قال: ثم قتله. قال: فنفله رسول الله سلبه[4]. وعن سلمة بن الأكوع قال: بايعت رسول الله ﷺ يوم الحديبية ثم عدلت إلى ظل شجرة. فلما خف الناس قال: « يا ابن الأكوع، ألا تبايع »؟ قلت: قد بايعت يا رسول الله. قال: « وأيضًا ». فبايعته الثانية. فقلت لسلمة: يا أبا مسلم، على أي شيء كنتم تبايعون يومئذ؟ قال: على الموت [5]. وقدم سلمة رضى الله عنه المدينة فلقيه بريدة بن الخصيب، فقال: ارتددت عن هجرتك يا سلمة؟ فقال: معاذ الله! إني في إذن من رسول الله، إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: « ابْدُوا يا أسلم، فتنسموا الرياح، واسكنوا الشعاب ». فقالوا: إنا نخاف يا رسول الله أن يضرنا ذلك في هجرتنا. فقال: « أنتم مهاجرون حيث كنتم » [6]. من مواقف سلمة بن الأكوع مع التابعين: كان سلمة رضى الله عنه ممن بايع عبد الملك بن مروان سنة ثلاث وسبعين. بعض الأحاديث التي نقلها سلمة بن الأكوع عن النبي ﷺ: عن سلمة بن الأكوع رضى الله عنه، أن النبي بعث رجلاً ينادي في الناس يوم عاشوراء: "إن من أكل فليتم أو فليصم، ومن لم يأكل فلا يأكل"[7]. وعن سلمة بن الأكوع رضى الله عنه قال: كان علي رضى الله عنه تخلف عن النبي في خيبر، وكان به رمد، فقال: أنا أتخلف عن رسول الله.
إسلام ويب - سير أعلام النبلاء - ومن صغار الصحابة - سلمة بن الأكوع- الجزء رقم3
ملخص المقال
سلمة بن الأكوع، وهو ممن بايع تحت الشجرة, وكان لقربه من الرسول أكبر الأثر في تربيته, فما أهم ملامح شخصيته؟ وما أشهر مواقفه مع النبي والتابعين؟
نسب سلمة بن الأكوع وقبيلته:
سلمة بن الأكوع, هكذا يقول جماعة أهل الحديث ينسبونه إلى جده، وهو سلمة بن عمرو بن الأكوع. والأكوع هو سنان بن عبد الله بن قشير بن خزيمة، كان ممن بايع تحت الشجرة، سكن بالربذة. وكان لقرب سلمة من رسول الله أكبر الأثر في تكوين شخصية مثالية بما غرسه النبي فيها من شجاعة، ومروءة، وتضحية في سبيل الله، هذا الأثر لاحظه الصحابة، وعرفوا أنه ما كانت هذه الصفات لتكون في سلمة إلا بتربية الرسول له. أهم ملامح شخصية سلمة بن الأكوع:
1- شجاعة سلمة بن الأكوع:
وخير مثال على ذلك موقفه في غزوة ذي قرد، فقد تصدى لمن أغار على إبل رسول الله، فقد أغار عبد الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله فقتل راعيها وخرج يطردها هو وأناس معه في خيل، فقلت: يا رباح، اقعد على هذا الفرس فألحقه بطلحة، وأخبر رسول الله أنه قد أغير على سرحه. قال: وقمت على تل فجعلت وجهي من قبل المدينة، ثم ناديت ثلاث مرات: يا صباحاه، ثم اتبعت القوم ومعي سيفي ونبلي فجعلت أرميهم وأعقر بهم وذلك حين يكثر الشجر، فإذا رجع إليَّ فارس جلست له في أصل شجرة ثم رميت فلا يقبل عليَّ فارس إلا عقرت به، فجعلت أرميهم وأقول: "أنا ابن الأكوع.. واليوم يوم الرضع" [1].
اتصل بنا | سواح ميديا
قال: أخبرنا حمّاد بن مسعدة، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سَلَمة بن الأكْوع أنّه كان ينهَى بنيه عن لعب أربعة عشر ويقول: هي مَأثَمَةٌ. قال: أخبرنا حمّاد بن مسعدة، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سَلَمة بن الأكوع أنّه توضّأ فمسح مقدّم رأسه وغسل قدميه ونَضَحَ بيده جسدَة وثيابَه. قال: أخبرنا حمّاد بن مَسعدة، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع أنّه يستنجي بالماء. قال: أخبرنا حمّاد بن مسعدة، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة أنّه أكل حَيْسًا ثمّ جاءت الصلاة فقام إلى الصلاة ولم يتوضّأ. قال: أخبرنا حمّاد بن مسعدة، عن يزيد بن أبي عبيد، قال: أجاز الحَجَّاجُ سَلَمَةَ بجائزة فقَبِلها. قال: أخبرنا موسى بن مسعود أبو حُذيفة النَّهديّ البصريّ قال: حدّثنا عَكْرِمة بن عمّار، عن إياس بن سلمة عن أبيه قال: كان عبد الملك بن مروان يكتب لنا بجوائز من المدينة إلى الكوفة فنذهب فنأخذها. )) ((قال: أخبرنا هشام أبو الوليد الطَّيَالِيسِيّ قال: حدّثنا عِكْرِمة بن عمّار، عن إِيَاس بن سَلَمة عن أبيه قال: قدمنا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، الحديبية ثمّ خرجنا راجعين إلى المدينة فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "خير فرساننا اليوم أبو قَتَادة وخير رَجّاَلتِنا سَلَمة".
