لقد أمر الله عز وجل بطاعة أولي الأمر، وعد ذلك من طاعته كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ [ النساء: 59] ، واختلف في المراد بـ " أُوْلِي الأَمْرِ" هنا: فقيل: إنهم الأمراء، وقيل إنهم العلماء والفقهاء انظر ((تفسير الطبري)) (5/150)، ((الرسالة)) للشافعي (ص 79)، ((أخلاق العلماء)) للآجري (ص 20)، كتاب السنة للمروزي (ص 41). والظاهر أن الآية عامة في كل أولي الأمر من الأمراء والعلماء انظر ((تفسير ابن كثير)) (2/497)، مختصر شعب الإيمان لأبي بكر البيهقي اختصره أبو القاسم عمر القزويني (ص 68). حكم الخروج على ولي الأمر. يقول ابن قيم الجوزية مرجحا أن المراد بأولي الأمر: العلماء والأمراء: والقولان ثابتان عن الصحابة في تفسير الآية، والصحيح أنها متناولة للصنفين جميعا، فإن العلماء والأمراء ولاة الأمر الذي بعث الله به رسوله، فإن العلماء، ولاته حفظا وبيانا وذبا عنه، وردا على من ألحد فيه وزاغ عنه. والأمراء ولاته قياما وعناية وجهادا وإلزاما للناس به، وأخذهم على يد من خرج عنه. وهذان الصنفان هما الناس، وسائر النوع الإنساني تبع لهما ورعية" الرسالة التبوكية (ص 50). نعم، إن هؤلاء هما الناس، وسائر النوع الإنساني تبع لهما ورعية، ومتى ما اختل هذا الميزان وقعت الفرقة في الأمة، ودب الضعف في كيانها.
حكم الخروج على ولي الأمر العاصي
ولهذا لما توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يشتغلوا في تجهيزه -صلى الله عليه وسلم- حتى بايعوا الخليفة من بعده، مما يدل على أن أمر الإمامة والقيادة أمر مهم جدا، لا تمر ساعة أو أي زمن إلا وللمسلمين إمام تنعقد عليه بيعتهم وجماعتهم، فالإمامة تتم بأحد أمور ذكرها أهل العلم:
الأمر الأول: بيعة أهل الحل والعقد لإمام يختارونه كما بايع الصحابة رضي الله عنهم أبا بكر الصديق بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم-. فبايعه أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار وتبعهم بقية المسلمين، فبقية الرعية تبع لأهل الحل والعقد من الأمراء والعلماء وذوي الرأي والعلم والشان، فإذا بايع هؤلاء فالبقية تبع لهم، ينوبون عنهم، ويمثلونهم لأن المسلمين كالجسد الواحد وكالبنيان يشد بعضه بعضا، هذا الطريق الأول من طرق إنعقاد البيعة لولي الأمر، أن يختاره أهل الحل والعقد من المسلمين ويبايعونه، فإذا تمت بيعته من أهل الحل والعقد، لزمت طاعته والانقياد له من حضر البيعة ومن لم يحضرها من المسلمين. الأمر الثاني: مما تنعقد به البيعة، اختيار ولي العهد، أن يختار ولي أمر المسلمين من يتولى الأمر من بعده، تسمى هذه الولاية والعهد، فإذا اختار ولي الأمر من يقوم بالأمر من بعده، لزمت طاعة ولي العهد من بعد موت الإمام، وتنقل إمامته باختيار ولي الأمر له، لأن ولي الأمر نائب عن المسلمين، فإذا اختار وليا للعهد لزم المسلمين القبول والطاعة، والدليل على هذا اختيار أبو بكر رضي الله عنه لعمر بن الخطاب ولاه العهد من بعده، ورضي المسلمون بذلك وانقادوا ولم يعترضوا، فعمر بن الخطاب تولى الأمر لولاية العهد ممن قبله وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
- عضو هيئة التدريس بكلية المجتمع ببريدة -جامعة القصيم
قال: يقول: ملك من الملائكة فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم. وفي حديث أحمد والبزار وأبي يعلى والطبراني من رواية أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله عز وجل لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفورا لكم، قد بدلت سيئاتكم حسنات. والحديث صححه الألباني والأرناؤوط. لكن الجمهور على أن هذا التكفير الذي وعد الله به أهل الطاعات خاص بالصغائر، أما الكبائر: فلا بد لها من توبة، كما أن الذنوب المتعلقة بحقوق العباد لا بد فيها من استحلال أصحابها، قال في دليل الفالحين: ثم هذا في الصغائر المتعلقة بحق الله تعالى، أما الكبائر: فلا يكفرها على الصحيح إلا التوبة بشروطها..... وأما التبعات: فلا يكفرها إلا إرضاء أصحابها. انتهى. مكفرات الذنوب - فقه. وفي تحفة الأحوذي للمباركفوري: وأتبع ـ أمر من باب الأفعال، وهو متعد إلى مفعولين: السيئة ـ الصادرة منك صغيرة، وكذا كبيرة على ما شهد به عموم الخبر وجرى عليه بعضهم، لكن خصه الجمهور بالصغائر. انتهى. والله أعلم.
