[٣]
وجاء في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- عن أعلى خصال الإيمان التي يمكن للمُسلم من خلالها الحصول على حلاوة الإيمان؛ فقال: (ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلَاوَةَ الإيمَانِ: أنْ يَكونَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِوَاهُمَا، وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ، وأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ) ، [٤] وهذه الحلاوة يجدها الإنسان ويذوقها بقلبه كما يذوق حلاوة الطعام والشراب، وتكون غذاءً لروحه ولقلبه معاً. [٥]
كيفية تحصيل حلاوة الإيمان
يستطيع الإنسان الحصول على حلاوة الإيمان بعدّة طُرق، ومنها ما يأتي:
الإكثار من دُعاء الله -تعالى- بتحصيل هذه الحلاوة، ولذّة العبادة، مع السعي وراء أسبابها؛ كالتفقّه في الدين، والسعي في الطاعات. [٦]
الإكثار من طاعة الله -تعالى- وعبادته، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه؛ وبكون ذلك بتقديم محبة الله -تعالى- ورسوله على ما سواهما، ومحبّة النبي -عليه الصلاة والسلام- تكون باتّباع سنّته، ونُصرة دعوته، لقوله -تعالى-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) ، [٧] وكذلك محبّة الناس لأجل الله -تعالى- بعيداً عن الأنانيّة والمصالح الشخصيّة، ومن كمال الإيمان وحصول حلاوته تمنّي الخير للمُسلمين ومحبّتهم، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ).
حلاوة الايمان
قال النووي: "هذا حديث عظيم، أصل من أصول الإسلام، قال العلماء رحمهم الله: معنى حلاوة الإيمان: استلذاذ الطاعات، وتحمل المشقات في رضا الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإيثار ذلك على عرَض الدنيا، ومحبة العبد ربه سبحانه وتعالى بفعل طاعته، وترك مخالفته، وكذلك محبة الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم" [1]. وقال السندي: "(حلاوة الإيمان)؛ أي: انشراح الصدر به، ولذة القلب له تشبه لذة الشيء إلى حصول في الفم، وقيل: الحلاوة: الحسن، وبالجملة فللإيمان لذة في القلب تشبه الحلاوة الحسية، بل ربما يغلب عليها حتى يدفع بها أشد المرارات، وهذا مما يعلم به مَن شرح الله صدره للإسلام، اللهم ارزُقْناها مع الدوام عليها". حديث ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان. [2]
ولكن معايير كثير من الناس اليوم تغيرت في طلب الحلاوة واللذة، والسعي فيها؛ فهم يطلبون من الدنيا تلك الحلاوة الزائلة الزائفة، فأصبح السعيد في واقع الناس اليوم من حصل على الأموال الكثيرة، والمساكن الشاهقة، والمراكب الفارهة، حتى وإن كان ذلك عن طريق الحرام ومعصية الله. يقول الحسن البصري واصفًا حال الأثرياء: "إنهم وإن طَقْطَقَتْ بهم البِغال، وهَمْلَجَت بهم البراذين، فإن ذل المعصية لا يفارقهم، أبى اللهُ إلا أن يُذِلَّ مَن عصاه".
