[الكهف: 95] قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا
الجلالين
الطبري
ابن كثير
القرطبي
البيضاوي
البغوي
فتح القدير
السيوطي
En1
En2
95 - (قال ما مكني) وفي قراءة بنونين من غير إدغام (فيه ربي) من المال وغيره (خير) من خرجكم الذي تجعلونه لي فلا حاجة بي إليه وأجعل لكم السد تبرعا (فأعينوني بقوة) لما أطلبه منكم (أجعل بينكم وبينهم ردما) حاجزا حصينا
يقول تعالى ذكره: قال ذو القرنين: الذي مكنني في عمل ما سألتموني من السد بينكم وبين هؤلاء القوم ربي ، ووطأه لي ، وقواني عليه ، خير من جعلكم ، والأجرة التي تعرضونها علي. لبناء ذلك ، وأكثر وأطيب ، ولكن أعينوني منكم بقوة، أعينوني بفعلة وصناع يحسنون البناء والعمل. كما حدثنا القاسم ، قال: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد " ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة" قال: برجال " أجعل بينكم وبينهم ردما" وقال ما مكني ، فأدغم إحدى النونين في الأخرى، وإنما هو ما مكنني فيه. وقوله: " أجعل بينكم وبينهم ردما" يقول: أجعل بينكم وبين يأجوج ومأجوج ردما. والردم: حاجز الحائط والسد، إلا أنه أمنع منه وأشد، يقال منه: قد ردم فلان موضع كذا يردمه ردما ورداما ويقال أيضا: ردم ثوبه يردمه ، وهو ثوب مردم: إذا كان كثير الرقاع ، ومنه قول عنترة:
هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
- قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا-آيات قرآنية
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الكهف - الآية 95
- تفسير قوله تعالى: قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني
- تفسير قول الله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ...)
- تفسير فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا [ النساء: 65]
- ص1615 - كتاب تفسير القرآن الكريم اللهيميد من الفاتحة إلى النساء - فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما - المكتبة الشاملة
- تفسير الآية ” فلا وربك لا يؤمنون “ - سؤال العرب
قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا-آيات قرآنية
قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) قوله تعالى: قال ما مكني فيه ربي خير فيه مسألتان: [ الأولى] قوله - تعالى -: قال ما مكني فيه ربي خير المعنى قال لهم ذو القرنين: ما بسطه الله - تعالى - لي من القدرة والملك خير من خرجكم وأموالكم ولكن أعينوني بقوة الأبدان ، أي برجال وعمل منكم بالأبدان ، والآلة التي أبني بها الردم وهو السد وهذا تأييد من الله - تعالى - لذي القرنين في هذه المحاورة فإن القوم لو جمعوا له خرجا لم يعنه أحد ولوكلوه إلى البنيان ، ومعونته بأنفسهم أجمل به وأسرع في انقضاء هذا العمل وربما أربى ما ذكروه له على الخرج. وقرأ ابن كثير وحده " ما مكنني " بنونين. وقرأ الباقون ما مكني فيه ربي [ الثانية] في هذه الآية دليل على أن الملك فرض عليه أن يقوم بحماية الخلق في حفظ بيضتهم ، وسد فرجتهم ، وإصلاح ثغورهم ، من أموالهم التي تفيء عليهم ، وحقوقهم التي تجمعها خزانتهم تحت يده ونظره ، حتى لو أكلتها الحقوق ، وأنفذتها المؤن ، لكان عليهم جبر ذلك من أموالهم ، وعليه حسن النظر لهم; وذلك بثلاثة شروط: الأول: ألا يستأثر عليهم بشيء. الثاني: أن يبدأ بأهل الحاجة فيعينهم الثالث أن يسوي في العطاء بينهم على قدر منازلهم ، فإذا فنيت بعد هذا وبقيت صفرا فأطلعت الحوادث أمرا بذلوا أنفسهم قبل أموالهم ، فإن لم يغن ذلك فأموالهم تؤخذ منهم على تقدير ، وتصريف بتدبير; فهذا ذو القرنين لما عرضوا عليه المال في أن يكف عنهم ما يحذرونه من عادية يأجوج ومأجوج قال: لست أحتاج إليه وإنما أحتاج إليكم فأعينوني بقوة أي اخدموا بأنفسكم معي ، فإن الأموال عندي والرجال عندكم ، ورأى أن الأموال لا تغني عنهم ، فإنه إن أخذها أجرة نقص ذلك مما يحتاج إليه ، فيعود بالأجر عليهم ، فكان التطوع بخدمة الأبدان أولى.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الكهف - الآية 95
تاريخ الإضافة: 26/8/2018 ميلادي - 15/12/1439 هجري
الزيارات: 19021
تفسير: ( قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما)
♦ الآية: ﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الكهف (95). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ﴾؛ أي: كالذي أعطاني وملكني أفضل من عطيتكم ﴿ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ﴾ بعملٍ تعملون معي ﴿ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ﴾ سدًّا حاجزًا. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ قَالَ ﴾ لهم ذو القرنين: ﴿ مَا مَكَّنِّي فِيهِ ﴾ قرأ ابن كثير "مكنني" بنونين ظاهرين، وقرأ الآخرون بنون واحدة مشددة على الإدغام؛ أي: ما قوَّاني عليه ﴿ رَبِّي خَيْرٌ ﴾ من جعلكم ﴿ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ﴾ معناه: إني لا أريد المال؛ بل أعينوني بأبدانكم وقوتكم ﴿ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ﴾؛ أي: سدًّا، قالوا وما تلك القوة؟ قال: فعلة وصناع يحسنون البناء والعمل والآلة. تفسير القرآن الكريم
مرحباً بالضيف
تفسير قوله تعالى: قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني
فيقول قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ.... أى: قال ذو القرنين لهؤلاء القوم الذين لا يكادون يفقهون قولا: إن ما بسطه الله- تعالى- لي من الرزق والمال والقوة.. خير من خرجكم ومالكم الذي تريدون أن تجعلوه لي في إقامة السد بينكم وبين يأجوج ومأجوج، فوفروا عليكم أموالكم، وقفو إلى جانبي فَأَعِينُونِي بسواعدكم وبآلات البناء بِقُوَّةٍ أى: بكل ما أتقوى به على المقصود وهو بناء السد، لكي أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وبين يأجوج ومأجوج «ردما». أى: حاجزا حصينا. وجدارا متينا، يحول بينكم وبينهم. والردم: الشيء الذي يوضع بعضه فوق بعض حتى يتصل ويتلاصق. يقال: ثوب مردم، أى: فيه رقاع فوق رقاع. وسحاب مردم، أى: متكاتف بعضه فوق بعض. ويقال: ردمت الحفرة، إذا وضعت فيها من الحجارة والتراب وغيرهما ما يسويها بالأرض. قال ابن عباس: الردم أشد الحجاب. وجملة أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً جواب الأمر في قوله: فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ.
وفي مسند الإمام أحمد، عن سمرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (ولد نوح ثلاثة: سام أبو العرب، وحام أبو السودان، ويافث أبو الترك)، قال بعض العلماء: هؤلاء من نسل يافث أبي الترك، وقال، إنما سمي هؤلاء تركاً لأنهم تركوا من وراء السد من هذه الجهة، وإلا فهم أقرباء أولئك، ولكن كان في أولئك بغي وفساد وجراءة، وقد ذكر ابن جرير ههنا عن وهب بن منبه أثراً طويلاً عجيباً في سير ذي القرنين وبنائه السد وكيفية ما جرى له، وفيه طول وغرابة ونكارة في أشكالهم وصفاتهم وطولهم وقصر بعضهم وآذانهم. وروى ابن أبي حاتم عن أبيه في ذلك أحاديث غريبة لا تصح أسانيدها، واللّه أعلم. وقوله تعالى {وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا} أي لاستعجام كلامهم، وبعدهم عن الناس، {قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا} قال ابن عباس: أجراً عظيماً، يعني أنهم أرادوا أن يجمعوا له من بينهم مالاً يعطونه إياه حتى يجعل بينهم وبينهم سداً، فقال ذو القرنين بعفة وديانة وصلاح وقصد للخير {ما مكّني فيه ربي خير} أي إنّ الذي أعطاني اللّه من الملك والتمكين خيرٌ لي من الذي تجمعونه، كما قال سليمان عليه السلام: {أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم} الآية.
