قال المصنف رحمه الله: وعن أبي بكر رضي الله عنه أنه قام على المنبر ثم بكى فقال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أول على المنبر ثم بكى فقال: سلوا الله العفو والعافية فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية رواه الترمذي من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل وقال حديث حسن غريب و رواه النسائي من طرق وعن جماعة من الصحابة وأحد أسانيده صحيح. حفظ Your browser does not support the audio element.
سؤال الله العافية
وفي السنة النبوية ومن البحث في الأحاديث المشرفة نصوص دعا خلالها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يدعو الله عز وجل بالعافية في الدين وفي الدنيا، فعن العباس بن عبد المطلب قال: قلت يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله، قال: (سل الله العافية) فمكثت أياما ثم جئت فقلت: يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله، فقال لي: (يا عباس، يا عم رسول الله، سل الله العافية في الدنيا والآخرة). وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول «لأن أعافى فأشكر أحب إلي من أن أبتلى فأصبر». حديث سلوا الله العافية. وقال الجزري في عدة الحصن الحصين: «لقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم دعاءه بالعافية وورد عنه صلى الله عليه وسلم لفظا ومعنى من نحو من خمسين طريقا» ومن أشهر هذه الأحاديث الصحاح قوله صلى الله عليه وسلم: «ما سئل الله شيئا أحب إليه من أن يسأل العافية»، وقال صلى الله عليه وسلم: «سلوا الله العفو والعافية فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية». وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم حين يمسي وحين يصبح: «اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عورتي وآمن روعاتي ؛ اللهم أحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي».
سلوا الله العافية
وهم بين كادحٍ مُلتذٍّ وآخر مُتألِّمٍ، قد يضعُفُون مع المتاعِب إلى حدِّ الهَوان، وقد ينتَشُون مع المنافعِ إلى حدِّ الطُّغيان، والكيِّسُ من هؤلاء جميعًا من لا يزيغُ ولا يطغَى، ويظلُّ رابطَ الجأشِ مُتماسِكًا في حالَيْه كلتَيْهما، ويدفعُ نفسَه دفعًا إلى الوقوفِ ببابِ خالقهِ ومولاه يسألُه العفوَ والعافيةَ في دينه ودنياه وأهلِه وماله؛ لأن إيثارَ العافية فِطرةٌ فطَرَها الله في الأنفُس؛ إذ لا يحبُّ البلاءَ والأوجاعَ إلا مُختلُّ المزاج مختومُ الفؤاد. وإنه لا يُدرِكُ قيمةَ العافية إلا من فقَدَها في دينه أو دُنياه؛ فالعافيةُ إذا دامَت جُهِلَت، وإذا فُقِدَت عُرِفَت، وثوبُ العافية من أجمل لباس الدنيا والدين، وفيهما تلذُّ الحياةُ الدنيا ويحسُن المآلُ في الأخرى. خطبة سلوا الله العافية. ومن هنا كان توجيهُ المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لأمَّته رحمةً بهم وحِرصًا عليهم، حينما قال: " سلُوا اللهَ العفوَ والعافيةَ؛ فإن أحدًا لم يُعطَ بعد اليقين خيرًا من العافية ". رواه أحمد. ولم يكتفِ النبي -صلى الله عليه وسلم- بقولِه هذا لأمَّته، وإنما أردَفَ ذلك بفعلِه المُتكرِّر؛ لتشعُر أمَّتُه بقيمة هذه النعمةِ العظيمةِ، فكان -صلوات الله وسلامه عليه- يقول: " اللهم إني أسألُك العافيةَ في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألُك العفوَ والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي... ".
سلوا الله العفو والعافية
ثالثها: أنه أحب إلى الله تعالى من كل ما يدعو به العبد
أيها المسلمون
فبالعافية تندفع عنك الأسقام ، ويقيك الله شرها ،ويرفعها عنك إن وقعت بك، فلولا العافية لتكدَّرَت الحياة، ولَما استقامَت ، ولفسَدَت، وتأمَّل معي في مُعاتبة النبيِّ عليه الصلاة والسلام لهذا المبتلى ، فقد روى مسلم في صحيحه (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَادَ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ ». قَالَ نَعَمْ كُنْتُ أَقُولُ اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا. سلوا الله العافية. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « سُبْحَانَ اللَّهِ لاَ تُطِيقُهُ – أَوْ لاَ تَسْتَطِيعُهُ – أَفَلاَ قُلْتَ اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ». قَالَ فَدَعَا اللَّهَ لَهُ فَشَفَاهُ. وخرج الحجَّاج للصيد يوما فقال لأصحابه: هلمُّوا بضيفٍ نطعمه معنا، فأتَوا له بأعرابي، فجلَس معه على الطَّعام، فقال الحجَّاج: ما أطيَبَ الطَّعام!
