لماذا خلقنا الله؟ ولماذا لم يأخذ رأينا قبل أن يخلقنا؟
هذا السؤال بشقيه من الأسئلة التي تثير الشبهة عند البعض نظرا لبنية السؤال نفسه. لماذا خلقنا الله إذا كان غنيا عنا؟
أما مسألة غنى الله عن خلقه فهي من المسائل الثابتة نصا وعقلا، فالله سبحانه يقول في سورة الذاريات: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)"، وقال في الآية 6 من سورة العنكبوت: "... إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ". من نحن ولماذا خُلقنا؟ – الإسلام كما أنزل. وهذا المعنى متكرر في نصوص القرآن والسنة. وأما عقلا فإن من الثابت عقلا أن خالق الكمال يتصف بصفات الكمال المطلق، ومن صفات الكمال المطلق أن تنتفي حاجته لسواه، إذ أن افتقاره لغيره صفة نقص يتنزه عنها سبحانه. فيبقى السؤال (لماذا خلقنا الله؟).. وهذا السؤال له شقين: شق يخصنا نحن، لكي نعرف ما هي وظيفتنا ودورنا الذي خلقنا الله لنقوم به في هذه الحياة، وشق يتعلق بالخالق نفسه. وما يخصنا نحن فجوابه واضح، وهو أن الله خلقنا وكلفنا بعبادته، ولكنه جعلنا في دار اختبار ومنحنا الإرادة الحرة لنقرر نحن: هل نسعى إلى الفوز أم إلى الخسارة.
لماذا خلقنا الله للاطفال
فإذا ما أقام الجنّ والإنس العبودية لله كانوا منسجمين مع الكون المسخّر بأمر الله ، وإلّا كانوا متمرِّدين على حقيقتهم حتى يعودوا إلى فطرتهم التي تستوجب منهم عبادة ربهم والاستجابة لأمره، حالُهم حالُ غيرهم من المخلوقات الذين خلقهم الله بقدرته الكاملة. واللافت أنَّ لفظة "العبادة" المشار إليها في الآية السابقة تختلف عن "النُّسُك" الذي يظنُّ كثيرٌ من الناس أنَّ العبادة مقتصرةٌ عليه، فمفهوم العبادة أوسع من مفهوم "النُّسُك" بكثير؛ وهو بالمجمل الإذعان والانقياد لأوامر الله. وعليه يُخطَّأ من يفهم من قوله: (إلا ليعبدون) أنَّ الله خلق الجنَّ والإنس للتَّنسُّك بين يديه سبحانه دون أداء حقوق الله في الدنيا، ويزداد الخطأ إن لم يُدرك السياق السابق، والذي يفهم على ضوئه المعنى المراد من الآية؛ فيُتوهم أنَّ الله أراد أن يمجِّده الناس لحاجةٍ فيه –سبحانه– فخلقهم وأمرهم بذلك، جلَّ وتعالى عن ذلك علواً كبيراً. لماذا خلقنا الله؟ لماذا يبتلينا؟ هل خلقنا ليعذبنا؟ .. إجابات على الأسئلة الأكثر إلحاحًا. وقد بيّنّا تفصيل هذه المسألة في معرض الإجابة عن التساؤل الثالث (فماذا عن العبادات النُسُكية) في مثال المعلم الحكيم. ومن هنا نعي أنَّ الله ما خلقنا لنقصٍ ولا لحاجةٍ يريدها سبحانه، وأنَّ الأصل في الإنسان أن يسبّح مع المخلوقات جميعاً مسلِّماً أمره لله سبحانه، فأمرَه بالعبادة إحقاقاً لهذا الأصل المرتبط ارتباطاً جوهرياً بمعنى المخلوقية، فلا مخلوق بلا افتقارٍ وعبادةٍ ولا خالقَ بلا غنىً وتمجيد.
تحميل المقال بصيغة PDF
لماذا خلقنا الله ثاني ابتدائي
[٦]
المراجع
↑ سورة سورة الذاريات، آية: 56. ^ أ ب "الحكمة من خلق البشر " ، الإسلام سؤال وجواب ، 2005-9-4، اطّلع عليه بتاريخ 2018-6-27. بتصرّف. ↑ "الحكمة من خلق الإنسان " ، إسلام ويب ، 2001-12-30، اطّلع عليه بتاريخ 2018-6-27. بتصرّف. ↑ سورة سورة الملك ، آية: 2. ↑ سورة سورة فاطر، آية: 39. ↑ د. عماد الدين خليل (2010-6-2)، "حول الاستخلاف والتسخير " ، قصة الإسلام ، اطّلع عليه بتاريخ 2018-6-27. بتصرّف.
