الحمد لله ذي الفضل والإحسان، جعل الحياء شعبة من شعب الإيمان ، وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. { يسأله من في السموات والأرض كُلَّ يومٍ هو في
شأن} [الرحمن: 29]، إن الحياء خصلة حميدة، تكف صاحبها عما لا
يليق. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إن الحياء لا يأتي إلا بخير » وأخبر أنه شعبة من
شعب الإيمان. فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه قال: "الإيمان بضع
وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة. فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها
إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان". وقد مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم برجل وهو يعظ أخاه في الحياء أي
يلومه عليه فقال: « دعه، فإن الحياء من الإيمان »
دلت هذه الأحاديث على أن الحياء خلق فاضل. قال الإمام ابن القيم - رحمه
الله-: والحياء من الحياة ومنه يقال: الحيا للمطر، على حسب حياة القلب
يكون فيه قوة خلق الحياء- وقلة الحياء من موت القلب والروح، فكلما كان
القلب أحيى كان الحياء أتم- فحقيقة الحياء أنه خلق يبعث على ترك
القبائح، ويمنع من التفريط في حق صاحب الحق، والحياء يكون بين العبد
وبين ربه- عزّ وجلّ-. فيستحي العبد من ربه أن يراه على معصيته
ومخالفته، ويكون بين العبد وبين الناس.
الحياء شعبة من الايمان
عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ: مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال رسول الله ﷺ: دعه، فإن الحياء من الإيمان [1] ، متفق عليه. قد يكون هذا الرجل يعظ أخاً له من جهة النسب، وقد يكون يعظ أخاً له في الإيمان، والوعظ هو الأمر والنهي المقرون بما يدفع إلى الامتثال، الترغيب والترهيب، فهذا الرجل يعظه في الحياء معنى أنه يعظه في الحياء أي في تركه، كأنه يقول له: إن الحياء قد أضر بك، إن هذا الحياء قد أقعدك عما أنت بصدده، فهو يعظه في هذا، أن الرجل كثير الحياء وهذا يريد منه أن يتخفف من الحياء، فقال رسول الله ﷺ: دعه، فإن الحياء من الإيمان. الحياء من الإيمان باعتبار أنه خصلة من خصاله كما سيأتي أن الإيمان بضع وستون [2] ، وفي الرواية الأخرى: بضع وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان [3] ، فالصلاة إيمان، والصيام إيمان، والزكاة إيمان، والحج إيمان، والخوف من الله إيمان، والرجاء إيمان، والحياء إيمان، وقد يسأل سائل ويقول: إن الحياء غريزة فكيف يكون من الإيمان، يوجد في المسلم والكافر، والطفل الصغير، فكيف يكون من الإيمان وليس ذلك مما يتعلق بالفعل الاختياري الذي يفعله الإنسان ويقصده؟. ويمكن أن يجاب عن هذا بأن ذلك من الفطرة أصلًا التي فطر الله الناس عليها، وهذه الفطرة محمودة، خلقت عبادي حنفاء، فاجتالتهم الشياطين [4] ، ومن جهة أخرى -أيضاً- فإن من الحياء ما هو مكتسب، بمعنى أن الإنسان يتخلق به، فهذا يؤجر عليه، وهو من الإيمان، كما أن مزاولة ما يتصل بالحياء إذا وضع في محله، وحصلت معه النية فإن ذلك يكون من الإيمان، ويؤجر الإنسان عليه، فمثل هذه الأمور لا تُشكل، والله تعالى أعلم.
