ورواه ابن حزم في كتاب الاتصال عن عمر موقوفًا عليه. قال الحافظ: وإسناده صحيح
ورواه ابن أبي شيبة من طريق إبراهيم النخعي عن عمر بلفظ: (لأن أخطئ في الحدود بالشبهات أحب إليّ من أن أقيمها بالشبهات) وفي مسند أبي حنيفة للحارثي من طريق مقسم عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ: (ادرؤوا الحدود بالشبهات) وما في الباب وإن كان فيه المقال المعروف فقد شذ من عضده ما ذكرناه فيصلح بعد ذلك للاحتجاج به على مشروعية درء الحدود بالشبهات المحتملة لا مطلق الشبهة وقد أخرج البيهقي وعبد الرزاق عن عمر أنه عذر رجلًا زنى في الشام وادعى الجهل بتحريم الزنا وكذا روي عنه وعن عثمان أنهما عذرا جارية زنت وهي أعجمية وادعت أنها لم تعلم التحريم.
- الحدودود تدرا بالشبهات قاعدة قانونية
- قصة قصيرة لــ نجيب محفوظ : تحليل قصة الجوع
الحدودود تدرا بالشبهات قاعدة قانونية
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذه العبارة رواها الحارثي في مسند أبي حنيفة عن ابن عباس مرفوعاً. وأخرجها ابن السمعاني عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وقال الحافظ ابن حجر: وفي سنده من لا يعرف. وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث مسند الفردوس: اشتهر على الألسنة، والمعروف في كتب الحديث أنه من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه بغير لفظه. اهـ. من كشف الخفاء. وأخرج الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإنَّ الإمام إن يُخطئْ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة». وفي رواية أخرى للترمذي: «ادرؤوا الحدود ما استطعتم». وأجمع الفقهاء على أن الحدود تدرأ بالشبهات، والشبهة ما يشبه الثابت وليس بثابت، كمن وطئ امرأة ظنها زوجته، وكمن سرق لدفع هلاك محقَّق عن نفسه، كما حصل في زمن سيدنا عمر رضي الله عنه حيث لم يقطع يد السارق في عام المجاعة، لأنه ما سرق إلا لشدة الجوع. وهكذا. هذا، والله تعالى أعلم.
والشبهة قد تتطرق إلى جميع سبل الإثبات على المتّهم، في الإقرار، والشهادة، والقرائن، وتفصيل هذا في مظانّه من كتب أهل العلم. وللفقهاء أمثلة يذكرونها في تطبيق هذه القاعدة الجليلة؛ فمن ذلك مثلاً: أنْ لو اتهمت امرأة غير ذات زوج بالزنى بسبب ظهور الحمل عليها؛ والحمل أمر ظاهر بيّن لا شكّ فيه، فهل الحمل بمجرّده سبب كاف لإيقاع الحدّ عليها؟
أما الجمهور –كما يقول الإمام الشوكاني– فلا يعدونه سببًا كافيًا، ما لم يكن معه بيّنة أو اعتراف، هذا والحمل من أظهر الأشياء وأبينها، فلو زعمت المتهمة أنها كانت نائمة، أو أنها كانت مكرَهة؛ أو غير ذلك من الشبهات أُخِذ بقولها وأسقط عنها هذا الحدّ. هذا في مسألة كالحمل وهو ظاهر؛ فكيف لو كان الأمر متعلقًا بقصيدة أو رواية مما يغلب عليه استعمال المجاز ويقوم على الكناية والإغماض ويقبل التأويل وتعدد الأفهام؟ فالشكّ فيها والتأويل والاحتمال؛ لها مجال كبير للشبهة التي ترفع الحدّ. بل حتى الإقرار حين لا يكون هناك دليل غيره –ومعلوم أن الإقرار سيد الأدلة-؛ يرى الفقهاء أن العدول عنه شبهة تسقط الحدّ. وعندما جاء ماعز إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم أخذ يلقّنه الشبهة، وعندما جاءته المرأة الغامديّة وصرفها؛ قالت له: "أتريد أن تردني كما رددت ماعزًا"؟
بل إن الشاطبيّ يرحمه الله ينص على أن الحدّ: "إذا عارضه شبهة وإن ضعفت؛ غلب حكمُها ودخل صاحبُها في حكم العفو".