وتيسيراً لدراسة المسألة سنقسم المبحث للإجابة عن أربعة تساؤلاتٍ رئيسية: هل الله بحاجة لعبادتنا؟ لماذا كلفنا بالأوامر الشرعية؟ ماذا عن العبادات النُسُكية؟ لمَاذا خَلَقَنا الله ابتداءً؟ التساؤل الأول: هل الله بحاجة لعبادتنا؟ (( وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)) [آل عمران97] يبرز الإشكال عند من يعترض على أصل الأوامر الإلهية من نظرته إلى أمر الله نظرةَ مشابهةٍ لأمر المخلوق، فهو يرى أنَّ كلَّ أمرٍ مردُّه حاجةٌ أو نقصٌ يريد الآمر أن يسدَّه، فإذا أمر الله البشرَ أن يعبدوه تبادر إلى ذهن المعترض أنَّ الله في عوزٍ وتنقصه العبادة كي تسدّ عنده حاجةً ما. يرى د. لماذا خلقنا الله ثاني ابتدائي. سامي عامري [أستاذ العقيدة والفِرَق والأديان، دكتوراه في الأديان المقارنة]: أنَّ مردّ هذه النظرة إلى "أنسنة الإله" أو وصفه بصفات البشر، وطالما أنَّ الإنسان لا يطلب إلا لحاجةً، فكذلك كلُّ فعلٍ يقوم به الإله مردُّه الحاجة أيضاً. [انظر كتاب لماذا يطلب الله من البشر عبادته -مركز تكوين- ص 14 – 15]. لذلك نجد أنَّ الخلل يكمن في تصوُّر الإنسان عن الله ، ف الله ليس كَمِثله شيءٌ، ولا يُقاس على فعله فعلٌ، فلا يليق أن نقيس أفعال الله على أفعالنا، وإن كانت المخلوقات تتحرَّك وتفعل وتطلب عن حاجةٍ أو نقصٍ، كسباً لخيرٍ أو دفعاً لشرٍّ، فهذا لا يعني أنَّ الخالق يأمر المخلوقات عن حاجةٍ وعِوزٍ، لذلك لا تعارض بين الألوهية وأصل الأمر الإلهي.
درس لماذا خلقنا الله
وقال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) قال ابن كثير – رحمه الله -: "أي: خلق السموات والأرض لنفع عباده الذين خلقهم ليعبدوه وحده لا شريك له، ولم يخلق ذلك عبثًا، كما قال تعالى: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلًا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار}، وقال تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم}". قال ابن القيم – رحمه الله -: "{أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون} أي: لغير شيء ولا حكمة، ولا لعبادتي ومجازاتي لكم، وقد صرح تعالى بهذا في قوله {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، فالعبادة هي الغاية التي خلق لها الجن والإنس والخلائق كلها، قال الله تعالى {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} أي: مهملًا". وقد وصف الله تعالى أولي الألباب بأنهم (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) فلنحرص على أن نكون منهم.
اجتاحت قلوبنا غفلة كبيرة ونسيان مذهل عن الغاية التي من أجلها خلقنا وصار حالنا والعياذ بالله كما قال الله ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [الحشر 18: 20]. فلا بد لنا من الرجوع إلى ربنا ومراجعة حساباتنا وتذكر الهدف من خلقنا والاهتمام بأمر العبادة الكاملة لله وحده وعمارة الأرض بتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه وإقامة دينه لأننا ما خلقنا إلا من أجل ذلك وقد جعلنا الله خلفاء له في الأرض لأجل هذه الغاية العظيمة وهذا الهدف النبيل يقول الله ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30].