دعه فإن الحياء من الإيمان
أو استقدامهم للرجال الأجانب
سائقين وخدامين؛ يطلعون على محارمهم ويخلون مع نسائهم في البيوت وفي
السيارات في الذهاب بهن إلى المدارس والأسواق، فأين الغيرة وأين
الحياء وأين الشهامة والرجولة؟!. ومن ذهاب الحياء في النساء اليوم:
ما ظهر في كثير منهن من عدم التستر والحجاب، والخروج إلى الأسواق
متطيبات متجملات لابسات لأنواع الحلي والزينة، لا يبالين بنظر الرجال
إليهن، بل ربما يفتخرون بذلك، ومنهن من تغطي وجهها في الشارع وإذا
دخلت المعرض كشفت عن وجهها وذراعيها عند صاحب المعرض ومازحته بالكلام
وخضعت له بالقول، لتطمع الذي في قلبه مرض. ومن ذهاب الحياء من بعض الرجال أو النساء:
شغفهم باستماع الأغاني والمزامير من الإذاعات ومن أشرطة التسجيل. أين الحياء ممن يشتري الأفلام الخليعة، ويعرضها في بيته أمام نسائه
وأولاده بما فيها من مناظر الفجور وقتل الأخلاق، وإثارة الشهوة ،
والدعوة إلى الفحشاء والمنكر؟!. أين الحياء ممن ضيعوا أولادهم في الشوارع يخالطون من شاؤوا ويصاحبون
ما هب ودب من ذوي الأخلاق السيئة، أو يضايقون الناس في طرقاتهم ويقفون
بسياراتهم في وسط الشارع؛ حتى يمنعوا المارة، أو يهددون حياتهم بالعبث
بالسيارات وبما يسمونه بالتفحيط؟!.
الحياء شعبة من الإيمان إسلام ويب
فإذا كان مقيتاً ممقتاً نزع منه الأمانة، فلم تلقه إلا خائناً
مخوناً. فإذا كان خائناً مخوناً نزع منه الرحمة، فلم تلقه إلا فظاً
غليظاً. فإذا كان فظاً غليظاً نزع ربقة الإيمان من عنقه، فإذا نزع
ربقة الإيمان من عنقه، لم تلقه إلا شيطاناً لعيناً ملعناًَ". وعن ابن عباس قال: "الحياء والإيمان في قرن، فإذا نزع الحياء تبعه
الآخر". وقد دل الحديث وهذان الأثران على أن من فقد الحياء لم يبق ما
يمنعه من فعل القبائح، فلا يتورع عن الحرام. ولا يخاف من الآثام، ولا
يكف لسانه عن قبيح الكلام. ولهذا لما قل الحياء في هذا الزمان أو
انعدم عند بعض الناس كثرت المنكرات، وظهرت العورات، وجاهروا بالفضائح،
واستحسنوا القبائح. وقلت الغيرة على المحارم أو انعدمت عند كثير من
الناس، بل صارت القبائح والرذائل عند بعض الناس فضائل، وافتخروا بها،
فمنهم: المطرب، والملحن والمغني الماجن، ومنهم اللاعب التاعب الذي
أنهك جسمه وضيَّع وقته في أنواع اللعب، وأقل حياء وأشد تفاهة من هؤلاء
المغنين واللاعبين من يستمع لغوهم، أو ينظر ألعابهم، ويضيع كثيراً من
أوقاته في ذلك. ومن قلة الحياء وضعف الغيرة في قلوب بعض الرجال:
استقدامهم النساء الأجنبيات السافرات أو الكافرات وخلطهم لهن مع
عوائلهم داخل بيوتهم وجعلهن يزاولن الأعمال بين الرجال، وربما يستقبلن
الزائرين، ويقمن بصب القهوة للرجال.
