الثالث: روى الواحدي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - على قريش، وهم في المسجد الحرام، وقد نصبوا أصنامهم، وعلقوا عليها بيض النعام، وجعلوا في آذانها الشنوف -جمع شنف، وهو القِرْط-، وهم يسجدون لها، فقال: يا معشر قريش! لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل، ولقد كانا على الإسلام، فقالت قريش: يا محمد! الباحث القرآني. إنما نعبد هذه حباً لله؛ ليقربونا إلى الله زلفى، فأنزل الله تعالى: { قل إن كنتم تحبون الله} وتعبدون الأصنام؛ لتقربكم إليه { فاتبعوني يحببكم الله}، فأنا رسوله إليكم، وحجته عليكم، وأنا أولى بالتعظيم من أصنامكم. وهذه الرواية تفيد أن الآية نزلت في قريش قوم النبي -صلى الله عليه وسلم-. الرابع: روى الواحدي أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن اليهود لما قالوا: { نحن أبناء الله وأحباؤه} (المائدة:18)، أنزل الله تعالى هذه الآية، فلما نزلت، عرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على اليهود، فأبوا أن يقبلوها. وهذه الرواية تفيد أن الآية نزلت في شأن اليهود. وبعيداً عن سند هذه الروايات، فالمتأمل في مضمونها يجد ألا تعارض بينها، إلا من جهة تحديد القوم الذين نزلت في حقهم، والذي يمكن قوله هنا: إن الرواية التي تذكر أن الآية نزلت في قريش لا يمكن التعويل عليها؛ لأن السورة مدنية، وهذا يضعف القول: إن الآية نزلت في مكة.
قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني
وقال بعض الحكماء العلماء: ليس الشأن أن تُحِبَّ، إنما الشأن أن تُحَبَّ، والمحبة لا تحصل إلا بالعمل الصالح. وقال بعض السلف: زعم قوم أنهم يحبون الله، فابتلاهم الله بهذه الآية، فقال: { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}. وقال سهل بن عبد الله: علامة حب الله حب القرآن، وعلامة حب القرآن حب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعلامة حب النبي -صلى الله عليه وسلم- حب السُّنَّة، وعلامة حب الله وحب القرآن وحب النبي وحب السنة حب الآخرة، وعلامة حب الآخرة أن يحب نفسه، وعلامة حب نفسه أن يبغض الدنيا، وعلامة بغض الدنيا ألا يأخذ منها إلا الزاد والبُلغة. ومن آثار المحبة طلب القرب من المحبوب، والاتصالِ به، واجتناب فراقه. ومن آثارها محبة ما يسره ويرضيه، واجتناب ما يغضبه، فتعليق لزوم اتباع الرسول على محبة الله تعالى؛ لأن الرسول دعا إلى ما يأمر الله به، وإلى إفراد الوجهة إليه، وذلك كمال المحبة. ان كنتم تحبون الله. أخيراً، فإن من كان محباً لله تعالى لا بد وأن يكون في غاية الحذر مما يوجب سخطه، وإذا قامت الدلالة القاطعة على نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- وجبت متابعته، فإن لم تحصل هذه المتابعة، دلَّ ذلك على أن تلك المحبة ما حصلت. والحب المزعوم إذا لم يكن معه اتباع الرسول فهو حب كاذب؛ لأن المحب لمن يحب مطيع؛ ولأن ارتكاب ما يكرهه المحبوب إغاظة له، وتلبس بعدوه.
ان كنتم تحبون الله
كانت أوامر الله ورسوله تأتي مخالفة تماماً لما تهواه النفوس.. بل لما
تعودا عليه فتكون الاستجابة سريعة فما إن تخرج حروف الأمر والنهي ثم
تلامس أسماعهم حتى تكون أداة المحبة (الفعلية) قد برزت.. يقول أنس بن
مالك رضي الله عنه: كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة، وكان خمرهم
يومئذٍ الفضيخ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم منادياً ينادي:
"ألا إن الخمر قد حُرمت"، قال أنس: فقال لي أبو طلحة: أخرج فأهرقها،
فخرجت فهرقتها فجرت في سكك المدينة. [رواه البخاري]. وفي رواية: فما سألوا عنها ولا راجعوها بعد خبر الرجل. قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني. [رواه
البخاري]. لم يكن الأمر بحاجة إلى التوعية بأضرار المخدرات ، وإصدار النشرات
التحذيرية، أو المرور عبر مستشفيات القضاء على الإدمان، وإنما كل ما
هنالك أن الخمر (قد حُرِّمت) وكفى!! وما إن تستقر النفوس حقيقة { وما ينطق
عن الهوى ، إن هو إلا وحيٌ يُوحى} [النجم: 3، 4] حتى ترى
السرعة في الاتباع والطاعة، عندها لا تكون الأحكام الشرعية عرضة
للنقاش.. وفاكهة مجالس السمر بين مؤيد ومعارض.. ومنصف!! فمن قائل: لماذا حرم الإسلام هذا؟ ولماذا ترك هذا؟! والأحق بالتحريم
ذاك؟! عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما الناس في الصبح بقباء جاء رجل
فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُنزل الليلة عليه قرآن وقد
أُمر أن يستقبل الكعبة ألا فاستقبلوها وكان وجه الناس إلى الشام
فاستداروا بوجوههم إلى الكعبة.
قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31) القول في تأويل قوله: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في السبب الذي أنـزلت هذه الآية فيه. فقال بعضهم: أنـزلت في قوم قالوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم: " إنا نحب ربنا " ، فأمر الله جل وعز نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم: " إن كنتم صادقين فيما تقولون، فاتبعوني، فإن ذلك علامة صِدْقكم فيما قلتم من ذلك. قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله - YouTube. ذكر من قال ذلك: 6845 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله، عن بكر بن الأسود قال، سمعت الحسن يقول: قال قومٌ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد، إنا نحبّ ربنا! فأنـزل الله عز وجل: " قُل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم " ، فجعل اتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم عَلَمًا لحبه، وعذاب من خالفه. 6846- حدثني المثنى قال، حدثنا علي بن الهيثم قال، حدثنا عبد الوهاب، عن أبي عبيدة قال: سمعت الحسن يقول: قال أقوامٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد، إنا لنحب ربنا!
ولو آمن أولاً بالقضاء، وسلم الأمر لرب الأرض والسماء، وأخلص في الدعاء، وانتظر الفرج في وقته والنصر في حينه، وحين العاقبة في زمانها، وجميل الصنع في ساعته، وفرحة إدراك المطلوب في موعده، لو فعل ذلك كله لأَدرك سعادة من إذا أذنب استغفر، ومن إذا ابتلي صبر، وإذا أنعم عليه شكر، ولحصل على أعظم الأجر، وانشراح الصدر، ورفعة الذكر، فالله هو المقدِّر، جعل لكل شيء قدراً. لا تثمر الشجرة حتى يأتي حينها، ولا تبزغ الشمس حتى يحل ميقاتها، ولا يطل القمر حتى يحصل زمن إطلاله، ولا تضع الحامل حملها ولا تفطم ولدها إلا بأجل، ولا يندمل الجرح، ولا يبرأ الموعوك، ولا تعود الضالة إلا بعد ما يمر بالكل العمر المقدر والأجل المقرر. فاعلم أنه لا يعني بذل الأسباب حصول المطلوب في الوقت المقترح، والزمن المختار، بل في الساعة التي كتبها الله وحده، فإنه غالب على أمره، فعال لما يريد، كل شيء عنده بمقدار، وكل شيء بأجل مسمى، وقد جعل الله لكل شيء قدراً، وهو المقدِّم والمؤخِّر، أحاط بكل شيء علماً، ووسع كل شيء رحمة وعلماً، وعلَّم الكائنات لطفاً وحلماً، فقد أتى أمره فلا يستعجل، وقرب فرجه الأجمل، له الحكم وإليه ترجعون، فلكل أجل كتاب، ولكل شيء حد، ولكل بلاء زمان، ولكل حدث عمر، فسبحان المدبِّر جل في علاه، لا إله إلا هو.
لكل اجل كتاب فاذا جاء اجلهم
الرئيسية
السيرة الذاتية
الخطب
المؤلفات
المكتبة المرئية
الصلوات
المحاضرات
المكتبة الصوتية
الدروس
شريط عن فضيلته أصدرته تسجيلات البخاري الإسلامية بمكة بعد وفاة فضيلته رحمه الله
lkl agl 3 " type="audio/mpeg">
اختيار الموضوع في: صوتيات
تشغيل تجريبي
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ عمر بن محمد السبيل (رحمه الله)
تنفيذ مؤسسة الدعوة الخيرية
إن مانراه من تغيرات سريعة وغير متوقعة في هذا الزمان في كل مجال وكل وقت لهو أمر جلل...
فعلى كل عاقل أن يراجع حساباته وقرارته أكثر بكثير من ذي سبق وإلا سنري عواقب ليست كما نتوقع...