"فتاوى نور على الدرب" (فتاوى النكاح/ التعدد والقسم بين الزوجات). والله أعلم.
حديث عن العمل والاجتهاد
وقد قال مجموعة من العلماء بأن أطيبَ المكاسب ما كان بعمل اليد، وإن كان زراعة فهو أطيب المكاسب؛ لما يشتمل عليه من كونه عملَ اليد، ولما فيه من التوكُّل، ولما فيه من النفع العام للآدمي والدوابِّ والطير. حديث عن العمل الشريف. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((وإن نبي الله داود كان يأكلُ من عمل يده))، فيعني: أنه كان يصنع الدروعَ من الحديد ويبيعها لقُوتِه؛ ويدل على قيمة العمل بالنسبة للمسلم، وأنه لا يجب أن يركن إلى القعود حتى ولو كان غنيًّا؛ إذ نجد أن داود لم يكن محتاجًا، ومع ذلك ابتغى الأكل من طريق الأفضل؛ ولهذا احتج به النبي صلى الله عليه وسلم. وفي هذا مثل واضحٌ للمسلمين، حريٌّ بهم الاقتداء بمن فيهم الأسوة الحسنة، فالأنبياء والرسل كلُّهم كانوا يعملون، قال القرطبي في تفسيره: (وقد أخبر الله تعالى عن نبيه داود عليه السلام أنه كان يصنعُ الدروع، وكان أيضًا يصنع الخوص، وكان يأكل من عمل يده، وكان آدم حرَّاثًا، ونوح نجارًا، ولقمان خياطًا، وطالوت دباغًا، وقيل: سقاء)، وهذا نبينا محمدٌ صلى الله عليه وسلم كان يرعى الغنم، ويحلب الشاة، ويخصف النعل، ويكون في مهنة أهلِه، وغير ذلك من الأعمال التي قام بها. الفوائد المستنبطة من الحديث:
1- فضل العمل باليد، وأن العمل باليد أفضل المكاسب.
الحمد لله. حديث: (العمل عبادة) أو (العمل كالعبادة) لا أصل له في كتب الحديث والآثار ، ولم
نقف عليه فيما بين يدينا من كتب السنة ، فلا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه
وسلم ، بل الواجب تحذير الناس من ذلك ، وتنبيههم إلى وجوب التحري عند نشر أحاديث
النبي صلى الله عليه وسلم. قال
الشيخ أبو إسحاق الحويني حفظه الله:
"هذا الحديث لا أصل له ، ولعل مستند هذا القول هو ما يتداوله العوام من أن رجلاً
كان يتعبد في المسجد ليل نهار وله أخ ينفق عليه ، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم
فقال له: من ينفق عليك ؟ قال: أخي. قال: أخوك أعبد منك. حديث عن العمل اليدوي. وهذا باطل لا أصل له في شيء من كتب السنة المعتبرة" انتهى باختصار. (نقلا عن
موقعه). والعمل المباح كالتجارة والصناعة.. ونحوها يكون عبادة إذا نوى الإنسان به نية حسنة
، ككف نفسه عن سؤال الناس والحاجة إليهم ، أو النفقة على أهله ، والتصدق على
المحتاجين ، وصلة الرحم ، ونفع المسلمين بهذا العمل.. ونحو ذلك من النيات الصالحة
التي يثاب عليها. ولكن.. بشرط: أن لا يشغله هذا العمل عما أوجبه الله عليه ، كالصلاة والزكاة
والصيام ، قال الله تعالى: (رِجَالٌ
لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ
وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ
وَالْأَبْصَارُ) النور/37.