[١٤]
إعراب آية: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد
ولإتمام فهم الآية بشكلٍ كافٍ لا بدّ من الوقوف على ما يعطي للمعنى تمامَه ويبيّنه ويثبته وهو الإعراب؛ فالإعرابُ شرطٌ من شروط تمام المعنى وصِحّته، وسيعرض المقالُ فيما يأتي إعراب الكلمات إعرابًا مفصّلًا، وهو كالآتي: [١٥]
الواو: حرف عطف. استفتحوا: فعل ماضٍ مبنيّ على الضّمّ لاتصاله بواو الجماعة، والواو ضمير رفعٍ متّصلٍ مبنيّ في محلّ رفع فاعل، والألف للتفريق. خاب: فعل ماضٍ مبنيّ على الفتحة الظّاهرة على آخره. كلّ: فاعلٌ مرفوعٌ وعلامة رفعه الضّمّة الظاهرة على آخره. جبّارٍ: مضاف إليه مجرورٌ وعلامة جرّه الكسرة الظّاهرة على آخره. تفسير: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد - مقال. عنيدٍ: نعتٌ ل"جبار" مجرورةٌ مثلها وعلامة جرّها الكسرة الظّاهرة على آخرها. وجملة "استفتحوا": جملةٌ فعليّةٌ معطوفة على جملةٍ لا محلّ لها من الإعراب وهي "أوحى" فلا محلّ لها من الإعراب. جملة "خاب كلّ جبّارٍ عنيد": جملةٌ فعليّة لا محلّ لها من الإعراب معطوفةٌ على جملةٍ محذوفةٍ تقديرها "فنُصروا وخاب كلّ جبّار"، وبذلك يكون قد تمّ شرحُ الآية جملةً وتفصيلًا، ولا بدّ من الوقوف على الثمرات التي يمكن استخلاصها من الآية الكريمة.
- واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد، للشيخ محمد اللحيدان - YouTube
- وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ | منتدى الرؤى المبشرة
- تفسير: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد - مقال
واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد، للشيخ محمد اللحيدان - Youtube
قوله تعالى: من ورائه جهنم أي من وراء ذلك الكافر جهنم ، أي من بعد هلاكه. ووراء بمعنى بعد; قال النابغة: حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهب
أي بعد الله جل جلاله; وكذلك قوله تعالى: ومن ورائه عذاب غليظ أي من بعده; وقوله تعالى: ويكفرون بما وراءه أي بما سواه; قاله الفراء. وقال أبو عبيد: بما بعده: وقيل: " من ورائه " أي من أمامه ، ومنه قول الشاعر: ومن ورائك يوم أنت بالغه لا حاضر معجز عنه ولا بادي
وقال آخر: أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي وقومي تميم والفلاة ورائيا
وقال لبيد: أليس ورائي إن تراخت منيتي لزوم العصا تحنى عليها الأصابع
يريد أمامي. وفي التنزيل: وكان وراءهم ملك أي أمامهم ، وإلى هذا ذهب أبو عبيدة وأبو علي قطرب وغيرهما. واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد، للشيخ محمد اللحيدان - YouTube. وقال الأخفش: هو كما يقال هذا الأمر من ورائك ، أي سوف يأتيك ، وأنا من وراء فلان أي في طلبه وسأصل إليه. وقال النحاس في قوله من ورائه جهنم أي من أمامه ، وليس من الأضداد ولكنه من توارى; أي استتر. وقال الأزهري: إن وراء تكون بمعنى خلف وأمام فهو من الأضداد ، وقاله أبو عبيدة أيضا ، واشتقاقهما مما توارى واستتر ، فجهنم توارى ولا تظهر ، فصارت من وراء لأنها لا ترى ، حكاه ابن الأنباري وهو حسن.
وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ | منتدى الرؤى المبشرة
وبنحو ما قلنا من أن معنى قوله: ( ولا يكاد يسيغه)
وهو يُسيغه ، جاء الخبرُ عن رسول☀ الله صلى الله عليه وسلم. ذكر الرواية بذلك: عن أبي أمامة
عن النبي☀ صلى الله عليه وسلم في قوله
( ويُسقى من ماء صديد يتجرّعه) ،
" فإذا شَربه قَطَّع أمعاءَه حتى يخرج من دُبُره "
يقول الله عز وجل
( وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ).. واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد. سورة محمد: 15
ويقول تبارك وتعالى
(وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ).. سورة الكهف: 29. وقوله تعالى
(ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت)
فإنه يقول: ويأتيه الموت من بين يديه ومن خلفه ، وعن يمينه وشماله ، ومن كل موضع من أعضاء جسده
( وما هو بميت)
لأنه لا تخرج نفسه فيموت فيستريح ، ولا يحيا لتعلُّق نفسه بالحناجر ، فلا ترجع إلى مكانها، كما: -
عن مجاهد ، في قوله تعالى
( يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت)
قال: تعلق نفسه عند حنجرته ، فلا تخرج من فيه فيموت ، ولا ترجع إلى مكانها من جوفه ، فيجد لذلك راحة ، فتنفعه الحياة. عن إبراهيم التيمي قوله:
( ويأتيه الموت من كل مكان) ، قال: من تحت كل شَعَرة في جسده.