فرفعوا كتابا فإذا فيه: فلان وفلان وسعيد بن عامر ، فقال: ومن سعيد
بن عامر ؟! فقالوا: أميرنا. قال: أميركم فقير ؟! قالوا: نعم ،
ووالله إنه ليمر عليه الأيام الطوال ولا يوقد في بيته نار. فبكى عمر
حتى بللت دموعه لحيته ، ثم عمد إلى ألف دينار فجعلها في صرة وقال:
اقرؤوا عليه السلام مني ، وقولوا له: بعث إليك أمير المؤمنين بهذا
المال لتستعين به على قضاء حاجاتك. جاء الوفد لسعيد بالصرة فنظر
إليها فإذا هي دنانير ، فجعل يبعدها عنه وهو يقول: إنا لله وإنا إليه
راجعون ـ كأنما نزلت به نازلة أو حل بساحته خطب ـ فهبت زوجته مذعورة
وقالت: ماشأنك يا سعيد ؟! أمات أمير المؤمنين؟! قال: بل أعظم من ذلك ، قالت: أأصيب المسلمون في وقعة ؟! إسلام ويب - سير أعلام النبلاء - الطبقة العاشرة - سعيد بن عامر- الجزء رقم9. قال: دخلت
علي الدنيا لتفسد آخرتي ، وحلت الفتنة في بيتي. قالت: تخلص منها ـ
وهي لا تدري من أمر الدنانير شيئا ـ قال: أو تعينيني على ذلك ؟ قالت: نعم. فأخذ الدنانير فجعلها في صرر ثم وزعها على فقراء المسلمين. لم يمض على
ذلك طويل وقت حتى أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ديار الشام يتفقد
أحوالها فلما نزل بحمص ـ وكانت تدعى " الكويفة " وهو تصغير للكوفة
وتشبيه لحمص بها لكثرة شكوى أهلها من عمالهم وولاتهم كما كان يفعل أهل
الكوفة ـ فلما نزل بها لقيه أهلها للسلام عليه فقال: كيف وجدتم
أميركم ؟ فشكوه إليه وذكروا أربعا من أفعاله ، كل واحد منها أعظم من
الآخر.
قصه سعيد بن عامر الجمحي
واستعمل عمر بن الخطاب سعيد بن عامر على جند حمص فقدم عليه فعلاه بالدرة فقال سعيد: سبق سيلك مطرك إن تستعتب نعتب وإن تعاقب نصبر وإن تعف نشكر. قال: فاستحيى عمر وألقى الدرة وقال: ما على المؤمن أو المسلم أكثر من هذا إنك تبطئ بالخراج. فقال سعيد: إنك أمرتنا أن لا نزيد الفلاح على أربعة دنانير فنحن لا نزيد ولا ننقص إلا أنا نؤخرهم إلى غلاتهم. قصة الصحابي سعيد بن عامر | قصص. فقال عمر: لا أعزلك ما كنت حيا. توفي سعيد بن عامر في عام 20 هجرية، وهو وال حمص في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
سعيد بن عامر الجمحي
واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل دارك. وخُض الغمرات إلى الحقّ.. ولا تخشى في الله لومة لائم.. "
فطلب منه عمر بن الخطّاب ولاية حمص، فكرِه سعيد ذلك، فغضب عمر أنّهم ولّوه الخلافة ويريدون التخلّي عنه فيها. فألحّ عليه حتّى ولّاه عليها. واقترح عليه أن يقسم له رزقًا ثمن عمله، فرفض سعيد رضي الله عنه وذلك بأنّ قسمته من بيت المال تفيض عن حاجته. الزّهد والإيثار: أقبل جماعة من أهل الثّقات على عمر بن الخطّاب من حمص، فسألهم أن يكتبوا أسماء فقرائهم حتّى يسدّ حاجتهم. فكتبوا له عددًا من النّاس ومنهم سعيد بن عامر. فتعجّب عمر أنّ أميرهم ووليّهم فقير. فأجابوه بأنّه يمر عليه الأيام واللّيالي لا يُوقد في بيته نار، فبكي عمر وأمر له بألف دينار وبعثهم له مع السّلام عليه. لمّا رأى سعيد بن عامر المال اضطرب وضاق صدره، وأمر بالمال فوزّعه على ذوي الحاجة من رعيّته. سعيد بن عامر - العظمة تحت الاسمال. الورع والتّقوى: ولما زار عمر أهل حمص سألهم عمّا يلقونه من أميرهم، فأجابوه بأنّ له أربعة خصال عِظام. فاستحضر سعيد بن عامر وواجهه بما فيه أمره وقصّ عليه عمر ما يلقونه منه ليردّ عن نفسه. أوّلها أنّه لا يخرج إليهم حتّى يتعالى النّهار، فقال سعيد أنّه لا خادم لأهله فيقوم الصّباح ليعجن العجين ويمكث حتّى يختمر فيخبزه ثم يتوضّأ ويخرج للناس.
