الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27) وقال شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن مصعب بن سعد ، قال: سألت أبي فقلت: قوله تعالى: ( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه) إلى آخر الآية ، فقال: هم الحرورية. الذين ينقضون عهد ه. وهذا الإسناد إن صح عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - فهو تفسير على المعنى ، لا أن الآية أريد منها التنصيص على الخوارج ، الذين خرجوا على علي بالنهروان ، فإن أولئك لم يكونوا حال نزول الآية ، وإنما هم داخلون بوصفهم فيها مع من دخل ؛ لأنهم سموا خوارج لخروجهم على طاعة الإمام والقيام بشرائع الإسلام. والفاسق في اللغة: هو الخارج عن الطاعة أيضا. وتقول العرب: فسقت الرطبة: إذا خرجت من قشرتها ؛ ولهذا يقال للفأرة: فويسقة ، لخروجها عن جحرها للفساد. وثبت في الصحيحين ، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الغراب ، والحدأة ، والعقرب ، والفأرة ، والكلب العقور.
- تفسير قوله تعالى : {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ ..}
- ترجمة الأئمة أصحاب المذاهب الأربعة - إسلام ويب - مركز الفتوى
تفسير قوله تعالى : {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ ..}
حين يعد الإنسان وعدا يجب عليه أن يوفي ، وحين يعلن إلزام نفسه بشيء، أو يقطع على نفسه عهدا أو ميثاقا سواء فيما بينه وبين الناس أو فيما بينه وبين الله عز وجل ثم لا يفي بهذا فإنه عندئذ يكون ناقضا للعهد. إن نقض العهد ليس من شيم المؤمنين الصالحين، بل هو من صفات الفاسقين والمنافقين قال الله تعالى: ( وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين). ( الأعراف/102)
وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك أشد التحذير فقال: " أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من نفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر". متفق عليه. بل عد رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان متصفا بهذه الصفة الذميمة ممن ذهبت مروءتهم ودينهم فقال:" لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له ". تفسير قوله تعالى : {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ ..}. رواه أحمد. وقال ابن الجوزي رحمه الله: إن نقض العهد من صفات الفاسقين. وإن هؤلاء الذين ينقضون عهودهم سيجدون عقوبة ذلك في يوم من الأيام،قال محمد بن كعب القرظي رحمه الله تعالى:ثلاث خصال من كن فيه كن عليه: البغي ، والنكث ، والمكر، وقرأ ( ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله) (فاطر/43) ، ( يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم) ( يونس/23) ، ( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه) ( الفتح/10).
﴿ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ﴾:
الإفساد ضد الإصلاح؛ أي: ويُفسِدون في الأرض إفسادًا معنويًّا بالكفر والمعاصي، والسعي بإظهار الباطل، وإبطال الحق، وإطفاء نور الإيمان، والذي يكون سببًا في الفساد الحسيِّ، وهلاك البلاد والعباد، والحرث والنسل، وغير ذلك، كما قال تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41]. ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾: الإشارة: للفاسقين الذين وُصفوا بنقض عهد الله وقطع ما أمَرَ بوصله، والإفساد في الأرض، وأكد الخسران وحصره فيهم بكون الجملة اسمية معرَّفة الطرفين وبضمير الفصل "هم". و﴿ الْخَاسِرُونَ ﴾ جمع "خاسر" و"الخاسر" الذي فاته الربح، وربما فاته الربح ورأس المال، وهذا حال هؤلاء الفاسقين، فإنهم خسروا رحمة الله. الذين ينقضون عهد الله. فخسروا دينهم ودنياهم وأُخراهم، خسروا أنفسهم وأهليهم، كما قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الزمر: 15]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [الشورى: 45].
وكاشتراط بعضهم في خبر الواحد شروطاً لا يشترطها غيره, قال ابن القيم – رحمه الله – في الصواعق المرسلة (2 / 559): "السبب الرابع: اشتراط بعضهم في خبر الواحد العدل شروطا يخالفه فيها غيره ، كاشتراط بعضهم أن يكون الراوي فقيها إذا خالف ما رواه القياس ، واشتراط بعضهم انتشار الحديث وظهوره إذا كان مما تعم به البلوى ، واشتراط بعضهم أن لا يكون الحديث قد تضمن زيادة على نص القرآن لئلا يلزم منه نسخ القرآن به ، وهذه مسائل معروفة" انتهى. 6. ترجمة الأئمة أصحاب المذاهب الأربعة - إسلام ويب - مركز الفتوى. اختلافهم فيما يتعلق بالقواعد الأصولية ؛ كاختلافهم في المراد بنص معين هل هو باق على عمومه أم دخله التخصيص ؟ وهل باق على إطلاقه أم قُيِّد بنص آخر ، وكاختلافهم في دلالة الأمر والنهي ، واختلافهم في المنطوق والمفهوم ، إلي غير ذلك. وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: ( 128658). ثانيا: بخصوص مسألة تقليد مذهب بعينه من مذاهب الأئمة الأربعة ، فقد سبق الكلام عنها بالتفصيل مع ذكر كلام أهل العلم في الفتوى رقم ( 21420), والفتوى رقم ( 103339). ويراجع حكم التقليد في الفتوى رقم ( 148057). والله أعلم.
ترجمة الأئمة أصحاب المذاهب الأربعة - إسلام ويب - مركز الفتوى
إن الأئمة المعصومون عليهم السَّلام هم الضمان الإلهي لبقاء الإسلام ونقاء العقيدة،والرجوع إليهم والتمسك بحبل ولائهم أمان من الفرقة والضياع والتشتت،وهذا المعنى هو ما تشير إليه الأحاديث الكثيرة المتواترة المروية عن الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله أمثال حديث الثقلين( 6)، وحديث الأمراء( 7)، و غيرها. المصادر:
2- أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري،المتوفى سنة: 216 هجرية: عن حصين ، عن جابر بن سمرة،قال: دخلت مع أبي على النبي صلَّى الله عليه وآله فسمعته يقول:" إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم إثنا عشر خليفة " قال: ثم تكلّم بكلام خفي عليّ. قال: فقلت لأبي: ما قال ؟قال: قال: " كلهم من قريش " ( 2). 3. أبو عبد الله أحمد بن حنبل بن هلال الشيباني،المتوفى سنة: 241هجرية: عن جابر بن سمرة،قال: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وآله يقول في حجة الوداع: " لا يزال هذا الدين ظاهراً على من ناواه لا يضرّه مخالف ولا مفارق حتى يمضي من أمتي إثنا عشر أميراً كلهم من قريش " ( 3). 4. سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي،المتوفى سنة: 1294هجرية،بالإسناد إلى جابر،قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله: " أنا سيد النبيين وعلي سيد الوصيين،وإن أوصيائي بعدي إثنا عشر أولهم علي وأخرهم القائم المهدي " ( 4). 5.