تفسير: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد - مقال
أما الذين يجحدون آيات الله، ويعصون رسل الله، ويستعذبون غضب الله، يتجبرون في الأرض، أو يُنفِّذون أوامر المتجبرين.. كيف؟
﴿ وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ [هود: 59]. وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ | منتدى الرؤى المبشرة. ليس للمستبدين فحسب، بل الاتهام - بِحَقٍّ - للمنبطحين الذين أدمنوا الذل إلى درجة التلذُّذ، ومن ثم فهم يتبعون كل جبار عنيد يغشون سلطانه، ويرفعون صوره، ويُنفِّذون أوامره، كأنهم من فرط إدمانهم الذل لا يستطيعون الحياة بدونه، حتى ولو وضع الحبال في رقابهم وأيديهم، يجرّهم بها وهم فرحون! كل جبار عنيد، وكل مداهن لجبروته عِرْبيد، وكل مؤتَمِر بأمره لاعق لحذائه، ضمن العبيد، سيغشى جهنم، وسيتجرع الصديد، يلفّه الموت من كل مكان، وما هو بميت، وأمامه عذاب غليظ، إلا من تاب وعمل صالحًا ثم اهتدى. عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ﴿ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ ﴾ [إبراهيم: 16، 17] قال: يُقَرَّب إلى فيه، فيكرهه، فإذا أُدْنِيَ منه شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دُبُره؛ يقول الله: ﴿ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 15]، ويقول الله: ﴿ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ ﴾ [الكهف: 29] أخرجه الترمذي.
قوله تعالى {من ورائه جهنم} أي من وراء ذلك الكافر جهنم، أي من بعد هلاكه. ووراء بمعنى بعد؛ قال النابغة: حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ** وليس وراء الله للمرء مذهب أي بعد الله جل جلاله؛ وكذلك قوله تعالى {ومن ورائه عذاب غليظ} أي من بعده؛ وقوله تعالى {ويكفرون بما وراءه} [البقرة: 91] أي بما سواه؛ قاله الفراء. وقال أبو عبيد: بما بعده: وقيل {من ورائه} أي من أمامه، ومنه قول الشاعر: ومن ورائك يوم أنت بالغه ** لا حاضر معجز عنه ولا بادي وقال آخر: أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي ** وقومي تميم والفلاة ورائيا وقال لبيد: ليس ورائي إن تراخت منيتي ** لزوم العصا تحني عليها الأصابع يريد أمامي. وفي التنزيل {كان وراءهم ملك} [الكهف: 79] أي أمامهم، وإلى هذا ذهب أبو عبيدة وأبو علي قطرب وغيرهما. وقال الأخفش: هو كما يقال هذا الأمر من ورائك، أي سوف يأتيك، وأنا من وراء فإن أي في طلبه وسأصل إليه. وقال النحاس في قول {من ورائه جهنم} أي من أمامه، وليس من الأضداد ولكنه من تواري؛ أي استتر. وقال الأزهري: إن وراء تكون بمعنى خلف وأمام فهو من الأضداد، وقاله أبو عبيدة أيضا، واشتقاقهما مما توارى واستتر، فجهنم توارى ولا تظهر، فصارت من وراء لأنها لا ترى، حكاه ابن الأنباري وهو حسن.
قوله تعالى: ويسقى من ماء صديد أي من ماء مثل الصديد ، كما يقال للرجل الشجاع أسد ، أي مثل الأسد ، وهو تمثيل وتشبيه. وقيل: هو ما يسيل من أجسام أهل النار من القيح والدم. وقال محمد بن كعب القرظي والربيع بن أنس: هو غسالة أهل النار ، وذلك ماء [ ص: 307] يسيل من فروج الزناة والزواني. وقيل: هو من ماء كرهته تصد عنه ، فيكون الصديد مأخوذا من الصد. وذكر ابن المبارك ، أخبرنا صفوان بن عمرو عن عبيد الله بن بسر عن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: ويسقى من ماء صديد يتجرعه قال: يقرب إلى فيه فيكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دبره يقول الله: وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ويقول الله: وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب خرجه الترمذي ، وقال: حديث غريب ، وعبيد الله بن بسر الذي روى عنه صفوان بن عمرو حديث أبي أمامة لعله أن يكون أخا عبد الله بن بسر. يتجرعه أي يتحساه جرعا لا مرة واحدة لمرارته وحرارته. ولا يكاد يسيغه أي يبتلعه; يقال: جرع الماء واجترعه وتجرعه بمعنى. وساغ الشراب في الحلق يسوغ سوغا إذا كان سلسا سهلا ، وأساغه الله إساغة. و يكاد صلة; أي يسيغه بعد إبطاء ، قال الله تعالى: وما كادوا يفعلون أي فعلوا بعد إبطاء ، ولهذا قال: يصهر به ما في بطونهم والجلود فهذا يدل على الإساغة.