صحب رجل كثير المال عبدين في سفر، فلما توسطا الطريق ، أرادا قتله. ولما تأكد ذلك عنده ، قال: أقسم عليكما ـ إذا كان لا بد من قتلي ـ ان تمضيا الى داري وتنشدا ابنتي هذا البيت. قالا: وما هو؟
قال:
من مبلغ بِنيتي ان أباكما لله درّكما ودرّ أبيكما
فقال أحدهما للآخر: ما نرى فيه بأساً. فلما قتلاه جاءا الى داره ، وقالا لابنته الكبرى: ان أباك قد لحقه ما لحق الناس ، وآلى علينا ان نخبركما بهذا البيت. 45: قصيدة المرقش الأكبر: يَا صاحِبي تَلَومَا لاَ تَعجلاَ = إِن الرحِيل رَهينُ أَن لاَ تَعذلاَ - معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد. فقالت الكبرى: ما أرى فيه شيئاً تخبراني به ، ولكن أصبر حتى أستدعي أختي الصغرى. فاستدعتها فأنشدتها البيت ، فخرجت حاسرة وقالت: هذان قتلا ابي. يا معشر العرب ما انتم فصحاء؟
قالوا: وما الدليل؟
قالت: الشطر الأول من البيت يحتاج الى ما يكمله. قالوا: فما ينبغي ان يكون؟
قالت: ينبغي ان يكون:
من مبلغ بنتي ان أباكما أمسى قتيلاً بالفلاة مجندلا
لله دركمــا ودر أبيكما لن يبرح العبدان حتى يُقتلا
فاستخبروا العبدين فوجدوا الأمر كما قالت ؛ فقتلوهما(1). _______________________
(1) بلوغ الأرب: ج1، ص33.
- 45: قصيدة المرقش الأكبر: يَا صاحِبي تَلَومَا لاَ تَعجلاَ = إِن الرحِيل رَهينُ أَن لاَ تَعذلاَ - معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
- لن يبرح العبدان حتى يقتلا. | قطرة.. من بحر اللغة العربية ❀
- وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها
- تفسير وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى [ طه: 132]
- ص5 - كتاب شرح تفسير ابن كثير الراجحي - تفسير قوله تعالى وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها - المكتبة الشاملة
- تفسير سورة طه الآية 132 تفسير السعدي - القران للجميع
45: قصيدة المرقش الأكبر: يَا صاحِبي تَلَومَا لاَ تَعجلاَ = إِن الرحِيل رَهينُ أَن لاَ تَعذلاَ - معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
فلما وصلا طرقا الباب فخرجت الكبرى فقالت من الطارق ؟ فأخبرها العبد القصة فقال ان أباهما ترك له أمانة دون أن يخبرها بوفاته. فأنشدها البيت. فدخلت.
لن يبرح العبدان حتى يقتلا. | قطرة.. من بحر اللغة العربية ❀
وقال أبو جعفر أحمد بن عبيد نسبه أبو عمرو الشيباني وأبو علي الحرمازي وغيرهما قالوا: هو عمرو بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة. ورفعه هشام بن محمد عن هذا فقال: ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، قال هشام: وأمه قلابة ابنة الحارث بن قيس بن الحارث بن ذهل اليشكري. ويقال إن اسم المرقش الأكبر عوف سمي عوفًا باسم عمه أبي أسماء وكان ينسب بها. والمرقش الأكبر عم الأصغر والأصغر عم طرفة بن العبد. لن يبرح العبدان حتى يقتلا. | قطرة.. من بحر اللغة العربية ❀. 1: يا صاحبي تلوما لا تعجلا....... إن الرحيل رهين أن لا تعذلا كذا رواها أبو عكرمة ( تعذلا) ورواها غيره تعذلا، أبو عكرمة ويروى: تلبثا لا تعجلا، وهي رواية أبي عمرو، وروى أبو عمرو: إن الرواح وروى مؤرج: إن الثواء رهين ويروى إن النجاح رهين. يقول: إن أنجحتما كان إنجاحكما رهنًا لئلا تعذلا. 2: فلعل بطأ كما يفرط سيئًا....... أو يسبق الإسراع سيبًا مقبلاً قال أبو عكرمة: ( يفرط) يقدم مأخوذ من الفارط وهو المتقدم قبل الماشية يصلح الدلاء والأرشية والحياض، يقول لعل انتظاركما يقدم عنكما مكروهًا، ولعل سيبًا مقبلاً يكون بعد عجلتكما فانتظاركما أوفق.
