وللتشجيع على الإنفاق والتحذير من البخل، يقول تعالى: (إن تقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم). وكم هو رائع هذا التعبير الذي تكرّر مرّات عديدة في القرآن الكريم فالله الخالق الواهب للنعم الذي له كلّ شيء، يستقرض منّا ثمّ يعدنا بأنّه سيعوّضنا أضعاف ذلك، إنّه لطف ما بعده لطف! وغير بعيد أن يكون ذلك إشارة إلى أهميّة الإنفاق من جهة، وإلى اللطف اللامحدود لله تعالى الذي يغمر به عباده من جهة اُخرى. "القرض" في الأصل بمعنى القطع، ولأنّها اقترنت بكلمة (حسن) فإنّها تعني فصل المال عن النفس وإنفاقه في الخير. "يضاعفه" من مادّة "ضعف" (على وزن شعر) وكما قلنا سابقاً: إنّها تشتمل على عدّة أضعاف وليس ضعفاً واحداً، كما جاء في سورة البقرة آية 161. وعبارة (يغفر لكم) للإشارة إلى أنّ الإنفاق أحد عوامل غفران الذنوب. "شكور" هو أحد صفات الله تعالى الذي يشكر عباده بمجازاتهم أفضل الجزاء وأجزل الجزاء. وكونه (حليم) أي يغفر الذنوب ولا يتعجّل العقوبة. ويقول في آخر الآية: (عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم) إنّه مطّلع على أعمال عباده ومنها النفقة والبذل في سبيل الله. إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ – www.mahdi-alumma.com. وإنّه غير محتاج لكي يستقرض من عباده وإنّما هو إظهار لكمال لطفه ومحبّته لعباده.
إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ – Www.Mahdi-Alumma.Com
فلمّا جمع الله بينه وبينهم أمر الله أن يتوق بحسن وصله فقال: (وان تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإنّ الله غفور رحيم)(72). التّفسير:
أولادكم وأموالكم وسيلة لإمتحانكم:
حذّر القرآن الكريم من مغبّة الوقوع في الحبّ المفرط للأولاد والأموال، الذي قد يجرّ إلى عدم الطاعة لله ورسوله حيث قال: (ياأيّها الذين آمنوا إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوّاً لكم فاحذروهم). إنّ هناك مظاهر عديدة لهذه العداوة، فأحياناً يتعلّقون بثيابكم ليحرموكم خير الهجرة، واُخرى ينتظرون موتكم ليسيطروا على أموالكم وثروتكم، وما إلى ذلك. موقع هدى القرآن الإلكتروني. وليس كلّ الأولاد، ولا كلّ الزوجات كذلك، لهذا جاءت "من" التبعيضيّة. وتظهر هذه العداوة أحياناً بمظهر الصداقة وتقديم الخدمة، وحيناً آخر تظهر بسوء النيّة وخبث المقصد. وعلى كلّ حال فإنّ الإنسان يصبح على مفترق طريقين، فطريق الله وطريق الأهل والأزواج، ولا ينبغي أن يتردّد الإنسان في اتّخاذ طريق الله وإيثاره على غيره، ففيه النجاة والصلاح في الدنيا والآخرة. وهذا ما أكّدت عليه الآية 23 من سورة التوبة: (ياأيّها الذين آمنوا لا تتّخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبّوا الكفر على الإيمان ومن يتولّهم منكم فاُولئك هم الظالمون).
القاعدة السادسة والثلاثون: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) | موقع المسلم
تاريخ النشر: السبت 19 صفر 1430 هـ - 14-2-2009 م
التقييم:
رقم الفتوى: 118107
49131
0
275
السؤال
ما تفسير قوله تعالى وجعلنا أولادكم فتنة؟؟؟؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعل السائل يقصد السؤال عن تفسير قوله سبحانه: إنما أموالكم وأولادكم فتنة. ومعنى كون المال والولد فتنة أنهما اختبار وابتلاء، فمن الناس من يكون المال والولد سببا في صلاحه واستقامته، ومنهم من يطغيه ذلك، ويصرفه عن طاعة ربه سبحانه، فمن الفتنة أن الإنسان يلتهي بهم عن العمل الصالح، أو يحملونه على قطيعة الرحم، أو الوقوع في المعصية، فيستجيب لهم بدافع المحبة لهم ولهذا قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {المنافقون:9}. القاعدة السادسة والثلاثون: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) | موقع المسلم. وفي الحديث: إن الولد مبخلة مجبنة مجهلة محزنة. أخرجه الحاكم عن الأسود بن خلف رضي الله عنه و الطبراني في الكبير عن خولة بنت حكيم بن أمية السلمية رضي الله عنها، قال الذهبي: إسناده قوي، وحديث الأسود قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي، وقال العراقي: إسناده صحيح.
موقع هدى القرآن الإلكتروني
ولا أقصد بالبدر الجميل جمالكن؛ بل القمر المنير للدروب فتنرن قلوب أخواتكن وعماتكن وخالاتكن وبناتكن وأولادكن. وصدق الشاعر الذي يقول: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق. وكذلك أمركن الله بطاعة أزواجكن وأخبركن محمد رسول الله – صلّى الله عليه وآله وسلّم – أنه شاهد في النار أكثركن بسبب كفركن للعشير وإنكار إحسانه إن قصر يوماً ما نسيتن إحسانه القديم.
وقيل: هذا في جميع الناس. أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي - إملاء - وأخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي ، قالا حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الإسفراييني أنا محمد بن محمد بن رزمويه حدثنا يحيى بن محمد بن غالب ، حدثنا يحيى بن يحيى ، حدثنا عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بصبي فقبله وقال: " أما إنهم مبخلة مجبنة وإنهم لمن ريحان الله - عز وجل - ". ( وأن الله عنده أجر عظيم) لمن نصح الله ورسوله وأدى أمانته. ﴿ تفسير الوسيط ﴾
ولما كان حب الأموال والأولاد والاشتغال بهم من أهم دواعي الإقدام على الخيانة، نبه- سبحانه- إلى ذلك فقال: وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ. أى: واعلموا- أيها المؤمنون- أنما أموالكم وأولادكم فتنة، أى امتحان واختبار لكم من الله- تعالى- ليتبين قوى الإيمان من ضعيفه. أما قوى الإيمان فلا يشغله ماله وولده عن طاعة الله، وأما ضعيف الإيمان فيشغله ذلك عن طاعة الله، ويجعله يعيش حياته عبدا لأمواله، ومطيعا لمطالب أولاده حتى ولو كانت هذه الطاعة متنافية مع تعاليم دينه وآدابه.