العثور على الدليل في حقه يقينا وانتفاء الدليل في نفسه مظنون وهو الظن بالصحابة في المخابرة ونظائرها وكذلك الواجب في القياس والاستصحاب وكل ما هو مشروط بنفي دليل آخر). ولا شك أن من عجز عن تمام اليقين فليس عليه أن يترك ما يقدر عليه من اعتقاد قوي غالب على ظنه. [العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب:] قال الشيخ: (وإذا ورد العام على سبب خاص وجب العمل بعمومه؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب إلا أن يدل دليل على تخصيص العام بما يشبه حال السبب الذي ورد من أجله فيختص بما يشبهها). العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب حاول تطبيق هذه العبارة من خلال قوله تعالى الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن امهاتهم - الكامل للحلول. وقال في "الأصل" (ص/٣٦): (مثال ما لا دليل على تخصيصه: آيات الظهار فإن سبب نزولها ظهار أوس بن الصامت والحكم فيه عام فيه وفي غيره. ومثال ماد دل الدليل على تخصيصه قوله صلي الله عليه وسلم: (ليس من البر الصيام في السفر) فإن سببه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه فقال: (ما هذا؟ قالوا صائم. فقال: " ليس من البر الصيام في السفر) فهذا العموم خاص بمن يشبه حال هذا الرجل وهو من يشق عليه الصيام في السفر والدليل على تخصيصه بذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم في السفر حيث كان لا يشق عليه ولا يفعل صلى الله عليه وسلم ما ليس ببر).
ص256 - كتاب الشرح الكبير لمختصر الأصول - العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب - المكتبة الشاملة
ومنها: حديث أنس رضي الله عنه: ( ليس من البر الصيام في السفر): ورد في رجل قد
ظلل عليه من جهد ما وجد ، وقد تقدم الكلام فيه " انتهى. ثم اختتم السبكي رحمه الله
الكلام على هذه القاعدة بتنبيه يوضح محل الوفاق ومحل الخلاف في اعتبار هذه القاعدة
، فقال " تنبيه: قدمنا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، والخلاف في ذلك:
إذا لم تكن هناك قرينة تعميم ، فإن كانت فالقول بالتعميم ظاهر كل الظهور ، بل لا
ينبغي أن يكون في التعميم خلاف " انتهى من " الأشباه والنظائر " (2/136). من هنا يتضح أن استدلال أهل
العلم بقوله تعالى: ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ
فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) الحشر/7 على
وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل أمر, وترك ما نهى عنه في كل نهي – ومن
ذلك البدعة – استدلال في محله ، ولا يتعارض هذا مع كون الآية وردت في خصوص الفيء. ص256 - كتاب الشرح الكبير لمختصر الأصول - العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب - المكتبة الشاملة. وكذلك استدلالهم بقوله تعالى: ( وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) البقرة /195 على النهي عن
إيراد النفس موارد الهلكة والعطب استدلال في محله ، وإن كانت التهلكة المقصود في
الآية هي ترك الجهاد وعدم بذل المال في سبيل الله تعالى, وإلا فهل يقول عاقل ،
فضلا عن عالم إن ترك النفقة والجهاد إلقاء بالنفس في التهلكة منهي عنه في الآية
الكريمة, وأما ركوب البحر وقت هياجه مع عدم أخذ الأسباب ، أو التردي من شاهق = ليس
من قبيل الإلقاء بالنفس في التهلكة ، ولا يدخل تحت عموم الآية الكريمة ؟!
