغي، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم عند موت ولده إبراهيم: «تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الربّ، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزنون» ويؤيد هذا قوله: {فَهُوَ كَظِيمٌ} أي: مكظوم، فإن معناه: أنه مملوء من الحزن ممسك له لا يبثه، ومنه كظم الغيظ وهو إخفاؤه، فالمكظوم المسدود عليه طريق حزنه، من كظم السقاء: إذا سدّه على ما فيه، والكظم بفتح الظاء.
ثم قال: ( إنه هو العليم الحكيم) يعني هو العالم بحقائق الأمور ، الحكيم فيها على الوجه المطابق للفضل والإحسان والرحمة والمصلحة.
إني توكلت على الله ربي وربكم - تلاوة خاشعة للشيخ ماهر المعيقلي - YouTube
القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة هود - الآية 56
أحبتي: المؤمن في هذه الحياة يبتلى ويختبر, رفعة في درجاته, وتكفيراً لسيئاته وبيانا لحال هذه الفانية التي جلبت على الكدر, وليعمل المؤمن لأخرته التي لا خوف على أهلها ولا حزن. ومع ما في هذه الدنيا من مشاق ومصائب, إلا الإنسان بفطرته السليمة بحاجة إلى مولاه, بحاجة إلى من يرفع إليه شكواه, ويبث إليه حزنه وألمه, فالله سبحانه بيده الخير كله وإليه يرجع الأمر كله.
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة هود - القول في تأويل قوله تعالى "إني توكلت على الله ربي وربكم "- الجزء رقم15
إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها أي. قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي. ربي و ربكم 2- توكل زمينهى شجاعت است. إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم. إني توكلت على الله ربي وربكم أي رضيت بحكمه ووثقت بنصره. هي تحت قهره وسلطانه وهو الحاكم العادل الذي لا يجور في حكمه فإنه على صراط مستقيم. إني توكلت با تكيه و اتكال بر خداوند مىتوان در برابر جهانى ايستاد. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة هود - القول في تأويل قوله تعالى "إني توكلت على الله ربي وربكم "- الجزء رقم15. About Press Copyright Contact us Creators Advertise Developers Terms Privacy Policy. 5- ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم.
إني توكلت على الله ربي وربكم - تلاوة خاشعة للشيخ ماهر المعيقلي - Youtube
القول في تأويل قوله تعالى: ( إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ( 56))
قال أبو جعفر: يقول: إني على الله الذي هو مالكي ومالككم ، والقيم على جميع خلقه ، توكلت من أن تصيبوني ، أنتم وغيركم من الخلق بسوء ، فإنه ليس من شيء يدب على الأرض ، إلا والله مالكه ، وهو في قبضته وسلطانه. ذليل له خاضع. [ ص: 364]
فإن قال قائل: وكيف قيل: ( هو آخذ بناصيتها) ، فخص بالأخذ "الناصية " دون سائر أماكن الجسد. القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة هود - الآية 56. قيل: لأن العرب كانت تستعمل ذلك في وصفها من وصفته بالذلة والخضوع ، فتقول: "ما ناصية فلان إلا بيد فلان" ، أي: أنه له مطيع يصرفه كيف شاء. وكانوا إذا أسروا الأسير فأرادوا إطلاقه والمن عليه ، جزوا ناصيته ، ليعتدوا بذلك عليه فخرا عند المفاخرة. فخاطبهم الله بما يعرفون في كلامهم ، والمعنى ما ذكرت. وقوله: ( إن ربي على صراط مستقيم) ، يقول: إن ربي على طريق الحق ، يجازي المحسن من خلقه بإحسانه والمسيء بإساءته ، لا يظلم أحدا منهم شيئا ولا يقبل منهم إلا الإسلام والإيمان به ، كما: -
18278 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( إن ربي على صراط مستقيم) ، الحق.
إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56) { إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ} أي: اعتمدت في أمري كله على الله { رَبِّي وَرَبُّكُمْ} أي: هو خالق الجميع، ومدبرنا وإياكم، وهو الذي ربانا. { مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} فلا تتحرك ولا تسكن إلا بإذنه، فلو اجتمعتم جميعا على الإيقاع بي، والله لم يسلطكم علي، لم تقدروا على ذلك، فإن سلطكم، فلحكمة أرادها. فـ { إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي: على عدل، وقسط، وحكمة، وحمد في قضائه وقدره، في شرعه وأمره، وفي جزائه وثوابه، وعقابه، لا تخرج أفعاله عن الصراط المستقيم، التي يحمد، ويثنى عليه بها.