والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان. اطرد في هذه الآية أسلوب المقابلة بين ما يشبه الضدين بعد مقابلة ذكر الشمس والقمر بذكر النجم والشجر ، فجيء بذكر خلق السماء وخلق الأرض. وعاد الكلام إلى طريقة الإخبار عن المسند إليه بالمسند الفعلي كما في قوله الرحمن علم القرآن ، وهذا معطوف على الخبر فهو في معناه. ورفع السماء يقتضي خلقها. وذكر رفعها لأنه محل العبرة بالخلق العجيب. والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا. ومعنى رفعها: خلقها مرفوعة بغير أعمدة كما يقال للخياط: وسع جيب القميص ، أي خطه واسعا على أن في مجرد الرفع إيذانا بسمو المنزلة وشرفها لأن فيها منشأ أحكام الله ومصدر قضائه ، ولأنها مكان الملائكة ، وهذا من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه. وتقديم السماء على الفعل الناصب له زيادة في الاهتمام بالاعتبار بخلقها. والميزان: أصله اسم آلة الوزن ، والوزن تقدير تعادل الأشياء وضبط مقادير ثقلها وهو مفعال من الوزن ، وقد تقدم في قوله تعالى والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه في سورة الأعراف ، وشاع إطلاق الميزان على العدل باستعارة لفظ الميزان للعدل على وجه تشبيه المعقول بالمحسوس. [ ص: 238] والميزان هنا مراد به العدل ، مثل الذي في قوله تعالى وأنزلنا معهم الكتاب والميزان لأنه الذي وضعه الله ، أي عينه لإقامة نظام الخلق ، فالوضع هنا مستعار بالجعل فهو كالإنزال في قوله وأنزلنا معهم الكتاب والميزان.
{وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} - أحمد كمال قاسم - طريق الإسلام
فذكر أنه { عَلَّمَ الْقُرْآنَ} أي: علم عباده ألفاظه ومعانيه، ويسرها على عباده، وهذا أعظم منة ورحمة رحم بها عباده، حيث أنزل عليهم قرآنا عربيا بأحسن ألفاظ، وأحسن تفسير، مشتمل على كل خير، زاجر عن كل شر. { { خَلَقَ الْإِنْسَانَ}} في أحسن تقويم، كامل الأعضاء، مستوفي الأجزاء، محكم البناء، قد أتقن البديع تعالى البديع خلقه أي إتقان، وميزه على سائر الحيوانات. بأن { { عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}} أي: التبيين عما في ضميره، وهذا شامل للتعليم النطقي والتعليم الخطي، فالبيان الذي ميز الله به الآدمي على غيره من أجل نعمه، وأكبرها عليه. { { الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ}} أي: خلق الله الشمس والقمر، وسخرهما يجريان بحساب مقنن، وتقدير مقدر، رحمة بالعباد، وعناية بهم، وليقوم بذلك من مصالحهم ما يقوم، وليعرف العباد عدد السنين والحساب. { { وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ}} أي: نجوم السماء، وأشجار الأرض، تعرف ربها وتسجد له، وتطيع وتخشع وتنقاد لما سخرها له من مصالح عباده ومنافعهم. إسلام ويب - تفسير البيضاوي - تفسير سورة سورة الرحمن - تفسير قوله تعالى والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان- الجزء رقم5. { { وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا}} سقفها للمخلوقات الأرضية، ووضع الله الميزان أي: العدل بين العباد، في الأقوال والأفعال، وليس المراد به الميزان المعروف وحده، بل هو كما ذكرنا، يدخل فيه الميزان المعروف، والمكيال الذي تكال به الأشياء والمقادير، والمساحات التي تضبط بها المجهولات، والحقائق التي يفصل بها بين المخلوقات، ويقام بها العدل بينهم، ولهذا قال: { { أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ}} أي: أنزل الله الميزان، لئلا تتجاوزوا الحد في الميزان، فإن الأمر لو كان يرجع إلى عقولكم وآرائكم، لحصل من الخلل ما الله به عليم، ولفسدت السماوات والأرض.
إسلام ويب - تفسير البيضاوي - تفسير سورة سورة الرحمن - تفسير قوله تعالى والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان- الجزء رقم5
﴿والسَّماءَ رَفَعَها ووَضْعَ المِيزانَ﴾ ﴿ألّا تَطْغَوْا في المِيزانِ﴾ ﴿وأقِيمُوا الوَزْنَ بِالقِسْطِ ولا تُخْسِرُوا المِيزانَ﴾. اطَّرَدَ في هَذِهِ الآيَةِ أُسْلُوبُ المُقابَلَةِ بَيْنَ ما يُشْبِهُ الضِّدَّيْنِ بَعْدَ مُقابَلَةِ ذِكْرِ الشَّمْسِ والقَمَرِ بِذِكْرِ النَّجْمِ والشَّجَرِ، فَجِيءَ بِذِكْرِ خَلْقِ السَّماءِ وخَلْقِ الأرْضِ. وعادَ الكَّلامُ إلى طَرِيقَةِ الإخْبارِ عَنِ المُسْنَدِ إلَيْهِ بِالمُسْنَدِ الفِعْلِيِّ كَما في قَوْلِهِ ﴿الرَّحْمَنُ﴾ [الرحمن: ١] ﴿عَلَّمَ القُرْآنَ﴾ [الرحمن: ٢]، وهَذا مَعْطُوفٌ عَلى الخَبَرِ فَهو في مَعْناهُ. ورَفْعُ السَّماءِ يَقْتَضِي خَلْقَها. وذُكِرَ رَفْعُها لِأنَّهُ مَحَلُّ العِبْرَةِ بِالخَلْقِ العَجِيبِ. {وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} - أحمد كمال قاسم - طريق الإسلام. ومَعْنى رَفَعَها: خَلَقَها مَرْفُوعَةً بِغَيْرِ أعْمِدَةٍ كَما يُقالُ لِلْخَيّاطِ: وسِّعْ جَيْبَ القَمِيصِ، أيْ خِطْهُ واسِعًا عَلى أنَّ في مُجَرَّدِ الرَّفْعِ إيذانًا بِسِمُوِّ المَنزِلَةِ وشَرَفِها لِأنَّ فِيها مَنشَأ أحْكامِ اللَّهِ ومَصْدَرَ قَضائِهِ، ولِأنَّها مَكانُ المُلائِكَةِ، وهَذا مِنِ اسْتِعْمالِ اللَّفْظِ في حَقِيقَتِهِ ومَجازِهِ.
