الرابعةُ: أنهمْ يُعظمونَ المفكرينَ والكتبَ الفكريةَ، ككتبِ سيدِ قطبٍ، وأخيهِ محمدٍ قطبِ، وأمثالِهمَا، ككتابِ (فِي ظلالِ القرآنِ) وَ(العدالةِ الاجتماعيةِ)، وفِي المقابلِ يُزهدونَ فِي كتبِ علماءِ السنةِ ككتابِ (التوحيدِ) لشيخِ الإسلامِ محمدِ بنِ عبدِ الوهابِ، و(فتحُ المجيدِ) للشيخِ العلامةِ عبدِ الرحمنِ بنِ حسنٍ -رحمهُ اللهُ تعالَى-، وأمثالهَا منْ كتبِ أهلِ السنةِ. الخامسةُ: أنهمْ مميعونَ للخلافِ معَ أهلِ البدعِ منَ الإخوانِ المسلمينَ وجماعةِ التبليغِ المسمينَ بالأحبابِ، وفِي المقابلِ يُغلِّظونَ ويُشددونَ علَى أهلِ السنةِ السائرينَ علَى طريقةِ السلفِ ويُلقبونهمْ بألقابِ السوءِ كـ(الجاميةِ)، فإنَّ منْ أكبرِ فضائحِ الحركيينَ منَ الإخوانِ المسلمينَ والسروريينَ نبزهمْ أهلَ السنةِ بأنهمْ جاميةٌ، أوْ أنهمْ غلاةُ الطاعةِ… وقدْ كذبُوا، بلْ إنَّهمْ لمَّا كانُوا ثوريينَ عادَوْا مَن يدعُو إلَى عقيدةِ السمعِ والطاعةِ للحاكمِ فِي غيرِ معصيةِ اللهِ، كمَا جاءَ بهِ الكتابُ والسنةُ.
المعنى الدال على الفقه هو - موقع محتويات
أما القائلون بأنه ليس بحجة ؛ فإنهم يستدلون بقول الله عز وجل: " فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ " [ النساء: 59]. ومن يشاقق الرسول من بعد. وبقول الله عزو جل:" وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ " [الشورى: 10]
وبقول الله عز وجل: " اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ " [الأعراف: 3]. وبقوله تعالى: " وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " [الأنعام: 153]. قال الشوكاني رحمه الله تعالى في < تفسيره > عند هذه الاية: أعني قوله تعالى: " وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا " [النساء: 115]
يقول: إن مشاققة الرسول كافية في هذا الوعيد ، أما العالم الذي يجتهد وهو لا يريد أن يخالف المؤمنين فإنها لا تتناوله.
فما بهم من نعمة، فمنه تعالى". [9] وعلى هذا فإن من مقتضى ربوبيته سبحانه أن بعث في العالمين رسوله صلى الله عليه وسلم رحمة لهم به صلاحهم في الدنيا والآخرة. كما قال سبحانه: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ (الأنبياء: 107). وتثني بذكر أسمائه الحسنى سبحانه ﴿ٱلرَّحۡمَـٰن ٱلرَّحِیمِ﴾ اشتملت الفاتحة على صفات الرب سبحانه وعلى بعض أسمائه التي إليها ترجع باقي الأسماء والصفات كما ذكر ابن القيم سابقا. وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من يعرف الناس بربهم سبحانه وهو من يدلهم عليه، ومن يعلمهم أسماءه الحسنى. إذ هو صلى الله عليه وسلم هو أعلم الناس بالله. فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أتْقَاكُمْ وأَعْلَمَكُمْ باللَّهِ أنَا". [10] وتلك مهمته صلى الله عليه وسلم أن يدل الناس على خالقهم، ويوصلهم إليه. هو وسيلتهم إليه. قال تعالى ومن يشاقق الرسول. فأية رحمة أعظم من أن يعرف المؤمن ربه ويتقرب إليه ويحبه. ﴿الرَّحْمَن فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾ قال السعدي: "يعني بذلك نفسه الكريمة فهو الذي يعلم أوصافه وعظمته وجلاله، وقد أخبركم بذلك وأبان لكم من عظمته ما تستعدون به من معرفته فعرفه العارفون وخضعوا لجلاله، واستكبر عن عبادته الكافرون واستنكفوا عن ذلك" [11].