بين معنى قاعدة: (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)
والله تعالى قدْ أمرنا بالتفكّر والتدبّر لكتابهِ، فإذا تدبّرنا الألفاظ العامة، وفَهِمنا أنَّ معناها يتناولُ أشياءَ كثيرة، فلأي شيءٍ نخرجُ بعض هذه المعاني، مع إدخالنا ما هو مثلها ونظيرها؟
طالب: ا لنسخة اللي معي "مع دخول ما هو مثلها"
- الشيخ: مع دخول جيد؛ قد تكون مناسبة لأنه يقول كيف نخرج ونحن ندخل كذا، والمعنى واحد. - القارئ: ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إذا سمعت الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فأرعِها سمعك؛ فإنه إمّا خيرٌ تُؤمرُ بهِ، وإمّا شرٌ تُنهى عنه». بين معنى قاعدة: (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب). فمتى مرَّ بكَ خبرٌ عن الله، وعمَّا يستحقهُ من الكمال، وما يتنزَّه عنهُ مِنَ النقصِ، فأَثْبِتْ جميعَ ذلك المعنى الكامل الذي أثبتهُ لنفسهِ، ونزِّهه عن كلِّ ما نزَّه نفسهُ عنه. وكذلك إذا أخبرَ عن رسلهِ، وكتبهِ، واليوم الآخر، وعن جميعِ الأمور السابقة واللّاحقة، جزمتَ جزمًا لا شكَّ فيهِ أنّه حقٌّ على حقيقتهِ، بل هو أعلى أنواع الحقِّ والصدق وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا [النساء:122]، وحديثًا. وإذا أمرَ بشيءٍ نظرتَ إلى معناه، وما يدخلُ فيهِ وما لا يدخل، أنَّ ذلكَ موجّهٌ إلى جميعِ الأمة، وكذلك في النهي؛ ولهذا كانت معرفةُ حدودِ ما أنزلَ الله على رسولهِ أصلُ الخيرِ والفلاح، والجهلُ بذلكَ أصلُ الشرِ والجفاء.
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب حاول تطبيق هذه العبارة من خلال قوله تعالى الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن امهاتهم - الكامل للحلول
وهذا هو القول هو الأرجح والأقرب والأصح، وهو الذي يتوافق مع عموم أحكام الشريعة ،، والذي سار عليه الصحابة والمجتهدون من هذه الأمة فعدوا بحكم الآيات إلى غير صورة سببها. مثال: نزول آية الظهار في أوس بن الصامت، أو سلمة بن صخر – مع وجود اختلاف الروايات في ذلك، والاحتجاج بعموم آيات نزلت على أسباب خاصة شائع لدى أهل العلم. فالعلماء الذين قالوا هذا القول، لم يقصدوا أن حكم الآية خاص بجماعة معينة دون غيرهم، هذا لا يقول به مؤمن ولا عاقل على الإطلاق، والناس وإن اختلفوا في اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه فلم يقل أحد إن عمومات الكتاب والسٌّنَّة تختص بالشخص المعيَّن، وإنما غاية ما يقال: إنها تختص بنوع ذلك الشخص، فتعم ما يشبهه، ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ، والآية التي لها سبب معين إن كانت أمرًا أو نهيًا فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته، وإن كان خبرًا يمدح أو يذم فهي متناولة لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته. وقال جماعة من السادة العلماء إلى أن القاعدة تقول: المعتبر بعمومِ ما نزل من اللفظ لا بخصوصية السبب) فلفظ العام هو أكبر دليل على صورة السبب الخاص، ولا بد من وجود دليل آخر لغيره من الصور مثل القياس ونحوه، حتى يبقى لنقل رواية السبب الخاص فائدة، ويتطابق السبب والمسبب تطابق السؤال والجواب.
[ ص: 81] 2- وذهب جماعة إلى أن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ ، فاللفظ العام دليل على صورة السبب الخاص ، ولا بد من دليل آخر لغيره من الصور كالقياس ونحوه ، حتى يبقى لنقل رواية السبب الخاص فائدة ، ويتطابق السبب والمسبب تطابق السؤال والجواب. "
ولهذا يستحضر الفقهاء الحديث المنسوب للنبي والقائل:"علقوا السوط حيث يراه أهل البيت فإنه أدب لهم". كما يقدمون الصحابة نماذج في ضرب النساء وتعنيفهن.