وهذا الذي صوبه الطبري هو قول عطاء ومجاهد والشعبي قبلُ، وهو اختيار الرازي وكثير من المفسرين في سبب نزول هذه الآية بعدُ. وقد حاول الطبري أن يجمع بين السببين الواردين في نزول هذه الآية، فقال: ولا مانع أن تكون قصة الزبير وخصمه وقعت في أثناء ذلك فيتناولها عموم الآية. وتابع ابن عاشور الطبري في هذا الجمع، فقال: والظاهر عندي أن الحادثتين وقعتا في زمن متقارب، ونزلت الآية في شأن حادثة بشر المنافق، فظنها الزبير نزلت في حادثته مع الأنصاري. ومهما يكن الأمر، فإن الذي يهم المسلم من وراء كل ذلك أهمية الاحتكام إلى حكم الله ورسوله، وأن مخالفة حكمهما - مع الإصرار على هذه المخالفة والتمادي فيها - مُؤْذِنٌ بنزع صفة الإيمان عن المؤمن، وهذا ما أشعر به قوله سبحانه: {
فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك}. فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر. وفيه أيضاً ما يُشعر أن وصف الإيمان لا يتحقق تماماً إلا باتباع حكم الله وحكم رسوله. { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبين} (الأحزاب:36). * المصدر: موقع الشبكة الإسلامية.
تفسير قول الله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ...)
الآية التفسير سبب النزول مفهوم الآية الآية: قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا یُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ یُحَكِّمُوكَ فِیمَا شَجَرَ بَیۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا یَجِدُوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ حَرَجࣰا مِّمَّا قَضَیۡتَ وَیُسَلِّمُوا۟ تَسۡلِیمࣰا﴾ [النساء ٦٥] صدق الله العظيم. التفسير: يُقسم الله سبحانه وتعالى بنفسه الكريمة المقدسة، أنّه لا يؤمن أحدٌ حتى يُحكّم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق، الذي يجب الانقياد له باطناً وظاهراً، ولهذا قال تعالى: (ثُمَّ لَا یَجِدُوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ حَرَجࣰا مِّمَّا قَضَیۡتَ) صدق الله العظيم. ص1615 - كتاب تفسير القرآن الكريم اللهيميد من الفاتحة إلى النساء - فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما - المكتبة الشاملة. قال الزجاج: تسليماً مصدر مؤكد أي ويسلّمون لحكمك تسليماً لا يدخلون على أنفسهم شكاً ولا شبهة فيه، وقيل: إذا حكّموك في أمرٍ يطيعونك بواطنهم، فلا يجدون في أنفسهم حرجاً ممّا حكمت به، وينقادون له في الظاهر والباطن، فيسلمون لذلك تسليماً كلياً من غير ممانعة، ولا مدافعة، ولا منازعة، كما جاء في الحديث الشريف" والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به". سبب نزول هذه الآية: أخرج البخاري وأهل السنن وغيرهم عن عبد الله بن الزبير أن الزبير خاصم رجلاً من الأنصار قد شهد بدراً مع النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في شراج من الحرّة وكانا يسقيان به كلاهما النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر، فأبى عليه فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك، فغضب الأنصاري وقال يا رسول الله إن كان ابن عمتك، فتلون وجه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثمّ قال: اسق يا زبير ثمّ احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر ثمّ أرسل الماء إلى جارك.
