فالسيدة مريم (ع) شعرت بالحزن حين وضعت السيدَ المسيح (ع) ولعلَّ ذلك نشأ من خشيتها إتهامَ الناسِ لها وعدم قدتها على الدفاع عن نفسها، إذ ليس ثمة ما يُوجب تصديقها. فأراد الله تعالى أن يُسرِّي عن حزنها ويُظهر لها عنايته بها وكرامتها عنده فكان منه أنْ جعل تحتها نهراً يجري بالماء لتشرب منه وتغتسل به ثم أمرها أن تحرِّك الجذع الذي تستند إليه فيُصبح نخلةً مثمرة ذات رطبٍ جني بعد أن كان جذعاً نَخِراً متهالكاً. وكلُّ ذلك بمقتضى طبعه يبعث البشرى في النفس وأنَّ الله تعالى لما كان قد أكرمها بمثل هذه الكرامة فإنَّه لن يتركها وقومها دون أن يتولَّى تبرئتها مما قد يقذفونها به. فكان كلُّ ما وقع لها بعد الوضع واقعاً في سياق التطمين لقلبها، وصيرورةُ الجذعِ البالي نخلةً ذاتَ رطبٍ جني بعد تحريكها له بيدها أبلغُ في التطمين لقلبها والوثوق بأن عناية الله تعالى ترعاها، ولعل ذلك هو منشأ الأمر بهزِّ الجذع وعدم صيرورته نخلةً ذات رطبٍ جنيٍّ ابتداءً ودون تحريكها له. وقفات مع آية: وهزي إليك بجذع النخلة. قال تعالى: ﴿فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا/فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا/وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا/فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا.... ﴾ ( 3)
وقفات مع آية: وهزي إليك بجذع النخلة
إعراب الآية 25 من سورة مريم - إعراب القرآن الكريم - سورة مريم: عدد الآيات 98 - - الصفحة 306 - الجزء 16. (وَهُزِّي) الواو عاطفة وأمر مبني على حذف النون والياء في محل رفع فاعل (إِلَيْكِ) متعلقان بهزي (بِجِذْعِ) الباء زائدة ومفعول به مجرور لفظا منصوب محلا (النَّخْلَةِ) مضاف إليه (تُساقِطْ) مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب والفاعل مستتر (عَلَيْكِ) متعلقان بتساقط (رُطَباً) مفعول به (جَنِيًّا) صفة. وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فائدة قوله { وَهُزِي إليْككِ بِجِذْععِ النخلةوهزى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النخلة تساقط عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً * فَكُلِى} أن يكون إثمار الجذع اليابس رُطباً ببركة تحريكها إياه ، وتلك كرامة أخرى لها. ولتشاهد بعينها كيف يُثمر الجذع اليابس رطباً. وهزي اليك بجذع النخلة يتساقط عليك رطبا جنيا. وفي ذلك كرامة لها بقوّة يقينها بمرتبتها. والباء في { بِجِذْععِ النَّخْلَةِ} لتوكيد لصوق الفعل بمفعوله مثل { وامسحوا برؤوسكم} [ المائدة: 6] وقوله { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [ البقرة: 195]. وضمن { وَهُزي} معنى قَرّبي أو أدني ، فعُدي ب ( إلى) ، أي حرّكي جذع النخلة وقرّبيه يَدْنُ إليك ويَلِنْ بعد اليبس ويُسقط عليك رطباً.
فمريم العذراء كانت امرأة متبتلة عابدة منقطعة عن البشر، فجاءها الملك فبشرها بغلام فتعجبت من أين يأتي هذا الغلام ولم يمسها بشر وهي الطاهرة العفيفة، سؤال في منتهى التعجب! أراد الله تعالى أن يأتيها الجواب مشاهداً أمام عينها، لتأنس ولتطمئن بما تراه من لطف الله بها وأن الله لن يتخلى عنها، فجاءها المخاض إلى جذع نخلة رأسه يابس نخر وفي أيام الشتاء، حيث لا يثمر النخيل، جاءها الأمر بأن تهز جذع النخلة حتى يتساقط إليها الرطب من هذا الجذع اليابس ومعلوم أن النخلة لا تثمر في الشتاء وأن النخلة الوحيدة من بين الأشجار لا تثمر إلا بوساطة التلقيح »التأبير« وهو أخذ الطلع من الشجرة الذكر ووضعه في طلع الشجرة الأنثي.
وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شرا لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون 😍♥️ - YouTube
لا تكرهوا شيئا وهو خير لكم أدناه
لكن الخير الذي رأته أم موسى تنوّع، ومن ذلك أن وليدها نجا، ثم ترعرع في قصر عدوه، حتى صار نبياً ورسولاً من أولي العزم من الرسل. • قد ترى ضمن مشهد إلقاء يوسف عليه السلام في الجب أو البئر، أنه أمر كان كله شراً وإجراماً وقسوة بالغة من إخوة كبار تجاه أخيهم الصغير، لتجد بعد حين من الدهر، أن الخير كان يكمن في تلك المؤامرة. وعسى أن تكرهوا شيئا - إسلام أون لاين. خيرٌ تجسد بعد سنوات طوال، على شكل عزة وهيبة وسلطان ناله يوسف -عليه السلام– حتى طال ذلك الخير أمه وأباه، وكذلك إخوته الذين حاكوا ونسجوا تلك المؤامرة الشيطانية! • قصة أخرى أخيرة عن موسى عليه السلام أيضاً، وشعوره يوم أن طلب من خادمه تحضير ما يسد رمقهم في ذاك اليوم، من بعد مسير متعب بحثاً عن الرجل الصالح، أو الخضر عليه السلام. يخبره خادمه أن السمكة التي كانت معهم وكانت هي طعام غدائهم، قد عادت للحياة وخرجت بشكل عجيب من سلة طعامهم ناحية البحر؟
لا شك أن شعور عدم الارتياح كان هو الشعور الابتدائي عند موسى- عليه السلام- قبل أن يتنبه إلى أن ما حدث– وإن كرهه للحظات– هو الإشارة التي كان ينتظرها، والدالة على قرب الوصول لمبتغاهما. نعم، لولا هذا الحدث غير المريح بداية، لما عاد موسى- عليه السلام- وخادمه لمواصلة السير وقص الأثر، حتى وجدا الخضر عليه السلام، ومعايشة قصص عجيبة عرفوا من خلالها جزءاً يسيراً من عميق علم الله، وهي كلها شواهد على موضوع حديثنا اليوم.
لا تكرهوا شيئا وهو خير لكم والحيوناتكم
وتلاحقت الابتلاءات عليك من ورائها ولم تجد منها غير الأذى والألم.. و تأمل أخي القارئ أن الابتلاء مبني على الخير، فيكفي المرء أن يدخل في دائرة من يقال لهم: إذا أحب الله عبدا ابتلاه
وتذكر عجبية أمرنا نحن المؤمنون كما وصفنا الذي لا ينطق عن الهوى -صلى الله عليه وسلم-: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له. رواه مسلم
وبالعودة إلى حديث الشيخ المقبل فإنه يشير إلى أن هذه القاعدة تنطبق على أحوال شتى تعصف بحياة الإنسان، دينية كانت أو دنيوية، نفسية أو جسدية..
ويبين الشيخ أن إعمال هذه القاعدة مسبب رئيس للطمأنينة والراحة ورادع قوي للقلق.
ومن ثم اتيحت لي الفرصة لاستخدام جهاز آخر كنت أحلم به. ومن المواقف أيضا في رمضان، مرضي عند دخول العشر الأواخر، فما رأيته إلا منحة كبيرة من الله لأتقرب إليه أكثر، وأظنكم تعرفون المرض كيف يغير في المرء ويزيده تسليما وايمانا وثوابا..
والخلاصة هي كما ذكرها الشيخ لا أزيد عليها