وهذا التَّسليطُ والتَّقييضُ مِن اللَّهِ للمُكذِّبِينَ الشَّياطينَ، بسببِ إعراضِهم عن ذكرِ اللَّهِ وآياتِهِ، وجحودِهم الحقَّ كما قالَ تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف:36]
- الشيخ: وقيَّضْنا
وهذه أعظمُ عقوبةٍ، أعظمُ من العقوبةِ بتلفِ النَّفسِ والمصائبِ في النفسِ والأموالِ والأهلِ، لا، هذه عقوبةٌ تُفضي بهم إلى مزيدٍ من الشَّرِّ أنَّهم فيه، كقوله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف:5] {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام:110]. - القارئ: {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف:37]
{وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} أي: وجبَ عليهم، ونزلَ القضاءُ والقدرُ بعذابِهم
{فِي} جملةِ {أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ} لأديانِهم وآخرتِهم، ومَن خسرَ، فلا بدَّ أنْ يُذلَّ ويشقى ويُعذَّبَ، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآياتَ.
الوقفات التدبرية
فلا بد لتحقيق الولاية من أن نوافق الله عز وجل، فنصبح أولياءه، لا من أعدائه. ثم قال تعالى: لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ [فصلت:28]. والخلد هو: البقاء الأبدي الدائم، فلهم في النار دار الخلد والبقاء الذي لا ينتهي، فهو بلا نهاية، ووالله ما يموتون فيه، بل هو عذاب أبدي. فلا إله إلا الله! فلنقل: آمنا بالله. والذي فعل هذا هو خالق الكون، وموجد العوالم كلها. فارفع رأسك، وانظر إلى السماء وما فيها، ثم أنزله إلى الأرض وانظر ما فيها، فهو المكون لهذه الكائنات، وهو الذي يوجد عالماً لا ينتهي أبداً. ثم قال تعالى: لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ [فصلت:28]، أي: جزاء لهم بسبب جحودهم لآيات الله. ومن آيات الله هذا القرآن الكريم، ومن آيات الله المعجزات التي كانت على يد رسول الله، والتي تشهد بأنه رسول الله. فلنقل نحن: آمنا وصدقنا، ووالله ما نجحد ولا نكذب ما قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم أبداً. فهم استحقوا العذاب الأبدي جَزَاءً بِمَا كَانُوا [فصلت:28]، أي: بسبب ما كانوا يَجْحَدُونَ [فصلت:28] بآيات الله. وهم قد قالوا: هذا سحر وتدجيل، وهذا ما هو دين، ولا هذا هو الإسلام، وكانوا يضحكون ويسخرون، وحسبنا أنهم منعوا الناس من سماع القرآن.
وليس قوله: " وما خلفهم " عطفا على " ما بين أيديهم " بل المعنى: وأنسوهم ما خلفهم ، ففيه هذا الإضمار. قال ابن عباس: ما بين أيديهم تكذيبهم بأمور الآخرة وما خلفهم التسويف والترغيب في الدنيا. الزجاج: ما بين أيديهم ما عملوه وما خلفهم ما عزموا على أن يعملوه. وقد تقدم قول مجاهد. وقيل: المعنى لهم مثل ما تقدم من المعاصي وما خلفهم ما يعمل بعدهم. وحق عليهم القول في أمم أي وجب عليهم من العذاب ما وجب على الأمم الذين من قبلهم الذين كفروا ككفرهم. وقيل: في بمعنى مع ، فالمعنى هم داخلون مع الأمم الكافرة قبلهم فيما دخلوا فيه. وقيل: في أمم في جملة أمم ، ومثله قول الشاعر [ عمرو بن أبنة]: إن تك عن أحسن الصنيعة مأ فوكا ففي آخرين قد أفكوا يريد: فأنت في جملة آخرين لست في ذلك بأوحد. ومحل في أمم النصب على الحال من الضمير في عليهم أي: حق عليهم القول كائنين في جملة أمم. إنهم كانوا خاسرين أعمالهم في الدنيا وأنفسهم وأهليهم يوم القيامة.