الدرر السنية
ونحو ذلك؛ فجَمَع في ذلك سؤالَ الله الحفظَ من جَميع العَوارِض المُؤْذِيَة والأخطار المُضِرَّة. ومما يدل على فضل هذا الدعاء أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- علّم الحسن بن علي -رضي الله عنهما- دعاء في قنوت الوتر وذكر فيه قوله: "وعافنِي فيمَن عافيت"؛ فهذا سؤالُ الله العافية المطلقة، وهي العافية؛ من الكفر والفسوق والعصيان والغفلة والأمراض والأسقام والفتن، وفعل ما لا يحبُّه أو ترك ما يحبه؛ فهذه حقيقةُ العافية. سؤال الله العافية. ولهذا ما سُئل الرَّبُّ شيئاً أحبَّ إليه من العافية؛ لأنَّها كلمةٌ جامعةٌ للتخلُّص من الشَّرِّ كلِّه وأسبابه، ومِمَّا يدل على هذا ما رواه شَكَل بن حُميد -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله! علِّمني دعاءً أنتفعُ به، قال: " قل اللَّهمَّ عافنِي من شَرِّ سَمعي وبصري ولساني وقلبِي وشَرِّ مَنِيِّي " (رواه البخاري في الأدب المفرد وصحَّحه الألباني). فهي دعوةٌ جامعةٌ وشاملةٌ للوقاية من الشرور كلِّها في الدنيا والآخرة، ومن أوتي العافيةَ في الدنيا والآخرة؛ فقد أوتي الخير بمجامعه، والعافيةُ من كل أبوابها.
اعلم أن الله محيط بك وأنه أقرب إليك من حبل الوريد، فراقب نفسك مراقبته لك، وحاسبها قبل وقوفك بين يدي يديه، واخرج إلى العالم بعافيتك في بدنك ونفسك ويقينك قوياً جلداً مؤمناً، وأضرمها في جنبات الأرض عودةً مسلمة يفرق منها الباطل كما فعل آباؤك ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ [النور: 55] و﴿ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الأعراف: 128]. [5]
[1] العفو: ترك العقاب عن الذنب. العافية: الصحة التامة وهي دفاع الله عن العبد بمحو الأسقام عنه. المعافاة: محو الأسقام، ودفع كل سوء. اليقين: العلم وزوال الشك. [2] المليص من يلد ميتاً في أشهر الحمل الأولى. [3] الخديج: بوزن قتيل وهو السقط الذي يلقى قبل تمام الأيام وإن كان تام الخلقة. سلوا الله العفو والعافية. [4] المحثول: الردئي البنية. [5] المصدر: مجلة التمدن الإسلامي، السنة الرابعة، العدد الثامن، 1357هـ - 1358هـ - 1938م.
ولكنهم لم يدركوا بأن الله سوف يهلك هؤلاء القوم الظالمين لما قاموا به. ولم يتبينوا ما لحق بالأقوام السابقة الذين كانوا يكذبون الأنبياء والمرسلين فيما يدعونهم به من عبادة الله الواحد الأحد وألا يشركوا به شيئًا. قصة قوم ثمود للاطفال. وتلك القصص هي من أجل التزود بالموعظة والحكمة وأن يتحين على المرء أن يعلم بما يريده الله تعالى من أمر أو حكمة، وذلك لمصلحة العباد ولأجل حياة صالحة حتى يوم الوعد الصادق في الآخرة. شاهد أيضًا: ما الشيء الذي لا يغفره الله للشهيد ؟
نبي الله صالح مع قومه ثمود (قصة للأطفال)
ذبحهم للناقة:
وعاد لهم الشيطان مرة أخرى فوسوس لهم أن ما فائدة تلك الناقة, ولماذا هي تتقاسم معهم ومع أطفالهم شرب الماء, ونفعت تلك الوساوس فاتفقوا على عقر تلك الناقة, فكان في مدينة ثمود تسعة رهط مجرمون يعيثون في الأرض فسادا فمدوهم بهدايا حتى يذبحوا تلك الناقة, فنقضوا عهدهم مع الله ونبيه فعقروها, فحذرهم نبي الله من العذاب الذي سيحل بهم, ولكن قابلوا هذا التحذير بكبرياء وعدم سمعهم لكلام نبي الله, حيث قال في ذلك سبحانه وتعالى في كتابه الكريم "فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِين". ثلاثة أيام وإتيان العذاب:
وبعد أن عقروها وتحذير نبي الله لهم وعدهم بثلاثة أيام قبل حلول العذاب قال تعالى "فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ", وبعد أن اختبئوا التسعة المجرمون في الكهف أسقط الله عليه صخرة كبيرة بعد قتلهم لكل من آمن مع سيدنا صالح فسدت تلك الصخرة فتحة الكهف فماتوا جميعا, وخرج سيدنا صالح ومن معه خارج المدينة, وبعد انقضاء الثلاثة أيام أرسل الله لهم صيحة قوية أرعبتهم فظلوا في أماكنهم لا يستطيعون الحراك وبعد ذلك أرسل الله لهم زلزال شديد فهلكوا جميعا وتمزقوا وماتوا وأهلكت كل قصورهم.