بين طفلة تدعو بالشفاء من مرض عضال، وكفيف جاء سائلاً الله أن يعيد له بصره بجاه صاحب المقام، تتنوع حاجات الوافدين إلى المكان، وتعلو أصوات الدعاء وصيحات البكاء بأن يعجل الله فرجهم وشفاءهم ويقضي حاجاتهم. وبعد حلول الظلام يتجول المريدون بين الأضرحة والمقامات للدعاء والذكر ومواصلة العبادة في أجواء من السكينة والصفاء، بينما يجتمع كبار الطريقة ومشايخها للصلاة والتباحث في شؤونهم داخل "الخلوة" - التي ينقطع فيها أتباع الطريقة عن الناس ليتفرغوا للذكر والعبادة- يتقدمهم الشيخ محمد الشيخ الريح الشيخ إسحاق والذي يسمى "خليفة العركيين" في الخرطوم.
&Quot;نوبة&Quot; الصوفية في السودان.. أهازيج وطقوس وتاريخ عريق
اكتشف
8 ديسمبر 2019
مجموعة من المريدين يقرعون الطبول استعداداً لبدء حلقة الذكر "النوبة" في مقام الشيخ حمد النيل بأم درمان بالعاصمة السودانية الخرطوم
(بلال خالد TRT عربي)
أصيل يوم الجمعة من كل أسبوع، موعد متجدد لكل مريدي التصوف ومحبي المدائح النبوية، للاجتماع وترتيل الأهازيج الصوفية وأوراد الذكر والعيش لساعات في أجواء روحانية خاصة، في "نوبة" الشيخ حمد النيل بمنطقة أم درمان في العاصمة السودانية الخرطوم. الحضرة أو حلقات الذكر أو ما يعرف في السودان بـ"النوبة"، تعتبر واحدة من أهم تقاليد الطرق الصوفية، التي كانت إحدى أهم طرق دخول وانتشار الإسلام في البلاد، والتي حافظت على عاداتها وأهازيجها وأشكالها التقليدية لمئات السنين. يمثل ضريح الشيخ حمد النيل ومنطقة المقابر المحيطة به نقطة التقاء لكل المريدين والتابعين لإحياء طقوس النوبة، و"حمد النيل" كما يذكر أهل الصوفية هو لقب يشير إلى الزهد وإكرام الناس، ويعود للشيخ حمد بن أحمد الريح، المتوفى نهاية القرن التاسع عشر، وهو أحد خلفاء الطريقة القادرية العركية، إحدى فروع الطريقة القادرية، وتنتشر هذه الطريقة بكثرة في السودان، ويرجع سند العركية للشيخ عبد الله العركي المولود في القرن العاشر الهجري.
وانتهى الأمر بسيادة المهدية، التي وبعد أربع سنوات من رفع راياتها الأربع حاملة الشهادتين واسم واحد من الأقطاب الأربعة عليها، مرفقة بعبارة: ولي الله، وصلت العام 1884م للخرطوم، ودخلتها في 26 يناير من ذلك العام، أعلنت إيقاف العمل بالطرق الصوفية المتعارف عليها في البلاد، أسوة بالمذاهب الأربعة، ففيما حكم المهدي بالعودة للكتاب وصحيح السنة وحسب، وأعلن إلغاء المذاهب، أعلن معها إيقاف الطرق الصوفية، لأنه لا حاجة للناس بالسواقي ما داموا وصلوا للنهر الكبير. وعلى كل حال، سكتت الصوفية على هذا الوضع، واندمج كثيرون في السياق المهدوي الذي عرف بالأنصار، وعملوا على تثقيف المجتمع، واختفت الصوفية كذلك عن ساحة السياسة، لتعود مع هزيمة الأنصار في موقعة كرري سبتمبر 1898م، وانتهاء المهدية. وبرز من بين الزعماء المحليين في السودان السيد علي الميرغني مرشد الطريقة الختمية، وبرز السيد عبد الرحمن ابن الإمام المهدي نفسه، ليتسيدا المشهد السياسي، تاركين الطرق الصوفية تزدهر من جديد اجتماعيا، لتظهر ثنائية سياسية: الختمية ومن خلقها الطرق الصوفية يمثلها الميرغني سياسيا، والأنصار ويمثلهم المهدي سياسيا، ليشتركوا جميعا في الاحتفالات الدينية المختلفة، حيث تغيب السياسة، ويحضر الدين والتدين الصوفي وحسب..
ولي عودة.. للموضوع من زاوية أخرى.