مرافقة الصالحين الأخيار: والبُعد عن صحبة الفاسدين الأشرار، فكم من ضالٍّ هداه الله -تعالى- على أيدي رفقائه الصالحين، وقد أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أنّ المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يُخالل. الإكثار من الدعاء: فهو سلاح المؤمن عند الشدائد ونزول المصائب، فمهما بذل المسلم من أسباب للهداية فلا بدّ أن يكون الدعاء وسؤال التوفيق من الله قريناً له في كل حالٍ، فعن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن الله -تبارك وتعالى- أنّه قال: (يا عِبادي كلُّكم ضالٌّ إلَّا من هديتهُ، فاستهدُوني أهدكُم). [٧]
العلم بالله وأسمائه وصفاته: فلا بدّ لمن أراد الهداية أن يكون عالماً بالله وأسمائه وصفاته، فمن حقّ الله -تعالى- على عباده أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئاً. [٨]
الإيمان: والاعتقاد والتصديق بالجنان، والنطق باللسان، والعمل بالجوارح والأركان، وهو من أعظم أسباب الهداية. [٨]
التوبة إلى الله تعالى من الذنوب والمعاصي: فإذا تاب العبد مما اقترفه في حق الله تعالى، وأناب إليه؛ هداه الله إلى سبيل الرشاد. [٨]
مجاهدة النفس والشيطان: وكذلك جهاد أعداء الله تعالى، ومجاهدة النفس تكون على تعلّم العلم، والعمل به، والدعوة إليه، والصبر على الأذى فيه، ومجاهدة الشيطان تكون بالابتعاد عن الشبهات والشهوات المحرّمة التي يُلقيها في نفس العبد المؤمن.
- من أهم أسباب الهداية
- من أسباب الهداية بيت العلم
من أهم أسباب الهداية
[٥]
أسباب الهداية
الهداية إلى صراط الله -تعالى- المستقيم أسمى هدف قد يطلبه المسلمون، ولأهمية الهداية بيَّن الله -سبحانه وتعالى- أسبابها في كتابه الكريم، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وبيان أسباب الهداية على النحو الآتي: [٦]
سعة الصدر: وانشراحه وإقباله على تعاليم الإسلام وأحكامه، وأعظم ما يُعين العبد على انشراح الصدر هو التوحيد الخالص لله -تعالى- الذي لا يُخالطه شكٌ أو شرك؛ لأنّ الشرك من أعظم الأساب التي تؤدّي إلى ضيق الصدر، فالتوحيد هو مفتاح الهداية إلى طريق الله تعالى، والأعمال الصالحات من الطاعات، والعبادات هي أسنان ذلك المفتاح، فالطاعات والقربات من أسباب انشراح الصدر. المداومة على ذكر الله تعالى: فذكر الله -تعالى- سببٌ لارتباط القلب بخالقه؛ ممّا يجعله مطمئناً منشرح الصدر. العناية بتلاوة كتاب الله بتدبّرٍ وتمعّنٍ وخشوع: فأثر القرآن الكريم على النفوس واضحٌ مشهود مهما بلغت تلك القلوب من القسوة والشدة، ومهما كانت حالة الإنسان من الشقاوة والضلال، فالقرآن يهدي للتي هي أقوم في كل شيءٍ من أمور الدنيا والآخرة. التفكّر في بديع مخلوقات الله تعالى: وإدامة النظر في ملكوت السماوات والأرض، فمن تأمّل الكون بحركاته وسكناته أيقن بأنّه صُنع حكيمٍ خبيرٍ، فالتأمّل يزيد المؤمن خشوعاً وخضوعاً لله جلّ جلاله.
من أسباب الهداية بيت العلم
ومن أسباب الهداية: التوبة، كما قال الله عز وجل: وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ [الرعد:27] فإذا أناب العبد هداه الله سبحانه وتعالى. السبب الخامس من أسباب الهداية: المجاهدة؛ يقول الله سبحانه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت:69] والمجاهدة على نوعين: مجاهدة النفس، ومجاهدة الشيطان، وأيضاً جهاد أعداء الله، فأما مجاهدة النفس فهي أنواع، فمنها: مجاهدة النفس على تعلم الهدى، وثانياً: مجاهدة النفس على العمل بالعلم، وثالثاً: مجاهدة النفس على الدعوة لهذا العلم، ورابعاً: مجاهدتها على الصبر على الأذى في سبيل الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى. وأما مجاهدة الشيطان فإنها تكون بأمرين: مجاهدة الشيطان بالشبهات التي يلقيها في نفس العبد، وكذلك مجاهدته على الشهوات التي يلقيها في نفس العبد ويثيرها.
هكذا يفهم المسلم قضية الإيمان بالقضاء والقدر مع قضية العمل الذي كلف به الإنسان ، وترتب عليه سعادته أو شقاؤه ، فالهداية ودخول الجنة سببها العمل الصالح. قال الله تعالى عن أهل الجنة: ( وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) الأعراف/43 ، وقال تعالى: ( ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) النحل/32. والضلال ودخول النار سببه العمل بمعصية الله والإعراض عن طاعته ، قال الله تعالى عن أهل النار: ( ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) يونس/52 ، وقال تعالى: ( وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) السجدة/14. وحينئذ يضع المسلم خطوته الأولى في الطريق الصحيح ، فلا يضيع لحظة واحدة بغير عمل أو سعي في طريق الله عز وجل ، وفي الوقت نفسه ، يتواضع لربه ، ويدرك أنه عز وجل بيده مقاليد السماوات والأرض ، فيستشعر الفقر إليه دائما وأبدا ، والحاجة إلى توفيقه وتسديده. نسأل الله تعالى أن يكتب لنا ولكم الهداية وأن يوفقنا لكل خير. والله أعلم.