من هم قوم ثمود - موضوع
وبالفعل أرسل الله إليهم ناقة عشراء ضخمة تشرب ما يعادل ماء القبيلة كله، وقد أمرهم الله على لسان صالح عليه السلام بأن لا تمسوها بسوء، فهي آية الله ومعجزته الدالة على وجوده سبحانه وتعالى، وبالفعل أخرج الله لهم هذه الناقة بنفس الأوصاف التي طلبوها. وبعد ذلك وعندما رأى الناس المعجزة بدأ البعض يفكر في الإيمان بالله وتصديق صالح، وهناك من آمن بالفعل بعدما رأى هذه المعجزة، ولكن هذا لم يعجب كبراء القوم فماذا فعلوا؟ كبراء القوم هم مصيبته.. من هم قوم ثمود - موضوع. فتعاطى فعقر لقد كان كبراء قوم ثمود هم السبب في العذاب والعقاب الذي حلّ بالقوم جميعهم بسبب إجماعهم على ذبح الناقة والتخلص من هذه المعجزة التي تدل على انتصار صالح عليه السلام عليهم، بل إنهم خططوا بقتل صالح نفسه ومن آمن معه. وبالفعل قام أحدهم بمعاقرة الخمر ثم الذهاب للناقة وذبحها، وعندئذ حل عقاب الله، وقد هددهم صالح بعد قتل هذه الناقة أن الله أوحى إليه أن العذاب المنظر على هذه القرية سيأتي خلال ثلاثة أيام، ذلك وعد غير مكذب من الله تعالى، فاستهزأ القوم به وكادوا يقتلونه. وقد أرسل الله إلى صالح أمراً قاطعاً أن يهجر هذه القرية هو ومن آمن معه لأن عقاب الله سيأتي لا محالة لهؤلاء القوم، وبالفعل أرسل الله صيحة شديدة أماتت جميع من كفر بالله من قوم ثمود فلم يبق منهم أحداً.
هو الذي أخرج أبانا آدم وأُمَّنا حوَّاء من الجنة، وهو السبب في نزولهما إلى الأرض؟ وهو الذي وسوس لقابيل أن يقتُل أخاه هابيل! وهو الذي وسوس للناس أنِ اعبدُوا الأصنام حتى أغرق الله الأرض ومَنْ عليها، ونجَّى نبي الله نوحًا والذين آمنوا به بالسفينة! نبي الله صالح مع قومه ثمود (قصة للأطفال). وبعدها جاء قوم عاد، ونسِي البشر مرة أخرى! ووسوس لهم الشيطان وعبدوا الأصنام! إلى أن سلَّط الله على قوم عاد الريح العقيمة التي أبادتهم جميعًا، ثم جاء بعدهم قوم ثمود ونبينا صالح، وقبيلة ثمود قبيلة كبيرة ومعروفة، وكانت تسكن منطقة يُقال لها الحجر بالقرب من مدينة تبوك، وكان نبي الله صالح كبيرًا فيهم، وله مكانة بينهم، وكانوا يعرفونه جيدًا، وقوم ثمود كانوا متقدِّمين جدًّا في الهندسة والزراعة، كان عندهم كل ما يكفيهم من مأكل طيب ومنازل، وقصور كبيرة منحوتة داخل الجبال ببراعة وعلمٍ شديد، وكانوا أقوياءَ أصحَّاءَ، خالين من الأمراض والأوبئة، بيئة نظيفة وصحَّة وقوَّة، وملبس ومأكل طيب لذيذ شهي صحي، ومشرب عذب غير ملوَّث بسهولة ويُسْر دون مجهود! وبدلًا من أن يحمدوا الله على ذلك، وسوس لهم الشيطان فبغى قوم ثمود، وطغوا وعاثوا في الأرض فسادًا، ظنًّا منهم أن ما عندهم ليس لله دخل فيه، وأنهم أقوياء ولا أحد يقدر عليهم!