فلمَّا قضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مقالتَه قلَصَ دمعي حتى ما أحسُّ منه قطرة، وقلت لأبي: أجِب عني رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال: والله، ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم! فقلت لأمِّي: أجيبي عنِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم! قالت: وأنا جاريةٌ حديثة السنِّ لا أقرأ كثيرًا من القرآن، فقلت: إني والله لقد علمتُ أنكم سمعتُم ما يتحدَّث به الناس، ووقَر في أنفسِكم وصدَّقتم به، ولئن قلتُ لكم: إني بريئة - والله يعلم إنِّي لبريئة - لا تصدِّقوني بذلك، ولئن اعترفتُ لكم بأمر - والله يعلم أني بريئة - لتُصدقنِّي! والله ما أجدُ لي ولكم مثلاً إلا أبا يوسف؛ إذ قال: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18]. ثم تحولتُ إلى فراشي وأنا أرجو أن يبرِّئني الله، ولكن والله ما ظننتُ أن يُنزِل في شأني وحيًا، ولأَنا أحقرُ في نفسي من أن يُتكلَّم بالقرآنِ في أمري، ولكني كنتُ أرجو أن يَرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرِّئني الله! حادثة الإفك. فوالله ما رامَ مَجلسَه، ولا خرَج أحدٌ من أهل البيت حتى أُنزل عليه الوحيُ، فأخَذه ما كان يأخُذه من البُرَحاء، حتى إنَّه ليتحدَّر منه مثلُ الجُمانِ مِن العرَق في يوم شاتٍ.
حادثة الإفك
زينب بنت جحش: قالت عائشة رضي الله عنها في حديثها عن حادثة الإفك: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب ابنة جحش عن أمري، فقال: يا زينب ماذا علمت أو رأيت؟ فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، ما علمت إلا خيراً، قالت: وهي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعصمها الله بالورع) رواه البخار ي ، قال ابن حجر: "قولها: "يسأل زينب بنت جحش "، أي أم المؤمنين ( زينب)، "أحمي سمعي وبصري"، أي من الحماية، فلا أنسب إليهما ما لم أسمع وأبصر، وقولها: "وهي التي كانت تساميني" أي: تعاليني من السمو، وهو العلو والارتفاع، أي: تطلب من العلو والرفعة والحظوة". وفي هذا الأمر ظهر بوضوح تقوى وورع أم المؤمنين زينب رضي الله عنها من أن تتَّهم عائشة رضي الله عنها بشيء لم تَرَهُ عيناها، ولم تسمع به أذناها، وفي ذلك حسن الظن بها. خادمة أم المؤمنين عائشة:
روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ولقد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي فسأل جاريَتي، فقالت: والله ما علمتُ عليها عيباً، إلا أنها كانت ترقُدُ حتى تدخل الشاةُ فتأكل عجينَها ـ أو قالت خميرَها ـ فانتهرَها بعض أصحابِه فقال: اصدُقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أَسقطوا لها به، فقالت: سبحان اللهِ!
لا تمتزج إلا بالنفوس الطيبة من مثلها، وحيث كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أطيب الأطيبين، وأفضل الأولين والآخرين، تبيّن أنّ الصدّيقة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها من أطيب النساء بالضرورة، وأنّ ما قيل في حقها كذب وبهتان كما نطق بذلك القرآن {أولئك مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} ويا لها من شهادة قاطعة!! قال أبو السعود: «هذا مسوق على قاعدة السنّة الإلهية، الجارية فيما بين الخلق، على موجب أنّ لله ملكاً يسوق الأهل إلى الأهل، لأن المجانسة من دواعي الانضمام... وما في الإشارة من معنى البعد (أولئك) للإيذان بعلو رتبة المشار إليهم، وبعد منزلتهم في الفضل، أي أولئك الموصوفون بعلو الشأن، مبرءون مما تقوّله أهل الإفك في حقهم من الأكاذيب الباطلة». اللطيفة السابعة: قال الزمخشري في تفسيره «الكشاف»: «لقد برَأ الله تعالى أربعة بأربعة: برّأ يوسف بلسان الشاهد {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ} [يوسف: ٢٦]. وبرّأ موسى من قول اليهود فيه بالحجر الذي ذهب بثوبه.. وبرّأ مريم بإنطاق ولدها حين نادى من حجرها {إِنِّي عَبْدُ الله} [مريم: ٣٠]. وبرّأ عائشة بهذه الآيات العظام في كتابه المعجز، المتلوّ على وجه الدهر، مثل هذه التبرئة بهذه المبالغات فانظر كم بينها وبين تبرئة أولئك؟ وما ذاك إلاّ لإظهار علو منزلة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، والتنبيه على إنافة محل سيد آدم، وخيرة الأولين والآخرين وحجة الله على العالمين، ومن أراد أن يتحقّق عظمة شأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وتقدّم قدمه، وإحرازه قَصَب السبق دون كل سابق، فليتلقّ ذلك من آيات الإفك، وليتأمل كيف غضب الله في حرمته، وكيف بالغ في نفي التهمة عن حجابه».
[1][2]
وأما أذان أبي محذورة فأن النبي – صلى الله عليه وسلم – علمه هذا الأذان: ( الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم يعود، فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، مرتين حي على الفلاح، مرتين، زاد إسحاق: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله)، وهو الأذان الذي أخذ به مالك.
صيغة التشهد في الصلاة .. قراءة التشهد الصحيحة كما ورد في السنة النبوية
أذكار ما بين الأذان والإقامة:
ما بين الأذان والإقامة فالدعاء عندئذٍ مرغّب فيه ومستحب. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الدُّعَاءَ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَادْعُوا".
صيغة التشهد الاول والثاني الصحيح في الصلاة كامل - موقع المرجع
[11]
ما حكم ترك التشهد الثاني سهوا
إنّ من ترك التشهد الثاني أو الأخير سهوًا فلا تلزمه إعادة الصّلاة إلّا إن تذكّر بعد صلّى بوقتٍ طويل، وأمّا إن تركه وتذكّر بعد ما صلّى بوقتٍ قصير فيعود ليجلس ويقرأ التشهّد الأخير ثمّ يسجد سجدتيّ سهوٍ ثمّ يسلّم، ومن تركه جهلًا بحكمه فليس عليه إعادةٌ للصّلاة، وإنّما عليه أن يتعلّم الحكم ويقرأه في الصّلوات القادمة، والله أعلم. [12]
شاهد أيضًا: خريطة مفاهيم اركان الصلاة
هنا نختتم مقالنا صيغة التشهد الاول والثاني الصحيح في الصلاة كامل، حيث ورد في هذا المقال الصّيغة الصّحيحة للتشهدين وحكمهما وشروطهما، كذلك تحدّثنا عن حكم تركهما سهوًا وموضعهما.
روى مسلم عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا تشهد أحدُكم.. فليستعذ بالله من أربع يقول: اللهم؛ إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال). وما رواه مسلم عن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: (اللهم؛ اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت).