وقد أوصى ولديه الحسن والحسين بتقوى الله والصلاة، والزكاة، وكظم
الغيظ، وصلة الرحم، والحلم عن الجاهل، والتفقه في الدين، والتثبت في الأمر،
والتعاهد للقرآن، وحسن الجوار، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجتناب الفواحش. ووصاهما بأخيهما محمد بن الحنفية، ووصاه بما وصاهما به، وأن يعظمهما
ولا يقطع أمرا دونهما وكتب ذلك كله في كتاب وصيته رضي الله عنه وأرضاه. وصية علي رضي الله عنه
وصورة الوصية: بسم الله الرحمن الرحيم! موت علي بن ابي طالب. هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو
كره المشركون، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك
أمرت وأنا أول المسلمين. أوصيك يا حسن وجميع ولدي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ربكم ولا تموتن
إلا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا فإني سمعت أبا القاسم يقول:
« إن صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام » انظروا إلى ذوي
أرحامكم فصلوا ليهوِّن الله عليكم الحساب، الله الله في الأيتام فلا تعفو أفواهم
ولا يضيعن بحضرتكم، والله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم، ما زال يوصي بهم حتى
ظننا أنه سيورثهم.
وقفة مع حديث وفاة أبي طالب
وصدق اللهُ إذ يقولُ: ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ [سبأ: 37]. خامسًا: الحَذَرُ من صحبة الأشرار، ففي الحديث: أنَّ أبا جهلٍ وعبدالله بن أُمَيَّة ما زالا يُحرِّضان أبا طالب على الثَّبات على دِينه؛ حتى مات على الكُفْر، وخُتِمَ له بتلك الخاتمة السيِّئة. وقد حثَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على اختيار الجليس الصالح؛ فعن أبي هُريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((الرَّجُلُ على دين خَلِيله؛ فَلْيَنْظُرْ أحدُكم مَن يُخالِل)) [11]. قال الشاعر: عَنِ المَرْءِ لاَ تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ ♦♦♦ فَكُلُّ قَرِينٍ بِالمُقَارِنِ يَقْتَدِي والحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين. وقفة مع حديث وفاة أبي طالب. [1] "صحيح البخاري"، (3/ 62 - 63)، برقم (3884)، و"صحيح مسلم"، (1/ 54)، برقم (24)، واللفظ له. [2] انظر: "الإصابة في تمييز الصحابة"، (3/ 36). [3] "صحيح مسلم"، (2/ 671)، برقم (976). [4] الضحضاح من الماء: ما يبلغ الكعب.
وقال السهيلي: شهادة العباس لأبي طالب لو أداها بعدما أسلم كانت مقبولة؛ لأن العدل إذا قال سمعت، وقال من هو أعدل منه لم أسمع أخذًا بقول من أثبت السماع، ولكن العباس شهد بذلك قبل أن يسلم. قلت: قد أسلم العباس بعد ذلك، وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حال أبي طالب. عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، قال: سمعت العباس، يقول: قلت: يا رسول الله، إن أبا طالب كان يحفظك وينصرك فهل نفعه ذاك؟ قال: « نعم وجدته في غمرات من النار، فأخرجته إلى ضحضاح ». صحيح الإسناد مشهور متفق عليه من حديث العباس في الصحيحين. ولو كانت هذه الشهادة عنده لأداها بعد إسلامه، وعلم حال أبي طالب ولم يسأل، والمعتبر حالة الأداء دون التحمل. وفيما ذكره السهيلي أن الحارث بن عبد العزى أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فأسلم وحسن إسلامه في خبر ذكره من طريق يونس بن بكير.