حديث: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان
ومَن وجَدَ حَلاوةَ الإيمانِ استلذَّ الطَّاعاتِ، وآثَرَها على أغراضِ الدُّنيا، وتحمَّلَ المشَاقَّ في سَبيلِ اللهِ تعالَى. حلاوة الايمان. فالخَصلةُ الأُولى: أنْ يكونَ اللهُ ورسولُه أحَبَّ إليه ممَّا سِواهما، ومَحبَّةُ اللهِ تَنشَأُ مِن مَعرفةِ أسمائِه وصِفاتِه، والتَّفكيرِ في مَصنوعاتِه، وما فيها مِن الحِكَمِ والعَجائبِ، وتَحصُلُ مِن مُطالَعةِ نِعَمِه على العِبادِ؛ فإنَّ ذلك كلَّه يدُلُّ على كَمالِه وقُدرتِه، وحِكمتِه وعِلمِه ورَحمتِه، ومَحبَّةُ العبدِ لِخالقِه سُبحانه وتعالَى تَقودُ العبْدَ إلى الْتزامِ شَريعتِه وطاعتِه، والانتهاءِ عمَّا نَهى عنه. ومَحبَّةُ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تابعةٌ لمَحَبَّةِ اللهِ، ويَلزَمُ مِن تلك المحبَّةِ اتِّباعُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أوامِرِه ونواهيه، كطاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ويَجِبُ أنْ تكونَ مَحبَّةُ الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في قلْبِ كلِّ مسلِمٍ أعظَمَ مِن مَحبَّتِه لنفْسِه، ومَحبَّتِه لأبيهِ وأُمِّه، وابنِه وبِنتِه، وزَوجتِه، وصَديقِه وأقارِبِه، والناسِ أجمعينَ. والخَصلةُ الثَّانيةُ: أنْ يُحِبَّ المرءَ لا يُحِبُّه إلَّا للهِ؛ فهذا حَثٌّ على التَّحابِّ في اللهِ، وهو مِن أَوثقِ عُرَى الإيمانِ، فليستِ المحبَّةُ مِن أجْلِ تَبادُلِ مَنافعَ وتَحصيلِ أغراضٍ دُنيويَّةٍ، وإنَّما جمَعَ بيْنَهما الحُبُّ في اللهِ، ويَلزَمُ مِن تلك المحبَّةِ نفْعُ المسلمِ لأخيه المسلمِ، وتَرْكُ إيذائِه، كما في حَديثِ الصحيحَينِ: «المُسلِمُ أخو المُسلِمِ، لا يَظلِمُه، ولا يُسْلِمُه، ومَن كان في حاجةِ أخيه كان اللهُ في حاجتِه، ومَن فرَّجَ عن مُسلِمٍ كُرْبةً، فرَّجَ اللهُ عنه كُربةً مِن كُرُباتِ يَومِ القيامةِ، ومَن ستَرَ مُسلِمًا ستَرَه اللهُ يَومَ القِيامةِ».
والخَصلةُ الثَّالثةُ: أنْ يَكرَهَ المسلمُ أنْ يَعودَ في الكُفْرِ، كما يَكرَهُ أنْ يُقذَفَ في النَّارِ؛ فإذا رسَخَ الإيمانُ في القلْبِ، وتحقَّقَ به، ووجَدَ العبْدُ حَلاوتَه وطَعْمَه؛ أحَبَّه، وأحَبَّ ثَباتَه ودَوامَه، والزِّيادةَ منه، وكَرِهَ مُفارقتَه، وكانتْ كَراهتُه لمُفارقتِه أعظَمَ عندَه مِن كَراهةِ الإلقاءِ في النَّارِ، فإذا وجَدَ العبْدُ حلاوةَ الإيمانِ في قَلْبِه أحَسَّ بمَرارةِ الكُفرِ والفُسوقِ والعِصيانِ. قيل: وإنَّما قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذا تَحذيرًا وتَخويفًا للصَّحابةِ؛ لأنَّهم كانوا كُفَّارًا فأسلَموا، وكان في بَعضِ النُّفوسِ حُبُّ ما كان في الزَّمانِ الماضي، فبيَّنَ لهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ العَودَ إلى الكُفْرِ كإلْقاءِ الرجُلِ نفْسَه في النارِ؛ لأنَّ عاقِبةَ الكُفَّارِ دُخولُ نارِ جهنَّمَ، ونقْضُ التَّوبةِ والرُّجوعُ مِنَ التَّوبةِ إلى المعصيةِ أيضًا كإلْقاءِ الرجُلِ نفْسَه في نارِ جهنَّمَ، وهذا مِن عِظَمِ ذَنبِ الكُفْرِ والعَودةِ إليه.
شخص مشغول =̶
في درااستہ و لا ٺحرﻣہ هَ
فرحةة النجااح '* آممميينَ ♥♥!
معسل ابو هيثم الدخين
مؤسسة موقع حراج للتسويق الإلكتروني [AIV]{version}, {date}[/AIV]
ابو عسل هيثم - YouTube