أيها المُسلمون: ألا « كلُّكُم راعٍ وكلُّكُم مسؤولٌ عن رعِيَّتِه؛ فالرَّجُلُ راعٍ على أهلِ بيتِه وهو مسؤولٌ عنهم، والمرأةُ راعِيةٌ على بيتِ بعلِها وولدِه، وهي مسؤولةٌ عنهم، ألا فكُلُّكُم راعٍ وكلُّكُم مسؤولٌ عن رعيَّتِه ». اللهم إنا نسألُك حياءً يحجِمُ عن معصِيَتِك، اللهم اهدِنا لأحسنِ الأخلاقِ لا يهدِي لأحسَنِها إلا أنت، واصرِف عنَّا سيَّئَها لا يصرِفُ عنَّا سيّئَها إلا أنت. اللهم إنا نسألُك الهُدى والتُّقَى والعفافَ والغِنَى. اللهم أعِزَّ الإسلام والمُسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشركين، وانصُر عبادَك المُوحِّدين، واجعَل اللهم هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا وسائرَ بلاد المُسلمين. اللهم آمِنَّا في أوطانِنا، اللهم آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِح أئمَّتَنا ووُلاةَ أمورِنا، اللهم وفِّق وليَّ أمرِنا خادمَ الحرمَين الشريفَين لما تُحبُّ وترضَى، وخُذ بناصِيتِه للبِرِّ والتقوَى، اللهم وفِّقه ونائِبَه لِما فيه خيرٌ للإسلام والمُسلمين، ولِما فيه صلاحُ البلاد والعباد يا رب العالمين. اللهم تقبَّل مِن الحُجَّاج حجَّهم، اللهم تقبَّل مِن الحُجَّاج حجَّهم، اللهم احفَظهم بحفظِك، واكلأهم برِعايتِك، اللهم أرجِعهم إلى أهلِهم سالِمين غانِمين، اللهم اجعَل حجَّهم خالِصًا لوجهِك الكريم، مُوجِبًا للفوزِ لدَيك في جنَّات النعيم يا رب العالمين.
–وعنه قال: صَلَّى بِنَا حُذَيْفَةُ عَلَى دُكَّانٍ مُرْتَفِعٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِ فَجَبَذَهُ أَبُو مَسْعُودٍ فَتَابَعَهُ حُذَيْفَةُ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ أَلَمْ تَرَنِي قد تابعتك؟. قال خليفة: مات قبل سنة أربعين, وقال المدائني: مات سنة أربعين, قلت: والصحيح أنه مات بعدها, فقد ثبت أنه أدرك إمارة المغيرة على الكوفة, وذلك بعد سنة أربعين قطعًا, قيل: مات بالكوفة, وقيل: مات بالمدينة. الحديث (19) الحديث (21)
الاحترام في الأماكن العامة
يؤكد الباحثون في مجال العلاقات الأسرية، على
ضرورة أن يقوم الاحترام والتقدير على أساس متبادل، لأن الاحترام مطلوب من الزوجين تجاه
بعضهما البعض، لأنه يحفظ كرامة الزوجين ويرفع من شأنهما، وهذا يستلزم أيضا تعويد الأبناء
على احترام والديهما، إضافة إلى احترام أفراد الأسرة داخل وخارج المنزل. مودة واجبة
لابد أن يدرك الزوجان أيضا، أن أهل كل زوج هم جزء
لا ينفصل منه، والحب والتواصل معهم وإعطاؤهم حقوقهم، هو احتياج نفسي وإنساني، كما
هو احتياج ديني، ولا بد لمن يريد أن يراعي شريك حياته ويساعده على أداء واجباته نحو
أهله أن يحترم هو أهله، أي يحترمهم باللفظ والإشارة والمجاملة والمساعدة والزيارة وتفقد
أحوالهم، وسواء يستطيع المساعدة في أداء هذه الواجبات أو مجرد مساندة الطرف الآخر وإتاحة
الفرصة له لأداء هذه الواجبات، فلا بد أن نعرف أن هذه مساحة مهمة جدا، مهما كان مستوى
الأهل المادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو سلوكهم وتصرفاتهم. الحياة الزوجية بدون إحترام هي والعدم سواء
لا يختلف اثنان على أنه لا حياة زوجية من دون احترام
متبادل، فكلمة الاحترام في حد ذاتها تعد قيمة لابد من الحفاظ عليها ومراعاتها بغض النظر
عن الحب أو الظروف أو الإمكانيات أو أي شيء، فالحياة التي يهين فيها أحد الزوجين الآخر
بالألفاظ والتصرفات ولا يراعي مشاعره وأحاسيسه لا هي حياة ولا هي زوجية ولا يمكن أن
تستمر.
