وقصة الحضارة تبدأ منذ خُلِقَ الإنسان، وهي حلقة مُتصلة تسلمها الأمة المتحضرة إلى من بعدها، ولا تَختص بأرض ولا عِرْق، وإنَّما تنشأ من العوامل السَّابقة التي ذكرناها، ولا يكاد تخلو أمَّة من تسجيل بعض الصَّفحات في تاريخ الحضارة، غير أنَّ ما تَمتاز به حضارة عن حضارة إنَّما هو قوَّة الأسس الذي تقوم عليه، والتأثير الكبير الذي يكون لها، والخير العميم الذي يُصيب الإنسانية من قيامها، وكلما كانت الحضارة عالمية في رسالتها، إنسانية في نزعتها، خلقية في اتجاهاتها، واقعية في مبادئها، كانت أخلد في التاريخ، وأبقى على مرور الزَّمن، وأجدر بالتكريم. والحضارة الإسلامية حلقة من سلسلة الحضارات الإنسانية، سبقتها حضارات، وتبعتها حضارات، وقد كان لقيام الحضارة الإسلامية عوامل، ولانهيارها أسباب، ليست هي ما تعنيه هذه السلسلة من أحاديثنا، وإنَّما نريد أن نتحدث عن دورها الخطير في تاريخ التقدُّم الإنسانيِّ، ومدى ما قدَّمته في ميدان العقيدة والعلم، والخُلُق والحُكْم، والفن والأدب من أيادٍ خالدة على الإنسانية في مُختلف شُعُوبها وأقطارها. إن أبرز ما يلفت نظر الدارس لـ الحضارة الإسلامية أنها تميزت بالخصائص التالية: - أنَّها قامت على أساس الوحدانية المُطلقة في العقيدة؛ فهي أول حضارة تنادي بعبادة الله الواحد الذي لا شريك له في حُكمه وملكه، وهو وحده الذي يُعبد، وهو وحدَه الذي يُقصد؛ { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] ، وهو الذي يُعِزُّ ويُذِل، ويعطي ويَمنع، وما من شيء في السَّموات والأرض إلا وهو تحت قُدرته وفي مُتناول قبضته.
مميزات الحضارة الإسلامية - سطور
وحضارتنا حلقة من سلسلة الحضارات الإنسانية، سبقتها حضارات وستتبعها حضارات. من خصائص الحضارة الإسلامية. وقد كان لقيام حضارتنا عوامل، ولانهيارها أسباب أبرز ما يلفت نظر الدارس لحضارتنا أنها تميزت بالخصائص التالية:
1 - الوحدانية المطلقة في العقيدة - أنها قامت على أساس الوحدانية المطلقة في العقيدة ، فهي أول حضارة تنادي بالإله الواحد الذي لا شريد له في حكمه وملكه، هو وحده الذي يُعيد، وهو وحده الذي يُقصد (إياك نعبد وإياك نستعين) وهو الذي يعز ويذل، ويعطي ويمنح، وما من شيء في السموات والأرض إلا وهو تحت قدرته وفي متناول قبضته. هذا السمو في فهم الواحدانية كان له أثر كبير في رفع مستوى الإنسان وتحرير الجماهير من طغيان الملوك والأشراف والأقوياء ورجال الدين، وتصحيح العلاقة بين الحاكمين والمحكومين، وتوجيه الأنظار إلى الله وحده وهو خالق الخلق ورب العالمين. كما كان لهذه العقيدة أثر كبير في الحضارة الإسلامية تكاد تتميز به عن كل الحضارات السابقة واللاحقة، وهي خلوها من كل مظاهر الوثنية وآدابها وفلسفتها في العقيدة والحكم والفن والشعر والأدب، وهذا هو سر إعراض الحضارة الإسلامية عن ترجمة الالياذة وروائع الأدب اليوناني الوثني، وهو سر تقصير الحضارة الإسلامية في فنون النحت والتصوير مع تبريزها في فنون النقش والحفر وزخرفة البناء.
اذا لم تجد ما تبحث عنه يمكنك استخدام كلمات أكثر دقة.
وهذا يمثل جانباً من أعلى مصاديق الصدق مع الجماهير، فلم يتّبع سياسة الإغراءات بالمكاسب والمناصب وما شابه ذلك، بل أوقفهم أمام الحقيقة الحتمية التي ينبغي أن يعتقد بها كل مؤمن، وهي الموت، ولكنه هنا أفصح عن طريقة ذلك الموت، ووقته، بل وموضعه الجغرافي. فكلمته (ع) خط الموت، أي أنه مكتوب، على ولد آدم، إشارة إلى نفسه الزكية، ثم شبه ذلك بمخط القلادة التي تستدير على جيد الفتاة أي رقبتها، وهذه العبارة تحتمل عدة معان:
1- منها أن الموت حتمي وهو محيط بالإنسان لا يمكنه الفرار منه. 2- ومنها أن الموت مع حتميته، إلا أن تشبيه الإمام بالقلادة التي تزين رقبة الفتاة، يشير إلى أن الموت هو لقاء الله تعالى، والمؤمن إنما يسعد بلقاء الله، ويتزيّن بالشهادة في سبيله، كما تتزين الفتاة بحليها. ماذا تقولون في كلمة الإمام الحسين عليه السلام: خط الموت على ولد آدم.. - السيد محمود الموسوي. 3- ومنها أن اختياره للقلادة التي توضع على رقبة الفتاة، إنما هي إشارة إلى أسلوب القتل الذي سيتبعه الأعداء، عبر الذبح وقطع الرأس. وهو بذلك الموت ليس خائفاً، لأنه يمثل لقاء الله ولقاء أوليائه، فهو (ع) مشتاق إلى اسلافه وهم أباؤه الذين سبقوه: جده (ص)، وأمه (ع) وأبوه (ع)، ممثلاً ذلك الإشتياق بالشوق الذي خلّده التاريخ والقرآن الكريم، وهو اشتياق النبي يعقوب إلى ابنه يوسف (ع) الذي ابيضّت عيناه حزناً على فراقه.