سلمة بن الأكوع| قصة الإسلام
فخرج علي فلحق بالنبي، فلما كان مساء الليلة التي فتحها في صباحها، فقال رسول الله: « لأعطين الراية -أو قال ليأخذن- غدًا رجلاً يحبه الله ورسوله -أو قال- يحب الله ورسوله يفتح الله عليه »، فإذا نحن بعليٍّ وما نرجوه، فقالوا: هذا عليٌّ. فأعطاه رسول الله، ففتح الله عليه[8]. عن سلمة بن الأكوع: أن رجلاً أكل عند رسول الله ﷺ بشماله، فقال: "كل بيمينك". قال: لا أستطيع. قال: "لا استطعت، ما منعه إلا الكبر ". قال: فما رفعها إلى فيه[9]. وفاة سلمة بن الأكوع: توفي سلمة بن الأكوع رضى الله عنه بالمدينة سنة أربع وسبعين من الهجرة، وهو ابن ثمانين سنة[10]. [1] ابن سعد: الطبقات الكبرى 2/81. [2] رواه ابن ماجه في سننه (1430)، 1/459. قال الألباني: صحيح. [3] رواه أبو داود: باب كيف الرقى (3896)، 4/18. [4] ابن منظور: مختصر تاريخ دمشق 1/1359. [5] البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب البيعة في الحرب أن لا يفروا وقال بعضهم على الموت (2800)، 3/1081. [6] الهيثمي: مجمع الزوائد (9294)، 5/461. [7] رواه البخاري: باب إذا نوى بالنهار صومًا (1824)، 2/679. [8] رواه البخاري: باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي (3499)، 3/1357. [9] رواه مسلم: باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما (5387)، 6/109.
ثلاث مرّات. ثم انقضّ على القوم يرميهم ويعقر بهم ويتربَص بهم خلف الأشجار وفي كل النّواحي وهو يصيح جملته الشّهيرة: أنا ابن الأكوع.. اليومُ يوم الرُّضّع. وكان يصعد الجبل ويرميهم بالحجارة وينال منهم حتى جرّدهم من كل ما معهم. فقد ظلّ يرميهم حتّى بلغ ما رموه عليه أكثر من ثلاثين رمحًا، وأكثر من ثلاثين بردةً يستخفون منها، وظلّ على جهادهم حتّى كان الضّحى،حتّى جاءهم عيينة بن بدر إليهم عونًا، فسألهم عمّن هذا الذي يقاتلهم؟ فأخبروه أنّه رجلٌ لقيهم فلم يزل عليهم منذ السّحر.. فبعث عيينة إليه أربعة رجال منهم ليسألوه عن طلبه كي يُطلقهم. فقال: أتعرفونني؟ أنا ابن الأكوع.. والذي أكرمَ وجه محمّد عليه الصّلاة والسّلام لا يطلبنّني منكم رجلٌ فيدركني، ولا أطلب فيفوتني. وحينها وصل رجال رسول الله على جيادهم وهم أبو قتادة والمقداد والأخرم الأسديّ. فما لبث أن رآهم المشركون حتّى هربوا، وأراد الأخرم أن يلحق بهم فاستوقفه سلمة وأمسك بعنان فرسه وطلب منه ألّا يلحقهم، فاستحلفه الأخرم ألّا يحول بينه وبين الشّهادة، فخلّاه سلمة. لحق الأخرم بعبد الرحمن بن عيينة فتبارزا وتطاعنا حتّى قتل عبد الرحمن سيّدنا الأخرم رضي الله عنه وامتطى فرسه.
وكان سلمة على
جوده المفيض أكثر ما يكون جوادا
إذا سئل بوجه الله..
فلو أن
إنسانا
سأله بوجه الله أن يمنحه حياته, لما تردد في بذلها. ولقد عرف الناس
منه ذلك, فكان أحدهم
إذا أراد أن يظفر منه بشيء قال له:
" من لم يعط بوجه الله, فبم يعطي".. ؟؟
ويوم قتل عثمان, رضي الله عنه, أدرك المجاهد الشجاع أن أبواب الفتنة قد
فتحت على المسلمين. وما كان له وهو
الذي قضى عمره يقاتل بين
إخوانه أن يتحول إلى مقاتل ضد
إخوانه..
أجل إن الرجل
الذي حيّا الرسول مهارته في قتال المشركين, ليس من حقه أن يقاتل بهذه المهارة
مسلما..
ومن ثمّ, فقد حمل
متاعه وغادر المدينة
إلى الربدة.. نفس المكان الذي اختاره أبو ذر من قبل مهاجرا له
ومصيرا. وفي الرّبدة عاش
سلمة بقية حياته, حتى كان يوم عام أربعة وسبعين من الهجرة, فأخذه السوق
إلى المدينة
فسافر إليها زائرا, وقضى بها يوما, وثانيا..
وفي اليوم الثالث
مات. وهكذا ناداه ثراها الحبيب الرطيب ليضمّه تحت جوانحه ويؤويه مع من آوى قبله من
الرفاق المباركين, والشهداء الصالحين.