هذه صفات الذين يرثون زينة الآخرة ومتاعها الباقي الصَّابِرِينَ [البقرة:153] أي: الصابرون على طاعة الله، الصابرون على امتثال أوامره، الصابرون عن معاصي الله، الصابرون على أقدار الله المؤلمة. ولا شك -عباد الله- أن الطاعات تحتاج إلى الصبر والمصابرة، والمجاهدة للنفس، وترويض النفس عليها حتى تألفها وتحبها وتداوم عليها، وأن المحرمات أحياناً تلتقي مع شهوة النفس وحظوظ الهوى، ولهذا يحتاج المرء الذي يتطلع إلى الجنان أن يكبح جماح النفس، ويلزمها الطريق، وأن يصبر على مرارة الدواء، ولولا الحاجة للصبر على الطاعات، والصبر عن المحرمات، لتساوى الناس في منازلهم. قال المفسرون: وفائدة التمثل بأنواع الزينة في الحياة الدنيا: أن الجنة لا تنال إلا بقطع مفاوز المكاره، وبالصبر عليها، وأن النار لا منجى منها إلا بترك الشهوات وفطام النفس عنها. وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات). ممكن تفسير ((زين للناس حب الشهوات من النساء )). وأما قوله تعالى: الصَّادِقِينَ [آل عمران:17] فهم الذين صدقوا بإيمانهم، فليس إيمانهم بالتمني ولا بالتحلي، ولكن شيء وقر في النفوس فانبعثت له الجوارح مصدقة. وَالْقَانِتِينَ [آل عمران:17]: هم أهل الطاعة والخضوع.
زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ – التفسير الجامع
عن أنسٍ رضِي اللهُ عنه، قال: "كان الرَّجُلُ إذا قرأ البقرةَ وآلَ عِمْرانَ، جَدَّ فينا- يعني: عظُمَ- وفي رواية: يُعَدُّ فينا عَظيمًا، وفي أخرى: عُدَّ فينا ذا شأنٍ". مقاصد سورة آل عمران
سورة آل عمران من السور التي نزلت بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وهي تتضمن فوائد عديدة وكثير من المقاصد، وفيما يلي نذكر مقاصد السورة:
بيانُ أهميَّةِ عقيدةِ الولاءِ والبَرَاء، والتَّحذيرُ من ولايةِ غيرِ المؤمنين، وتفصيلُ أحوالِ أهلِ الكتاب. إقامة الحجج والأدلة لإثبات وحدانية الله تعالى. زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ – التفسير الجامع. إرشاد وتوجيه المؤمنين والاهتمام بجوانب التربية. سنة قراءة أواخر آل عمران
عن ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ خَالَتُهُ، قال: (فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي).
ممكن تفسير ((زين للناس حب الشهوات من النساء ))
اقرأ أيضًا: معنى قوله تعالى زيتونة لا شرقية ولا غربية
معني الكلمات
الشهوات: مشتهيات النفس. المقنطرة: المضاعفة. المسومة: المعلمة أو الحسان. الأنعام: المقصود الإبل والبقر والغنم. الحرث: المزروعات. المآب: المرجع، حسن المآب: أي المرجع الحسن. إعراب الآية
زين: فعل ماض مبني للمجهول. ذلك: اسم إشارة مبتدأ. متاع: خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. الحياة: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
وأما الذين يستعينون بهذا المتاع على الطاعة وينصرفون بها إلى الجنة ورضوان الله، فهؤلاء يحققون السعادة لأنفسهم في الدنيا، ويضمن الله لهم السعادة الحقة يوم القيامة، ومن كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة. زين للناس حب الشهوات تفسير الميزان. متعة النساء
متعة البنين
متعة المال
متعة الخيل والأنعام والزروع
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله وفق من شاء لطاعته، وأعان أولياءه على استخدام زينة الحياة الدنيا في الوصول إلى الزينة الحقيقية، وافتتن آخرون فأشغلتهم الدنيا عن الدين، وصرفتهم الحياة الفانية عن التأمل والمسارعة للباقية. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. عباد الله! انظروا في حياتكم، واستعدوا للقاء ربكم، واحذروا الفتنة فيما حولكم، وحيث قد علمتم زينة الحياة الدنيا وزينة الآخرة، والفرق بينهما كبير، فإن لمتاع الحياة الآخرة وزينتها الباقية ثمناً يسيراً على من يسره الله، وقد بين الله عز وجل هذا الثمن في الآية الثالثة فقال سبحانه: الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ [آل عمران:16-17].