إعراب قوله تعالى: والسماء رفعها ووضع الميزان الآية 7 سورة الرحمن
منتديات ستار تايمز
وعَلى جُمْلَةِ ﴿ووَضَعَ المِيزانَ﴾ عَلى احْتِمالِ قَوْلِ المَعْطُوفِ عَلَيْها تَعْلِيلًا. والإقامَةُ: جَعْلُ الشَّيْءِ قائِمًا، وهو تَمْثِيلٌ لِلْإتْيانِ بِهِ عَلى أكْمَلِ ما يُرِيدُ لَهُ وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ ﴿ويُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ [البقرة: ٣] في سُورَةِ البَقَرَةِ. والوَزْنُ حَقِيقَتُهُ: تَحْقِيقُ تَعادُلِ الأجْسامِ في الثِّقَلِ، وهو هَنا مُرادٌ بِهِ ما يَشْمَلُ تَقْدِيرُ الكَمِّيّاتِ وهو الكَيْلُ والمِقْياسُ. والسماء رفعها ووضع الميزان. (p-٢٤٠)والقِسْطُ: العَدْلُ وهو مُعَرَّبٌ مِنَ الرُّومِيَّةِ وأصْلُهُ قِسْطاسٌ ثُمَّ اخْتُصِرَ في العَرَبِيَّةِ فَقالُوا مَرَّةً: قِسْطاسٌ، ومَرَّةً: قِسْطٌ، وتَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ونَضَعُ المَوازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ القِيامَةِ﴾ [الأنبياء: ٤٧] في سُورَةِ الأنْبِياءِ. والباءُ لِلْمُصاحَبَةِ.
🔷 ماصحة حديث ( اذكروا محاسن موتاكم) 🔵 الجواب: 🔶 روى ابناء العامة عن النبي صلى الله عليه واله انه قال ( اذكروا محاسن موتاكم، وكفُّوا عن مساويهم) 👈 ولكنهم ضعفّوا هذا الحديث وطعنوا في رواته. صحة حديث اذكروا محاسن موتاكم. 🔶 وروى الشيعة عن الامام علي عليه السلام انه قال ( اذكروا محاسن موتاكم) وفي خبر آخر: ( لا تقولوا في موتاكم إلا خيرا) بحار الانوار ج72 ص 239. 👈 ولكن هذا الحديث ايضا ضعيف… ⚫️ ومهما يكن فقد نستفيد ان الافضل ترك الطعن بالموتى المؤمنين أما المجرم فلايشمله الحديث يقيناً. الشيخ عادل الزبيدي
عالم بالأزهر يجيب: ما مدى صحة حديث «اذكروا محاسن موتاكم»؟
عمر غازي
قضية التعامل مع وفاة المخالفين أو الخصوم سواء في السياسة أو الفكر من القضايا الشائكة ذات الحساسية المفرطة، إذ يفصل فيها بين الإنسانية وانعدامها وبين العقل والعاطفة، وبين المبدأ واللا المبدأ، خيط رفيع! ربما يكون الإرث التراثي الذي نحمله في ذاكرتنا الجمعية عاملاً مساهما في هذا الالتباس وهو حديث (اذكروا محاسن موتاكم، وكفُّوا عن مساويهم)، على الرغم من أنه من الأحاديث الضعيفة من حيث السند إذ لا تثبت صحته وبالتالي لا يعتد به كمقولة ذات قدسية، وإن كان يحمل بعداً آخر أخلاقي من جهة، ومن جهة أخرى يكون مرد الاستشهاد بهذه المقولة والعمل بها مربوط بالجانب الشخصي للمتوفي، إذ ليس من المروءة الخوض في أعراض الأحياء فضلا عن المتوفين، كما أن الشماتة في الميت أو التشفي في الوفاة ليست من أخلاق النبلاء إذ الموت كأس وكل الناس شاربه!
ثم استدلّ على ذلك بحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تسبوا الأموات، والأصل في النهي: التحريم فلا نسب الأموات، ثم علل وقال: فإنهم أفضوا إلى ما قدموا. وسبّكم إياهم لا يُغني شيئاً؛ لأنهم أفضوا إلى ما قدموا حين انتقلوا إلى دار الجزاء من دار العمل؛ فكل من مات فإنه أفضى إلى ما قدم والتحق بدار الجزاء، وقامت قيامته؛ أفضى وانقطع عمله ولم يبق له حظ من العمل إطلاقا؟، إلا ما دلت السنة عليه مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له"،
وفي هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يحفظ لسانه عما لا فائدة منه؛ فإن هذا طريق أهل التُّقَى فإن عباد الرحمن إذا مروا باللغو مروا كراماً. وأما الزور فلا يشهدونه إطلاقا ولا يتكلمون إلا بالحق.