ماذا تقولون في كلمة الإمام الحسين عليه السلام: خط الموت على ولد آدم.. - السيد محمود الموسوي
فلما سرى نبأ رحيله (عليه السلام)، تَملَّكَ الخوفُ قُلوبَ العَديد من مُخلصِيه، والمشفِقين عليه، فأخذوا يتشبَّثون به ويستشفعون إليه، لعلَّه يعدل عن رأيه، ويتراجع عن قراره. إلاَّ أنَّ الإمام (عليه السلام) اعتذرَ عن مطالباته بالهدنة، ورفضَ كُل مَساعي القعود والاستسلام. والمُتَتَبِّع لأخبار ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ، يَجدُ أنَّ هناك سِرّاً عظيماً في نهضته. ويتوضح هذا السر من خلال النصيحة التي قُدِّمت للإمام (عليه السلام) من قِبَل أصحابه وأهل بيته، فكلُّهم كانوا يتوقَّعون الخيانة وعدم الوفاء بالعهود التي قطعها له أهل الكوفة. خط الموت على ولد ام اس. وندرك هنا أن للإمام الحسين (عليه السلام) قراراً وهدفاً لا يُمكِن أن يتراجع عنه، فقدْ كان واضحاً من خلال إصراره وحواره أنَّه (عليه السلام) كان متوقِّعاِ للنتائج التي آل إليها الموقف، ومشخِّصاً لها بشكل دقيق، إلاَّ أنه كان ينطلق في حركته من خلال ما يُملِيه عليه الواجب والتكليف الشرعي. ونجد ذلك واضحاً في خُطبَتِه حيث قال (عليه السلام): الحَمدُ للهِ، ومَا شاءَ الله، ولا قُوَّة إلاَّ بالله، خُطَّ المَوتُ على وِلدِ آدم مخطَّةَ القِلادَة على جِيدِ الفَتاة، وما أولَهَني إلى أسْلافي اشتياقَ يَعقُوبَ إلى يوسف، وخيرٌ لي مَصرعٌ أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطِّعُها عسلان الفلوات بين النَّواوِيسِ وكَربلاء ، فيملأن أكراشاً جوفا، وأحوية سغباً.
خُط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة / من خطبة للامام الحسين عليه السلام - YouTube
خُط الموت على ولد آدم - نعي الشيخ هاني الصنابير - Youtube
مواضيع ذات صلة
البحث
الرقم: 659
التاريخ: 2 محرّم الحرام 1430 هـ
المشاهدات: 5504
على أثر الرسائل الكثيرة التي أرسلها أهل الكوفة إلى الإمام الحسين (عليه السلام) عندما كان في مكة المكرمة ، اِرتأى (عليه السلام) أن يُرسِل مندوباً عنه إلى الكوفة. فوقع الاختيار على ابن عمه مُسلم بن عقيل (عليه السلام) ، لتوفر مستلزمات التمثيل والقيادة به. ومنذ وصوله إلى الكوفة راحَ يجمع الأنصار، ويأخذ البَيعة للإمام الحسين (عليه السلام) ، ويوضِّح أهداف الحركة الحسينية، ويشرح أهداف الثورة لزعماء الكوفة ورجالاتها. فأعلَنَت ولاءَها للإمام الحسين (عليه السلام) ، وعلى أثر تلك الأجواء المشحونة، كتب مسلم بن عقيل إلى الإمام الحسين (عليهما السلام) يَحثُّه بالمسير والقدوم إلى الكوفة. فتسلَّم الإمام الحسين (عليه السلام) رسالة مسلم بن عقيل وتقريره، عن الأوضاع والظروف السياسية، واتجاه الرأي العام. فقرر الإمام (عليه السلام) التوجُّه إلى العراق ، وذلك في اليوم الثامن من ذي الحجة يوم التروية 60 هـ. ويعني ذلك أنَّ الإمام (عليه السلام) لم يُكمِل حَجَّه بِسببِ خُطورَةِ الموقف، لِيُمارس تكليفه الشرعي في الإمامة والقيادة. خط الموت على ولد آدم. فجمع الإمام الحسين (عليه السلام) نساءه، وأطفاله، وأبناءه، وأخوته، وأبناء أخيه، وأبناء عُمومَته، وشدَّ (عليه السلام) الرحَال، وقرَّر الخروج من مكة المكرَّمة.
خروج الإمام الحسين (عليه السلام) من مَكة إلى العراق
المزيد من أقوال الحسين بن علي بن أبي طالب
فهنا أنا أجزم بهذه الفكرة المشتركة بين مائة نصّ حديثي أو تاريخي مختلف الموضوع، وفي الوقت عينه لا أصحّح أيّ رواية من هذه الروايات المائة بعينها وشخصها على تقدير ضعفها بنفسها، وهذه نقطة مهمّة جدّاً في علم الحديث والأصول غالباً ما تتمّ الغفلة عنها كما رأيت. والله العالم.