تفسير فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا [ النساء: 65]
على جهة الإنكار، أي: أتحكم له عليّ لأجل أنه من قرابتك؟ فعند ذلك تلوَّن وجه النبي صلى الله عليه وسلم غضباً عليه، وحكم للزبير باستيفاء حقه من غير مسامحة له". وقال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: "يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة، أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، فما حَكَمَ به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطناً وظاهراً، ولهذا قال: {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} أي: إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجاً مما حكمتَ به، وينقادون له في الظاهر والباطن فيسلمون لذلك تسليماَ كُليَاً مِن غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة، كما ورد في الحديث: (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)". تفسير فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا [ النساء: 65]. وقال الطيبي: "قوله صلى الله عليه وسلم أولا: (اسق يا زبير ثم أرسل إلي جارك) كان أمراً للزبير بالمعروف، وأخذاً بالمسامحة وحسن الجوار بترك بعض حقه، دون أن يكون حُكْماً منه، فلما رأي الأنصاري يجهل موضع حقه أمر صلى الله عليه وسلم الزبير باستيفاء تمام حقه. وفيه دليل علي أنه يجوز العفو عن التعزير، حيث لم يُعَزِّر الأنصاريَّ الذي تكلم بما أغضب النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: كان قوله الآخر عقوبة في ماله، وكانت العقوبة إذ ذاك يقع بعضها في الأموال، والأول أصح.
ص1615 - كتاب تفسير القرآن الكريم اللهيميد من الفاتحة إلى النساء - فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما - المكتبة الشاملة
وفي رواية أخرى عن الزبير بن العوام رضي الله عنه: أنه خاصم رجلًا من الأنصار قد شهد بدرا، وفيها قال الأنصاري للنبي صلى الله عليه وسلم: {آن كان ابنَ عَمَّتِكَ؟). وقد ذكر ابن كثير والواحدي وغيرهما هذا الحديث في سبب نزول هذه الآية، وذكر غيرهما غير ذلك، وقال ابن عاشور: "وتفريع قوله: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} على ما قبله يقتضي أن سبب نزول هذه الآية هو قضية الخصومة بين اليهودي والمنافق، وتحاكم المنافق فيها للكاهن، وهذا هو الذي يقتضيه نظم الكلام، وعليه جمهور المفسرين، وقاله مجاهد، وعطاء، والشعبي. فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك. وفي البخاري عن الزبير: أحسب هذه الآية نزلت في خصومة بيني وبين أحد الأنصار في شراج من الحرة.. والظاهر عندي أن الحادثتين وقعتا في زمن متقارب ونزلت الآية في شأن حادثة بِشْر المنافق فظنها الزبير نزلت في حادثته مع الأنصاري". وقد حاول الطبري أن يجمع بين الأسباب التي ذكرها المفسرون في نزول هذه الآية بأنه لا مانع أن تكون قصة الزبير وخصمه وقعت في أثناء أسباب غيرها فيتناولها عموم الآية. قال القرطبي: "سلك النبي صلى الله عليه وسلم مع الزبير وخصمه مسلك الصلح فقال: اسق يا زبير، لقربه من الماء، ثم أرسل الماء إلى جارك، أي: تساهل في حقك ولا تستوفه وعجّل في إرسال الماء إلى جارك، فحضه على المسامحة والتيسير، فلما سمع الأنصاري هذا لم يرض بذلك وغضب، لأنه كان يريد ألا يمسك الماء أصلا، وعند ذلك نطق بالكلمة الجائرة المهلكة الفاقرة فقال: آن كان ابن عمتك؟!