مكفرات الذنوب - فقه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله لنا ولكم غفران الذنوب والعفو والستر، ونفيدك أن الله تعالى شرع لنا أسبابا تُمحَى وتغفر بها الذنوب، ومن أهم ذلك ما أوجب الله على العبد من التوبة، وقد وعد الله تعالى بقبول التوبة الصادقة ممن تاب واستغفر وسأل الله العفُو أن يعفو عنه، فقد قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}. وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}. وقال تعالى في الحديث القدسي: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة. شرح مكفرات الذنوب لابن تيمية – المكتبة المدنية التعليمية. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا.
شرح مكفرات الذنوب لابن تيمية – المكتبة المدنية التعليمية
• مجالس الذكر. • الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. صلى الله عليه وسلم والسلام عليكم
أنواع الذنوب ومكفراتها
شرح مكفرات الذنوب لابن تيمية – المكتبة المدنية التعليمية
Skip to content
خلق الله الإنسان في هذه الحياة خطاء غير معصوم ، تتنازعه عوامل الخير ، ودوافع الشر ، يقبل على ربه تارة ، ويدبر عنه أخرى ، فإذا أدبر وأوبق نفسه في المعاصي ، فلا يعني ذلك أن الشقاء والهلاك قرينه.. وهذا الكتاب في ( شرح مكفرات الذنوب العشرة) التي ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في ( مجموع الفتاوي) ، وتلميذه ابن القيم في كتابه ( الروح) – رحمهما الله – عرجت قبلها بذكر بعض آثار الذنوب الوخيمة ، وطريق السلامة منها ، تذكرة لنفسي ولغيري.
مكفرات وماحيات الذنوب العشرة لشيخ الإسلام أحمد بن تيميَّة رحمه الله تعالى
ومنها السكوت فإنه دواء عظيم للغضب، روى الإمام أحمد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: (علموا ويسروا، ولا تعسروا، وإذا غضب أحدكم فليسكت). أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}. ثم إن المسلم يجب أن يتذكر الأمور العظيمة والثواب الجزيل الذي رتبه الله على كظم الغيظ، وإسكات الغضب، صح عند الترمذي وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله - عز وجل - على رؤوس الخلائق حتى يخيره من الحور ما شاء). اللهم أرزقنا خشيتك في السر والعلن، وكلمة الحق في الرضى والغضب، والقصد في الغنى والفقر، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين. وصلى الله على نبينا محمد.
عاشرًا: صيام رمضان وقيامه، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" [11]. وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما م حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قام رمضانًا إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه" [12]. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. [1] برقم (٢٥٦٥). [2] برقم (٢٣٣). [3] برقم (٤٢٥٠)، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (2/419) برقم (3427). [4] برقم (١٥١٧)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/283) برقم (1343). [5] قطعة من حديث برقم (٢٥٧٧). [6] برقم (229). [7] برقم (٢٥١). [8] قطعة من حديث برقم (٢٦١٦)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. [9] برقم ( 2631)، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (2/558) برقم (2467). [10] برقم (٢٥٧٤). [11] صحيح البخاري برقم (٣٨)، وصحيح مسلم برقم (٧٥٩). [12] صحيح البخاري برقم (٣٧)، وصحيح مسلم برقم (759).
سادسًا: الصلاة، والمشي إليها، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط" [7]. سابعًا: الصدقات، قال تعالى: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [البقرة: 271] روى الترمذي في سننه من حديث معاذ - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا أدلك على ابواب الخير؟ الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار" [8]. ثامنًا: الحج والعمرة، روى النسائي من حديث ابن عباس - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تابعوا بين الحج و العمرة، فإنهما ينفيان الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد" [9]. تاسعًا: المصائب، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لما نزلت ﴿ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ﴾ [النساء: 123] بلغت من المسلمين مبلغًا شديدًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قاربوا، وسددوا؛ ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة، حتى النكبة ينكبها، أو الشوكة يشاكها" [10].