سعيد بن عامر والي حمص
من أعطي شيئا من غير سؤال ولا استشراف نفس فإنه رزق من الله فليقبله ولا يرده. فقال الرجل: أسمعت هذا من رسول الله {صلى الله عليه وسلم}؟ قال: نعم. فقبله الرجل ثم أتى امرأته فقال: إن أمير المؤمنين أعطانا هذه الألف دينار فإن شئت أن نعطيه من يتجر لنا به ونأكل الربح ويبقى لنا رأس مالن. وإن شئت أن نأكل الأول فالأول: فقالت المرأة: بل أعطة من يتجر لنا به ونأكل الربح ويبقى لنا رأس المال قال: ففرقيه صررا ففعلت فجعل كل ليلة يخرج صرة فيضعها في المساكين ذوي الحاجة فلم يلبث الرجل إلا يسيرا حتى توفي فأرسل عمر يسأل عن الألف فأخبرته امرأته بالذي كان يصنع فالتمسوا ذلك فوجدوا الرجل قدمها لنفسه ففرح بذلك عمر وسر وقال: يرحمه الله إن كان الظن به كذلك. (2)
واستعمل عمر بن الخطاب سعيدا بن عامر على جند حمص فقدم عليه فعلاه بالدرة فقال سعيد: سبق سيلك مطرك إن تستعتب نعتب وإن تعاقب نصبر وإن تعف نشكر. قال: فاستحيى عمر وألقى الدرة وقال: ما على المؤمن أو المسلم أكثر من هذا إنك تبطىء بالخراج. سعيد بن عامر والي حمص. فقال سعيد: إنك أمرتنا أن لا نزيد الفلاح على أربعة دنانير فنحن لا نزيد ولا ننقص إلا أنا نؤخرهم إلى غلاتهم. فقال عمر: لا أعزلك ما كنت حيا.
وتابع سعيد حديثه:وأما قولهم: لا أجيب أحدا بليل.. فوالله٬ لقد كنت أكره ذكر السبب.. اني جعلت النهار لهم٬والليل لربي". أما قولهم: ان لي يومين في الشهر لا أخرج فيهما.. " فليس لي خادم يغسل ثوبي٬ وليس بي ثياب أبد لها٬ فأنا أغسل ثوبي ثم أنتظر أن يجف بعد حين.. وفي آخر النهار أخرج اليهم ". وأما قولهم: ان الغشية تأخذني بين الحين والحين.. " فقد شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة٬ وقد بضعت قريش لحمه٬ وحملوه على جذعه٬ وهم يقولون له: أحب أن محمدا مكانك٬ وأنت سليم معافى.. ؟ فيجيبهم قائلا: والله ما أحب أني في أهلي وولدي٬ معي عافية الدنيا ونعيمها٬ ويصاب رسول الله بشوكة.. فكلما ذكرت ذلك المشهد الذي رأيته أنا يومئذ من المشركين٬ ثم تذكرت تركي نصرة خبيب يومها٬ أرتجف خوفا من عذاب الله٬ ويغشاني الذي يغشاني".. وانتهت كلمات سعيد التي كانت تغادر شفتيه مبللة بدموعه الورعة الطاهرة.. ولم يمالك عمر نفسه ونشوه٬ فصاح من فرط حبوره. " الحمد للله الذي لم يخيب فراستي".! وعانق سعيدا٬ وقبل جبهته المضيئة العالية. ** أي حظ من الهدى ناله هذا الطراز من الخلق.. ؟ أي معلم كان رسول الله.. سعيد بن عامر الجمحي. ؟ اي نور نافذ٬ كان كتاب الله.. ؟؟ وأي مدرسة ملهمة ومعلمة٬ كان الاسلام.. ؟؟ولكن٬ هل تستطيع الأرض أن تحمل فوق ظهرها عددا كثيرا من هذا الطراز.. ؟؟ انه لو حدث هذا٬ لما بقيت أرضا٬ انها تصير فردوسا.. أجل تصير الفردوس الموعود.. ولما كان الفردوس لم يأت زمانه بعد فان الذين يمرون بالحياة ويعبرون الأرض من هذا الطراز المجيد الجليل.. قللون دائما ونادرون.
ثانيها أنّ لا يجيب أحدًا ليلًا، فقال سعيد أنّه جعل نهاره للرّعية وليله لله عزّ وجل. قصه سعيد بن عامر الجمحي. ثالثها أنّه لا يخرج لهم يومًا في الشّهر، فقال أنّه لا ثياب له غير التي عليه، فيغسلها في يومٍ ويبقى جوارها حتّى تجفّ. رابعها أنّه تصيبه غشيه وهو بينهم، فقال أنّه يذكر موقف خبيب وأنّه لم ينصره يومها فيخشى أنّ الله لا يغفرها له. فسعد بذلك قلب عمر بن الخطّاب وأمر له بألف دينار فعل فيها سعيد فعلته بالألف دينار الأولى. وفاته: توفّى في العشرين هجريًا