فقعد مرقش مذعورًا وتأتى للصبيان حتى أعلموه الخبر وكان قد ضني ضنى شديدًا. فجاء فشد على بعيره وحمل معه مولاةً له وزوجًا لها من غفيلة كان عسيفًا لمرقش يرعى عليه ونهض في طلب المرادي. فمرض مرضًا شديدًا حتى انتهى إلى كهف خبان أو كهف خبان بأسفل نجران وهي أرض مراد، فألقياه في الكهف وقال أبو جعفر: جنان، وقد كان سعد بن مالك وضع مرقشًا وأخاه حرملة أحب بنيه إليه عند رجل من أهل الحيرة فعلمهما الكتاب. فسمع مرقش الغفلي يقول لامرأته: هذا في الموت ولا يمكنني المقام عليه، فجزعت من ذلك جزعًا شديدًا وصاحت، فلم يزل بها حتى نهضت معه وتعمد مرقش غفلتهما وأما أحمد قال فقال له الغفلي إني لتاركك فذاهب قال) فكتب مرقش هذه الأبيات على رحل الغفلي. وجاءته السباع فأكلت لحمه وبعض أنفه، فلما قدم الغفلي وامرأته سألوه عنه فقال قد مات. ثم إن حرملة نظر ذات يوم إلى رحل الغفلي ففهم الأبيات فشدد عليه وعلى امرأته فأقرا أنهما تركاه على حال ضيعة لما نالهما من الجوع والجهد. فوثب حرملة على الغفلي فقتله وقد كان راعٍ يعتاد ذلك الكهف فسأله مرقش ممن هو فقال: رجل من مراد أرعى على زوج أسماء، قال فهل تراها، فقال هيهات لا أراها أنا ولا غيري، فقال أما لك سبب تصل به، فقال: بلى تأتيني خادمها كل ليلة إذا رحت بقعب فاحلب لها فيه عنزًا.
ومع هذا - أيها المسلمون - فإن ثَمَّةَ أمورًا لو استحضرها كلُّ أبٍ وهو يأمر أبناءه بالصلاة ويتعاهد قيامهم بها، لوجد نشاطًا في ذلك مضاعفًا، ولأدركته حماسة تدعوه للاستمرار، وتدفعه للصبر واستسهال ما في ذلك من صِعاب ، من ذلك - أيها المسلمون - أن أمر الأب لأبنائه بالصلاة مدعاةٌ لمحافظتهم عليها، وهو أكبر سببٍ لصلاحهم وهدايتهم - بإذن الله وتوفيقه - وهو الأمر الذي ينشده كلُّ أبٍ لأبنائه، ويتمناه كلُّ والدٍ لأولاده؛ قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45]. إن كثيرًا من الآباء يَشْكُون من فساد أبنائهم في هذا الزمان، ويتألَّمون لخروجهم عن الطاعة وعصيانهم الأوامر، ووقوعهم في المناهي وارتكابهم للمعاصي، وارتكاسهم في المنكرات والموبقات، فإذا تتبَّعت طريقتهم في تربيتهم، وجدتهم لا يدرون شيئًا عن حالهم مع الصلاة، بل قد يكونون يعلمون أنهم لا يُصلُّون، ومع ذلك لا يَأْبَهُون ولا ينكرون، بل قد يكونون ممن يشفقون عليهم إذا ناموا، فلا يوقظونهم، ومن ثَمَّ فكيف يرجون صلاحهم أو ينتظرون فلاحهم، وهم الذين أغفلوا أكبر أسباب الصلاح وغفلوا عن أعظمها؟! ومما يعين الأب على الاستمرار في أمر أبنائه بالصلاة أن يستحضرَ أنه بذلك دالٌّ على الخير داعٍ إلى الهدى، وقد قال - عليه الصلاة والسلام -: ((من دلَّ على خيرٍ، فله مثل أجر فاعله))؛ رواه مسلم، وغيره.
وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها
الخطبة الثانية
فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه ولا تعصوه.
