قال: فما أنت صانع اليوم؟! قال: أطوي يومي هذا. فقال عبد الله بن جعفر: أُلام على السَّخاء! إنَّ هذا الغلام لأسخى منِّي. فاشترى الحائط والغلام وما فيه مِن الآلات، فأعتق الغلام ووهبه منه [379] ((إحياء علوم الدين)) للغزَّالي (3/258). انظر أيضا:
نماذج مِن إيثار رسول الله صلى الله عليه وسلم. نماذج مِن إيثار السَّلف رحمهم الله. نماذج مِن إيثار العلماء المعاصرين.
قصه عن الايثار للاطفال
وروى ابن هشام أن الأنصار قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، ألا نَستعين بحلفائنا من اليهود؟ فقال: ((لا حاجة لنا فيهم))[6]. وهذا مع ما فيه من الفِطْنة والحكمة من عدم ائتمان مَن درجوا على الخيانة من اليهود، فيه تعويد وتوجيه للمسلمين بعدم الاعتماد على الأسباب المادية، وطلب النصرُ من الله تعالى وحده والتوكُّل عليه، ولا بد من تنقية الصف ورعاية وحدة العقيدة؛ لأنها حربٌ على أساس ديني في الأصل، ومعركة بين الحق والباطل. قصه عن الايثار. لما كان المسلمون بالشوط بين المدينة وأحد، انخزَل عن الجيش زعيم المنافقين عبدالله بن أُبي بن سلول بثلث الجيش، وقال: أطاعهم وعصاني، ولا ندري علام نَقتِل أنفسنا ها هنا أيها الناس؟! فرجع بمن اتَّبعه من قومه من أهل النفاق والريب[7]. لقد كان حيلةً ماكرة الغرض منها تحطيم الرُّوح المعنوية للجنود، وزعزعة استقرار الجيش وتفريق كلمته، ولكن النفوس المؤمنة المتوكِّلة على الله لا تؤثِّر فيها رياح النفاق؛ لأنها وقعت على قاعدة مَتينة من الإيمان والتوكُّل؛ ولذلك سار الجيش في طريقه ولم يَأْبه للمُنشقِّين ولم يَأْسَ على مُخذِّل جبان. أخرج الطبري بسنده عن ابن عباس قال: استَقبَل أبو سفيان في مُنصرَفه من أحد عيرًا واردة المدينة ببضاعة لهم وبينهم وبين رسول الله حبال (عهود)، فقال: إن لكم عليَّ رضاكم إن أنتم رددتُم عني محمدًا ومن معه، إن أنتم وجدتموه في طلبي وأخبرتموه أني قد جمعت له جموعًا كثيرة.
قصه عن الايثار
لو شاء المرء أن يرى الإيثار في أعلى درجاته فما عليه إلا أن ينظر إلى تلك الأم الرؤوم التي تعمد إلى صغارها فتربيهم وتؤثر راحتهم على راحتها، وتعمد إلى الحياة فتذللها لهم فلا يشعرون ببأس الدنيا وقسوتها إلا بعد أن ترحل تلك اليد التي تؤثرعلى نفسها ولو كان بها خصاصة، إنَّ الإيثار أبعد ما يكون عن المادية والأمور الحسيَّة التي لا يفهم بها سوى رجال المال الذين يحسبون الدنيا على أنَّها حفنة من الأوراق الخضراء التي ستبلى ذات يوم. لو نظر المرء إلى الإيثار بعين المتأمل لعلم أنَّ الإيثار ليس شكلًا واحدًا ولا درجةً واحدة بل له أشكال ودرجات، وأمَّا الدرجة الأولى من درجات الإيثار فهي أن يؤثر المرء النَّاس على نفسه ولكن لا بدَّ لذلك الإيثار من أن يكون مشروطًا فلا يضر المرء نفسه فيه، إذ لو كان الإيثار يحمل مضرة للشخص كأن يطلب أحدهم من الآخر أن يقوم على تعليمه قاعدة ما، ولكن امتحان المطلوب منه هو في اليوم التَّالي ولا يملك وقتًا لتعليم أحد، فهنا يكون الأمر حماقة وليس إيثارًا؛ لأنَّه ألحق الضرر بنفسه ووقته. أمَّا الدرجة الثانية من درجات الإيثار فهي أن يؤثر المرء رضا الله تبارك وتعالى على رضا جميع الخَلق، مثل أن يعمد الإنسان إلى فعل أمر ما ولكنَّه يُغضب النَّاس ويرضي الله، ومثال على ذلك لو أنَّ قاضيًا قد أتى إليه رجل فقير وآخر غني، واستطاع الغني بسطوته ونفوذه أن يحيز النَّاس إليه فيكونوا معه قلبًا وقالبًا، فلا بدَّ لذلك القاضي أن يحكم بالحق وأن ينصف ذلك الرجل الضعيف الذي تمسك بحبائل حقه، ولو كان ذلك يغضب النَّاس، وهذا معنى إيثار رضا الله على رضا الخَلق.