صور عن الاحترام الكبير
تحدثت في مقالة سابقة عن فن الإصغاء، وفي أخرى عن التواصل، وهنا أجد أنه حان الوقت للحديث عن الاحترام، انشغلنا بالتركيز على كيفية جعل أبنائنا سعداء، أي جعلنا المحور الأساسي لهم هو تلبية رغبات الذات! لكن هذه الذات لن تعيش في عالم خاص بها داخل فقاعة تسير بين البشر! هنالك اتصال وتواصل وتفاعل، هنالك أحداث ومفاجآت وتحديات، ماذا سيحدث لتلك الفقاعات عند أول مواجهة؟ لنفكر عند التدليل والخوف المبالغ به أو حتى التجاهل التام للمستقبل، هل نحن نلتزم بتربية أبنائنا لمواجهة العالم كبالغين ناجحين؟ إن ركزنا على إرضائهم فقط فنحن بذلك في تعارض تام مع الواقع وما سينتج أبناء غير قادرين على مواجهة العالم من حولهم! نادية بوستة: 'منى نور الدين إنسانة تفرض الاحترام'. الحياة كما قلت مليئة بالتحديات التي أحيانا قد تكون خارج التصور وحتى التخطيط المسبق لا يكون قد وصل إليها وفكر فيها، وهنا المحك، فإن كان الإنسان قد تعود على مشاعر معينة مرتبطة بتلبية الرغبات والشعور بالأمن الدائم فقط فلن يكون مستعدا للحظات الحياة المحبطة، ولن يكون مستعدا للتفاعل مع الفشل والرفض والألم! نرى اليوم الكثير من الآباء يصرون على أن يحصل أبناؤهم على الدرجات العالية، حتى انتقل هذا إلى الأبناء، فجلّ همهم ليس النجاح فقط بل النجاح بتفوق!
وكأن الجميع على مستوى واحد من الذكاء والقدرات والمهارات! ويقيمون الدنيا إن تم إنقاص نصف درجة ناهيك عن ثلاث أو أربع درجات! أصبح العالم بالنسبة لهم قيمة عددية لا قيمة علمية! وإن كانت الفصول الدراسية تحتوي على عباقرة، فلِمَ نجد سوق العمل يشتكي من ضعف المخرجات؟ حتى الطلبة أنفسهم يشتكون بعد التخرج من المتطلبات التي لم يجهزوا لها! صور عن الاحترام للاطفال. وعند أول مواجهة مع الفشل بدلا من البحث وتشخيص نقاط الضعف والعمل على علاجها، يظهر التذمر والشكوى، وتبدأ أصابع الاتهام تشير إلى كل الاتجاهات إلا إلى الذات! وهنا بدون مهارات التكييف مع الفشل، ومع عدم إدراك نقاط الضعف أو حتى الاعتراف بها، يكون الأبناء في خطر! نعم في خطر، لأنهم قد لا يصمدون أمام شراسة سوق العمل وصدمات الحياة، بل يجهلون كيفية إدارة صعوبات الحياة! السعادة ليست من الخارج، بل من الداخل، وإن جعلنا أبناءنا يتوقعونها من الخارج، أي: ممن هم حولهم، فنحن نحكم عليهم بالشقاء. نريد أن نعدّهم لعالم معقّد، ونجعلهم يواجهونه بقوة وثقة بالذات وعزم وإصرار، بحيث يتم لهم التقدم والنجاح، ولكن هذا لن يحدث إن كان جلّ اهتمامهم انتظار السعادة عند كل منعطف؛ من خلال الدرجات، أو سبل الترفيه، أو تلبية الرغبات، وكأننا إن لم نبين لهم لا نحبهم ولا نرغب في إسعادهم!