تفسير وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى [ طه: 132]
تفسير قوله تعالى: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها} - للشيخ: د. عبدالله المطلق - YouTube
ص5 - كتاب شرح تفسير ابن كثير الراجحي - تفسير قوله تعالى وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها - المكتبة الشاملة
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور مَن تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا))؛ رواه مسلم، وغيره. وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((والله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا، خيرٌ لك من أن يكون لك حُمْر النَّعم))؛ متفق عليه. ثم إن في حرص الولد على الصلاة طول حياته، ومحافظته عليها دلالة على صلاحه، وهذا أكبر مكسب يمكن لأبٍ أن يستثمره في حياته؛ ليستمر به أجره بعد وفاته؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له))؛ رواه مسلم، وغيره. ص5 - كتاب شرح تفسير ابن كثير الراجحي - تفسير قوله تعالى وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها - المكتبة الشاملة. وتصوَّرْ - أيها الوالد الكريم - يوم تموت أنَّ وراءك ابنًا أو عِدة أبناء قد بذلت الجهد في إصلاحهم وعوَّدتهم على الصلاة، فاسْتَمَرُّوا بعد وفاتك ثلاثين أو أربعين سنة يحافظون على الصلاة ويركعون ويسجدون، كم سيكون لك من الأجر بكل ركعة لهم وبكل سجدة؟! كم ستكسب من الحسنات بكل تسبيح منهم وتهليل ودعاء واستغفار؟! فاللهَ اللهَ بالأمر بالصلاة، فربَّما رفع الله درجتك وغفر لك بسبب ذلك فلا تفرط؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الرجل لترفع درجته في الجنة، فيقول: أَنَّى لِي هذا؟ فيُقال: باستغفار ولدك لك))؛ رواه ابن ماجه، وأحمد، وصححه الألباني.
تفسير سورة طه الآية 132 تفسير السعدي - القران للجميع
القول في تأويل قوله تعالى: ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ( 132))
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ( وأمر) يا محمد ( أهلك بالصلاة واصطبر عليها) يقول: واصطبر على القيام بها ، وأدائها بحدودها أنت ( لا نسألك رزقا) يقول: لا نسألك مالا بل نكلفك عملا ببدنك ، نؤتيك عليه أجرا عظيما وثوابا جزيلا يقول ( نحن نرزقك) نحن نعطيك المال ونكسبكه ، ولا نسألكه ، وقوله: ( والعاقبة للتقوى) يقول: والعاقبة الصالحة من عمل كل عامل لأهل التقوى والخشية من الله دون من لا يخاف له عقابا ، ولا يرجو له ثوابا. تفسير سورة طه الآية 132 تفسير السعدي - القران للجميع. وبنحو الذي قلنا في قوله ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني أبو السائب قال: ثنا حفص بن غياث عن هشام بن عروة قال: كان عروة إذا رأى ما عند السلاطين دخل داره ، فقال ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى) ثم ينادي: الصلاة الصلاة ، يرحمكم الله. حدثنا أبو كريب قال: ثنا عثام عن هشام بن عروة عن أبيه ، أنه كان إذا رأى شيئا من الدنيا جاء إلى أهله ، فقال الصلاة ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا).
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وروي أيضاً من حديث شعبة عن عمر بن سليمان عن عبد الرحمن بن أبان عن أبيه عن زيد بن ثابت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من كانت الدنيا همه: فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته: جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة)]. وهذا سند جيد. وأحياناً ينبغي للإنسان أن يجعل همه هم الآخرة، والدنيا تكون وسيلة لا غاية، فإذا جعل هم الآخرة نصب عينيه أتت الدنيا وهي راغمة، وإذا جعل الدنيا همه تشتت عليه أموره، وامتلأ قلبه بالدنيا، وتشعبت الهموم عليه، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له، وفاته نصيبه من الآخرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله. قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: {وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه:١٣٢] أي: وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة -وهي الجنة- لمن اتقى الله، وفي الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رأيت الليلة كأنا في دار عقبة بن رافع وأنا أتينا برطب ابن طاب فأولت ذلك: أن العاقبة لنا في الدنيا والرفعة، وأن ديننا قد طاب)]. وهذا ثابت في الصحيحين، وفيه: (أتينا برطب ابن طاب) وهذا نخل في المدينة يسمى رطب ابن طاب، وتأولها النبي: بأن عيشنا قد طاب، هذا من باب الفأل الحسن، فقد تفاءل عليه الصلاة والسلام بذلك.