كان يعيش في أوسط هذه المجموعة شابًا يسكن مع زوجته وابنه وأمه، كانت أم هذا الشاب قد بلغت من العمر أرذله، حتى أنها أصبحت تعاني من الهذيان ولا تستطيع أن تتذكر مثل باقي أفراد القبيلة، كانت تشعر دائمًا بخوفها على ولدها، نظرًا لأنه وحيد ولا يمتلك إخوة آخرون. لكن هذا الشاب كان ينفر من أمه بشدة ولا يحب الحديث معها، معتقدًا أنها تلحق العار به وأنها تتسبب في شعوره بالخجل والإحراج بسبب حالة الهذيان التي تعيش بها، ومن ثم أخبر زوجته أنه عند الرحيل للبحث عن الطعام والماء، بأنه سيتخلص من أمه ويتركها مع بعض الماء والطعام. قصة قصيرة لــ نجيب محفوظ : تحليل قصة الجوع. بالفعل حان وقت الرحيل وقامت الزوجة بتنفيذ ما أمر الزوج به، وتركت أم الشاب وحيدة واستعدوا للاتجاه في أماكن السير بحثًا عن الطعام والماء، رحلت القبيلة وغادر معها الشاب هو وابنه وزوجته وترك أمه، بعد فترة من سير القبيلة قرروا أخذ قسط من الراحة بجوار بعض الشجيرات الصغيرة وبجانب بئر به ماء. اقرأ أيضًا: أجمل قصة قصيرة عن بر الوالدين
عاقبة الابن العاق
طلب الشاب من زوجته أن تحضر له الطعام وتجلب له ولده الوحيد الذي يحبه كثيرًا لأنه لم ينجب أي أبناء غيره، فردت عليه الزوجة ردًا جعله مندهشًا ومستنكرًا لما صدر منها، فقالت له أنها قد تركت ابنهم الصغير عند الأم ولم تأخذه معهم.
قصة قصيرة لــ نجيب محفوظ : تحليل قصة الجوع
انهار الزوج وحدثها عن تصرفها، قالت له الزوجة بأن ابنه حينما يكبر سيفعل مثلما فعلت أنت بأمك اليوم، وكأن الزوج قد أصابه البكم ولم يستطيع أن يجيب عليها وكأن الحياة بأسرها أصبحت مغلقة في عيناه عند تلك اللحظة. لم يمض بضعة لحظات من هذه الصدمة حتى ذهب مسرعًا إلى مكان الدواب وأخذ حصانه وذهب به حتى يعثر على أمه وابنه آملًا في ألا يحلق بهما أي أضرار أو تفترسهما الذئاب. فمن المعروف عن البدو أنهم يدركون أن الحيوانات البرية الموجودة بالصحراء، تتسلل في الليل باحثًة عن الغذاء، وكان الشاب العاق بأمه يدرك الأمر جيدًا، فكان يخشى أن يلحق بهما هذا الأمر قبل أن يصل إليهم. عند وصول الشاب إلى المكان الذي غادره تاركًا أمه به، وجد والدته تحمل الطفل بعناية وتخشى عليه من أن تفترسه الذئاب، وكان الأمر حقًا مخيفًا فقد كانت الذئاب تحيط بالمكان من جميع الاتجاهات. الاعتراف بالحق والرجوع عن الخطأ
توجه الشاب العاق مسرعًا نحو بندقية الصيد التي يحملها وقام بقتل الذئاب، منهم من مات ومنهم من فر هاربًا، ثم أخذ أمه على دابته وهي تحمل الصغير، وعاد مسرعًا إلى مكان القبيلة مرة أخرى، وهو يشعر بالأسى ويسيطر الندم على جوارحه، حتى ذرفت عيناه الدموع وذهب إلى أمه يطلب منها السماح وهو يقبلها.
هبت مارية للقاء عمرو بن العاص فلما عادت جعلت تقص على سيدتها ما كان: لما أديت إليه رسالتك ، قال: كيف ظنها بنا ؟ قلت: ظنها بفعل رجل كريم يأمره اثنان: كرمه ودينه ، فقال: أبليغها أن نبينا صلى الله عليه وسلم قال: " استوصوا بالقبط خيرا فإن لهم فيكم صهرا وذمة " وأعلميها أننا لسنا على غارة نغيرها ؛ بل على نفوس نغيرّها. قالت أرمانوسة: صفيه لي يا مارية ؟ قالت: أبلج يشرق وجهه كأن فيه لألاء الذهب على الضوء. أيّدا اجتمعت فيه القوة حتى لتكاد عيناه تأمران بنظرهما أمرا. داهية كتب دهاؤه على جبهته العريضة وكلما حاولت أن أتفرس في وجهه رأيت وجهه لا يفسره إلا تكرر النظر إليه.. ثم تضرجت وجنتا مارية خجلا ،وضحكتا معا. فتحت مصر صلحا بين عمرو والقبط ، ومنذ لقاء مارية بعمرو بن العاص أخذت تطوف في نفسها صورة ذلك الفاتح وجعلت تذوى وشحب لونها وبدأت تنظر النظرة التائهة ،إذ كان يتقاتل في نفسها الشعوران العدوان: شعور أنها عاشقة وشعور أنها يائسة ، فرقت لها أرمانوسة وفكرت في طريقة تخفف عن مارية ما تجد. فسهرتا ليلة في تدبير المخارج حتى استقر رأيهما على أن تحمل مارية رسالة من أرمانوسة إلى عمرو ، ولكن سفينة عمرو في تلك الأثناء كانت قد أبحرت بعيدا فقد رحل عن مصر بعد فتحها.. شاع في مصر خبر مفاده أن عمرا عندما أمر بفسطاطه أن يقوّض ، أصابوا يمامة قد باضت في أعلاه ، فلما اخبروا عمرو بن العاص بخبرها قال: قد تحرّمت في جوارنا ، أقروا الفسطاط حتى تطير فراخها فأقروه.