تفسير الآية ” فلا وربك لا يؤمنون “ - سؤال العرب
جملة (ما أرسلنا... ) لا محل لها استئنافية. وجملة (يطاع... ) لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن). وجملة (ثبت) مجيئهم) لا محل لها معطوفة على الاستئنافية. وجملة (ظلموا... ) في محل جر بإضافة (إذ) إليها. وجملة (جاؤوك) في محل رفع خبر أنّ. وجملة (استغفروا اللّه) في محل رفع معطوفة على جملة جاؤوك. وجملة (استغفر لهم الرسول) في محل رفع معطوفة على جملة جاؤوك. وجملة (وجدوا... ) لا محل لها جواب شرط غير جازم. البلاغة: الالتفات: في قوله تعالى: (وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ). حيث التفت من الخطاب إلى الغيبة تفخيما لشأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وتعظيما لاستغفاره وتنبيها على أن شفاعته في حيز القبول. فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيا شجر بينهم. وسياق الكلام يقتضي أن يقول: واستغفرت لهم.. إعراب الآية رقم (65): {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (65)}. الإعراب: الفاء استئنافية (لا) زائدة لتأكيد معنى النفي في جواب القسم، الواو واو القسم (رب) مجرور بالواو متعلق بفعل مقدر تقديره أقسم، والكاف ضمير مضاف إليه (لا) نافية (يؤمنون) مضارع مرفوع... والواو فاعل (حتى) حرف غاية وجر (يحكموا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى... والواو فاعل والكاف ضمير مفعول به.
وهي ثلاثة أنواع:
النوع الأول: أن يقول: إن الشرع أفضل ولكن لا مانع من تحكيم غير الشرع. النوع الثاني: أن يقول: إن الشرع والقانون سواء ولا فرق. النوع الثالث: أن يقول إن القانون أفضل وأولى من الشرع. تفسير الآية ” فلا وربك لا يؤمنون “ - سؤال العرب. وهذا أقبح الثلاثة ،
وكلها كفر وردة عن الإسلام. الذي يرى أن الواجب تحكيم شرع الله ، وأنه لا يجوز تحكيم القوانين ولا غيرها مما
يخالف شرع الله ، ولكنه قد يحكم بغير ما أنزل الله لهوىً في نفسه ضد المحكوم عليه ،
أو لرشوة ، أو لأمور سياسية ، أو ما أشبه ذلك من الأسباب وهو يعلم أنه ظالم ومخطئ
ومخالف للشرع - فهذا يكون ناقص الإيمان ، وقد انتفى في حقه كمال الإيمان الواجب ،
وهو بذلك يكون كافرا كفرا أصغر ، وظالما ظلما أصغر ، وفاسقا فسقا أصغر ، كما صح
معنى ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وجماعة من السلف رحمهم الله ، وهو قول
أهل السنة والجماعة خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سلك سبيلهم. والله المستعان"
انتهى. "مجموع فتاوى ابن باز" (24/220-223).
وفيه أنه صلى الله عليه وسلم حكم علي الأنصاري في حال غضبه مع نهيه الحاكم أن يحكم وهو غضبان. وذلك لأنه كان معصوماً من أن يقول في السخط والرضا إلا حقا". وقال ابن هبيرة: "فلما جهل الأنصاري ذلك وظن الأمر بخلاف ما كان عليه استوفى حق الزبير ، ليعلم الأنصاري سِرَّ الأمر ويتأدب عن أن يسيء ظنه برسول الله صلى الله عليه وسلم". وفي شرح سنن أبي داود ل لخطابي: " وقد اختلف الناس في تأويل هذا الحديث فذهب بعضهم إلى أن القول الأول إنما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجه المشورة ل لزبير وعلى سبيل المسألة في أن يطيب نفساً لجاره الأنصاري دون أن يكون ذلك منه حكما عليه، فلما خالفه الأنصاري حكم عليه بالواجب من حكم الدِين". حُرْمَة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ونصرته وتَوْقِيرُه، وامتثال أمره والرضى بحكمه بَعْدَ مَوْته واجب كَوُجُوبه حال حياته، ومن أهم أسباب هداية العبد وسعادته أن يرزقه الله طاعة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: { وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}(النور:54). وقد حذرنا الله عز وجل من مخالفته وعصيانه فقال سبحانه: { وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}(النساء:14)، وأوجب علينا تصديق خبره، والرضى بحكمه والتسليم له، فقال عز وجل: { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}(النساء:65).