فدعتني عائشة فقالت: كلي مِن هذا، فهذا خيرٌ مِن قرصك) [375] رواه مالك في ((الموطأ)) (2/997)، وكفنها: أي ما يغطيها من الرغفان. ابن عمر نموذج آخر مِن نماذج الإيثَار الفذَّة: - مرض ابن عمر فاشتهى عنبًا -أول ما جاء العنب- فأرسلت صفيَّة -يعني امرأته- فاشترت عنقودًا بدرهم، فاتَّبع الرَّسول السَّائل، فلمَّا دخل به، قال السَّائل: السَّائل. فقال ابن عمر: أعطوه إيَّاه. فأعطوه إيَّاه. ثمَّ أرسلت بدرهم آخر، فاشترت عنقودًا، فاتَّبع الرَّسول السَّائلُ، فلمَّا دخل، قال السَّائل: السَّائل. فأرسلت صفيَّة إلى السَّائل، فقالت: والله إن عُدتَ لا تصيبُ منه خيرًا أبدًا. ثمَّ أرسلت بدرهم آخر فاشترت به. قصه عن الايثار للاطفال. - واشتهى يومًا سمكةً، وكان قد نَقِهَ مِن مرضٍ فالتُمِسَت بالمدينة، فلم توجد حتى وُجِدَت بعد مُدَّةٍ، واشْتُرِيَت بِدرهم ونصفٍ، فشُوِيَت وجيء بها على رغيف، فقام سائلٌ بالباب، فقال ابن عمر للغلام لفَّها برغيفها، وادفعها إليه. فأبى الغلام، فردَّه وأمره بدفعها إليه، ثمَّ جاء به فوضعها بين يديه، وقال: كُلْ هنيئًا -يا أبا عبد الرَّحمن-، فقد أعطيته درهمًا وأخذتها. فقال: لفَّها وادفعها إليه، ولا تأخذ منه الدِّرهم [376] رواه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (31/142).
6- " هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ " ذكرت في مواضع كثيرة منها: "النازعات: 15" "الذريات: 24" "الغاشية: 1" "البروج: 17″ و"طه: 9″. 7- " فَإِنَّمَا هِىَ زَجْرَةٌ وَاحِدَة "، جاءت في سورة "النازعات: 13" و"الصافات: 19 ". الشيخ فارس عباد - جزء المجادلة ( Juz' Al-Mujadila ) - YouTube. 8- " يَوْمَ يُنفَخُ فِى الصُّورِ "، جاءت في "النبأ: 18" و"طه: 102″، "الأنعام: 73″ و"الطور: 17" و"الذاريات: 15 ". 9- " كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا "، حيث جاءت في مواضع ثلاث وهم: " المرسلات: 43″ و"الطور: 19″ و"الحاقة: 24″. 10- "إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِين "، جاءت في مواضع كثيرة منها: "المرسلات: 44″، و"الصافات: 80 و105 و121 و131 و110 ".
الشيخ فارس عباد - جزء المجادلة ( Juz' Al-Mujadila ) - Youtube
كذلك الحال، قد يتشابة الموضع مع موضع أخر في سورة أخرى، لكن يأتي الموضع في أخر الآية، فعلى سبيل المثال: في "البقرة: 34 "، جاءت الآية كالتالي: " وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ "
وفي الأعراف حملت نفس المعنى " إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ "، لكن اختلفت في كلمة "الساجدين". أما عن متشابهات جزء عم وتبارك وقد سمع:
أولًا: متشابهات جزء قد سمع مع نفسه:
1- " إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ "، هذا الموضع جاء في سورة "المجادلة" في الآية "5 و20″. 2- " أَلَمْ تَرَ "، جاء هذا الموضع في سورة "المجادلة" ثلاث مرات في الآية "7 و8 و14″، كما جاء في سورة "الحشر" في الآية 11. 3- " يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا "، كما أن هذا الموضع ذُكر في مواضع عدة في جزء قد سمع، وجاء في سورة "المجادلة" في الآيات: "9و11و12″، وسورة "الممتحنة" في الآيات: "1و10و13″، وسورة "الصف" في الآيات "2و10و14″، وسورة "الجمعة" في الآية 9، وسورة "المنافقون" في الآية "9"، وفي سورة التغابن في الآية "14"، وفي سورة التحريم في الآيات "6 و8″.
وقال ابن أبي حاتم أيضا: حدثنا المنذر بن شاذان حدثنا يعلى ، حدثنا زكريا عن عامر قال: المرأة التي جادلت في زوجها خولة بنت الصامت ، وأمها معاذة التي أنزل الله فيها: ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا) [ النور: 33] صوابه: خولة امرأة أوس بن الصامت.